Saturday, October 14, 2006

الحقيقة


لمّا ورد بهاء الله إلى عكا يوم 31 آب 1868 لم يخرج أهلها مرحّبين به، ولكن اجتمعوا ليسخروا بمن وصفه فرمان 5 ربيع الآخر 1285ﻫ بمدّعي الالوهية، وقضى بدون محاكمة بالسّجن مدى الحياةعلى كل من حضرت بهاء الله وأفراد عائلته، كما أنذر الأهالي مغبة الاختلاط بهؤلاء الأشرار أو معاشرتهم. دخل بهاء الله مدينة عكّا سجينًا، وبقي فيها سجينًا زهاء ربع قرن واتُّهم بالكفر، وتقويض أركان الدين، وادعاء الألوهيّة، وتضليل الناس؛ فحذرته أهالي عكا أول الأمر، ثم تتبع الناس حركاته، وتحروا أمره، واطّلعوا على دعوته، وتفحّصوا أقواله وأفعاله قرابة ربع قرن قضاها بينهم، فتبينوا كذب كل ما أشيع عنه. وكان أكبر شاهد على ذلك الكلمات والعبارات التي شيعوه بها حين وفاته، فأعربت هذه الكلمات عن مشاعر فاضت بها قلوب صادقة، رغم ما كان يمكن أن يلحق بهم من أذى لمخالفتهم إرادة السلطان. فعلى سبيل المثال: كتب الأستاذ جاد عيد من أهالي عكا راثيا بهاء الله بقوله: "... فلا محاسن فضله تدرك، ولا مآثر عدله تعدّ، ولا فيوض مراحمه توصف، ولا غزارة مكارمه تحصر، ولا كرم أعراقه ككرم أعراق النّاس. فإنّ كل هذه الصفات التي كان فيها آية الله في خلقه لم تكن لتفي بوصف بعثته الشّريفة، فهو الإمام المنفرد بصفاته، والحبر المتناهي بحسناته ومبرّاته، بل هو فوق ما يصف الواصفون وينعت الناعتون."1

بالإضافة إلى شهادة أهل عكا الذين عرفوا حضرة بهاء الله وعائلته عن كثب شهد العديد من المؤرخين والأدباء بما عرفوه عن رسول هذه الديانة وعائلته وأتباعه. فعلى سبيل المثال كتب المؤرخ الإسلامي الكبير، الأمير شكيب أرسلان، ضاحضا المفتريات الموجهة إلى بهاء الله، ما نصه: "ومما لا جدال فيه أن البهاء وأولاده بمقامهم هذه المدة الطويلة بعكا أصبحوا بأشخاصهم معروفين لدى أهالي بلادنا المعرفة التامة، بحيث صفا جوهرهم عن أن تعتوره الجهالة، وامتنعت حقيقتهم عن أن تتلاعب بها حصائد الألسنة. أمّا البهاء فقد أجمع أهل عكا على أنه كان يقضي وقته معتزلاً معتكفًا، وأنه ما اطّلع له أحد على سوء، ولا مظنّة نقد، ولا مدعاة شبهة في أحواله الشخصية كلها..."2

وكتب محمود خير الدين الحلبي، صاحب جريدتي وفاء العرب والشورى الدمشقيتين: "...وانتقل حضرة بهاء الله إلى (البهجة) وواصل جهاده حتى أصبح كعبة الوراد من جميع الجهات. وبدأت الهبات ترد عليه بكثرة من الأتباع والمريدين. ومع ذلك فما كان يتجاوز حدود البساطة وكان ينفق على الفقراء والمساكين، ويقضي معظم أوقاته بالصلاة والعبادة..."3

أما حضرة عبد البهاء عباس، الابن الأرشد لحضرة بهاء الله الذي اختاره مبينا لتعاليمه وقائدا للجامعة البهائية من بعده فقد شهد بحسن سيرته كل من قابله وعرفه. وكما ذكرت سابقا يمكن الاطلاع على مضمون بعض هذه الشهادات بزيارة احدى مواقع البهائية

ومع كل هذه الدلائل والبراهين وأراء بعض أشهر قيادات الفكر الإسلامي الذين عاصرو نشأة هذا الدين، ومع توفر الكتابات البهائية على صفحات الانترنت وسهولة الوصول اليها، أتمنى أن يكف علماء الإسلام الحالين عن البحث عن مبررات لمحاربة الدين البهائي ومحاولة تهميشه والحط من شأنه، فإن محاولاتهم المليئة بالأخطاء والمغالطات والتناقض سوف تؤثر على سمعة هؤلاء المشايخ واحترام أصحاب العقول المتفتحة لهم ولأرائهم. فالقارئ، والمستمع، والمشاهد العربي أذكى بكثير مما يظن العديد من هؤلاء القادة. وكمثال لهذه المغالطات يمكنكم الاطلاع على تفنيد والرد على بعض المعلومات الواردة في لقاء الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية، مع برنامج "الإسلام، كتاب مفتوح" وأجابته على السؤال الذي طرحه عليه الأستاذ الصحفي محمود فوزي، "لماذا ترفض البهائية كدين وأن يدون في الأوراق الرسمية؟" من خلال مقالة بعنوان البهائية (رأي) في رأي مفتي الديار المصرية، وتعليق بعنوان شيوع أربعة وستين واحد

