Saturday, August 26, 2006

أجمل النجوم


استهل بيت العدل الأعظم، الهيئة الإدارية العالمية للمجتمع البهائي، رسالة السلام العالمي وعد حق والتي وجهها عام 1985م إلى كل شعوب وقيادات العالم بما نصه: "إنَّ الخيار الذي يواجه سكّان الأرض أجمع هو خيار بين الوصول إلى السّلام بعد تجارب لا يمكن تخيُّلها من الرُّعْب والهَلَع نتيجة تشبُّث البشريّة العنيد بأنماطٍ من السّلوك تَقادَم عليها الزّمن، أو الوصول إليه الآن بِفعْلِ الإرادة المنبثقة عن التّشاور والحوار. فعند هذا المنعطَف الخطير في مصير البشر، وقد صارت المعضلات المستعصية التي تواجه الأمم المختلفة هَمّاً واحداً مشتركاً يواجه العالم بأسره – عند هذا المنعطف يصبح الإخفاق في القضاء على موجة الصّراع والاضطراب مخالفاً لكلّ ما يُمليه الضّمير وتقصيراً في تحمُّل المسؤوليّات". مضمون الرسالة

ونحن نرى بأن هذا الخيار مازال قائما اليوم، وانه رغم تشبُّث قسم من البشريّة العنيد "بأنماطٍ من السّلوك تَقادَم عليها الزّمن"، كما نرى حاليا في الموقف الذي تتخذه بعض الجهات فيما يتعلق بالبهائيين كوضع الجامعة البهائية في مصر و الاضطهاد والممارسة غير الإنسانية التي تتعرض لها الجامعة البهائية في إيران وما يتعرض له العديد من أفراد المجتمع الإنساني للقمع والتعسف، إلا أنّ الجامعة البهائيّة تؤمن "بأنَّ في استطاعة الإنسانيّة مواجهةَ هذه التّجربة الخارقة بثقةٍ ويقينٍ من النّتائج في نهاية الأمر". فهي على يقين بأن "التّغييرات العنيفة التي تندفع نحوها الإنسانيّة بسرعةٍ متزايدة لا تشير أبداً إلى نهاية الحضارة الإنسانيّة، وإنَّما من شأنها أن تُطلِق القُدُرات الكامنة في مقام الإنسان"، وتُظهِر "سُمُوّ ما قُدّر له على هذه الأرض" وتَكْشِف عن "ما فُطِرَ عليه من نفيس الجوهر". وأن البشر قادرين على العمل سوية لإحلال هذا السلام

وأنا كواحدة من أفراد هذا المجتمع آمل أن يستمر الحوار والتشاور للتوصل إلى الحلول التي تضمن لكل أفراد للبشرية العيش الكريم الآمن باذلين كل الجهد لمحو جميع أنواع التعصب والعنصرية من قلوبنا

فهذا هو وقت الفلاح، وكما قال الفيتوري:
وأجمل النجوم ذلك الذي يضيء درب القافلة حين يغطى الحزن ذكرياتنا وتصرخ المأساة في البيوت

Sunday, August 20, 2006

الصحف مرآة العالم



تداول الرأي العام المصري مسالة حقوق البهائيين بعدم تدوين ديانة غير ديانتهم في الأوراق الرسمية عقب حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في أوائل شهر أبريل الذي كفل للبهائيين حق إثبات ديانتهم في خانة الديانة في الأوراق الرسمية حتى بعد قبول الطعن الذي تقدمت به وزارة الداخلية أمام المحكمة الإدارية العليا ووقف تنفيذ الحكم السابق. و عبّرت خلال هذه الفترة معظم تصريحات رجال الدين المسلمين ومسئولي وزارة الداخلية وأعضاء مجلس الشعب عن عدم الاعتراف بالبهائية بل طالب البعض بالدعوة لقتل البهائيين باعتبارهم مرتدين

ويعالج التقرير حرية العقيدة في عيون الصحافة المصرية: رصد وتحليل وتقييم أداء الصحف المصرية حيال أزمة البهائية -البهائية نموذجا والذي أعده صفاء عصام الدين، وعبده إبراهيم، وقدمه مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف "أداء وسائل الإعلام على اختلاف توجهاتها وانتماءاتها حول قضية البهائيين" ومدى اعتراف الصحف المصرية المختلفة بحرية العقيدة وحقوق المواطنين المصريين في اختيار ديانتهم أي كانت. ويقوم التقرير بالتوصل إلى نتائجه وعرض مقترحاته نتيجة "تحليل المضمون الكيفي الذي يتناول بالرصد والتقييم أداء عدد من الصحف القومية والحزبية والخاصة لكيفية تعاملها مع هذه القضية" خلال الفترة التي حددها التقرير

ويستخلص التقرير توجهات الصحف إزاء هذه القضية ليس بمعنى تعاطفهم مع البهائيين من عدمه بقدر ما هو مدى الالتزام بمعايير العمل الإعلامي الذي يتطلب الموضوعية والتوازن من خلال عرض الآراء المختلفة وإتاحة الفرصة لحق الرد وكذلك إتاحة المجال لكتاب مقالات بعرض آرائهم بغض النظر عن مدى تأييد إدارة الصحافة لهذه الآراء

وقد توصل التقرير إلى "عدم توخي الكثير من هذه الصحف لمعايير التوازن والموضوعية وعدم اهتمامهم بعرض الرأي والرأي الآخر و عدم اعتراف عدد من الصحفيين بالحق في حرية العقدية هذا الحق الذي نصت عليه المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان وفي مقدمتها العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية الذي صدقت عليه مصر و أصبح ملزما لها". وطالبت المؤسسة بناء على نتائج بحثها بما يلي

أولا: يجدد مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف مطالبته بإلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية والأوراق الرسمي

ثانيا: يجب على نقابة الصحفيين الاضطلاع بدورها في تطوير الأداء المهني للصحفيين وكيفية المحافظة على معايير التوازن والموضوعية في العمل الصحفي

ثالثا: التعاون بين نقابة الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان لتدريب الصحفيين على كيفية احترام وإرساء ونشر قيم ومبادئ حقوق الإنسان على اختلافها من خلال العمل الصحفي

رابعا: على الصحف الحزبية التي تتبنى توجه سياسي وقيم سياسية معينة وتعلنها للجميع أن تكون جريدتها منبرا للتعبير عن هذه القيم والمبادئ التي ينادي بها الحزب ولا تتناقض معه

خامسا: تكاتف منظمات حقوق الإنسان مع بعضها البعض من أجل إرساء مبادئ حرية العقيدة في المجتمع المصري سواء للبهائيين أو غيرهم ، ونؤكد أن ذلك لا يتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي السمح الذي يتجلى في قول الله تعالى " لا إكراه في الدين " و " من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"


ونحن تؤمن بوجوب نزاهة الصحافة فبالإضافة إلى تماشي ذلك مع مبادئ حقوق الإنسان، فلقد صرح حضرة بهاء الله قائلا، "وقد انكشفت اليوم أسرار الأرض أمام الأبصار وفي الحقيقة أن الصّحف السّيّارة مرآة العالم. تُظهر أعمال الأحزاب المختلفة، وتري أفعالهم وتسمعها في آن واحد فهي مرآة ذات سمع وبصر ولسان...وينبغي لمحرّرها أن يكون مقدّسا عن أغراض النّفس والهوى ومزيّنا بطراز العدل والإنصاف ويتحرّى الأمور بقدر مقدور حتّى يطّلع على حقائقها ثمّ ينشرها..." - مجموعة من ألواح حضرة بهاء الله - نزّلت بعد الكتاب الأقدس – ص ٥٦

ونتمنى أن تقوم الصحافة العربية بالارتقاء إلى مستوى المسئولية المناط بها والعمل جاهدة على تزويد قراءها بما هو منصف وموضوعي، والترفع عن خدمة أغراض سياسية وعنصرية تفكك أركان المجتمع وتهدم بنيانه

Thursday, August 17, 2006

ما يدعو للاستهجان


بينما يستمر النقاش في الساحة المصرية والعربية حول حق المواطنين المصريين البهائيين وغيرهم أن لا يفرض عليهم كتابة ديانة لا يؤمنون بها في خانة الدين في الوثيقة الشخصية، تتناول الصحافة ووسائل الإعلام المصري والعربي أنباء التصريحات المختلفة بين معارض ومؤيد. فبالإضافة إلى هذا الإعلان الذي يتراوح بين النزاهة والتحريف، نجد بعض المتطرفين من شيوخ الأزهر وغيرهم يضربون بعرض الحائط كل ما تفرضه الأعراف والمعايير الاجتماعية والمهنية فيما يتعلق بنزاهة الصحافة والإعلام وما يحض عليه الدين والأخلاق من وجوب الصدق والابتعاد عن الكذب والافتراء والتحريض على الكره والعداء فيعرضون على شبكات الانترنت ما يدعو للعجب والاستهجان. ونعرض هنا واحدة من هذه المصادر، على سبيل المثال

