Sunday, January 28, 2007

قضية البهائيين المصريين: عذراً يا سعادة اللواء


اللواء عصام الدين بهجت مساعد وزير الداخلية لقطاع الأحوال المدنية أعلن في الماضي في مقالة نشرتها صحيفة المصري اليوم بتاريخ فبراير 2006 عن حرصه وحرص وزارة الداخلية على إتمام عملية حصول كل المصريين على البطاقة الرقم القومي مع نهاية عام 2006 فلقد أكد اللواء عصام بهجت ذلك خلال المؤتمر الذي عقد في المصلحة بالعباسية، حين أعلن أنه لا يريد أن يحدد موعداً لإنهاء العمل بالبطاقات الورقية، حني لا نجد مواطناً بلا هوية، مؤكداً أن نهاية عام 2006 ستشهد نهاية العمل بالبطاقات الورقية بتعاون المواطنين، وأن إصدار البطاقات الورقية توقف نهائياً، لكن سيتم إصدارها في حالات خاصة جداً، كما يتم إصدار بطاقات الرقم القومي للعاجزين عن الحركة في منازلهم للوصول بنهائية العام إلي نسبة ١٠٠% في نسبة استخراج البطاقات للفئات المستهدفة

ولقد أعلن مساعد الوزير في مقال نشر بتاريخ 28 فبراير 2006 في جريدة أخبار اليوم عن التيسرات الجديدة التي تدرجها الوزارة لاستخراج بطاقات الرقم القومي "لجميع المواطنين" وعدد مساعد الوزير في إجابته للأسئلة التي طرحها المحرر النجاح الذي تم تحقيقه في هذا المجال. وعندما سئل مساعد الوزير عن حالات التزوير المتعلقة بالبطاقة أجاب: أن الوزارة سوف تتصدى لأي من عمليات التزوير فيما يتعلق بالحصول على بطاقة الرقم القومي وتقوم بكل لإجراءات التي تضمن مواجهة أية محاولة للتزوير. وعند سؤاله عن "إدعاء" بعض منظمات حقوق الإنسان وجود صعوبات تواجه بعض المصريين فيما يتعلق بخانة الديانة، أجاب مساعد الوزير: "أود التأكيد أنه لا توجد صعوبات أمام المواطنين في استخراج الرقم القومي، و الفئة التي أثارت هذه المشكلة هم من يطلقون على أنفسهم البهائيين" مصرا على أن طلب البهائيين هذا يخالف القانون المصري الذي يعترف بديانات سماوية ثلاث، وأن البهائية ليست من ضمنها، أضاف أنه يستند في قوله هذا على أحكام المحكمة القضائية

وإجابة على السؤال عن "كيف يتم التعامل مع هذه الفئة فيما يخص الديانة؟" أجاب مساعد الوزير: "نقوم بإثبات ديانة الأب سواء كان مسيحيا أو مسلما في خانة الديانة الخاصة بالبهائي، وفي حال رفضه ذلك، لا نقوم باستخراج البطاقة، وعليه أن يتحمل تبعات ذلك" . اضغط هنا لقراءة نص المقالة التي تتضمن رد مساعد الوزير

في الحقيقة لقد قرأت تصريحات مساعد الوزير أكثر من مرة للتأكد في أنني فهمت معنى ما صرح به، فلقد بدا لي التصريح أشبه بنص مسرحي سيء يفتقد المنطقية من كونه تصريحا رسميا يتعلق بحياة مصريين يناشدون الدولة أن توفر لهم الظروف اللازمة لتطبيق إجراءات شرعتها الدولة نفسها. فاللواء مساعد الوزير يصر في المقابلة على أن الحكومة سوف تعاقب الدين يزورون البيانات الرسمية من جهة، ويقترح تزوير بيانات خانة الديانة المتعلقة بالبهائي من جهة أخرى. وما أثار دهشتي أكثر هو التصريح بأن الوزارة سوف تقرر ديانة البهائي المصري بإدراج ديانة والده في بطاقته بغض النظر عما يدين به هو! ولان مثل هذا الحل يفرض احتمالات لا يقبلها العقل والمنطق، سوف أكتفي بالسؤال هنا، هل هناك مصادر شرعية حللت التزوير أذا كان موظف الحكومة المسئول هو المزورة؟ وإذا كان التزوير ممنوعا ويعاقب عليه القانون، من سيكون مسئولا عن منع تطبيق مثل هذا التزوير؟

أنا أشيد برغبة الحكومة نجاح المشروع الوطني باستخراج بطاقات رقم قومي مستندة على
"قاعدة معلومات آلية عملاقة" لكل المواطنين المصريين. فربما كان هذا التنظيم وتبويب المعلومات الآلي من المعايير التي تقاس بها درجة مواكبة الدول والحكومات لتطور العصر الحالي! ولكن هل ترى الحكومة المصرية أنه من التحضر أن تصر على تزوير المعلومات المتعلقة بمعتقدات بعض مواطنيها (بغض النظر عن قلة أو كثرة عددهم) وتقرير ديانتهم لهم في بطاقاتهم القومية بغض النظر عما يؤمنون ويشهرون إيمانهم به، لكي تعلن هذا الانجاز الحضاري؟ وهل من العدالة أن يصير البهائيين كبش الفداء على مسرح إنجازات الدولة؟ إن تحضّر الدول في كل عصر وزمان يُقاس بقدرتها على توفير الحياة الكريمة لكل مواطنيها وتشريع قوانين عادلة تطبق على جميع أفراد الوطن الواحد

عذراً يا سعادة اللواء! لو فكرنا قليلا، أظن أننا سنتفق، بدون الحاجة للإسهاب في الشرح، بأن ما طرحته ليس حلا يقبله العقل أو المنطق. المشكلة هنا ليست في كون البهائيين بهائيين. المشكلة في أصدار إجراءات يمكن أن تطبق في نطاق الدستور والتشريع والقوانين والمعاهدات الدولية التي صدقتها الدولة فأصبحت ملزمة بها. والحقيقة أن ما صرحت به يا سعادة اللواء "ما كان على البال والخاطر". ماذا سوف تدون لو كان أب البهائي بهائيا، أو مندائيا، او زارادشتيا؟ هل حقا ستختار له أنت، أو من تنيبه عنك، احدى الديانات التي تعتبرها سماوية، مع الملاحظة انك أدرجت في تصريحك الإسلام والمسيحية، ونسيت اليهودية سهوا! أنا لا أعرف لماذا كل هذه التعقيدات؟ فهناك العديد من الحلول المطروحة التي تُخرج البهائيين والدولة من المأزق الحالي، كإزالة خانة الديانة أو إستبدالها بشرطة أو تركها فارغة. بغض النظر عن الحل، كما خلقت الحكومة المصرية هذه المشكلة، وأعتقد ان عليها إيجاد الحل، على أن يكون حلا منطقيا لا يتم من خلاله إكراه البهائيين على إدراج غير ما يؤمنون به . فهذا هو بيت القصيد

Sunday, January 21, 2007

قضية البهائيين: محنة للمواطنة وحرية المعتقد


قام الأستاذ أحمد زكي عثمان، الباحث بـ مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بإعداد بحث مفصل يحلل فيه العديد من الجوانب المتعلقة بقضية البهائيين المصريين، نشرها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بتأريخ 16 يناير 2007 تحت عنوان قضية البهائيين محنة للمواطنة وحرية المعتقد في مصر. إن تحليل الأستاذ عتمان يقدم للقارئ ملخص قانونيا لقضية البهائيين المصريين ونظرة تحليلية لبعض الأبعاد الأساسية للقضية. و يطرح الأستاذ عثمان من خلال تحليله للقضية شرحا لتداخل عدد من العوامل الاجتماعية والسياسية في تحديد نتائج حكم المحكمة الإدارية العليا بحق البهائيين في تدوين ديانتهم في البطاقة الشخصية. وتطّرق البحث أيضا إلى تأثير قضية البهائيين المصريين على تصعيد النقاش حول بنية المعتقدات ومشروعية الدور الذي قامت به بعض الجهات في تقرير وتحديد حثيات الحكم الذي أصدره القضاء المصري بحق البهائيين. ونوه التقرير الى تأثير مثل هذه الممارسات على نطاق ومستقبل ممارسة حرية المعتقد في المجتمع المصري بشكل عام. وفيما يلي النص الكامل للتقرير

