
أحاول دائما أن أفكر من منطلق منطق الغير في محاولة مني لفهم ما يدفع الآخرين إلى التفكير أو التصرف بشكل معين، لكن إصرار الحكومة المصرية على عدم إيجاد حل لقضية البهائيين المصريين يحيرني فعلا. ربما يعتقد الذين يحرضون هذه الحكومة على الاستمرار في موقفها وعدم إيجاد حل لقضية البهائيين المصريين بأن إصرارها سيدفع البهائيين المصريين إلى التراجع عن المطالبة بحقوقهم في الاعتقاد والمواطنة أو يحبط من عزمهم، لكن تصرفات هؤلاء المواطنين تدل على رسوخهم وإصرارهم على متابعة المسيرة إلى حين الحصول على حقوقهم، وأنا شخصيا على قناعة تامة بأنهم سيفعلون ذلك بغض النظر عن يتعرضون له من مشاكل ومشقات. وبالإضافة إلى موقف البهائيين المصريين، فالوقائع تثبت إن البهائيين في جميع إنحاء العالم يدعمون إخواتهم وأخواتهم البهائيين المصريين وعلى استعداد لطرح قضيتهم أمام إدارات الدول التي ينتمون إليها، وأمام الهيئات الإدارية والقضائية العالمية اذا إستدعي الأمر ذلك.
فما الذي ترجوه الدولة من سياستها الحالية؟ أذا كانت تهدف القضاء على البهائيين في مصر بوقف تنفيذ الحكم الصادر من الجهات القضائية بحق البهائيين إدراج ديانتهم في البطاقة الشخصية، فأعتقد بأنه رغم أنها نجحت في وقف تنفيذ القرار إلا أنها خسرت أكتر بكثير مما ربحت بسياستها هذه. قد يوضح هذا إدراج بعض ما أحرزته الدولة نتيجة قرارها وبعض ما أحرزه البهائيون
ما أحرزته الدولة
أوقفت قرار تنفيذ الحكم وأصرت على عدم امتلاك البهائيين الحق بتدوين ديانتهم في خانه الديانة في طلب البطاقة الرسمية
أثبتت أنها لن تتوانى عن التدخل في سلطة القضاء وتعديل قراراته كنتيجة لتحريض قوى سياسية معينة
أثبتت أنها لن تتوانى عن خرق أحكام الدستور الصريحة والتي تضمن للمواطن المصري حقه بالاعتقاد حسب المواد 40، 41، 45، 46، من الدستور المصري
أثبتت أنها أكثر حرصا على إشباع تعصب وحقد فئة من مواطنيها من حرصها على منح العدالة والمحافظة على حق كل المواطنين بما فيهم طائفة صغيرة مسالمة
أثبتت أنها تزدري توصيات مؤسسات حقوق الإنسان في الداخل وفي الخارج
أثبتت أنها بدل أعطاء المواطنين حقوقهم، تصدر حلولا غير منطقية مثل تدوين ديانة أب البهائي، بدل تدوين ديانته مع العلم أن العديد من أباء البهائيين المصريين بهائيين أيضا
أثبتت أنها تسمح للمسئولين فيها بالقيام بتصريحات تتضمن معلومات خاطئة وغير مثبتة ضد مواطنين مصريين لتبرر موقفها وسياستها
انبتت الفتاوى ضد البهائيين من قبل جهات دينية رسمية رجعية هذه الجهات وعدم رغبتها في السماح بالتعددية وتقبل الآخر في المجتمع المصري
ما أحرزه البهائيون المصريون
بالرغم من المصاعب التي يواجهها البهائيون المصريون فلقد أحرزوا ما يلي:
حصلوا على تغطية إعلامية هائلة نتيجة قرار الدولة التدخل ووقف قرار المحكمة الذي صدر لصالحهم
أعطيت الفرصة لهم لتعريف المجتمع المصري بمبادئ دينهم ودحض التهم الموجهة باطلا ضدهم نتجه اهتمام الإعلام العربي وخاصة المصري بتغطية الخبر
دفع القرار التعسفي وما نتج عنه من انتهاكات لحقوقهم إلى تدخل منظمات حقوق الإنسان المصرية والعالمية ومؤازرتها علنا لحق البهائيين المصريين
تم مناقشة قضيتهم أمام المجتمع العالمي مما ساعد على تعرف عدد أكبر من الناس بحقيقة الدين البهائي وتعاطفهم معه
عرضت قضيتهم أمام برلمانات العديد من الدول الغربية التي لها علاقات اقتصادية وسياسية وطيدة مع مصر مما نجم عنه اطلاع البرلمانيين على قضيتهم ودعم العديد منهم لها وتصريحهم بأن انتهاكات مصر لحقوق الإنسان قد يكون لها تأثير على التوصيات والقرارات التي قد تتخذها اللجان المختصة ببحت أواصر التعاون الاقتصادي والسياسي مع مصر
نشأت علاقة تعاون ودعم بينهم وبين غيرهم من الأقليات المصرية وخاصة الإخوة الأقباط الذين دعموا قضيتهم منذ البداية
دفع الظلم الذي لحق بهم إلى إنشاء مدونات ومواقع بهائية عربية توضح حقيقة البهائية وتدافع عن حقوق البهائيين المصريين
تبنى العديد من المدونين المصريين والعرب الدفاع عنهم وصارت قضيتهم جزء من المطالبة بحقوق الإنسان المصري والعربي بشكل عام
وبناء على الحقائق سابقة الذكر و أيماننا منا بأن البهائيين المصريين لن يتوقفوا عن المطالبة بحقوقهم، ألا ترى الجهات المسئولة أنه من الأفضل أن تحل قضية البهائيين المصريين بدل الاستمرار في تصعيد الموقف. وأنا لا أعتقد أن البهائيين مهتمين بالطريقة التي تطرح فيها الحلول، وإنما هم قد صرحوا مررا بأنهم لا يطالبون باعتراف الحكومة الرسمي بديانتهم، وإنما هم يطالبون بمنحهم الحرية في اختيار عقيدتهم وعدم إجبارهم على تدوين ما لا يدينون به كشرط للحصول على حقوق المواطنة التي يكفلها لهم الدستور المصري.
وأمل كبهائية أن تقرر الحكومة المصرية حل هذه القضية والسماح للمواطن البهائي المصري العيش في ظل وطنه بأمان والاستمرار بخدمته والعمل على إزدهاره