نشر موقع فضيلة الشيخ محمد الخطيب مقالة بعنوان البهائية فرقة ضالة تحارب جميع الأديان والرسل. فبعد أن أبدى الشيخ رأيه في نشأة البهائية، عرض الفتاوى التي أصدرها الأزهر ضد البهائيين ذاكرا البيان الذي صدر عام 1947م وغيرها من الفتاوى التي تحمل نفس الادعاءات الباطلة في قوالب مختلفة تتماشى مع المكان والزمان الذي أصدرت فيه. ولقد ردت العديد من الهيئات الإدارية البهائية على هذه الاتهامات في حينها، ومنها رد لجنة النشر المركزية بالقطر المصري والسودان على بيان الأزهر عام 1947م، ورد المحفل الروحانى المركزي للبهائيين بشمال شرق افريقيا على الاتهامات الموجهة للبهائية والبهائيين عام 1974م في كتيب بعنوان الموجز في دحض التهم الموجهة للدين البهائي، والمقال الذي نشرته مجلة اخبار العالم البهائي تعقيبا على بيان الأزهر الذي نشر عام 1986م عن البهائية والبهائيين

والغريب في الأمر أن هذا الشيخ وأمثاله لا يستحون من ترديد وترويج الأكاذيب ضد البهائيين لاستفزاز المسلمين ودعوتهم إلى محاربة المواطنين البهائيين، وذلك إما عن جهل أو بالتذرع بحماية المسلمين مما يدعون أنه فتنة. ويستشهد الشيخ الفاضل في المقالة المنشورة على موقعه بأقوال لشيوخ مثله، مدرجا أرائهم ومستندا عليها بدل الرجوع إلى المصادر الأصلية للمبادئ والأحكام البهائية، وهي موجودة في كتابات البهائية المتوفرة مطبوعة والكترونية. وتحّرف هذه الأقوال التاريخ، مشّوهة للحقيقة، ومّبّدلة للإحداث حتى تتماشى مع ادعاءاتها

من ضمن هذه الأقوال الموجهة باطلا ضد البهائيين والتي يدرجها الشيخ الفاضل ما يلي، ولقد انشأت وصلات يمكنكم استخدامها لمعرفة حقيقة موقف البهائية من الادعاءات المزعومة في هذه التصريحات

يقول د. حسن بغدادي: "إن البهائية من ابتكار روسيا، استعملتها الصهيونية للعمل على إبطال الجهاد، وهى تدعو إلى وحدة الأديان والأجناس والشعوب، ثم ظهرت في إيران وانتشرت في كثير من الدول

ويقول الأستاذ/ أنور الجندي- رحمه الله: "لا ريب أن كل دعوة تدعو إلى وحدة الأديان والأجناس، إنما تحاول هدم الإسلام؛ لأنه الدين الوحيد الذي يراد له أن يندمج، وأن ينصهر، وعالمية الأديان لا تستهدف إلا القضاء على عالمية الإسلام" (من كتاب: الإسلام والمذاهب الهدامة

ويقول الأستاذ/ أنور الجندي عن أهدافها: "معارضة الجهاد ومقاومته، وثبت أن أحدهم قال: إن البشارة الأولى لجميع أهل العالم هي محو حكم الجهاد من الكتاب (أي القرآن)" (من كتاب إشراقات بهاء)، وقد عملت البهائية مع الماسونية على رفع المسلمين، خاصة في فلسطين إلى الاستسلام والتخاذل؛ ولذلك فإن حقد هؤلاء على الانتفاضة التي نادت بالجهاد في سبيل الله، حقد لا أول ولا آخر له"، خاصة حماس، والإخوان المسلمين الذين أحيوا في العالم العربي والإسلامي هذه الفريضة، وهم يحاربون اللغة العربية- لغة القرآن، ويثيرون الشكوك حولها، وهدفهم واضح؛ وهو تمزيق الصلة بين حاضر المسلمين وماضيهم المجير، وتراثهم الشامخ

ذكر الأستاذ محسن عبدالحميد عن بهاء زعيم الطائفة قوله: "إنه يدعو إلى جمع المسلمين والنصارى واليهود على نواميس موسى- عليه السلام- أي أنه يريد تهويد المسلمين والنصارى، وأنه يجعل اليهودية الدين السائد في الأرض، وبذلك
يكون السلطان في العالم كله لليهود وحدهم" -من كتاب حقيقة البابية والبهائية

ويضيف فضيلة الشيخ ما يخالف صريح كتابات حضرة بهاء الله وحضرة عبد البهاء وما تؤكده جميع الإدارات البهائية قائلا "أن من عقائدهم {البهائيين} الضالة إنكار البعث والجنة والنار والآخرة بصفة عامة، وإنكار إعجاز القرآن وأنه من عند الله، وفساد عقيدتهم في الأنبياء، فهم في نظرهم ستروا الحقائق، كما أن البهائية تنكر المعجزات". ثم يعيب الشيخ على البهائية أنها تدعوا إلى السلام وإنشاء نظام عالمي يكفل ذلك، مشوها هذا المبدأ الإنساني السامي بالأكاذيب التي تشهر بالبهائية وتعزوا إليها عكس ما تدعو له قائلا: "تحاول البهائية فرض نظام عالمي من خلال تحليل الربا وتحقيق هذه الجرائم عن طريق الرشوة والنساء، وبث المطامع والشهوات، ومطاردة الشريعة الإسلامية، وإبطال أحكامها في شأن المرأة، والدعوة الدائمة إلى الشعور والاختلاط بين الرجال والنساء، والدعوة إلى المساواة على الصورة التي تصبح فيها المرأة متحررة من قوامة الرجل، ومحاولة اتخاذ المرأة متعة وأداة، ومشاركة المرأة الرجل في صالات الرقص والنوادي، وإباحة الحرية الجنسية المطلقة، ثم العمل على تمزيق الأسرة وانهيارها". واين البهائية ومبادئها من كل هذا؟ للمزيد من المعلومات عن حقيقة ما بدعو اليه البهائية طالع الكتب المنشورة في مكتبة المراجع البهائية

ويختم الشيخ مقالته معلنا "أيها المسلمون، انتبهوا! فقد استيقظت كل الشياطين تكيد لكم وتمكر بكم". فهل يقصد هنا بالشياطين، البهائيون؟

وسؤالي هو متى سيتقي مثل هؤلاء الشيوخ الله، ويكفوا عن نشر الفتنة والأباطيل وتخويف الناس، ويكتفوا بنشر الحقائق بما فيها من أوجه التشابه والاختلاف بدون تزوير أو تهويل؟ فالإنصاف من أحب المكارم عند الله تعالى

Tuesday, August 15, 2006

النائبة الفاضلة

نشرت جريدة إيلاف بتاريخ 4 مايو 2006م مقالا أعده نبيل شرف الدين بعنوان مشروع قانون لتجريم اعتناق البهائية بمصر وأشار فيه "في واحدة من القضايا القليلة التي تتفق فيها الحكومة المصرية وجماعة "الإخوان المسلمين" فقد شهد البرلمان المصري سباقاً بين نواب الحزب الحاكم ونواب الجماعة في اقتراح إجراءات للتنكيل بمعتنقي الديانة البهائية، وإطلاق ما يمكن وصفه بحملة كراهية بعد أن أثار هذا الأمر حكم قضائي صدر من محكمة القضاء الإداري بمدينة الإسكندرية في نيسان (أبريل) الماضي والذي ألزم وزارة الداخلية باستخراج بطاقات إثبات شخصية لمصريين يثبتون في خانة الدين بها "البهائية...فقد وصف نواب الإخوان البهائيين بأنهم "كفار وخونة"، وطالبوا البرلمان باستصدار قانون يؤثم اعتناق البهائية، كما اتهم نواب الجماعة التي تملك 88 مقعداً في البرلمان معتنقي البهائية بـ "العمالة لإسرائيل، والاستقواء بالغرب"، على حد زعمهم." وأدرج المقال ما أدلى به النائب السيد عسكر الذي قال إنه قد قرر التقدم بمشروع قانون لتجريم البهائية وتكفير معتنقيها، مضيفًا بأن الأحكام القضائية لها وسائل في الطعن عليها ". تتمة المقالة

وأنا لم استغرب ما أدلى به الأفراد الذين تتفق أقوالهم مع اتجاهاتهم الفكرية والسياسية ولكن ما أثار استغرابي هو ما أدلت به النائبة زينب رضوان وكيلة البرلمان عندما أعلنت تأييدها إثبات البهائية كديانة في بطاقات الهوية، معللة ذلك بأن "الفكر البهائي فكر منحرف متطرف ولكن المصلحة العامة تقتضي أن يتم تسجيل البهائيين في الشهادات والبطاقات الرسمية لأن أسماءهم متشابهة مع أسماء المسلمين"، وتابعت قائلة إنه "من المصلحة أن يكونوا معروفين وليسوا مجهولين حتى لا ينجحوا في التسلل إلى صفوف المجتمع وينشروا فكرهم المتطرف والمنحرف"، معربة بذلك عن جهلها بالبهائية ومبادئها