ربما يساعد نشر مثل هذه الردود على حث الشيوخ الكرام على التوقف عن نشر المعلومات الخاطئة عن الدين البهائي. وأظن أن الخدمة الحقيقية التي يمكن تقديمها للمواطن العربي هي تزويده بالمعلومات الصحيحة أو ترك المجال له للبحث عن الحقيقة بنفسه. فربما إذا تركوا المجال للمواطن العربي بأن يتعّرف عن كثب على البهائيين بدون تشويه سمعتهم بالإدعاءات الباطلة سيصل هذا المواطن لنفس النتائج التي وصل أليها من عاصر رسول البهائية وقياداتها وأتباعها من الفلسطينين وغيرهم

المصادر
المصدر 1: ملا محمد علي زرندي، مثنوي، المطبعة العربية بمصر، 1924
المصدر 2: الأمير شكيب أرسلان، حاضر العالم الإسلامي، المجلد 2، الجزء 3 ص358
المصدر 3: محمود خير الدّين الحلبي، عشر سنوات حول العالم، الجزء 1، ص41، مطبعة ابن زيدون، دمشق، 1937

8 comments:

Nesreen Akhtarkhavari said...

أهلا بك يا أخ مصطفى وبكل المصريين الطيبين. البهائيين المصريين أعلنوا مرارا على شاشة التلفزيون والجرائد وفي تصريحاتهم أن كل ما يطالبون به هو ان لا يجبروا على تدوين ديانة هم ليسوا أتباعها. هم مستعدين يقبلوا عدم وجود خانة للديانة، أو إدراجهم تحت أخرى، أو وضع شرطه في مكان الديانة أو تركها فراغ أو أي حل أخر غير أن يجبروا على النفاق حتي يستطيعوا أن يستخرجوا شهادة ميلاد لتسجيل أولادهم في الدارس، او شهادات وفاة لأمهاتهم، وغير ذلك مما تستلزمة الحياة في مصر. والله يا أخ مصطفى نحن لا نطالب بأكثر من ذلك فيما يتعلق بخانة الديانة

صارت الحياة صعبة جدا للمواطن المصري الغلبان الذي يرفض أن يترك بلده مصر التي يعشقها. أنا متأكدة أن العديد من دول الغرب ممكن ان تعطيه الحق بالمهاجرة إليها على أساس الاضطهاد الديني وتوفر له سبل العيش الكريم وقد يكون أكتر رخاء من العيش في مصر والتعرض لملاحقات امن الدولة وردود فعل الذين يملأ البعض قلوبهم بالغضب والحقد على أساس اتهامات باطلة، لكن البهائيين المصريين يصروا أن يعيشوا في أرض مصر، أرض أبائهم وأجدادهم ويخدموها حتى لو كان بدموعهم وقطرات دمائهم وسلامة أولادهم

أذا قرأت مدوناتي ومدونات البهائيين الآخرين وبحثت في الكتب البهائية ستجد أننا نحترم الإسلام ونعظم نبيّة (صلعم) ويأمرنا ديننا بالعفة والاخلاق الحميدة وخدمة الآخرين وأحسن مثال على ذلك الفنان المصري الراحل بيكار. فما كان جزاءه؟ بدل الاحترام والتبجيل "شحشطوه" وهزءوه! وكيف قابل ذلك؟ أحب مصر أكثر وأعطاها أكثر حتى أنه قيل لي بأنه قبل وفاته تبرع بمجموعة كتبه ولوحاته الخاصة في وصيته لمكتبة عامة في مصر بدل ان يبيعها أو بتركها ثروة مادية لأهله

هذه باختصار حكاية البهائيين في مصر أفلا تظن يا أخي بأن لهم الحق في أن يقولوا كفاية!

إنشاء الله ما أكون أثقلت عليك بكثرة الكلام. ولكن والله قلبي مجروح!

Nesreen Akhtarkhavari said...

مين المذنب؟ النظام الذي لا يسمح للقانون باتخاذ القرارات التي يراها مناسبة؟ أو الشيخ الذي يكرر الأكاذيب والافتراءات التي سمعها بدون تحري الحقيقة؟ أو المواطن الذي يقلد ولا يفكر ويسمح للآخرين بالتلاعب بأفكاره والسيطرة على أفعاله لخدمة مصالحهم الخاصة وتدعيم قبضتهم على حياة الناس وتصرفاتهم؟ أو السياسي الذي يساوم بقضايا الشعب المنهك والأقليات التي ليس لها وزن سياسي وترفض اللعبة السياسية أصلا حتى يحصل على صوت انتخابي او دعم سياسي من جماعة أو أخرى؟ أو المواطن الذي يعرف الحق ويتخاذل عن قوله؟

اعتقد أن المسألة أكبر من مسالة تغير نظام. المسالة مسألة وعيّ شعب من العامل والفلاح، للموظف، لربة البيت، للأطفال في المدارس، للفنان، لرجل الدين الذي يخاف ربه، وبعدين يمكن أن يوعى المسئول.