في 28 نوفمبر من عام 2002، قدمت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ملاحظاتها الختامية على تقريرى حكومة جمهورية مصر العربية الثالث والرابع، حيث أشارت اللجنة إلى موضوعات تمس اهتمامها، و منها الممارسات التى تمثل خرقا للمادة (18) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ومن أمثلتها التضييق على حرية إقامة الشعائر للطائفة البهائية(1). وكان رد الحكومة المصرية (الذي تم تضمينه فى التقريرين الثالث والرابع) أسيرا لمنطق معالجة الحرج السياسي الذي سببته ملاحظات اللجنة حول التقرير الثاني للحكومة المصرية، إلى جانب حساسية الحكومة من اتخاذ أي تعهدات من شأنها غلق الباب أمام أى ممارسات تعسفية للسلطة التنفيذية، فيما يتعلق بالأوضاع العامة لممارسة حرية المعتقد في مصر. لكن من المهم الإشارة إلى أن الحكومة المصرية في ردها الرسمي ادعت أنها لم تتعرض لحرية العقيدة البهائية، ولم تقيد من حرية اعتناقها، وأن كل ما حدث هو تطبيق لنصوص القانون 263 لسنة 1960(2) بشأن حل المحافل البهائية؛ وذلك لأنها تخالف النظام العام

قنن هذا التعليق ظهور مسوغ "النظام العام" لكي يتصدر قائمة المسوغات الحكومية للتضييق على الطائفة البهائية. وهى المسوغات التي ظهرت في السنتين الأخيرتين واللتين شهدتا حالة من تدافع النقاش العام حول قضية البهائية، وحدود الممارسات الخاصة بحرية المعتقد، واشتباك هذا النقاش مع وضعية الحريات الدينية للطوائف الأخرى فى مصر. جاءت حالة التدافع هذه إثر تداول المحاكم المصرية إحدى القضايا المتكررة الخاصة بتنظيم بعض الإجراءات القانونية واللائحية لأفراد الطائفة البهائية –وليس بحرية إقامة الشعائر- الخاصة بتسجيل كلمة (بهائي أو أخرى) في الخانة المخصصة للديانة في الأوراق الرسمية (جوازات السفر، شهادات الميلاد، بطاقات الرقم القومي). وفى هذا الإطار جاءت الدعوى القضائية رقم 24044لسنه 85 ق لتحمل حكما قضائيا أوليا بأحقية أفراد الطائفية البهائية بتسجيل كلمة بهائي في خانة الديانة(3)، وحملت حيثيات هذا الحكم تطابقا واضحا مع حكم آخر للمحكمة الإدارية العليا صدر في عام 1983(4) في قضية شبيهة بتلك التي تم تقديمها للمحكمة في 2004

تكشف قضية 1983 عن طبيعة الملامح العامة المميزة للأطر القانونية والفقهية التي تمس أوضاع الطائفة البهائية في مصر. ملخص هذه القضية أن السجل المدني في مدينه الإسكندرية امتنع عن استخراج بطاقة شخصية لطالب جامعي (يدين بالبهائية) مما أفضى إلى فصل الطالب من كليته (بسبب عدم قدرته على تأجيل تأدية خدمته العسكرية؛ وذلك بسبب عدم تمكنه من استخراج على بطاقة شخصية). عقب قرار الفصل قام ولى أمر الطالب برفع قضية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في 8 ديسمبر 1976 وذلك لإلغاء امتناع الموظفين في سجل مدني المنتزه بمدينة الإسكندرية من استخراج بطاقة شخصية كاملة البيانات لابنه

بعد ثلاث سنوات من تاريخ رفع القضية جاء حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في 16مايو 1979 (الدعوي 84 لسنة 31 ق) برفض الدعوى. واستندت المحكمة في حيثيات رفضها للدعوي علي أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع؛ ومن ثم يتعين النظر إلي أحكام الدستور الأخرى المتعلقة بحرية العقيدة وعدم التفرقة بين المواطنين بسبب الدين أو العقيدة في "حدود ما يسمح به الإسلام وعلى نحو لا يتعارض مع مبادئه أو يتنافي مع أحكامه"، لكن المحكمة لم توضح بالتحديد ما هي الحدود التي يسمح بها الإسلام، هذا إلى جانب أن المحكمة قد خرجت عن وظيفتها الأصلية الخاصة "بالفصل في المنازعات"، لكي تمارس وظيفة أخرى وهى محاكمة المعتقد ذاته (وهو الأمر الذي يمكن أن يتكرر لاحقا سواء في محاكمة دين سماوي أو غيره). وأوردت حيثيات الحكم مثلا أن "البهائية تتناقض مع الأديان السماوية"، وبناء عليه أقرت المحكمة أن قرار امتناع السجل المدني عن استخراج البطاقة هو "قرار صحيح سليم" وأن قرار شطب الطالب من كليته "يكون قائما علي سبب يبرره ، ويتعين رفض طلب إلغائه".

لكن وبعد أربع سنوات من هذا الحكم الغريب جاء حكم المحكمة الإدارية العليا في 29 يناير 1983 (أي بعد حوالي 7 سنوات كاملة من حادثة رفض السجل المدني)، في الطعن المقدم على حكم محكمة القضاء الإداري، أسيرا للتناقض بين إتاحة الحد الأقصي لممارسة الحق من ناحية، والتقييد غير المبرر من ناحية أخري. فقد حكمت المحكمة الإدارية العليا برفضها للحكم النشاز الخاص بمحكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، وكان من الحيثيات الفريدة التي أوردها الحكم أن المحافل البهائية التي تم حلها في القانون 263 لسنة 1960 هي عبارة عن هيئات إدارية تختلف عن "نشاط البهائيين"، خصوصا وأن المشرع لم يتعرض للعقيدة "فحرمتها مكفولة"، كما أكدت المحكمة علي أن " دار الإسلام قد وسِعتْ غير المسلمين علي اختلاف ما يدينون، يَحْيَوْنَ فيها كسائر الناس بغير أن يكره أحد منهم علي أن يغير شيئا مما يؤمن به" لكن وللأسف الشديد ربطت المحكمة هذا التفسير المعتدل بشرط أن ما يظهر من شعائر الأديان يكون معترفا به في "حكومة الإسلام "، وقصرت المحكمة حق إظهار هذه الشعائر طبقا لـ " أعراف المسلمين بمصر على أهل الكتاب من اليهود والنصارى وحدهم". وسلكت المحكمة مسلكا خطيرا من خلال ضرورة كتابة البهائية في خانة الديانة ليس لأن هذا حق واجب النفاذ ولكن "حتى تعرف حال صاحبه ولا يقع له من المراكز القانونية ما لا تتيحه له تلك العقيدة بين جماعة المسلمين".