بالله عليك أيتها النائبة الفاضلة، العضو قي مؤسسات حقوق الإنسان والمدافعة في المؤتمرات والندوات العالمية عن حقوق المرأة والحريات التي تكفلها القوانين الدولية، ما الذي تعرفينه عن البهائية وكيف تسمحين لنفسك بأن تصفي فكرهم "بالمتطرف والمنحرف". ما هي التعصبات وعدم والموضوعية أو استخدام وسائل البحث العلمي التي تدرسينها لطلابك الجامعيين؟ وأي نوع من الجيل سوف تنشئين؟ إن مثل هذه التصريحات أيتها النائبة لن تخدم المصلحة العامة أو تحمي حقوق المواطنين أو تنصر الإسلام، ولكنها تدل على التعصب والجهل في حقيقة الأمور. ونتمنى أن تفكري أيتها النائبة فيما تصرحين به في المستقبل، فالعالم كله آذان

وما زال هذا الطلب البسيط من قبل البهائيين بحقوقهم التي يقرها لهم القانون والدستور مجال البحت والنقاش الحاد في الساحة المصرية. وهذا النقاش الذي إن دل على شيء فإنما يدل على الصراع الداخلي في المجتمع المصري بين الذين يؤمنون بحرية وإنسانية كل المواطنين المصريين والذين يكرسون أعمارهم لطمس هذه الحرية

الى متى؟

أدرج الأستاذ سليم قبعين الكاتب والمترجم الفلسطيني الشهير في كتابه عبد البهاء والبهائية والذي نشر في مصر عام 1922م، إحدى خطب عبد البهاء والتي ألقاها في مدينة تونون بسويسرا. ولقد نقل قبعين الخطاب عن جريدة الأهرام ونشر قبعين (ص 76-79) أيضا الملاحظة التي أرفقها المراسل مع نص الخطاب

وددت أن اعرض عليكم هذا الخطاب الذي نشر في مصر قبل اكثر من 80 عاما، لما فيه من نصح وإرشاد لو اتبعناه جميعا لأعاننا على خلق مجتمع يسوده الحب بدل الكره، والألفة بدل العداء والجدل والنزاع الذي تتسم به العديد من علاقاتنا ومعاملاتنا خاصة فيما يتعلق بقضية البهائيين في مصر


الملاحظة المرفقة بالنص من مراسل جريدة الأهرام بسويسرا

من بعد استعطاف الأنظار الكريمة وتقديم الاحترامات الفائقة أحببت أنْ أبث لكم حديثاً غريباً وهو أنّني في أثناء تنزهي في شواطئ بحيرة جنيفا بسويسرا صادف مروري بمدينة تونون الواقعة على شاطئ البحيرة المذكورة ودخلت نزل البستان (أوتيل دوبارك) من المدينة المذكورة في طبقاتها فإذا جمّ غفير من أجناس مختلفة على مائدة ممدودة بعضهم من أبناء الفرس ذوو عمامة بيضاء وبعضهم بقبعة سوداء وثلة من الأهالي المختلفي الأجناس من فرنسا وإنكلترا وأمريكا وإيطاليا. محفل مرتب في غاية الانتظام وفي نهاية السكون والوقار وكمال الألفة والوداد. في بهرتهم رجل في عقد السبعين من الحياة مبيض الشعر متوسط القامة مرتد برداء أبيض يتكلّم مع الجماعة بغاية التأنّي باللغة العربية والكتبة يكتبون والمترجمون يترجمون بعدة لغات سامية في أوروپا والجميع يسمعون أقواله بأذن صاغية وقلوب واعية وأبصار شاخصة وهو يقول

نص الخطبة التي ألقاها حضرة عبد البهاء على الحاضرين

هو الله

أيّها الحاضرون إلى متى هذا الهجوع والسبات؟ وإلى متى هذا الرجوع القهقرى؟ وإلى متى هذا الجهل والعمى؟ وإلى متى هذه الغفلة والشقاء؟ وإلى متى هذا الظلم والاعتساف؟ وإلى متى هذا البغض والاختلاف؟ وإلى متى الحمية الجاهلية؟ وإلى متى التمسّك بالأوهام الواهية؟ وإلى متى النزاع والجدال؟ وإلى متى الكفاح والنزال؟ وإلى متى التعصب الجنسي؟ وإلى متى التعصب الوطني؟ وإلى متى التعصب السياسي؟ وإلى متى التعصب المذهبي؟

ألم يأن للذين آمنوا أنْ تخشع قلوبهم لذكر الله. هل ختم الله على القلوب أم غشت الأبصار غشاوة الاعتساف؟ أولم تنتبه النفوس إلى أنّ الله قد فاضت فيوضاته على العموم؟ خلق الخلق بقدرته ورزق الكلّ برحمته وربى الكلّ بربوبيته. لا ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فتور؟ فلنتبع الرب الجليل في حسن السياسة وحسن المعاملة والفضل والجود ولنترك الجور والطغيان ولنلتئم التئام ذوي القربى بالعدل والإحسان. ولنمتزج امتزاج الماء والراح. ولنتحد اتحاد الأرواح ولا نكاد أنْ نؤسس سياسة أعظم من سياسة الله ولا نقدر أنْ نجد شيئاً يوافق عالم الإنسان أعظم من فيوضات الله ولكم أسوة حسنة في الرب الجليل فلا تبدلوا نعمة الله وهي الألفة التامّة في هذا السبيل. عليكم يا عباد الله بترك الخلاف وتأسيس الائتلاف والحب والإنصاف والعدل وعدم الاعتساف

أيّها الحاضرون قد مضت القرون الأولى وطوي بساط البغضاء والشحناء حيث أشرق هذا القرن بأنوار ساطعة وفيوضات لامعة وآثار ظاهرة وآيات باهرة والأنوار كاشفة للظلام دافعة للآلام داعية لائتلاف قامعة للاختلاف. ألا إنّ الأبصار قد قرّت وإنّ الآذان قد وعت وإنّ العقول قد أدركت أنّ الأديان الإلهية مبنية على الفضائل الإنسانية. ومنها الألفة والوداد بين العموم والوحدة والاتفاق بين الجمهور. يا قوم ألستم من سلالة واحدة؟ ألستم أفناناً وأوراقاً من دوحة واحدة؟ ألستم مشمولين بلحظات أعين الرحمانية؟ ألستم مستغرقين في بحار الرحمة من الحضرة الوحدانية؟ ألستم عبيداً للعتبة الربانية؟ هل أنتم في ريب أنّ الأنبياء كلّهم من عند الله وأنّ الشرائع قد تحققت بكلمة الله؟ وما بعثهم الله إلاّ للتعليم وتربية الإنسان وتثقيف عقول البشر والتدرّج إلى المعارج العالية من الفلاح والنجاح؟ وقد ثبت بالبرهان الساطع أنّ الأنبياء اختارهم الله رحمة للعالمين وليسوا نقمة للسائرين وكلّهم دعوا إلى الهدى وتمسّكوا بالعروة الوثقى حتّى أنقذوا الأمم السافلة من حضيض الجهل والعمى إلى أوج الفضل والنهى. فمن أمعن النظر في حقيقة التاريخ المنبئة الكاشفة لحقائق الأسرار من القرون الأولى يتحقق عنده بأنّ موسى عليه السلام أنقذ بني إسرائيل من الذل والهوان والأسر والخذلان وربّاهم بتأييد من شديد القوى حتّى أوصلهم إلى أوج العزة والعلى ومهد لهم السعادة الكبرى ومنّ الله عليهم بعد ما استضعفوا في الأرض وجعلهم أئمة من ورثة الكتاب وحَمَلَة لفصل الخطاب حتّى كان منهم عظماء الرجال وأنبياء أسسوا لهم السعادة والإقبال. وهذا برهان ساطع واضح على نبوّته عليه السلام. وأمّا المسيح الجليل كلمة الله وروح الله المؤيد بالإنجيل فقد بعثه الله بين قوم ذلّت رقابهم وخضعت أعناقهم وخشعت أصواتهم لسلطة الرومان فنفخ فيهم روح الحياة وأحياهم بعد الممات وجعلهم أئمة في الأرض خضعت لهم الرومان وخشعت لهم اليونان وطبق الأرض صيتهم إلى هذا الأوان. وأمّا الرسول الكريم محمد المصطفى عليه الصلاة والتسليم قد بعثه الله في واد غير ذي زرع لا نبات به بين قبائل متنافرة وشعوب متحاربة وأقوام ساقطة في حضيض الجهل والعمى لا يعلمون من دحاها ولا يعرفون حرفاً من الكتاب ولا يدركون فصلاً من الخطاب. أقوام مشتتة في بادية العرب يعيشون في صحراء من الرمال بلبن النياق وقليل من النخيل والأعناب فما كانت بعثته عليه السلام إلاّ كنفخ الروح في الأجساد أو كإيقاد سراج منير في حالك من الظلام فتنورت تلك البادية الشاسعة القاحلة الخاوية بتلك الأنوار الساطعة على الأرجاء فانتهض القوم من رقدة الضلال وتنورت أبصارهم بنور الهدى في تلك الأيام فاتسعت عقولهم وانتعشت نفوسهم وانشرحت صدورهم بآيات التوحيد فرتلت عليهم بأبدع الألحان وبهذا الفيض الجليل قد نجحوا ووصلوا إلى الأوج العظيم حتّى شاعت وذاعت فضائلهم في الآفاق. فأصبحوا نجوماً ساطعة الإشراق فانظروا إلى الآثار الكاشفة للأسرار حتّى تنصفوا بأنّ ذلك الرجل الجليل كان مبدأ الفيض لذلك القوم الضئيل وسراج الهدى لقبائل خاضت في ظلام الهوى وأوصلهم إلى أوج العزة والإقبال ومكّنهم من حياة طيبة في الآخرة والأولى. أما كانت هذه القوة الباهرة الخارقة للعادة برهاناً كافياً على تلك النبوّة الساطعة؟

