Wednesday, November 28, 2007

مشروع "طاقة فرج" للبهائين في مصر

كتب محمود محمد في ٢٧ نوفمبر ٢٠٠٧، في جريدة المصري اليوم خبرا مفاده أن لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب قررت استدعاءوزراء الداخلية والخارجية والعدل، ورئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، لمناقشة مدى مراعاة الأجهزة المعنية في الدولة تقارير حقوق الإنسان الصادرة عن المنظمات المحلية والإقليمية والدولية

وأضاف أن لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب تعهدت في تقرير لها حول خطة عملها خلال الدورة البرلمانية الحالية، "بدراسة تقارير المجلس القومي لحقوق الإنسان ومدي التزام الوزارات المعنية بتنفيذ توصياته، وبحث الشكاوي التي ترد إليها من المواطنين في الداخل والخارج، ومتابعة موقف حقوق الإنسان في العالم، وبصفة خاصة في المنطقة العربية والأفريقية، وعرض محصلة مناقشاتها علي النواب لإعلان رأي مجلس الشعب فيها للرأي العام الوطني والعالمي." وهنا نص المقال

قد تكون هذه المبادرة مؤشرا على أن الحكومة المصرية قررت التحرك والنظر في موقفها من قضايا وحقوق الإنسان في مصر والتأكد من إدراك المعنيين في الدوائر الحكومية ومؤسسات الدولة أهمية فهم والالتزام بهذه القرارات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتي صدقت عليها مصر مما يلزمها بها دوليا، خاصة وأن مصر الآن تتصدر دورا قياديا وتتحمل مسؤولية دولية فيما يتعلق بتطبيق هذه القرارات والنظر في التزام الدول الأخرى بها نتيجة انتخابها عضوا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والذي ادرجت نتاجه في منشوراتها، وحدث هذا رغم الاتنقادات المستمرة التي تواجهها مصر نتيجة لممارساتها والحالية وعدم تأمين هذه الحقوق لمواطنيها داخل مصر والتي يضمنها الاعلان العالمي لحقوق الانسان. اضغط هنا لقراءة نص الاعلان

وكان قد سبق هذا القرار تأكيدا من الدكتور بطرس غالي، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان في مقال نشرته جريدة المصري اليوم بتاريخ ٢٦ نوفمبر ٢٠٠٧ على "ضرورة أن تتحول مبادئ المواطنة في الفترة المقبلة إلي سياسات وقوانين محترمة، للحد من التمييز، سواء علي أساس الجنس أو الدين أو العرق." وهنا نص المقال

وأكد المقال أن الدكتور بطرس غالي دعا خلال افتتاحيه مؤتمر «المواطنة عدالة ومساواة» الذي نظمه المجلس القومي لحقوق الإنسان "جميع الوزارات والهيئات ومؤسسات المجتمع المدني للتشاور حول ما سيصدر عن المؤتمر من توصيات"، واقترح "استحداث لجنة دائمة لمنع التمييز، كما هو الحال في ديوان المظالم في المملكة المغربية والهيئة العليا في فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية." وتعتبر هذه دعوة واضحة وجريئة من قبل الدكتور غالي لمعالجة الوضع الراهن الذي تعيشه مصر

وأضاف المقال أن الدكتور بطرس غالي طالب مجلس الشعب، بضرورة مناقشة مشاريع أخرى تتعلق بقوانين تخص دور العبادة وجريمة التعذيب. وعلق بعض الأعضاء منهم الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، نائب رئيس المجلس على الموضوع قائلا: «هناك الكثيرون الذين يتحدثون عن حقوق الإنسان، وهم لم يتعلموا أدني الحقوق التي يطالبون بها»، وأضاف، «دعونا نعترف بأن سجل حقوق الإنسان في مصر ضعيف». أن مثل هذه التصريحات بدأنا نرى الموقف بوضوح أكبر، وأن في هذه الدعوة الصريحة للإصلاح مشروع طاقة فرج للبهائيين المصريين وغيرهم. اضغط هنا لقراءة المقال

لقد علمتنا الظروف السابقة الحذر في توخي الحلول العادلة، ومع ذلك لا يسعني إلا أن أعبر عن التفاؤل بهذه المبادرة الجديدة وما قد ينجم عنها. فربما يكبر مشروع طاقة الفرج هذه وتصير مصر وطنا عادلا تحكمه قوانين تكفل حقوق مواطنيه وتسمح لهم بالعيش الكريم والمشاركة في مسيرة العطا. قوانين عادلة وواضحة لا تقبل اللبس والتأويل، يطبقها الحكام والإداريين رغبوا أو رغم أنفهم. عندها فقط يصير بإمكان مصر أن ترفع رأسها شامخا وتساعد في قيادة العالم نحو مستقبل أفضل. فلقد آن الأوان لأن تفعل ذلك. ونرجو أن تكون النتائج التي تأمل اللجنه بإعلانها لـ "الرأي العام الوطني والعالمي" كما جاء في نص التصريح، مشرفه و"بترفع رأس" مصر وكل المصريين والعرب