هذا الحكم وعلى الرغم من أنه لا يستجيب لمطالب الأفراد فيما يتعلق بإتاحة الحد الأقصى فى حرية قيام الشعائر الدينية، كما أنه يتضمن تمييزا على أساس الدين، فإنه يمثل نقله مهمة في الجدل القانوني حول وضع الطائفة البهائية في مصر. حيث تم الاستناد بهذا الحكم في الدعوى القضائية رقم 24044 لسنة 85 قضائية، والتي حكمت فيها محكمة القضاء الإداري بتاريخ الرابع من أبريل لعام 2006 بأحقية أفراد الطائفة البهائية في تسجيل كلمة بهائي في خانة الديانة

تميز حكم الرابع من أبريل عن غيره من الأحكام، بظهور ردود أفعال عنيفة للغاية، سواء من خلال الصحف القومية أو بعض الصحف الحزبية، ولكن رد الفعل الأهم في سياق بلورة المواقف الرافضة للحكم كان بعد حوالي شهر من تاريخ صدور حكم المحكمة وبالتحديد فى الثالث من مايو، عندما قرر رئيس مجلس الشعب(5) فتح باب المناقشة في موضوع لم يكن مدرجا في جدول الأعمال، وهو موضوع الحكم القضائي الصادر من محكمة القضاء الإداري بتاريخ الرابع من أبريل سنه 2006 والذي قضى بضرورة أن تقوم مصلحة السجل المدني (التابعة لوزارة الداخلية) بكتابة كلمة بهائي أمام خانة الديانة فى الأوراق الرسمية. حيث استعرض مجلس الشعب طلبات الإحاطة السبعة التي قدمها سبعة أعضاء هم أحمد شوبير، صبحي صالح، أكرم الشاعر،على لبن، السيد عسكر، زكريا يونس، محمد عامر حلمى. وتم تقديم طلبات الإحاطة إلى وزير الأوقاف، أي لوزير ليس له علاقة بالقضية (القضية تتعلق بالسجل المدني والذي هو تحت السلطة الإدارية لوزير الداخلية

لا تكمن المشكلة فقط في اختيار خاطئ لشخص الوزير المسئول ولكن مكمن الخطورة في أن نص كلام مقدمي طلبات الإحاطة اعتمد على درجة غريبة من هشاشة المعلومات وضبابيتها. واكتفى بعضهم بتأليب الحكومة على "البهائيين" ،طالب صبحي موسى "الحكومة ممثلة في وزارة الأوقاف والأزهر والوزارات المختصة والمعنية أن تتقدم بطعن وتتدخل في الدعوى وتقدم ما يثبت أن الفرقة البهائية، فرقة كافرة مرتدة بإجماع الأمة، ويجب أن تجرم أو يصدر تشريع يجرم هذا الفكر ويجرم هذه الجماعة حتى لا يفتح باب فساد في عقائد وأفكار ومعتقدات وأخلاق الناس خاصة أن هذه الفرقة الضالة تقوم على مبادئ مخلة بالآداب وبالأخلاق وبالعقائد والأفكار ومن شأنها تدمير النظام العام والآداب العامة في المجتمع". وهو ما يعنى أن العضو قد اختزل وظائف مؤسسات الدولة، والمفترض فيها أن تكون حيادية في ممارستها لوظائفها، إلى مؤسسات مهمتها محاكمة المعتقدات الخاصة بالأفراد. ساهم هذا الموقف المتزمت لمجلس الشعب في خلق حالة تأزم شديدة فيما يتعلق بطبيعة وظائف أجهزة النظام السياسي في التضييق على الحريات الخاصة بالمواطنين، وهو التأزم الذي عزز من موقف وزارة الداخلية فى طعنها ضد حكم محكمة القضاء الإداري

حتى جاء 16 من ديسمبر لعام 2006 ، ليحمل حكما "صادما"من قبل المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار "السيد نوفل" رئيس مجلس الدولة. مبعث الصدمة أن الحكم القضائي قد عقد مناظرة ما بين تعاليم البهائية وبين تعاليم الإسلام ، وتحولت الحيثيات فى أجزاء منها إلى توصيفات تسخر من الديانة البهائية، هذا ناهيك عن فساد الاستدلال المتعلق بمضامين بعض القوانين، وبعض أحكام المؤسسات القضائية مثل حكم المحكمة العليا فى جلستها بتاريخ 1 مارس 1975(6). و أخيرا أشارت الحيثيات إلى أن مضمون تفسير المادة 46 من دستور 1971 الخاصة بحرية إقامة الشعائر ينصرف إلى أتباع الديانات السماوية الثلاث فقط، وهو ما يناقض القضية المنظورة. حيث إن القضية لم تكن تتعلق كلية بحرية إقامة الشعائر ولكنها كانت بمثابة البحث عن مخرج في أزمة امتناع وزارة الداخلية المصرية عن إصدار المستندات الرسمية الخاصة ببعض أفراد الطائفة البهائية.فضلا عن أن المحكمة قد نحت منحى غريب من الناحية القانونية عندما فسرت النصوص الخاصة بحرية العقيدة فى الدساتير المصرية (بداية من دستور 1923) من خلال الأعمال التحضيرية لهذا الدستور على أنها تعنى أتباع الديانات السماوية الثلاث. وهو الأمر الذي لا نجد له سندا تاريخيا خصوصا وأن المشرع المصري لم يقم إطلاقا بإحصاء عدد الأديان والمعتقدات المسموح بها فى البلاد، وهو الأمر الذي دفع مجلس النواب والشيوخ إلى إصدار القانون 15 لسنة 1927 بتنظيم سلطة الملك بما يختص بالمعاهد الدينية والمسائل الخاصة بالأديان المسموح بها(7). وهذا القانون يعنى بوضوح أن "الأديان المسموح بها"، والمسائل التنظيمية الخاصة بهذه الأديان كانت بمثابة أمور إجرائية تخضع قانونيا لسلطة الملك والتي يستعملها رئيس الوزراء (حسب المادة 1 ،3 من القانون15/1927


حكم المحكمة الإدارية: مدخل إلى مزيد من التناقضات القانونية

يمثل هذا الحكم الأخير تهديدا واضحا للركائز المدنية للدولة المصرية ، ويخضع ممارسة الحريات العامة إلى جملة من القيود ، وهو ما سيفرز لاحقا أزمة (ليس فقط في فعالية أداء مؤسسات الدولة) ولكن أزمة في تسيير الإجراءات العامة في الدولة، فعلى سبيل المثال وبناء على حكم المحكمة الإدارية العليا في ديسمبر 2006 ، فإن الدولة لا تعترف سوى بديانات ثلاث ، وهو ما يتناقض جملة وتفصيلا مع البنية القانونية المنظمة للتجنس بالجنسية المصرية ، خصوصا أن الجنسية المصرية محكومة منذ صدور أول قانون لتنظيم الجنسية فى العشرينيات من القرن العشرين(8) بمساحة شبه مدنية،حيث لم يرد شرط اعتناق أحد الأديان السماوية كشرط من شروط اكتساب الجنسية، وهو التقليد القانوني الذي سار عليه القانون الحالي المنظم للجنسية المصري (القانون 26/1975) من خلال المادة 11 منه.(9) وهو ما يعنى أنه يمكن لأي فرد من أتباع أي معتقد أو دين (غير سماوي) وتنطبق عليه شروط المادة 11 من القانون 26/1975 ، أن يحصل على الجنسية المصرية ومن ثم فإنه ملزم حسب أحكام القانون 143لسنة 1994 بأن يستخرج مجموعة من المستندات الموضح فيها ديانته. هنا سيظهر المأزق الذي يحيط بمؤسسات الدولة ،حيث إنه وفقا لحكم المحكمة الإدارية العليا (لسنة 2006) فإن تسجيل أي ديانات أخرى (غير الديانات السماوية الثلاث) يمثل مخالفة للقانون، وفى حالة امتناع السجل المدني عن تسجيل ديانات أخرى، فسوف تترتب عليه مخالفة واضحة لنص المادة(40) من دستور 1971 والتي تنص على عدم التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة

نحو تجاوز النقاش حول بنية المعتقدات

في الأزمة حول قضية البهائية هناك حالة توافق بين السلطات الثلاث فى الدولة على أن البهائية ليست من الإسلام ، وهو الأمر الذي يعتبر خارج نطاق القضية تماما، ويمثل من ناحية أخرى الابتعاد عن وظائف الدولة المدنية القائمة على "التشريع"، لصالح خلق أبنية لدولة دينية عمادها "الفتوى". خصوصا وأن معظم الفتاوى المتعلقة بالبهائية تركز على أن البهائية ما هي إلا ارتداد على الإسلام (على سبيل المثال فتوى مفتى الديار المصرية الشيخ عبد المجيد سليم في عام 1939، وفتوى للشيخ جاد الحق علي جاد الحق عام 1981)(10). وهو ما يثير مشكلة بالغة الخطورة وهى المتعلقة بدور منظومة الفتوى في التأثير على صنع القواعد القانونية وإقرارها والتقاضي حولها في النظام السياسي المصري، خصوصا أن هذه الفتاوى تحمل في بنيتها إنكارا لدولة المواطنة، وللركائز المدنية للدولة المصرية. من ناحية أخرى يتزايد نمط التوظيف السياسي لهذه الفتاوى في ممارسات الدولة ضد الطائفة البهائية؛ وهو ما يرجح كفه الخطابات السياسية والمجتمعية التي تعتمد على محاكمة المعتقدات، إلا أنه من المهم الإشارة إلى الدور السياسي المختلف الذي لعبته بعض الفعاليات الاجتماعية والسياسية والإعلامية المختلفة من خلال تحركاتها الرامية إلى تخفيف حدة الاستقطاب الديني للقضية. فعلى الرغم من احتدام المناخ العام إجمالا بالظهور المكثف للأزمات المرتبطة بالدين (الحجاب، قضايا المسيحيين)، إلا أن اهتمام الصحف المستقلة بقضية البهائية قد أضاف فرصة جديدة لقرءاه قضية البهائيين من خلال زوايا أخرى تركز على الحقوق وليس طبيعة المعتقد. وكان اهتمام المدونين المصريين بهذه الظاهرة فرصة لطرح القضية كموضوع للنقاش السياسي على صفحات المدونات والتي كانت بمثابة منبر مفتوح لتبادل الآراء والمواقف، كما قام المدونون بمحاولة خلق شبكة غير رسمية من المدافعين عن حق الطائفة البهائية فى تسجيل ديانتهم فى الأوراق الرسمية (مثال التظاهرة الرمزية يوم النطق بالحكم). وأخيرا مهد اهتمام بعض المنظمات الحقوقية(نموذج المبادرة المصرية للحقوق الشخصية) إلى الدفع بشكل مختلف للتعاطي مع القضية، وتقديم منظور مختلف حول حرية المعتقد يَجُبُّ ما عداه من مبررات أمنية وفقهية. كما ساهمت هذه المنظمات في تقديم خبراتها القانونية وتركيزها على جوهر التزامات الدولة المصرية بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي قامت بالتصديق عليها

ويبقى في النهاية الإشارة إلى أن حكم المحكمة الإدارية العليا قد خلق مأزقاً جديداً للحكومة المصرية وهو المتمثل فى وجود مواطنين بلا أوراق رسمية، وهو ما يفتح الباب إلى تكرار ظهور قضايا أخرى من هذا النوع بلا نهاية، ناهيك عن طبيعة الدور الذي يمكن أن يظهر مستقبلا من خلال تبنى الآليات الدولية والإقليمية كوسائل للضغط على الحكومة المصرية من أجل أن تمنع ممارساتها التمييزية الخاصة بحرية الدين والمعتقد
اضغط
هنا لمراجعة هوامش المقالة

ولقد ُنشر للاستاذ أحمد زكي عثمان مقالة أخرى في جريدة القاهرة بتاريخ 16 ينايربعنوان لماذا لا تتسع دار الأسلام للبهائيين وتعترف بحقهم في أن يؤمنوا بما إستقر في قلوبهم؟ شرح فيها بعض النواحي التي أدرجها في البحث الذي نشره مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وعالج أيضا فكرة الوطنية المصرية التي ذكرها جمال حمدان في كتابه "شخصية مصر" والتي رفض فيها كون مصر بلاد المتناقضات . ويسهب الأستاذ أحمد عثمان بايضاح سبب عدم اتفاقه مع ما يطرحه جمال حمدان مبينا على سبيل المثال المتناقضات في معالجة السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية لقضية البهائيين المصريين. ويحذر الأستاذ عثمان من الاحتمالات المستقبلية التي قد تخلقها مثل هذه السياسة من ممارسات قمعية مماثله تجاه جماعات مصرية أخرى قد تختلف السلطات أو الجهات المعنية معها في العقيدة والقناعات. ويعرض المقال بعض المشاكل التي قد تواجه مصر على الساحة المحلية و العالمية نتيجة مثل هذه الممارسات ويبين أن هذه لم تكن حال مصر دائما مستشهدا بموقف الاستاذ محمد عبده في تعامله مع قضية البهائيين ومقارنا تقبله للتنوع واحترامه لنقاط القوة في عقائد الأخرين وتقديرة للمزايا الحسنة لقياداتهم بدل اللجوء الى التكفير والتخوين والسخرية من معتقداتهم، بما قام ويقوم به بعض أعضاء مجلس النوات المصري وشيوخها الحاليين. ويتطرق الأستاذ عثمان في مقاله إلى الإدعاءات الباطلة التي لا تتوانى المصادر المعادية للبهائية عن نشرها والتي قامت السلطة القضائية متمثلة بالمحكمة الإدارية العليا بتبنيها بدون التأكد من صحتها. ويشرح الأستاذ عثمان ما يحدت في مصر اليوم من خلال مفهوم جغرافية الأمور التي يستند اليها "جمال حمدان" مبينا أن جغرافية قضية البهائيين المصريين لا تجمع بين اطراف متعددة متناسقة وإنما هي ببساطة جغرافية قضية "مساحة الأوهام [فيها] تتعدى مساحة الحقائق". فأية محاولة لتفسير قضية البهائيين المصريين وحقهم في تدوين ديانتهم في البطاقة الشخصية يصطدم اليوم بالمعارضة التي ترفض التعامل مع الواقع الملموس وتفضل أن تخلق الاوهام ضد البهائيين المصريين وتحارب هذه الوهام لتحمي احاديتها ورفضها للتعددية وتقبل الآخر. ويختم الأستاذ عثمان مقالة بالتسائل: لماذا هذا الكبر؟ ولماذا رفض السماح للناس بالتصريح بالإيمان بما في قلوبهم؟ ولملذا لا تتسع دار الإسلام لجميع الناس؟


وأنا أرى ما يراه الأستاذ أحمد زكي عثمان بأن الحلم الذي سيسحق كل المتناقضات هو الحلم بمصر التي يحيا المصريون جميعا فيها وهم يتمتعون بالكرامة والحقوق والحريات. وأؤكد أن تفاؤلي هذا ليس مبنيا على أوهام وأماني وإنما يستند إلى ما أراه وأسمعه وأقرأه اليوم خلال سطور مقالات يكتبها أحمد عثمان وغيره من المصريين، ومواقف اتخذها أبناء مصر من خلال مدونتاهم ومواقفهم التي تعدت إطارات التنظير إلى واقع عملي صار فيه القلم وشاشة الكومبيوتر ودرجات محكمة العدل العليا شواهد على إرادة شعب يرغب في التغير وتحقيق الحلم بحياة كريمة لجميع المصريين. وفي الحقيقة هذا الواقع عاش في قلوب المصريين قبل أن تصّعده قضية البهائيين فما أوضحه في نغمات الشيخ إمام وأذهان أغلبية الناس الطيبين.
اضغط هنا لقراءة النص الكامل لمقالة الأستاذ أحمد زكي عثمان

Thursday, January 11, 2007

أنيس منصور وذكرياته مع حسين بيكار



نشرت صحيفة الشرق الأوسط: جريدة العرب الدولية في 10 يناير 2007 مقالة للأديب والصحفي المصري المعروف أنيس منصور مقالة بعنوان رجل يفرز الحرير: لوحات وأغنيات! يعرض فيها رأيه وذكرياته مع الفنان البهائي المصري المعروف حسين بيكار وفيما يلي نص المقالة

كان ياما كان في سالف العصر والأوان واحد فنان. والفنان اسمه بيكار ـ حسين أمين بيكار. مصري من أصل قبرصي تركي، وكان صديق العمر. فنحن أصدقاء من أربعين عاما. سافرنا معا إلى أوروبا وتصعلكنا في شوارعها واستديوهاتها. ونجحنا كثيرا. فلا احد يستطيع أن يقاوم اللغة الإيطالية والبنات الإيطاليات. فاللغة أغنيات والبنات راقصات والجو اوركسترا لكل المشاعر الجميلة. والمايسترو هو الشباب وكنا شبابا