لعمر الله إنّ كلّ منصف من البشر يشهد بملء اليقين أنّ هؤلاء الرجال كانوا أعلام الهدى بين الورى ورايات الآيات الخافقة على صروح المجد في كلّ الجهات وتلك العصبة الجليلة استشرقت فأشرقت واستضاءت فأضاءت واستفاضت فأفاضت واقتبست الأنوار من حيز ملكوت الأسرار وسطعت بأنوار الوحي على عالم الأفكار. ثم إنّ هذه النجوم الساطعة من أفق الحقيقة ائتلفت واتحدت واتفقت وبشر كلّ سلف عن كلّ خلف. وصدق كلّ خلف نبوّة كلّ سلف. فما بالكم أنتم يا قوم تختلفون وتتجادلون وتتنازعون ولكم أسوة حسنة في هذه المظاهر النورانية والمطالع الرحمانية ومهابط الوحي العصبة الربانية وهل بعد هذا البرهان يجوز الارتياب والتمسك بأوهام أوهن من بيت العنكبوت وما أنزل الله بها من سلطان؟

يا قوم البدار البدار إلى الألفة. عليكم بترك البغضاء والشحناء، عليكم بترك الجدال، عليكم بدفع الضلال، عليكم بكشف الظلام، عليكم بتحري الحقيقة في ما مضى من الأيام، فإذا ائتلفتم اغتنمتم وإذا اختلفتم اعتسفتم عن سبيل الهدى. وغضضتم النظر عن الحقيقة والنهى وخضتم في بحور الوهم والهوى إنّ هذا لضلالة مهلكة للورى. وأمّا إذا اتحدتم وامتزجتم وائتلفتم فيؤيدكم شديد القوى بصلح وصلاح وحب وسلام وحياة طيبة وعزة أبدية وسعادة سرمدية والسلام على من اتّبع الهدى

Saturday, August 12, 2006

حكم الردة في الاسلام

من الشائع بين المسلمين وغيرهم أن حكم الإسلام المجمع عليه هو قتل المرتد عن الإسلام إذا كان الفرد مسلما وآمن بدين آخر أو صار مسلما ثم ارتد عن إسلامه. ولكن حقيقة الأمر أن الفقهاء يختلفون فيما يتعلق بحكم المرتد في الإسلام مستندين في ذلك إلى آيات وأحاديث مختلفة من القران والسنة. ويؤكد هذا الاختلاف أن حكم الردة مسألة لم يتم الإجماع على رأي واحد بخصوصها، مما يجعل تطبيق حكم القتل على المرتد عن الإسلام أمرا غير مقبول من قبل العدد الوافر من المفكرين والمشرعين المسلمين. فبالإضافة إلى كون قتل المرتد أمرا لا يجمع عليه فقهاء الإسلام، فان في تطبيقه ما يتعارض مع المبادئ والقيم التي اقرها القانون الدولي ووافقت عليها معظم الدول العربية والإسلامية

وعلى سبيل المثال أدرج هنا ثلاثة أراء إسلامية تمثل وجهات نظر مختلفة فيما يتعلق بهذا الأمر

ينادي الشيخ يوسف القرضاوي بوجوب تطبيق حكم الردة وقتل المرتد في مقالته ، خطورة الردة.. ومواجـهة الفتنة، مدعيا بأن السماح للأفراد باعتناق الإسلام ثم الارتداد عن الإيمان به مفسدة للمجتمع الإسلامي. ويدعو القرضاوي إلى قتل المرتد عن دين الإسلام مستندا إلى بعض الأحاديث الأحادية والأحداث التاريخية التي يستنتج منها ذلك

يوضح الدكتور محمد سليم العوا في مقالته عقوبة الردة تعزيرًا لا حدًّا، المفهوم القانوني والشرعي للحد ويؤكد أن الآيات الكريمة "لا تشير من قريب أو من بعيد إلى أن ثمة عقوبة دنيوية يأمر بها القرآن لتُوقَّع على المرتد عن الإسلام، وإنما يتواتر في تلك الآيات التهديد المستمر بعذاب شديد في الآخرة". ويضيف، "وهكذا، فإننا لا نجد في النصوص المتعلقة بالردة في آيات القرآن الكريم تقديرًا لعقوبة دنيوية للمرتد، وإنما نجد فيها تهديدًا متكررًا، ووعيدًا شديدًا بالعذاب الأخروي". أما فيما يتعلق بالأحاديث التي يستند إليها البعض بوجوب تطبيق حد الردة وقتل المرتد، فيوضح العوا انه "لا يُحتج في إثبات نسخ قوله تعالى: "لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"، بالأحاديث النبوية الصحيحة، التي فيها ذكر قتل المرتد، إذ إن المقرر في أصول الفقه أن القرآن لا ينسخه إلا قرآن مثله، أو سُنة متواترة." ولا يصح تطبيق حديث يتعارض مع صريح القرآن

ويضيف العوا أن الآيات المنسوخة منفق عليها ولا تضم الآية الكريمة التي توضح بصريح العبارة أته "لا إكراه في الدين" مستندا إلى أن السيوطي -رحمه الله- قد جمع الآيات التي صح فيها عند العلماء أنها منسوخة وهي إحدى وعشرون آية، وقال: "لا تصح دعوى النسخ في غيرها"، مؤكدا أته ليس من بين هذه الآيات قوله تعالى: "لا إِكْرَاهَ فِي الدين". ولكن العوا يعود ويرى انه استنادا إلى الأحاديث المختلفة والوقائع التي أدت إلى أحكام متغايرة عبر التاريخ الاسلامي فيما يتعلق بحد الردة،فأن حد الردة جائز وليس واجب، وان الأمر متروك للحاكم. وأنا أرى أن العوا يحاول في قوله هذا أن يجد مبررا للسياسات التي تدعوا إلى قتل المرتد بعد أن برهن بأن مثل هذا الفعل لا يجوز شرعا استنادا إلى المبدأ العام القائل بأنه "لا اكر في الدين" والذي تؤيده الآية القرآنية غير المنسوخة

ويفسر الأستاذ جمال البنا في مقالته لا عقوبة للردة.. وحرية الاعتقاد عماد الإسلام، مفهوم ومعنى الردة في إطار حرية الفكر والعقيدة التي نادى بها الإسلام موضحا أن عقاب المرتد منوط بالرب وليس العبد. ويدرج الأستاذ البنا العديد من آراء الفقهاء المختلفة بخصوص ماهية وحكم الردة في الإسلام معلقا "إن هذه الأقوال التي امتلأ بها تراثنا الفقهي توضح لنا إلى أي مدى وصل التخبط والتعدد والتعارض والتفارق والاختلاف شيعًا وطوائف"، واستنادا إلى العديد من البراهين والدلائل يؤكد الأستاذ البنا، "والقول الذي نود التأكيد عليه هنا هو أن أي تدخُّل للسلطة تحت أي اسم كان، وبأي صفة اتصفت، بين الفرد وضميره مرفوض بتاتًا، وأن الاعتقاد يجب أن يقوم على حرية الفرد واطمئنان قلبه." وباعتقادي إن هذا الرأي يتفق مع روح ورسالة الإسلام ونوع المجتمع الذي حرص الإسلام على إنشائه

بما أن الإيمان يستلزم حرية الفكر ليستطيع الفرد أن يفهم ويقتنع بما يؤمن به، فان تقيد هذه الحرية يمنع الفرد من ممارسة حقه الشرعي باختيار قناعاته، وهو حق أقرت له به كل الديانات السماوية والقوانين الوضعية