Sunday, November 11, 2007

رسالة أم بهائي مصري

لم أكتب منذ أكثر من أربعة أشهر، فلقد بدأت أشعر أن القضية قد بلغت مرحلة التصلب، وأن "لا حياة لمن تنادي". وازدادت الأحداث خلال الشهور الماضية من قناعتي بأن القضية في الحقيقة ليست قضية البهائيين بشكل مباشر، رغم أنهم المتضررون من نتائجها ، وإنما هي قضية مصر والمصريين... إن الأسطر القليلة السابقة هي بداية مقالة وبحث مفصل بدأت بكتابته عن قضية البهائيين المصريين. وببنما كنت أحاول أن أعيد قراءة مقالتي قبل نشرها، والتي اعتقدت أن فيها تلخيصا للوضع الحالي ودراسة موضوعية علمية لما يحدث في مصر، فكرت بأن أمر على مدونة البهائي المصري ، فأنا لم أمر عليها منذ فترة. وهناك أطلعت على رسالة من أمه نشرها في 25 أكتوبر ورأيت أن هذه الرسالة أكثر بلاغة من أي تحليل موضوعي علمي او دراسة قد أقوم بها أو يقوم بها الكثير من أصحاب الشهادات العلمية والمراكز المرموقة. ففي الرسالة "لب" الموضوع وحقائق الأمور، كما تراها أم، وما أصدق الأمهات! وإليكم بنص الرسالة


ولدي الحبيب

ياحسرة علي الماضي الجميل القريب

كنت أتمني لكم أن تعيشوا أياما أسعد من أيامنا ولكن للأسف يؤلمني كثيرا أن أيامكم أسوأ بكثير من كل النواحي فبالرغم مما تتغني به الأنظمة والمؤسسات بمبادئ الحرية والديموقراطية .. التي يبدو أن لا وجود لها إلا لأغراض الدعاية في المؤتمرات الكلامية والمقالات الإنشائية في الجرائد

كم كانت سعادتي اليوم وأنا أقلب أوراقا عائلية قديمة فوجدت عقد زواج جدك وجدتك مؤرخ 1938 ولأنهما يدينان بالديانة البهائية فقد تم عقد الزواج حسب الشريعة البهائية وكانوا في قريتهم (كوم الصعايدة مركز ببا مديرية بني سويف) بصعيد مصر وكم كانت سعادتي أيضا عندما وجدت شهادة ميلادي الصادرة في عام 1943 من مديرية الصحة ببا بني سويف وبها خانة الديانة بهائية. وكلما احتجت لصورة من سجلات المواليد صدرت بنفس البيانات دون تحريف أو تدخل للتزوير من أي جهة

هناك في هذه المنطقة من العالم عام 1925 صدر حكما قضائيا بمحكمة ببا الشرعية كان له كل الأهمية في تاريخ الديانة البهائية بمصر. فبعد الاضطهاد الشديد لمن اعتنقوا الدين البهائي من هذه القرية وبعد أن أقام مأذون القرية دعوي الحسبة يطلب التفريق بين الأزواج لأنهم كانوا قد تزوجوا بعقود اسلامية واعتنقوا الدين الجديد وجاء نطق الحكم من أعلي الجهات الشرعية الاسلامية باستقلال الدين البهائي عن باقي الديانات والاعتراف به دينا جديدا له أصوله وأحكامه. وبناء علي دعوي الحسبة فقد حكم بالتفريق بين الأزواج وكان جدي وجدتي لأمي من ضمن المدعي عليهم ورفضت جدتي (المرأة الصعيدية) تنفيذ الحكم ووقفت أمام أشقاء وأعمام من أسرتها االمتشددين حيث المرأة لا رأي لها وكان يؤازرهم مأذون القرية وتشجعوا بحكم المحكمة لأخذ ابنتهم ولكن بإصرارها علي حقها في تقرير عقيدتها رفضت تنفيذ حكم المحكمة واستمر زواجهما حتي نهاية العمر

وأذكر أياما بعد أن هدأت الأموركيف عشنا نحن الأبناء مع آبائنا وأمهاتنا لسنوات في هذه القرية بكل احترام ومحبة مع أهل هذه القرية كانوا ينزلون ضيوفا في بيتنا وكنا نحتفل معهم بمناسباتهم الدينية والاجتماعية من حلقات ذكر يذبح فيها الذبائح وتقام الولائم وكذلك زواج وطهور أبنائهم وعقيقة مواليدهم وكانوا يتبادلون معنا التهاني بأعيادنا