وإذا تخيلت أن أحدا مصنوع من الحرير الصيني فالفنان بيكار. وإذا تخيلت أحدا مثل دودة القز تفرز الحرير فخطوط لوحاته كذلك. لولا أن دودة القز حشرة كريهة. ولم يكن بيكار إلا رجلا وسيما جميل الشكل والرسم والجسم والنفس. لم يكرهه احد. ولم يكره أحدا. كيف؟ هذه هي المعادلة الصعبة التي افتقدناها من أربع سنوات

وفي يوم كنا في مدينة البندقية ورأينا ـ حسين بيكار وعبد السلام الشريف وصلاح طاهر وكمال الملاخ وحسن فؤاد وجمال كامل وهم كبار فناني مصر ـ فتاة صغيرة أمسكت ورقة وقلما. وبمنتهى الثقة ترسم حصانا يقفز. وقفنا وتولانا الذهول. كيف تستطيع هذه الصغيرة وبخطوط صغيرة أن ترسم حصانا. وقفنا وطلبنا إليها أن ترسم الحصان واقفا ونائما على جانب أو على ظهره أو طائرا. وكيف تفعل ذلك ببراعة فريدة. وطلبنا إليها أن تعطي كل واحد منا لوحة وان توقع عليها بإمضائها. وفعلت ولا نزال نحتفظ بهذه المعجزة الفنية

وقد أسعدني حسين بيكار بأن رسم أغلفة عدد من كتبي.. وكانت هذه الأغلفة تحفة فنية. وقد بدأ حسين بيكار حياته موسيقيا مطربا وملحنا. وأول ألحانه كان للملك فاروق. وأصابعه لم تتوقف عن العزف على العود وعلى الورق أيضا. وإذا كان الفنان صلاح طاهر هو موسيقار الألوان، فإن حسين بيكار هو مطرب الضوء والظلال والحرير

وقد استمعت من حسين بيكار إلى أغنية سيد درويش (أنا هويت وانتهيت) وهي أسعد أغنية في تاريخ الغناء العربي. فقد غناها محمد عبد الوهاب والسنباطي وإسماعيل شبانة وسعاد محمد وفرقة أم كلثوم وحسين بيكار وأنا أيضا غنيتها لحسين بيكار وإسماعيل شبانة وغنيتها لنفسي كثيرا


يرحم الله حسين بيكار بالطريقة التي كان يحلم بها

في رأيي إن أنيس منصور لم يكتب مقالته عن الفنان المصري حسين بيكار فقط لأنه تذكر صديق حميم يفتقده. فأنيس منصور، الصحفي والأديب المحنك الذي يعرف كل ما يدور في مصر وعلى وعي تام بسياسات ومفكرين وقياديات وقضايا مصر، يعرف ما وصلت إليه حال البهائيين المصريين في مصر اليوم، وعلى علم بما تعرض له حسين بيكار من حبس واضطهاد نتيجة اعترافه وإشهاره إيمانه بالبهائية، ورغم ذلك إخثار أنيس منصور أن يكتب عن صديق عمره الراحل وعلاقته بمصر ومصريته التي عاشها من خلال حبة وعطائه للوطن الذي سرى عشقه في دمائه وسال من خلال ريشته ليخلق فنا يخلد نبضات قلب مصر وبعض من أنفاس أبنائها. ومع أن أنيس منصور لم يتطرق لقضية البهائيين بشكل صريح لكنني أعتقد أن عرضه لحياة بيكار وأحلامه ومصريته مناقضا بذلك الادعاءات الباطلة التي نشرها وينشرها المغرضين ضد البهائيين بشكل عام وحسين بيكار بشكل خاص، في نظري لهو شهادة بعطاء وولاء ومصرية البهائيين المصريين أسوة بالفنان البهائي المصري الراحل، حسين بيكار الذي عمل جاهدا على الدفاع عن وحماية مجتمعه البهائي المصري

يبدو أن أعمال الفنان البهائي المصري الكبير وذكراه الطيبة ما زالت تقوم بالدفاع عن البهائيين المصريين! فكما قال أنيس منصور: يرحم الله حسين بيكار بالطريقة التي كان يحلم بها ، وأضيف فليرحم الله مصر ومستقبلها وخيارات قادتها وأحكام محاكمها وشجاعة أبنائها وبناتها

Sunday, January 07, 2007

قضية البهائيين: ردود فعل مصرية


ناقش مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في ندوة عقدها في 24 ديسمبر2006، تحت عنوان مأزق حرية العقيدة في مصر في ضوء حكم المحكمة الإدارية العليا في قضية البهائيين مخاوف المركز من النتائج المترتبة على حكم ا المحكمة الإدارية العليا في 16 ديسمبر 2006 بإلغاء الحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري في شهر إبريل من نفس العام بحق البهائيين في إثبات ديانتهم في الأوراق الرسمية والبطاقات الشخصية

وفي بيان بعنوان الدولة صنعت مشكلة البهائيين .. وعليها وحدها وضع حل له، أدرج موقع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بتاريخ 26 ديسمبر 2006 تفاصيل ما أدلى به بعض المشاركين في هذه الندوة وفيما يلي ما نشره الموقع

قال معتز الفجيري مدير البرامج بالمركز :أن الحكم تجاوز مناقشة حرية العقيدة إلي المحتوي العقائدي للبهائية ، معتبرا أن ردود الفعل حيال هذه القضية تعطي مؤشرا علي الأزمة في المناخ السياسي والاجتماعي السائد في مصر

فيما أشار احمد سيف الإسلام مدير مركز هشام مبارك للقانون إلي أن الحكم وقضية البهائيين بشكل عام يفتحان النقاش حول الموقف من حرية الاعتقاد في مصر ، لافتا إلي أن مواد الدستور المصري تحمي حرية الفكر والاعتقاد والتعبير، وقال سيف الإسلام أن علي الدولة وحدها أن تجد حلا لمشكلة البهائيين لأنها هي التي صنعتها ، بعد أن رفضت إعطاء البهائيين الأوراق والوثائق الرسمية التي تثبت هويتهم ، والتي يحتاجون إليها في تعاملاتهم الحياتية اليومية كالبطاقات الشخصية وجوازات السفر وغيرها. ورأي أن يكون الحل بإلغاء بند الديانة من البطاقة الشخصية ، أو العودة إلي وضع خانة توضح أن ديانة الشخص " أخري " غير الإسلام أو المسيحية أو اليهودية ، مشيرا إلي إن استمرار الوضع الحالي للبهائيين يجعلهم في حالة " موت مدني " ، لعدم إثبات وجودهم في السجلات والأوراق الرسمية بالدولة

ورأي حسام بهجت مدير مركز "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية " أن قرار المحكمة الإدارية العليا بعدم جواز إثبات البهائية في الأوراق الرسمية يضع الحكومة في مأزق إزاء وضع المواطنين البهائيين العاجزين عن استخراج شهادات ميلاد أو بطاقات شخصية أو حتي شهادات وفاة ،معتبرا في نفس الوقت أن منظمات حقوق الإنسان تأخرت في التدخل في هذه القضية. وقال بهجت أن البهائيين تعرضوا في الثمانينات والتسعينات لظروف عصيبة وعمليات قبض واعتقال وحملات إعلامية استهدفت الطعن حتي في أخلاقهم الشخصية ، مؤكدا علي أن الحكم الأخير في القضية لا يعني نهايتها ، وأن منظمات حقوق الإنسان سوف تستمر في تناولها ورفع دعاوي قضائية جديدة بشأنها ، مستفيدة في ذلك من الأخطاء التي حدثت في تناولها للقضية خلال الفترة الماضية. وأكد بهجت أن الشريعة الإسلامية تنصف البهائيين وكذلك كتب الفقه الإسلامي ، مشيرا إلي أن المدافعين عن البهائيين استفادوا جيدا من هذا الأمر في الدفوع التي تقدموا بها للمحكمة رغم عدم أخذها بها ، لافتا إلي أن حكم المحكمة في هذه القضية يعتبر أن الشريعة الإسلامية هي النظام العام والقيم الأساسية التي يبنى عليها المجتمع ، بما يمثل خطرا مستقبليا علي أي قضية تتناول أمورا خاصة بحرية العقيدة . وشدد علي أن عدم حصول الأغلبية في المجتمع على كل حقوقها لا يمثل مبررا للقبول بانتهاك حقوق الأقلية ، لافتا إلي أن التيار الإسلامي لم يكن علي أجندته قضية البهائيين، وأن من نقلها للبرلمان كان الحزب الوطني الحاكم ، وليس نواب جماعة الإخوان المسلمين