Thursday, August 10, 2006

مشكلات التمييز

يكفل الدستور والقانون المصري حق المواطن في تغيير ديانته. فالمادة 47 من قانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994 تنص بشكل صريح على حق المواطنين تغيير بياناتهم بما فيها الديانة في وثائقهم الرسمية. ورغم هذا النص الصريح في الدستور والقانون تستمر السلطة التنفيذية المصرية بالحد من حق المواطن بممارسة ما كفله له القانون، فحتى في بعض الحالات التى حصل فيها مواطنون على أحكام قضائية ضد هذا المسلك غير القانوني قامت وزارة الداخلية بالطعن في هذه الأحكام

وقد قام برنامج الحق في الخصوصية: المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في السنتين الماضيتين بدراسة وتوثيق أكثر من مائة وسبعين حالة لمواطنين واجهوا صعوبات خلال هاتين السنتين، في الحصول على وثائق ثبوتية رسمية نتيجة لامتناع موظفي مصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية إثبات ديانتهم الحقيقية في ملفات المصلحة

فبالإضافة إلى توثيق إجبار البهائيين على ادعاء اعتناق الإسلام أو المسيحية مقابل الحصول على أي وثائق رسمية، وذلك بعد أن ظلوا لعشرات السنين يستخرجون بطاقات شخصية وشهادات ميلاد تثبت اعتناقهم للبهائية أو تترك فيها خانة الديانة خالية، تم توثيق انتهاكات ا تتعلق بأتباع الديانات الأخرى ومنها ما يلي

أكثر من مائة حالة لمواطنين مسيحيين تحولوا إلى الإسلام لفترة ثم حصلوا من الكنيسة على ما يثبت عودتهم إلى المسيحية، لكن وزارة الداخلية امتنعت عن اعتماد عودتهم للمسيحية دون أي سند من القانون

أكثر من ستين حالة أخرى لمواطنين مسيحيين قامت مصلحة الأحوال المدنية بتغيير ديانتهم في ملفاتها إلى مسلمين دون رغبتهم بل وأحياناً دون علمهم بعد اعتناق أحد والديهم للإسلام، ثم رفضت الوزارة بعد بلوغهم السن القانوني الاعتراف بكونهم مسيحيين طوال حياتهم

ثلاث حالات على الأقل رفضت فيها مصلحة الأحوال المدنية إثبات اعتناق مواطنين مسيحيين للإسلام رغم حصولهم على شهادة من الأزهر بإشهار إسلامهم

عدد غير معروف من المواطنين المسلمين الذين تحولوا إلى المسيحية ولا يزالون عاجزين عن إثبات ذلك في وثائقهم الرسمية

وأوضحت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أنه وبغض النظر عن ذكر الديانة من عدمه في بطاقات الرقم القومي فإن المواطنين سيظلون خاضعين لقانون الأحوال الشخصية الخاص بديانة لا يعتنقونها في ظل غياب قانون مدني موازٍ للأحوال الشخصية. وأكدت أن هذا سيؤدي إلى العديد من المشاكل المتعلقة بمسائل أساسية مرتبطة بالحياة اليومية لهؤلاء كما هو حال المواطنين البهائيين في الوقت الحالي. وفيما يلي بعض المشكلات التي يواجهها المواطنون البهائيون والتي وثقتها المبادرة

مئات من البهائيين عاجزين عن تسجيل مواليدهم أو إدخال أطفالهم للمدارس في غياب شهادات ميلاد لهم

تجاوز بعض البهائيين السادسة عشرة دون استخراج بطاقة تحقيق الشخصية وهو ما يعرضهم للمساءلة الجنائية

تم فصل طالب في السنة النهائية من دراسته الجامعية نهائياً في العام الماضي بسبب عجزه عن تحديد موقفه التجنيدي دون استخراج بطاقة الرقم القومي

أرملة مصرية بهائية لا تزال عاجزة عن الحصول على معاش زوجها المتوفى منذ سنوات

لا يزال مواطن بهائي عاجزاً عن استخراج شهادة وفاة لشقيقته بعد شهور من دفنها بسبب احتواء شهادة الوفاة على خانة الديانة وإصرار الدولة على تغيير ديانة المتوفاة في الشهادة

يواجه البهائيون صعوبات في استخراج جوازات سفر رغم عدم احتوائها على خانة الديانة بسبب وجود الخانة في استمارة طلب الحصول على جواز سفر


فكما صرح حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إننا تحتاج إلى حلول "حقيقية لمعالجة الجذور وليس القشور" تضمن للمواطن المصري ممارسة حقوقه التي اقرها له الدستور والقانون ونادت بها الوثائق الدولية التي صدقت عليها الحكومة المصرية

Tuesday, August 08, 2006

مصداقية القانون


اعتقد كما يعتقد العديد بأن القضية البهائية في المجتمعات العربية هي أكبر من حقوق جالية محدودة العدد يمكن أن تستغل ككبش فداء ووسيلة لتشتيت اهتمام أفراد المجتمع عن مشاكله ومتاعبه الحقيقية، وإنما هي امتحان لقدرة مجتمعاتنا على التعايش السلمي في إطار من العدالة التي يحددها القانون وتؤكدها السلطة القضائية وتضمن السلطات الحاكمة تنفيذها دون السماح لأي من القوى المتطرفة أن تؤثر على مجرى الأحداث لخدمة أفكارها ومصالحها الخاصة

ونتجه للإعلام الذي واكب قضية البهائيين المصريين، وردود الفعل من قبل الجماعات الدينية المتطرفة تحت شعار حماية المجتمع والإسلام من خطر ابتدعته هذه الجماعات لتبرر هجومها وتعديها على حقوق البهائيين، نرى ظهور أصوات عربية شجاعة تعالج القضية بموضوعية محاولة الوصول إلى جذور المشكلة وأسبابها الحقيقية

فعلى سبيل المثال، ناقش الأستاذ شهاب فخري، في مقالة له بعنوان البهائية وحيادية القانون نشرت على شبكة الحوار المتمدن الالكترونية (العدد 1560 بتاريخ 24 مايو 2006م) وأعاد نشرها مجتمع ثروة، مدى تأثير المرجعية القيمية على سن القوانين ومدى مصداقية وعدالة القوانين التي تحكمها مثل هذه المرجعية.مؤكدا أن القانون يجب أن يقوم على حقوق الإنسان الأساسية التي نص عليها "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" والتي يجب أن تشكل الجوهر الأخلاقي للقانون في أية دولة ديمقراطية

وأوضح الأستاذ فخري قي سياق نقاشه أهمية كفالة حرية الفرد المتعلقة بالفكر والعقيدة وتشريع القوانين التي تضمن عدم الحد من هذه الحريات أو التفرقة في تطبيقها لان في ذلك خرقا لحيادية القانون. وأكد أن "رفض مطلب البهائيين إثبات ديانتهم في المستندات الشخصية خرق لحيادية القانون وتعبير صريح عن معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية". وناقش بعد ذلك التبرير الـ"قانوني" لهذه التفرقة الواضحة في المعاملة و الحماية القانونية والتي ترتكز على أن حرية الاعتقاد في نظر البعض تنطبق على أصحاب الديانات السماوية الثلاثة فقط مؤكدا أن مثل هذا التبرير غير منطقي استنادا إلى ما يلي

أولا: فكرة الديانات السماوية الثلاثة هي فكرة الإسلام فقط عن ما هو دين سماوي لان المسيحية لا تعترف بالإسلام، ولا تعترف اليهودية بالمسيحية أو الإسلام

ثانيا: "صحة" المعتقدات الدينية لا يمكن الفصل فيها في أي حوار حضاري بناء، لأنها اختيار شخصي وقيمي

ثالثا: أن الحوار بين أفراد ذوي اتجاهات قيمية وعقائدية مختلفة يجب أن لا يكون له أي تأثير على مساحة الحرية التي تشكل حقوق هؤلاء الافراد الإنسانية والتي يجب على القانون حمايتها

وأكد الأستاذ فخري أن "منظور الإسلام أو أي دين آخر عن ما هو دين سماوي، والذي هو من منظور محايد ليس أكثر خطأ أو صحة عن منظور البهائية عن كونها ديناً سماويا، لا يجب إذاً أن يكون له أي صدى من الناحية القانونيةً و الحقوقية". وأضاف أن هناك اختلاف كلي بين الحوار القيمي-العقائدي والقانون وان حفص مكانة ودور كل منهما ضروري في أي مجتمع ديمقراطي

وختم الأستاذ فخري مقالته مؤكدا "أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في رفض مطلب البهائيين أن تثبت ديانتهم في أوراق إثبات الشخصية، فهذه إحدى عوارض المشكلة الرئيسية وهي رفض الاعتراف بديانتهم وبهم كمواطنين من الأساس. هذا الرفض يأتي من منطلق تفسير عقائدي للقانون و هو ما يفقد القانون مصداقيته و حياديته. فالقانون إذاً لا يمكن أن يكون إسلامياً أو مسيحياً أو بهائياً إذا أردنا ديمقراطية حقيقية تكفل للإنسان حقوقه المشروعة". المقالة الأصلية