فنحن كبهائيين مأمورين تطبيقا لأحكام ديننا بعدم التدخل المباشر بالأعمال السياسية والحزبية، مع أن هذا ليس سهل، فإننا نعمل على تطبيق ذلك. فعلى سبيل المثال لا ينتمي البهائيين لأية أحزاب سياسية ولا ينشئوا أية أحزاب خاصة بهم في أي من بقاع العالم، حتى في تلك البلاد التي تمنح مواطنيها الحرية التامة بالقيام بذلك. هذا لا يعني بأننا كأفراد ليس لنا أفكارنا ومواقفنا الخاصة من مختلف القضايا الإنسانية والاجتماعية. ولكن البهائيين يركزون نشاطاتهم على خدمة المجتمعات التي يقيمون فيها عن طريق إنشاء مشاريع الخدمة الاجتماعية والمدنية والاهتمام بقضايا التعليم والبيئة وحقوق الإنسان. ويمكن الاطلاع على بعض المشاريع البهائية حول العالم بزيارة الموقع التالي

نشاطات اجتماعية

وشكرا لك على اهتمامك بالموضوع

مع أطيب التمنيات

نسرين

Anonymous said...

The Baha'is are not, and have never been, a threat to anyone or anything, and in particular "Public Order" (al-Nezam el-Aam). All this talk has been fabricated by the fundamentalists in their opposition to the Baha'is...it is an excuse and a "catching phrase" that is intended to manipulate the masses and justify the injustice.

Sometimes I feel like saying--excuse the expression--"wake up and smell the coffee."

Anonymous said...

المشكلة حقا عويصة

فمن ناحية فإن وجود رجال الدين في المجتمع ضروري عندما يكون معظم المجتمع من العوام من غير المثقفين الذين تتطلب اشغالهم اليومية ومهنهم الصعبة ان يكرسوا اكثر وقتهم في كسب المعيشة اليومية والركض وراء لقمة الخبز دون ان يسمح لهم الوقت ان يتعرفوا على دينهم بنفسهم (ولو ان هذا الوضع في نوع ما من التحسن شيئا فشيئا بزيادة عدد الذين يذهبون الى المدارس من الأجيال الجديدة) .. وبالطبع عند احتياج المجتمع لرجال الدين.. يجب ان يعوضوا باستلامهم رواتب ومعوضات اخرى لتفرغهم لهذه الخدمة الإنسانية في تعريف الناس بدينهم وتفسيره لهم بشكل بسيط واضح على قدر استيعابهم له

ولكن من الناحية الثانية.. عندما يصبح امتهان مثل هذه الوضائف كحرفة مثل باقي الحرف ويعتمد عليها الشيوخ في رفع مكانتهم في المجتمع وفي سد حوائجهم المادية ودفع الفاتورات وشراء القصور والسيارات وشراء الفول والعدس وغيره .. فلتبرير رواتبهم وليكونوا اهلا لها لابد ان يقوموا بواجبهم المقدس في الدفاع عن الدين والدولة و بكل مالهم وماعندهم وما ملكت ايمانهم وبكل الطرق والوسائل مهما صغر الخطر .. فهل لا تتفهمين هذا من فضلك ؟

مهند

Anonymous said...

ناس لا تؤمن بوجود الله فماذا يكونوا وأى حقوق يطالبون بها شىء غريب

أى سلام تشير اليه وأى سماحه هوا دا يبقى دين بالكلمتين اللى كل الناس بترددهم دول

أنت بتعبد بهاء بتاعكوا ده وتسيب ملك الملول الواحد الأحد وتقول دا دين أمال مين اللى خلق اللى انت ششايفه حواليك ده

هداكم الله

Anonymous said...

هههههههههههههههه

هوا كل واحد لم حواليه شوية ناس مجانين يعمل بيهم دين جديد والله دا جنان ما بعده جنان

Nesreen Akhtarkhavari said...

هدانا الله جميعا

للشخص الذي ادرج في تعليقه أن البهائية لا تؤمن بإله واحد، اقترح عليك ان تتحرى حقيقة البهائية قبل أن تردد ما سمعته أو خيّل اليك عن البهائية

لمزيد من المعلومات عن "حقيقة" ايمان البهائية بإله واحد قادر غفور رحيم، أقترح عليك قراءة ما هو مدّون في الموقع
الرئيسي للبهائية

موقع الدين البهائي

Arthur Kaufman said...

Lovvely blog you have here