وتناول الدكتور أحمد راسم النفيس الأستاذ الجامعي والمفكر الإسلامي الشيعي البعد الثقافي لقضية حرية العقيدة وحقوق الإنسان فأشار إلي أن هناك مجموعة من " التابوهات " الفكرية التي يراها البعض مقدسة ،بينما هي في حقيقة الأمر موضع جدل وليست محسومة أو مستقرة كما يتصور البعض . ولفت النفيس إلي أن هناك نسبة كبيرة من المسلمين يعيشون كأقليات في بلدان أخري ليست إسلامية وليست مسيحية أو كتابية كدولة الهند ، بما يثير التساؤل حول كيفية تمكن هؤلاء من تطبيق حد كالردة علي سبيل المثال في مجتمعاتهم التي يعيشون فيها ، وقال إن على المسلمين بحكم الشريعة والقانون بالوفاء بعهودهم والتزاماتهم ، سواء أكانت في شكل قوانين محلية أو مواثيق دولية وقعت عليها حكوماتهم ، كالمواثيق الخاصة بحرية العقيدة وحقوق الإنسان، مشيرا إلي أنه مثلما يتعامل الغرب بمعايير مزدوجة فان الدول الإسلامية لديها أيضا معايير مزدوجة تتعامل بها. وأكد النفيس عدم وجود عقوبة محددة في القرآن حول الردة ، وأن الآيات القرآنية الواردة في هذا الشأن تتحدث فقط عن عذاب الله في الآخرة في هذا الأمر ، متسائلا عن أسباب وجود حالة موصفه " بالتوثب " لدي العالم الإسلامي والتحفز لمحاولة القصاص والتنكيل بكل من يخرج علي المنظومة القائمة ، وقال إن الحرب علي الشيعة والتشيع أغرت الحكام والمتعاونين معهم علي تأسيس شرعية تقوم علي الحديد والنار ، محذرا من أن البعض يرسخ حاليا لإيجاد طبقة جديدة من الشيوخ هي طبقة " حماة العقيدة". وشدد علي أن منح أي فئة كانت داخل المجتمع الحق في محاكمة عقائد وأفكار الناس وليس مدي احترامهم للقانون القائم يمثل كارثة يجب التوقف عندها والتصدي لها

وتناولت الدكتورة بسمة موسي – مصرية بهائية - الأستاذة بطب أسنان القاهرة، جذور المشكلة الحالية للبهائيين، فذكرت أنها ترجع إلي محاولة مهندس بهائي في عام 2004 الحصول علي أوراق رسمية له ولأسرته بعد رفض السجل المدني قيده بهائيا استنادا إلي القرار 49 لسنة 2004 الذي يقضي بكتابة احدي الديانات الثلاث – الإسلام أو المسيحية أو اليهودية – في الأوراق الرسمية ، مشيرة إلي قيام المهندس صاحب المشكلة برفع دعوي قضائية حصل بموجبها علي حكم من المستشار فاروق عبد القادر بإثبات انه بهائي في بطاقته الشخصية. وأكدت أن الإعلام تناول هذا الحكم بطريقة سلبية وذلك في نحو 400 مادة إعلامية في أكثر من 50 جريدة ومجلة تناولت قضية البهائيين بطريقة غريبة، وكالت لهم السباب والشتائم. أشارت بسمة إلي أن البهائيين يطالبون بحقهم في المواطنة وليس الاعتراف بديانتهم ، وذكرت أن هناك من أطفال البهائيين من تجاوز الـ 14 عاما وليست لديه شهادة ميلاد ، إلي جانب أنهم لم يحصلوا علي التطعيم المختلفة للأطفال ، وتساءلت كيف سيتم استيعاب ألاف البشر وهم يسيرون في الشارع بدون أوراق رسمية كما تساءلت عما إذا كانت الأمم المتحدة ستضع هذه القضية علي أجندتها بعد أن أعلنت أن عام 2007 سيكون عام الحقوق

وفي تعقيبات الحضور ربط حمدي عبد العزيز مدير مركز سواسية لمناهضة التمييز بين قضية البهائيين وما وصفه بقضية الاستبداد الذي يفسد الدين والدنيا معا ،وقال أنه يجب المطالبة بحقوق المواطنة للجميع وليس للأقلية فقط ،مشيرا إلي أن الأغلبية تعاني في هذا الأمر مثلها مثل الأقلية ، ودعا أيمن عقيل مدير مركز ناعت للدراسات القانونية إلى تنظيم حملة لتفعيل العمل بالمواثيق الدولية التي صدقت عليها الحكومة المصرية

وأشار أمين أبو الفتوح بطاح – بهائي – إلي أن البهائية موجودة في مصر منذ عام 1864 ، وأنه كانت هناك مراكز ومحافل لها في حوالي 17 مدينة مصرية ،موضحا أن موضوع البهائية عرض بطريقة خبيثة علي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، فأصدر قراره بحل المحافل البهائية وقال بطاح : نحن نصدق بالإسلام ونبيه وكتب الله ورسله ، ولكننا نؤمن بأن البهائية دين جديد وأن البهائي هو المهدي المنتظر، مشيرًا إلي أن البهائيين لا يطلبون الاعتراف بديانتهم ولكن يطالبون بحقوقهم كمواطنين، وإعطاءهم الأوراق الرسمية التي تثبت أنهم مواطنين مصريين، وفي هذا السياق تحدثت سيدة بهائية عن عدم حصول ابنها علي بطاقة شخصية رغم وصوله إلي العام الجامعي الثاني وكذلك عدم حصول ابنها الثاني الذي تجاوز الـ 14عاما علي شهادة ميلاد

وتُظهر هذه التصريحات مستوى الوعي الاجتماعي الذي بلغته هذه المؤسسات المدنية المصرية وتفهمها لموقف وقضية البهائيين كإحدى أقليات المجتمع المصري من جهة، وأبعاد القضية الأكثر شمولا والتي تمس باحتياجات المجتمع والمواطن المصري بشكل عام من جهة أخرى

فهنيئا لمصر هذه العقول المستنيرة، وكما أكدت المناقشات، نرجو أن تجد الحكومة المصرية حلا لهذه الورطة التي زجت نفسها والبهائيين والقضاء المصري ومنظمات حقوق الإنسان والعديد العديد من الجهات الأخرى فيها من غير منطق أو سبب شرعي يدعوها لعمل ذلك

Thursday, January 04, 2007

رد فعل صحفي عربي

نشرت صحيفة الأيام البحرينية مقالا للصحفي المعروف اسحق الشيخ بعنوان البهائية وحق ممارسة الشعائر الدينية أوضح فيه الصحفي موقفه من قضية منع البهائيين حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية من خلال مفهومه للدين البهائي ورسالته وضمن اطار عالم يصبو للوحدة والتعايش والسلام. وفيما يلي نص المقال