أن وجود مثل هذه الأفكار المنصفة الواعية في مجتمعنا العربي تؤكد على قدرتنا على حل مشاكلنا والتعاون لبناء مجتمعات يسودها الأمن ويتمتع أفرادها بالقدرة على اتخاذ القرار والتعايش السلمي في أطار الحريات التي أقرتها ونادت بها جميع الديانات والمبادئ الإنسانية

فألف شكر للأستاذ شهاب فخري وأمثاله

Monday, August 07, 2006

الأزهر يقرر وشيخ الأزهر يبرر




في مقابلة أجرتها سماح المرسي لجريدة الوطني اليوم مع شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي بتاريخ 1 أغسطس 2006م، عبر فضيلة الشيخ عن رأيه فيما يتعلق بالمطالبة بإلغاء المادة (2) من الدستور المصري والتي تقر الشريعة الإسلامية كمرجعية أساسية للتشريع المصري قائلا: لا أري أي ضرورة لتلك المطالبة، لأن دستور الدولة كله قائم علي الشريعة الإسلامية منذ فترة طويلة، خاصة أن الدستور المصري يساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات، ولا يوجد أي ظلم لغير المسلمين يوجب إلغاء هذه المادة، فنحن كدولة إسلامية يجب أن يكون للشريعة دور أساسي في حكمها، مع مراعاة الأقباط كأقليات بالدولة، وهو ما يكفله الدستور الحالي

وحين سئل في نفس المقابلة عن راية في كيفية تطبيق بيان مجمع البحوث الإسلامية الذي طالب بتطهير مصر من البهائيين، أجاب الشيخ بأن المجمع لا يقصد التخلص منهم بالقتل أو التعسف، لكنه ومن حقه ذلك يطالب بعدم التعامل معهم علي أنهم تابعون من قريب أو من بعيد للدين الإسلامي، خاصة أنهم لا ينتسبون لأي دين سماوي من الأديان الثلاثة. واعتبر الشيخ جاد الحق في فتواه ونحن كذلك أنهم كفار، وخارجون عن الدين الإسلامي والأديان السماوية، وهذا هو ما يقصده بيان مجمع البحوث رداً علي مطالبة هؤلاء بأن يضعوا معتقدهم هذا محل الديانة بالأوراق الرسمية

يسعدنا أن الشيخ الكريم يعتقد بان المجمع لا يقصد التخلص منهم (البهائيين) بالقتل أو التعسف، ولكن هذا التبرير لا يبدو متفقا مع موقف لجنة البحوث الإسلامية التي طالبت بأن ينفذوا حكم الله عليها، ويسنوا القوانين التي يستأصلها ويهيل التراب عليها، وأن البهائيين يجب أن يختفوا من الحياة

والذي يدعو للدهشة أكثر أن هذا الشيخ الذي عرف بالذكاء والشجاعة والإنصاف يناقض نفسه حين يصرح في نفس المقالة أن الدستور المصري يساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات، ولا يوجد أي ظلم لغير المسلمين. أين هي المساواة يا شيخنا الكريم فيما يتعلق بحق المواطن المصري البهائي أن يختار دينه أو حتى أن يختار البقاء على دين إباءه وأجداده دون أن يطالب بالتزوير والكذب حتى يحصل على بطاقة هوية تمنحه حقه الشرعي بأن يكون مواطنا؟

ويعلن الشيخ أيضا أنه من حق الأزهر ان يطالب بعدم التعامل معهم علي أنهم تابعون من قريب أو من بعيد للدين الإسلامي. ولكن كيف يختلف هذا عما يطالب به البهائيين أنفسهم؟ فهم على حد علمنا قد أعلنوا مرارا في المحاكم والجرائد وعلى شاشات التلفزيون اتهم ليسوا مسلمين وان الدين البهائي دين مستقل له رسوله وشرائعه وأحكامه الخاصة به. وهذا ما حكمت به المحاكم المصرية منذ عام 1925م

أما اعتباره لهم بأنهم كفار فهذا رأي الشيخ الكريم الشخصي والذي يحاسبه الله عليه يوم القيامة

Saturday, August 05, 2006

المعاملة بالمثل

نشر الدكتور ‏نبيل‏ ‏محمد‏ ‏مصطفي زميل‏ ‏كلية‏ ‏الجراحين‏ ‏الملكية‏ ‏بإنجلترا ‏في جريدة وطني، وهي جريدة مصرية أسبوعية تصدر في القاهرة مقالا بعنوان هل‏ ‏البهائية‏ ‏دين؟

وذكر الدكتور مصطفى في هذا المقال خصائص الدين مؤكدا أنها تنطبق على الدين البهائي. وأوضح كذلك أن انطباق هذه المعايير على الديانة البهائية لا يعني بالضرورة "‏تسليم‏ ‏السلطات‏ ‏بحقيقتها‏ ‏في‏ ‏وقت‏ ‏ظهورها‏, ‏سواء‏ ‏أكانت‏ ‏تلك‏ ‏السلطة‏ ‏دينية‏ ‏أم‏ ‏سياسية‏". ويوضح الدكتور مصطفى ذلك قائلا: "لقد‏ ‏رفض‏ ‏فرعون‏ ‏رسالة‏ ‏موسى ‏محذرا‏ ‏قومه‏ ‏بأن‏ ‏موسي‏ ‏جاء‏ ‏ليبدل‏ ‏دينهم‏,‏وحرض‏ ‏علي‏ ‏قتله‏ ‏مدعيا‏ ‏أن‏ ‏يوسف‏ ‏عليه‏ ‏السلام‏ ‏هو‏ ‏خاتم‏ ‏المرسلين‏، ‏فهل‏ ‏أوقف‏ ‏اعتراض‏ ‏فرعون‏ ‏وحكمائه‏ ‏انتشار‏ ‏الشريعة‏ ‏الموسوية‏ ‏وشيوعها؟‏ ‏ولكن‏ ‏ما‏ ‏لبث‏ ‏قوم‏ ‏موسي‏ ‏أن‏ ‏كرروا‏ ‏الخطأ‏ ‏نفسه‏ ‏عند‏ ‏ظهور‏ ‏المسيح‏ ‏فهاج‏ ‏علماؤهم‏ ‏وماجو،,‏ورفضوا‏ ‏قبوله‏ ‏وحكموا‏ ‏عليه‏ ‏بالكفر‏,‏وعلى‏ ‏رسالته ‏بالبطلان. وأضاف الدكتور مصطفى مستفسرا ،‏."‏وبالنظر‏ ‏إلي‏ ‏الرسالة‏ ‏المحمدية‏,‏من‏ ‏الذي‏ ‏رفضها‏ ‏ولازال‏ ‏يحكم‏ ‏بعدم‏ ‏سماويتها‏ ‏حتى‏ ‏الآن؟‏" ثم أوضح بأننا ."نخرج‏ ‏من‏ ‏ذلك‏ ‏بأن‏ ‏الديانة‏ ‏اليهودية‏ ‏تأسست‏ ‏بناء‏ ‏علي‏ ‏قول‏ ‏موسي‏ ‏وحده‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏شهد‏ ‏لها‏ ‏المسيح‏,‏كما‏ ‏تأسست‏ ‏المسيحية‏ ‏بقول‏ ‏المسيح‏ ‏وحده‏ ‏إلي‏ ‏إن‏ ‏شهد‏ ‏الإسلام‏ ‏بصدقها‏ ‏كديانة‏ ‏سماوية‏,‏لذا‏ ‏فإن‏ ‏الديانة‏ ‏البهائية‏ ‏لا‏ ‏تتوقع‏ ‏أن‏ ‏يشهد‏ ‏لها‏ ‏الرؤساء‏ ‏ورجال‏ ‏الدين‏,‏لأنهم‏ ‏يعترفون‏ ‏بما‏ ‏سبق‏ ‏دينهم‏ ‏من‏ ‏أديان‏,‏ويرفضون‏ ‏كل‏ ‏ما‏ ‏يأتي‏ ‏من‏ ‏بعد‏,‏وهذه‏ ‏سنة‏ ‏الله‏ ‏ولن‏ ‏تجد‏ ‏لسنة‏ ‏الله‏ ‏تبديلا‏."‏ . المقالة الكاملة

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو، هل عدم الاعتراف بان ديانة الآخرين ديانة سماوية يمنح أصحاب الديانات السابقة الحق بأن يحاربوا أتباعها وينشروا الأباطيل بحقهم ويحرضوا الآخرين ضدهم؟ وإذا أجازوا لأنفسهم ذلك، هل يقبلون ان يعاملوا بالمثل من قبل أتباع الديانات التي سبقتهم؟


وإذا سلمنا بأن مثل هذا السلوك غيرمقبول، فلماذا قرر الأزهر الشريف ونشر ما يلي؟

أن الأزهر ليهبب بالمسئولين في جمهورية مصر العربية أن يقفوا بحزم ضد هذه الفئة الباغية على دين الله وعلى النظام العام لهذا المجتمع. وأن ينفذوا حكم الله عليها، ويسنوا القوانين التي يستأصلها ويهيل التراب عليه، حماية للمواطنين من التردي في هذه الأفكار المنحرفة عن صراط الله المستقيم.