ابني الحبيب .. أتأسف أيضا علي أيامكم هذه من حيث الإعلام المدفوع بالأحقاد والطيش وعدم البصيرة وانعدام مبدأ تحري الحقيقة في أي موضوع. وأجد أننا كنا أكثر حظا منكم . أيامنا كانت تصدر جرائد مثل جريدة المقطم بها مقالات ومناقشات في كافة الديانات من جميع وجهات النظر ومن جميع أصحاب الديانات وكيف كانت هذه النقاشات تتم بموضوعية وحرفية ونزاهة وصدق تام وأدب جم تأخذ بعقولنا حتي ونحن أطفال أو شباب

أتذكر أيضا يا ولدي أنني وعيت علي ما اذكرعام 1949 وما بعدها كيف كانت تعقد جلسات نقاش تستمر لمدي ليال طوال ويحضرها أناس طيبون من رجال القرية يتناقشون مع عدد ممن اعتنقوا الديانة البهائية من أبناء قريتهم من بينهم من هم حاصلون علي عالمية الأزهر وكيف كانوا جميعا يبحثون عن الحقيقة ويأنس كل منهم برأي الآخر وكانوا يقرأون من الكتب البهائية ويناقشون مدى صحتها من القرآن الكريم والآيات البينات بكل احترام ووضوح حتى لو اختلفوا في شيء كان اختلافهم جميلا مبتغاه الحق ويسترعي الاهتمام حيث يحترم كل منهم عقيدة الآخر. وكانت تناقش كيف كان الاعراض من أتباع كل ديانة سلف علي كل دين سماوي يأتي. كانوا يتضاحكون علي طرفة حدثت يوما في مجلس عزاء بالقرية حيث كان يوجد شخص طيب بسيط مسيحي الديانة يدعي باسليوس كان يتولي صباغة الملابس والعباءات كان حاضرا بمجلس العزاء وسأله فجأة أحد الحاضرين قائلا: ياباسليوس فيه نبي بعد محمد؟ فقال لا .. وهنا بادره صديق كان حاضرا في العزاء وسأله بنفس النبرة قائلا: يابلسليوس فيه نبي بعد عيسي؟ فقال لا..!!

أين أنتم من هذه الأيام من الماضي الجميل القريب

واليوم يا بني وبعد مرور كل هذه السنين وبعد انتشار العلم والحضارة بالرغم من أن زواج والديك بوثيقة زواج بهائية وبالرغم من أن شهادة ميلادك أنت وأختك وكذلك والدتك ووالدك مدون بهم خانة الديانة بهائي ولم يكن هناك ما يدعو أبدا لكل هذه الزعقة والضجة التي أثيرت بلا داع حيث انها لا تنم إلا عن ضيق الأفق وعدم الصبر وغياب أبسط مبادئ إعمال العقول وهو تحري الحقيقة

اليوم وفي القرن الحادي والعشرين وأنا لا أستطيع استخراج رقم قومي وجميعنا نواجه هذه الاشكالية من الحقوق المدنية أبسط مما يترتب عليه هو عدم إمكاني صرف معاشي منذ أشهر. أو عمل أي توكيل باسمي لأي شخص في أي شأن


وأنا أضيف لما قالته أم البهائي المصري: إلى متى يا مصر ستسمحين للذين شوهوا اسمك وتاريخك وأصروا على أن يضيفوا صفحات جديدة غريبة عن طبيعة ناسك الطيبين تحت مسمي "حفظ المصلحة العامة" بأن يعيثوا فيك فسادا! فأنت تحاولين أن تحفظي مصلحة مَن؟ ومِن مَن؟ إلى متى ستتهربين من اتخاذ قرارك وحسم قضيتك؟ ألا تعلمين أن عدم القرار إقرار بالضعف والعجز والقصور! هل ستستمرين بالسماح لأصحاب المصالح السياسية والوصوليين الذين يمثلون مصالحهم وطموحات غيرهم بالتلاعب بقراراتك وأحكام قضاءك! ماذا يحدث يا مصر حتى أنك لا تستطيعين أن تقولي كلمة حق؟ هل صرت من الوهن بحيث تخافين من أن تبثي في قضايا أبناءك؟ فهم يموتون أمام عينيك والعالم شاهد على ذلك، ومع ذلك لا نراك تتحركين. مما تخافين يا مصر؟ احسمي الأمور يا مصر وخذي موقف. موقف يمثل ضمير مصر وتاريخ مصر وحقيقة مصر، ولا تأبهي لما تفكر به الحكومة الإيرانية أو غيرها من القيادات التي نصّبت نفسها وريثة للإسلام وقوامة عليه. فأنت مسئولة أمام شعبك وأبناءك. فإن لهم عليك حق الحماية والرعاية والعدالة. فمتى ستعدلين؟