وكان سناء هذا البهاء الرباني يتفاعل انعكاساً روحيا ووجدانيا في مسرة الناس على طريق مبدأية توحيد الانسانية في العالم.. واستهداف المسرة الابدية في حياتهم والقيام بتكريس سلام عادل على وجه الكرة الارضية. ان من النور ينبجس البهاء في سناء نوراني متسامياً في النفوس، يدعو الى الحقيقة في الجمال والحسن والظرف والبهاء.. ومنذ فجر التاريخ والاديان السماوية وغير السماوية تدعو الى المحبة والسلام من اجل الخلاص واعمال الخير بين الناس.. واذا كانت الاديان السماوية الثلاث تدعو الى المحبة.. فان البهائية كدين حديث ترى انها تختزل وتطور منجز هذه الافكار الدينية، وترتفع بها الى روح العصر وسماته المتسارعة في تقليص المسافات بين الامم والشعوب وانزالهم منزل قرية صغيرة واحدة.. ولم يقف الدين البهائي ولا وقفة واحدة - منذ نشأته - معاديا للاديان السماوية الثلاثة: اليهودية والمسيحية والاسلامية وخلافها من الاديان.. بل راح ينشر بهاءها في بهاء الله وعدل نوره مردداً ومنادياً ومباركاً في استجلاء بهائية مجد الله في الاعالي وعلى الارض بالسلام والمحبة ونشر المسرة بين الناس.. وكأنه يردد الاثر المسيحي: »المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المحبة« او الدعوة اليهودية: »تحابوا تآلفوا.. يحبكم الله« او الدعوة المحمدية: »بان في محبة الناس شرع الله« وهو ما تراه البهائية بان »ما نزل من جبروت القدرة والقوة على النبيين من قبل. وانا اخذنا جواهره واقمصناه قميص الاختصار فضلا على الاحبار ليوفوا بعهد الله، ويؤدوا امانته في انفسهم، وليكونن بجوهره التقى في ارض الروح من الفائزين«. ولم تضع البهائية القبح في دروبنا، ولم تشهر الكراهية والبغضاء على ديننا، ولم تتنكر لروحه وحنفية تسامحه، بل اتخذت منه مقاما نورانيا في اشاعة بهاء نورانيته على وجه الارض في العدل والمحبة والسلام والتضامن والتوحد الانساني على وجه الارض. لقد كان الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي مهرته بارادة أرضية واعدة جميع دول العالم بما فيها الدول العربية »بتوجسها المعهود« هو ما ينادي بحرية الاديان وحق الشعوب في اعتناقها، والايمان بها او عدم الايمان بها، وهو ما نراه يتناغم مع ما تنادي به الديانة المحمدية، ويؤكده القرآن الكريم بهذا الحق في حرية الاديان: »لكم دينكم ولي دين«. ان مرمى ما تقدم هو ما اثار حفيظة دعاة حقوق الانسان على وجه الارض فيما تناقلته الانباء بحزن واسى عظيمين من ظلم واضطهاد انساني في حرمان الاقلية البهائية من ابسط حقوق المواطنة في الاعتراف بحقوق مواطنتهم اسوة بسائر المواطنين المصريين اثر حقهم الطبيعي في الانتماء الى الديانة البهائية، وهو حق اقرته جميع الدول التي وقعت على وثيقة حقوق الانسان.. مما اثار خيبة امل كبيرة تجاه عدالة القضاء المصري في حرمانهم من حقوق المواطنة.. وكان مبرر حكم القضاء بان الدستور المصري لا يعترف الا بالاديان الثلاثة وهي الاسلام والمسيحية واليهودية. وكأن الدساتير والقوانين والتي تجاوزتها الحياة، واكل وشرب عليها الدهر.. هي دساتير مقدسة ثابتة لا يجوز تغييرها إلى الاحسن.. ومعلوم ان الاقلية البهائية المصرية لم تقم بطلب الاعتراف بالدين البهائي بالرغم من انه حق من حقوق المواطنة.. وانما كانت رغبتها ببساطة ان يكونوا احراراً كغيرهم من المواطنين المصريين لتنفيذ متطلبات القانون المدني للحصول على البطاقة الشخصية دون اللجوء إلى عدم الصدق في الافصاح عن هويتهم الدينية.. فاقتناء البطاقة الشخصية حق من الحقوق التي يشترك في التمتع بها كل مواطن مصري المولد، وانه لأمر غريب ان يفرض حماة القانون انفسهم مخالفة السياسة الادارية للدولة التي يفترض ان يتقيد يتنفيذها كل مواطن بدون استثناء.. وهذا ما اشار إليه »بيت العدل الاعظم البهائي« تجاه محنة الاقلية البهائية المصرية.. ويتساءل عن حق »بيت العدل الاعظم« تجاه هذا الصدد قائلاً: »ولكن لنا ان نسأل عن الغرض من ذكر هذه الاديان الثلاثة فقط؟! وهل كان ذلك بقصد تبرير حرمان نفر من المواطنين التمتع بحقوقهم المدنية؟! أليس هذا الموقف بمثابة سوء فهم لما امرت به تلك الاديان مما يبعث على انتشار الظلم والاحجاف ويمثل انتهاكاً لحرمة مستوى العدالة الرفيع الذي امرت به تلك الاديان أتباعها التمسك به والقيام على تنفيذه؟!«، ويؤكد »بيت العدل الاعظم« بان الحكم الصادر ضد الاقلية البهائية المصرية في عدم نيل البطاقة الشخصية: »كان حكماً مجحفاً ليس فقط لانه جاء مخالفاً للقواعد التي اسسها الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي وقعته مصر ملتزمة بتنفيذه، بل انه لم يأخذ بعين الاعتبار ايضاً ما ورد بصورة خاصة في الآثار الاسلامية المقدسة من تمجيد للتسامح كمبدأ أساسي في بناء الاستقرار الاجتماعي«. ان جميع القوى الديمقراطية والتقدمية والتنويرية الحريصة على تطبيق الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية ترفع صوتها تضامناً وتأييدا مع جميع الاقليات الدينية سواء التي ضمن الاديان الثلاثة اليهودية والمسيحية والاسلامية او خارجها في المطالبة برفع الظلم والحيف عنها، وتكريس مواطنتها في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية اسوة بجميع المواطنين المكتسبة حقوقهم في الدساتير والقوانين المرعية. ان نهج الديانة البهائية نهج ديني وعالمي انساني مسالم متسامح بقيمه وطقوسه وممارساته في الحياة وتجاه الاديان الاخرى.. وان محاربته والتضييق عليه عمل لا اخلاقي يناقض روح الاسلام وقيمه السامية في معاملة الاديان الاخرى بالتسامح والتخلق بالقيم الانسانية الاسلامية في روح: »متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احراراً«. ان عهد العبودية ولّى إلى غير رجعة ولترتفع ايادي وعقول وضمائر جميع الاديان على وجه الارض في الحوار والمحبة والتضامن الاخوي من اجل عدل الانسانية وضد الظلم والاضطهاد وعبودية الحريات والاديان الاخرى

ومن الجدير بالذكر أن البحرين هي واحدة من الدول العربية التي تسمح بالتعايش السلمي بين أتباع الأديان المختلفة من البحرينيين ومن ضمنهم البهائيين. فلقد تواجدت الأقلية البهائية البحرينية في المجتمع البحريني وتعايشت بسلام مع الشرائح الأخرى من المجتمع البحريني، ولم يهدم أو يضر هذا بالدين الإسلامي في البحرين او يؤدي الى نشر الفساد والفتنة في المجتمع البحريني وإنما سمح للمواطنين البحرينيين البهائيين بالمشاركة الهادفة في نمو وتطور المجتمع البحريني وازدهار نشاطات المؤسسات المدنية البحرينية التي تعمل على حماية الحقوق الشخصية لكل البحرينيين. فها هي القيادات السياسية والدينية والمدنية البحرينية تطبق مبدأ الإسلام الحنيف وتسمح بالتعايش السلمي بين جميع المواطنين وتجني ثمار هذه السياسة

وما أسهل مقارنة الأمن والسلام النسبي الذي يعيشه المجتمع البحريني بالقلق والضوضاء والارتباك الحالي الذي صعّده حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر بحق البهائيين المصريين وما تنفثه بعض المصادر المصرية المتطرفة من سموم الكراهية والحقد تجاه البهائيين المصريين وغيرهم من الأقليات الدينية ممزقة بذلك كيان المجتمع المصري ووحدته. وأتمنى أن يكون في ذلك عبرة وعِضة لمصر وقياداتها