إن هؤلاء الذين أجرموا في حق الإسلام والوطن يجب إن يختفوا من الحياة، لا أن يجاهروا بالخروج عن الإسلام. إن الأمر يدعو إلى المسارعة النشطة من السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية لإعمال شؤونها ولنذكر دائما أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقران

إن هذه الفتنة لم تحط بالاهتمام المناسب مع أنها جريمة الجرائم ومن الكبائر


ألا هل بلغ الأزهر

اللهم فأشهد

المصدر
كتاب أصدرته وزارة الأوقاف المصرية بعنوان ا لبهائية .. عقائدها .. أهدافها الاستعمارية. المؤلف خالد عبد الحليم السيوطي. تأريخ الإصدار حزيران 2006

Friday, August 04, 2006

أهداف البهائية في العالم العربي

تساءل الأخ فيصل في تعليقه على المقالة السابقة عن أهداف البهائية في العالم العربي وبما أن هناك العديد من الإشاعات الباطلة التي تنشرها بعض الجهات الدينية المتطرفة وترددها بعض الشبكات الالكترونية ودور النشر دون التحقق من صحتها، فقد يكون من المفيد هنا طرح الأهداف التي تتبناها وتمارسها الجاليات البهائية في المجتمعات العربية وغيرها لتوضيح عدم صحة هذه التهم والادعاءات

تنبع أهداف الجالية البهائية من التعاليم والمبادئ التي يؤمن بها أفرادها الذين يحاولون جاهدين تطبيقها بغض النظر عن موقع إقامتهم. فمن أهم أهداف الجاليات البهائية في جميع أنحاء العالم ومن ضمنها العالم العربي هو المساعدة في خلق مجتمع إنساني متآزرة في عالم جميع عناصره متفاعلة. ولقد عبرت الجامعة البهائية العالمية في بيان أعدته وقدمته في إحدى مؤتمرات هيئة الأمم المتحدة الذي عقد في استانبول عام 1996م عن تصورها للمجتمع الذي تود أن يعمل أفرادها على تشكيله معلنة انه

ليس مؤكدا أن يكتب لهذه المجتمعات التي يأمل الجميع إنشاءها البقاء والرخاء المنشود دون أن تأخذ في الحسبان ذلك البعد الروحاني للحقيقة الإنسانية، والسعي إلى حضارة ترعى تنمية المثل والأخلاق والعاطفة والفكر لدى الفرد.
وأكد البيان أن بناء هذه المجتمعات يعتمد في المدى البعيد على مقدار الربط بين التقدم المادي والتطلع إلى السمو الروحي الكامن في فطرة الإنسان وطبيعته"، وان علينا إعادة تشكيل مجتمعاتنا وتطويرها تبعا لمبادئ عالمية تترعرع فيها أسس المحبة، والأمانة، والاعتدال، والتواضع، والنخوة، والعدل، والوحدة، التي تغذّي عملية التلاحم الاجتماعي

وبهدف الفرد البهائي إلى خلق هذه المجتمعات عن طريق العمل الجاد المثمر الذي تعتبره التعاليم البهائية بمرتبة العبادة. وتعتمد الأهداف الأساسية للإفراد والجامعات البهائية على الالتزام بهذه المبادئ وتطبيقها وتوطيد أركانها في جميع المناطق التي يعيشون فيها ومن ضمنها العالم العربي

تحدد ممارسات الفرد البهائي أحكام ومبادئ الدين البهائي وشرائعه. فالعبادات في الدين البهائي خالية من الطقوس والمراسيم وتؤدَّى الصلاة منفردة إلاّ في صلاة الميت، وتميل أحكامه إلى تهذيب النفس أكثر منها إلى العقوبة، وتجعل أساس طاعة الفرد ومحبته لله. وأمرت البهائية بالصلاة والصيام والحجّ ودفع حقوق الله من فائض الأموال ووضعت العقوبات لمن يرتكب المحرّمات. ويحضّ الدين البهائي على الزواج ويحرّم تعدد الزوجات ويبيح الطلاق في حالات اضطرارية وضمن شروط محددة. وليس عند البهائيين قادة دينيين بعد وفاة من اعتبروه ولي الأمر البهائي عام 1957م. وبقوم على إدارة شئون الجالية هيئات إدارية منتخبة على المستوى المحلي والدولي والعالمي
وبالإضافة إلى الممارسات الفردية المذكورة سابقا تتلخص المبادئ البهائية التي تنبع منها الأهداف الأساسية التي تحكم ممارسات الأفراد والجاليات البهائية بما يلي

الدين سبب الألفة والإتحاد بين العباد
. ويعتبر البهائيون دينهم إقرارا جديداً للحقائق الخالدة المودعة في قراره كل دين من الأديان السماوية السابقة التي تزود معتنقيها بقوة موحِّدة تبُثُّ في نفوسهم الحماس الروحاني، وتمدّهم بالأمل وحبّ العالم الإنساني. فالبهائيين يرون أن حقيقة الأديان السماوية واحدة ويؤمنون بوحدة المبادئ الدينية الأساسية، لذلك تراهم يبحثون عن سبل التشابه والوفاق بين هذه الأديان بدل نقاط الخلاف والشقاق. وبتاء على هذا المبدأ يؤمن البهائيون أن هناك مستقبل مشرقا ينتظر الجنس البشري أذا تبّنى مثل هذه المعتقدات

ضرورة توافق الدين والعلم لأنّهما وجهان لحقيقة واحدة،
وكلاهما الطريق الصحيح للمعرفة ويكمّل أحدهما الآخر. فالدين مصدر الأخلاق والفضائل، وبالعلم نكشف أسرار الطبيعة لنسخِّرها لخدمة الإنسان وازدهار حياته والعيش بسلام. ويعتقد البهائيون إن الإيمان بهذا التوافق يوفر الفرد حياة سليمة متوازنة ويعملون على تحصيل العلوم وتسخيرها لخدمة البشرية

المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق والواجبات،
لأنهم سواء في الصفات الإنسانية والحقائق الجوهرية. ويشبّه حضرة بهاء الله الرجل والمرأة بجناحي طير. فلن يطير الطير إلا بتكافؤ الجناحين قوة وانسجاماً. ويؤمن البهائيون أن حصول المرأة علي حقوقها الإنسانية المشروعة سوف يؤدي إلى تقدم البشرية الاجتماعي والاقتصادي والروحي في جميع مجالات الحياة. ويعمل البهائيون على رفع شأن المرأة ومكانتها في المجتمع مع الحفاظ التأكيد على أهمية دور المرأة كأم وزوجة. وتدعو التعاليم البهائية إلى الطهارة والعفة وتراها فرضا على كل من الرجل والمرأة، مؤكدة أن بدونها تتهدم بنية المجتمع الإنساني الأساسية وهي العائلة. فمع أن البهائية لا تفرض الحجاب على المرأة، ألا آتها تفرض الحشمة والحياء على الجنسين على حد سواء

التعليم الإجباري وتهيئة أسباب المعرفة للجميع وخاصة البنات،
هو إحدى الأهداف الرئيسة التي يسعى البهائيون لتحقيقها في المجتمعات التي يقيمون فيها. وترى التعاليم البهائية أته لو قصَّر الوالدان في واجب التربية والتعليم وجب على السلطات رعاية ذلك. ولأن دور الأم هامّ ومحوري في التربية والتوجيه داخل المنزل وخارجه، فان لها أولوية التعلّم عند عدم توفر الموارد اللازمة لتعليم الطرفين. ولذلك نرى العديد من البهائيين يعملون في مجال التعليم بكافة فروعه

وحدة العالم الإنساني: فجميع أمم الأرض في نظر البهائية أخوة رغم ما الحواجز الوضعية وعوامل التفريق التي استحدثها البعض. وقد خاطب حضرة بهاء الله أبناء العالم بقوله: "كلّكم أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد". "ليس العالم إلاّ وطن واحد والبشر سكّانه". فكما أن الكون متحد في عناصره ومركّباته، فإن عالم الإنسان تجمعه وحدة إنسانية وروحية واحدة. وتشير الدلائل الآن إلى أننا نعيش في عصر جديد تتوحّد فيه المشاكل والقدرات والمصائر. فيدعونا بإلحاح إلى "الوحدة والإتحاد مع التنوّع والتعدّد". فوحدة العالم الإنساني هي المحور الذي تدور حوله تعاليم حضرة بهاء الله، بل هو هدفها الأعلى والأسمى

محو التعصّبات بأنواعها:
تدعو التعاليم البهائية إلى العمل على نبذ التعصبات الدينية والعرقية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها. وترى ان بعض أتباع الأديان قد أساءوا فهم التعاليم السماوية واتخذوا منها حجة لنشر الكراهية والحقد مما أدى في كثير من الحالات إلى نشوء الحروب الدينية التي جلبت للإنسانية الشقاء والدمار. ويرفض البهائيون ان يكونوا طرفا في مثل هذه النزاعات رغم الظلم والتعسف الذي قد يلحق بهم من قبل بعض الجهات الرسمية المتطرفة. فهم يؤمنون إيمانا تاما بعدم جدوى الحلول او المعارضة السياسية وبان جميع المشاكل تحل على المدى الطويل عن طريق الدوار السلمي والمشورة الهادفة

الاستقلال في تحرّي الحقيقة:
يؤمن البهائيون أنّ على الفرد أن يتجرد عن الوهم والتقليد ويتفحص الأمور بموضوعية وإنصاف في كل أموره ومعتقداته. ويشمل ذلك حرية الاعتقاد والدين. ويؤكد البهائيين ممارستهم لهذا المبدأ بالسماح لأبنائهم اختيار الإيمان بالبهائية او غيرها عند بلوغهم سن الخامسة عشر، سن الرشد عند البهائيين

حل المشاكل الاقتصادية ومحو أسباب الفقر المدقع والغنى الفاحش: ويعتبر البهائيون رأس المال والعمال شركاء في العمل والإنتاج، ويروا أن العمل واجب على كل قادر ويعتبروه بمنزلة العبادة، ووضعت الشريعة البهائية نظام اجتماعي بحيث لا يبقى فقير معدم أو مشرد يستعطي. وحثت على الاتفاق على عملة عالمية واحدة وتوحيد المقاييس والأوزان والمكاييل في التبادلات التجارية العالمية، واتخاذ لغة عالمية واحدة وخطّ عالمي إلى جانب اللغة الوطنية، على أن تدرّس في جميع مدارس العالم

لقد أثبتت الجامعة البهائية في جميع أنحاء العالم قدرتها على تحقيق غاياتها الإنسانية والروحانية. إذ عمل الدين البهائي على تطوير أفكار سلوك الملايين من الذين امنوا به، وألّف بين قلوبهم على اختلاف مذاهبهم وأجناسهم، ونجح في خلق جامعة إنسانية عالمية متحدة في مُثُلها ودوافعها وأهدافها، دائبة السعي لرعاية المصالح الإنسانية بغض النظر عن العرق واللون واختلاف الاتجاهات والرأي والتفكير.

أن أية دراسة موضوعية لممارسات أفراد الجالية البهائية في المجتمعات العربية تبين صحت ما ورد في هذا المقال. وهذا ما أكده بعض الصحفيين العرب الذين قاموا بالتعرف على أفراد هذه الجاليات وحياتهم اليومية

وبناء على هذا العرض الموجز لأهداف البهائيين ومعتقداتهم لا يسعنا سوى التساؤل عن الأسباب الحقيقة التي تدعو بعض الهيئات والأفراد إلى محاربة البهائيين والدعوة للقضاء عليهم

Thursday, August 03, 2006

أهداف البهائية

تزعم بعض الصحافة العربية في حملتها الإعلامية الجديدة ضد البهائيين والتي تدعمها القيادات الإسلامية المتطرفة بشكل علني، أن الهدف من البهائية هو تقويض أركان الإسلام والقضاء عليه. وتقوم هذه القيادات بنشر المقالات والمنشورات التي تحرض على استئصالهم من المجتمع العربي والقضاء عليهم

فعلى سبيل المثال، تضمن مقال نشرته شبكه الأخبار العربية، محيط، على صفحتها الأولى بتاريخ 31 تموز 2006، تحت عنوان وزارة الأوقاف المصرية: دعوة للقيام بتصفية البهائيين، ما نصه

دعت وزارة الأوقاف المصرية إلى استئصال البهائيين الذين يقدر عددهم بنحو ألفين في مصر،وقد وردت هذه الدعوة الصريحة عبر كتاب قامت الوزارة بإصداره تحت عنوان "كتاب البهائية – عقائدها وأهدافها الاستعمارية". وتفيد مصادر صحفية أن مؤلف الكتاب خالد عبد الحليم السيوطي قد استند في دعوته لتصفية البهائيين في مصر إلى بيان صادر عن الأزهر جاء فيه ،أن الأزهر يهيب بالمسؤولين في مصر أن يقفوا بحزم ضد هذه الفئة الباغية على دين الله وعلى النظام العام لهذا المجتمع وأن ينفذوا حكم الله عليها ويسنوا القانون الذي يستأصلها حماية للمواطنين جميعاً من التردي في هذه الأفكار المحرفة عن الصراط المستقيم تتمة المقالة

والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو، هل تؤمن هذه القيادات حقا بما تدعو إليه؟ وهل الغرض الأساسي هو حماية الإسلام والمسلمين؟

كيف تبرر القيادات ادعاءاتها هذه حين يكرر البهائيون اتهم لا يكنون للإسلام والمسلمين سوى كل الاحترام والتقدير. فهم يعترفون بأن سيدنا محمد هو رسول موحى له جاء برسالة سماوية أدت إلى خلق حضارة عريقة، وساعدت على تقدم الإنسانية ورقيها. وهذه التصريحات من قبل البهائيين مدعومة بما تحتويه كتبهم وبياناتهم المطبوعة والمنشورة على صفحات الشبكة الالكترونية مراجع بهائية

ففي حين يشك العديد في الغرب بقدرة الإسلام والمسلمين على التعايش السلمي في نطاق القرية العالمية نتيجة للممارسات التي يقوم بها بعض المتطرفين المسلمين، يستمر البهائيون في كل إنحاء العالم باحترام الإسلام والدفاع عنه وذلك بناء على دعوة صريحة وواضحة تفرضها التعاليم والإرشادات البهائية. وقيما يلي بعض ما يعتبره أتباع البهائية بصريح النص فرضا وواجبا عليهم

نصت إحدى بيانات شوقي أفندي الذي تولى قيادة الأمر البهائي عام 1921م إلى حين وفاته عام 1957م، الموجهة إلى الجالية البهائية في الغرب على ما يلي - مترجمة عن الإنجليزية

كم هناك الكثير من الفهم الخاطئ عن الإسلام في الغرب والذي يجب عليكم تصحيحه. ان مهمتكم صعبة وتتطلب الدراسة وتعميق المعرفة. وأهم ما ينبغي لكم عمله هو أن تعينوا الأحباء على الإطلاع على التعاليم الإسلامية الأصلية كما نجدها في القرآن وان تبينوا لهم كيف أن هذه التعاليم قد أثرت على - بل قادت وهَدَت - عبر العصور, تقدم وتطور المجتمع الإنساني. أي أنه يجب عليكم أن توضحوا لهم مقام وأهمية الإسلام في التاريخ الحضاري.

ويضيف موضحا
إن مهمة البهائيين الأمريكيين هي وبدون شك توطيد وإثبات حقيقة وصحة الإسلام في الغرب

لو أن هذه القيادات قامت كما تدعي بدراسة التعاليم البهائية، فكيف تجيز لنفسها الافتراء على البهائيين واتهامهم بما هو ليس فيهم؟ والأهم من ذلك، كيف تجيز هذه القيادات لنفسها أن تنشر الفتنة بين المسلمين والكراهية والحقد ضد الآخرين؟

البيانات باللغة الأصلية
'There is so [much] misunderstanding about Islam in the West in general that you have to dispel. Your task is rather difficult and requires a good deal of erudition. Your chief task is to acquaint the friends with the pure teaching of the Prophet [Muhammad] as recorded in the Quran, and then to point out how these teachings have, throughout succeeding ages, influenced[,] nay[,] guided the course of human development. In other words you have to show the position and significance of Islam in the history of civilization'.

'The mission of the American Bahá’ís is, no doubt to eventually establish the truth of Islam in the West.'
المرجع
Shoghi Effendi, (the Guardian of the Baha'i Faith). Lights of Guidance, New Delhi: Bahá’í Publishing Trust,2nd rev. and enlarged edition, 1988, #1664 & #1665

مقدمة

أن الهدف من المشاركات على هذه الصفحة هو عرض وجهة نظر أخرى فيما يتعلق بما تنشره وسائل إعلامنا العربية أو ما تنشره عنا وسائل الإعلام الغربية. وتعبر هذه الصفحات عن رأي كاتبتها الشخصي ولا تمثل الرأي الرسمي لأية جهة سياسية أو دينية أو غيرها
ومن البديهي أن وجهة النظر الأخرى قد تختلف مع ما يعتقد البعض، ولكنني اعد أن يتسم كل ما ينشر هنا من قبلي بالشفافية ووضوح الموقف. وأرجو أن يجد الآخرون في هذه الصفحات منبرا حرا لعرض رأيهم والتواصل الهادف. - نسرين