ملاحظة: للعلم فقط - إن الأستاذ اسحق الشيخ ليس بهائيا

Wednesday, January 03, 2007

ردود فعل النشطاء الاسلاميين المصريين

نشرت صحيفة المصريين بتاريخ ديسمبر 22، 2006 مقالا صرحت فيه " أن عددا من النشطاء الإسلاميين قرروا إقامة دعاوى قضائية ضد وزارة الداخلية لإسقاط الجنسية المصرية عمن يسمون بالطائفة البهائية في مصر". وأضافت الصحيفة أن هؤلاء النشطاء ـ الذين ينتمون لأكثر من فصيل إسلامي ـ أوضحوا أنهم "سيلجأون خلال الأسبوع القادم للقضاء الإداري لاستصدار حكم يلزم وزارة الداخلية بإسقاط الجنسية عن البهائيين، مؤكدين أنهم خرجوا عن القانون والدستور الرسمي للبلاد الذي ينص على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة وأن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع ، بالإضافة إلى أن الدستور المصري لا يعترف إلا بالديانات السماوية الثلاث ، وهو ما يؤكد أن من يسمون أنفسهم بالبهائيين انتهكوا الدستور والقانون." لقراءة نص المقال الكامل اضغط هنا

وصرحت صحيفة المصريون أن عريضة الدعوى التي حصلت الصحيفة على نسخة منها، أكدت أن البهائيين "يبيحون الزنا بوجه عام وزنا المحارم بوجه خاص ، وهو أمر ترفضه النفوس السوية" وان البهائيين " بالإضافة إلى هدمهم لأركان الإسلام الأساسية من خلال رفضهم لصوم رمضان والحج إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة أسوة بسائر المسلمين، حيث يحجون إلى إيران وحيفا في فلسطين المحتلة فضلا عن أن صلاتهم تخالف تماما صلاة المسلمين وقصروها على 3 فروض فقط في اليوم ." وأضافت الصحيفة أن الدعوى تعلن أن "وجود 2000 بهائي في مصر يهدد أمن البلاد وينذر بشيوع الفتنة والانحراف والرذيلة داخل المجتمع ، خاصة أنهم أول من اخترع رذيلة تبادل الزوجات". اضغط هنا لقراءة المقال

أنا أرى كيف أن السابقة القضائية التي أوجدها قرار المحكمة الإدارية العليا بتاريخ ديسمبر 16، 2006 يشجع قيام دعاوى أخرى ضد البهائيين ولكن ما يدهشني أو بالأحرى يصعقني هو أن النشطاء الإسلاميين لم يتواروا عن الكذب الصريح والطعن بأعراض البهائيين في حيثيات دعوتهم التي نشرتها الصحيفة حين يدعون أن البهائيين
"يبيحون الزنا بوجه عام وزنا المحارم بوجه خاص" وأن وجودهم "يهدد أمن البلاد وينذر بشيوع الفتنة والانحراف والرذيلة داخل المجتمع، خاصة أنهم أول من اخترع رذيلة تبادل الزوجات". ولأنه من الصعب أن أرى أن هذه الادعاءات ناجمة عن جهل النشطاء الإسلاميين بحقيقة التعاليم البهائية في زمن تتوفر فيه المعلومات عن الدين البهائي على الشبكة الالكترونية من مصادر وكتب ومراجع بهائية، وان ممارسات البهائيين ومعاملاتهم يشهد على حسنها تاريخ تواجدهم في العالم العربي وفي بقية أنحاء العالم، فإن سؤالي هنا هو كيف نرد على جماعة تدعي مخافة الله والعمل على حماية دينه والدفاع عن إسلامه ولا تجد حرجا في الكذب والافتراء وتلفيق الحقائق ضد الاخرين؟

وأتساءل أيضا هل يرى المسلمين فعلا أن البهائيين - الذين يصرحون أن دينهم دين مستقل عن الإسلام – يهدمون أركان الإسلام الأساسية من خلال "رفضهم لصوم رمضان والحج إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة أسوة بسائر المسلمين، حيث يحجون إلى إيران وحيفا في فلسطين المحتلة فضلا عن أن صلاتهم تخالف تماما صلاة المسلمين وقصروها على 3 فروض فقط في اليوم"؟

ولأن النشطاء الإسلاميون المصريون يصرحون ويدعون تحت لواء الإسلام، أرى أنه من الأجدر أن يرد المسلمين وحماة الإسلام في مصر على مثل هذا الظلم والافتراء باسم الإسلام، ففي يدهم السلطة والحل والفصل

وربما يكون في هذه الدعوى إيضاحا للحكومة والقضاء المصري أن عدم القضاء بالعدل والإنصاف من قبلهم تجاه مواطنيهم يؤدي للسماح بتجاوزات مماثلة من قبل جماعات متطرفة لتحقيق أهدافها السياسية والتفرقة بين مواطنيها على أساس الفكر والمعتقد وغيره مما يخدم مصالحها. فإلى أين تسير الحكومة المصرية والقضاء المصري بمصر والمصريين؟

Tuesday, January 02, 2007

بداية ردود الفعل العالمية لقرار المحكمة الإدارية العليا


أرسل اثنان من رجال الكونجرس الأمريكي رسالة إلى السفير المصري في أمريكا يبدون فيها أسفهم للقرار الذي أصدرته المحكمة الإدارية العليا في مصر بإيعاز من الحكومة المصرية ضد البهائيين المصريين وما يتضمنه القرار من خرق لمواثيق حقوق الإنسان التي وقعت عليها مصر بمحض إرادتها، ويستفسر عضوا الكونجرس عن احتمال تأثير مثل هذه الإجراءات على قرارات لجنه التخصيص للدول الأجنبية في الكونجرس الأمريكي فيما يتعلق بسياسة هذه اللجنة حيال مصر. وفيما يلي ترجمة نص الرسالة التي تم إرسالها للسفير المصري في أمريكا. للإطلاع على النص الأصلي للرسالة باللغة الانجليزية اضغط هنا


مجلس النواب ( الكونجرس ) في الولايات المتحدة
واشنطن، العاصمة 20515

كانون أول/ديسمبر 22، 2006

فخامة السيد م. نبيل فهمي
سفير فوق العادة و مبعوث سياسي مطلق الصلاحية
سفارة جمهورية مصر العربية
3521 الساحة الدوليةواشنطن العاصمة 20008

فخامة السيد السفير

نكتب إليكم للتعبير عن خيبة أملنا عند إطلاعنا على قرار المحكمة الإدارية العليا في مصر في 16 كانون أول / ديسمبر ضد الجالية البهائية. كما تعلمون، إن قرار المحكمة يدعم سياسة الحكومة التي تجبر البهائيين إما إلى الكذب بما يتعلق بمعتقداتهم الدينية أو أن يمنعوا من الحصول على البطاقات الشخصية. بدون هذه البطاقات الشخصية، يفقد البهائيون المصريون القدرة على ممارسة معظم حقوق المواطنة بما فيها التعليم والخدمات المالية والرعاية الصحية

إن قرار المحكمة الإدارية العليا يلغي قرارا لمحكمة القضاء الإداري الدائرة الأولى بأن للبهائيين الحق في الحصول على بطاقة الرقم القومي التي تصدرها الحكومة والتي تظهر ديانتهم بشكل صحيح. ولقد إستأنفت الحكومة هذا القرار

إن البهائيين المصريين لا يطالبون بمعاملة خاصة. لقد عرضوا ترك خانة الديانة في البطاقة الشخصية خالية أو وضع شرطة أو كتابة كلمة "أخرى". ورفضت الحكومة أي من هذه الطلبات

إن البهائيين مواطنون مصريون. و مصر مشاركة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. والدستور المصري يتعهد بالحرية الدينية لكافة المواطنين المصريين

إننا نحث الحكومة المصرية أن تتخذ إجراء فوريا – قبل الموعد النهائي في يوم 31 كانون أول / ديسمبر 2006- لمعالجة هذا الوضع بحيث يعامل البهائيون بعدالة كمواطنين مصرين. وبصفتي رئيس لجنة العلاقات الدولية وعضو في اللجنة الفرعية لعمليات التخصيص الأجنبية فإنني آمل أن لا يؤدي موضوع الحرية الدينية للبهائيين في مصر إلى تعارض أولوياتنا الهامة المشتركة في الدورة110 للكونجرس

نتطلع لردكم الكريم والسريع


بإخلاص

مارك ستيفن كيرك
عضو في الكونجرس

توم لانتوس
عضو في الكونجرس