Wednesday, November 28, 2007

مشروع "طاقة فرج" للبهائين في مصر

كتب محمود محمد في ٢٧ نوفمبر ٢٠٠٧، في جريدة المصري اليوم خبرا مفاده أن لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب قررت استدعاءوزراء الداخلية والخارجية والعدل، ورئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، لمناقشة مدى مراعاة الأجهزة المعنية في الدولة تقارير حقوق الإنسان الصادرة عن المنظمات المحلية والإقليمية والدولية

وأضاف أن لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب تعهدت في تقرير لها حول خطة عملها خلال الدورة البرلمانية الحالية، "بدراسة تقارير المجلس القومي لحقوق الإنسان ومدي التزام الوزارات المعنية بتنفيذ توصياته، وبحث الشكاوي التي ترد إليها من المواطنين في الداخل والخارج، ومتابعة موقف حقوق الإنسان في العالم، وبصفة خاصة في المنطقة العربية والأفريقية، وعرض محصلة مناقشاتها علي النواب لإعلان رأي مجلس الشعب فيها للرأي العام الوطني والعالمي." وهنا نص المقال

قد تكون هذه المبادرة مؤشرا على أن الحكومة المصرية قررت التحرك والنظر في موقفها من قضايا وحقوق الإنسان في مصر والتأكد من إدراك المعنيين في الدوائر الحكومية ومؤسسات الدولة أهمية فهم والالتزام بهذه القرارات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتي صدقت عليها مصر مما يلزمها بها دوليا، خاصة وأن مصر الآن تتصدر دورا قياديا وتتحمل مسؤولية دولية فيما يتعلق بتطبيق هذه القرارات والنظر في التزام الدول الأخرى بها نتيجة انتخابها عضوا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والذي ادرجت نتاجه في منشوراتها، وحدث هذا رغم الاتنقادات المستمرة التي تواجهها مصر نتيجة لممارساتها والحالية وعدم تأمين هذه الحقوق لمواطنيها داخل مصر والتي يضمنها الاعلان العالمي لحقوق الانسان. اضغط هنا لقراءة نص الاعلان

وكان قد سبق هذا القرار تأكيدا من الدكتور بطرس غالي، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان في مقال نشرته جريدة المصري اليوم بتاريخ ٢٦ نوفمبر ٢٠٠٧ على "ضرورة أن تتحول مبادئ المواطنة في الفترة المقبلة إلي سياسات وقوانين محترمة، للحد من التمييز، سواء علي أساس الجنس أو الدين أو العرق." وهنا نص المقال

وأكد المقال أن الدكتور بطرس غالي دعا خلال افتتاحيه مؤتمر «المواطنة عدالة ومساواة» الذي نظمه المجلس القومي لحقوق الإنسان "جميع الوزارات والهيئات ومؤسسات المجتمع المدني للتشاور حول ما سيصدر عن المؤتمر من توصيات"، واقترح "استحداث لجنة دائمة لمنع التمييز، كما هو الحال في ديوان المظالم في المملكة المغربية والهيئة العليا في فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية." وتعتبر هذه دعوة واضحة وجريئة من قبل الدكتور غالي لمعالجة الوضع الراهن الذي تعيشه مصر

وأضاف المقال أن الدكتور بطرس غالي طالب مجلس الشعب، بضرورة مناقشة مشاريع أخرى تتعلق بقوانين تخص دور العبادة وجريمة التعذيب. وعلق بعض الأعضاء منهم الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، نائب رئيس المجلس على الموضوع قائلا: «هناك الكثيرون الذين يتحدثون عن حقوق الإنسان، وهم لم يتعلموا أدني الحقوق التي يطالبون بها»، وأضاف، «دعونا نعترف بأن سجل حقوق الإنسان في مصر ضعيف». أن مثل هذه التصريحات بدأنا نرى الموقف بوضوح أكبر، وأن في هذه الدعوة الصريحة للإصلاح مشروع طاقة فرج للبهائيين المصريين وغيرهم. اضغط هنا لقراءة المقال

لقد علمتنا الظروف السابقة الحذر في توخي الحلول العادلة، ومع ذلك لا يسعني إلا أن أعبر عن التفاؤل بهذه المبادرة الجديدة وما قد ينجم عنها. فربما يكبر مشروع طاقة الفرج هذه وتصير مصر وطنا عادلا تحكمه قوانين تكفل حقوق مواطنيه وتسمح لهم بالعيش الكريم والمشاركة في مسيرة العطا. قوانين عادلة وواضحة لا تقبل اللبس والتأويل، يطبقها الحكام والإداريين رغبوا أو رغم أنفهم. عندها فقط يصير بإمكان مصر أن ترفع رأسها شامخا وتساعد في قيادة العالم نحو مستقبل أفضل. فلقد آن الأوان لأن تفعل ذلك. ونرجو أن تكون النتائج التي تأمل اللجنه بإعلانها لـ "الرأي العام الوطني والعالمي" كما جاء في نص التصريح، مشرفه و"بترفع رأس" مصر وكل المصريين والعرب

Sunday, November 11, 2007

رسالة أم بهائي مصري

لم أكتب منذ أكثر من أربعة أشهر، فلقد بدأت أشعر أن القضية قد بلغت مرحلة التصلب، وأن "لا حياة لمن تنادي". وازدادت الأحداث خلال الشهور الماضية من قناعتي بأن القضية في الحقيقة ليست قضية البهائيين بشكل مباشر، رغم أنهم المتضررون من نتائجها ، وإنما هي قضية مصر والمصريين... إن الأسطر القليلة السابقة هي بداية مقالة وبحث مفصل بدأت بكتابته عن قضية البهائيين المصريين. وببنما كنت أحاول أن أعيد قراءة مقالتي قبل نشرها، والتي اعتقدت أن فيها تلخيصا للوضع الحالي ودراسة موضوعية علمية لما يحدث في مصر، فكرت بأن أمر على مدونة البهائي المصري ، فأنا لم أمر عليها منذ فترة. وهناك أطلعت على رسالة من أمه نشرها في 25 أكتوبر ورأيت أن هذه الرسالة أكثر بلاغة من أي تحليل موضوعي علمي او دراسة قد أقوم بها أو يقوم بها الكثير من أصحاب الشهادات العلمية والمراكز المرموقة. ففي الرسالة "لب" الموضوع وحقائق الأمور، كما تراها أم، وما أصدق الأمهات! وإليكم بنص الرسالة


ولدي الحبيب

ياحسرة علي الماضي الجميل القريب

كنت أتمني لكم أن تعيشوا أياما أسعد من أيامنا ولكن للأسف يؤلمني كثيرا أن أيامكم أسوأ بكثير من كل النواحي فبالرغم مما تتغني به الأنظمة والمؤسسات بمبادئ الحرية والديموقراطية .. التي يبدو أن لا وجود لها إلا لأغراض الدعاية في المؤتمرات الكلامية والمقالات الإنشائية في الجرائد

كم كانت سعادتي اليوم وأنا أقلب أوراقا عائلية قديمة فوجدت عقد زواج جدك وجدتك مؤرخ 1938 ولأنهما يدينان بالديانة البهائية فقد تم عقد الزواج حسب الشريعة البهائية وكانوا في قريتهم (كوم الصعايدة مركز ببا مديرية بني سويف) بصعيد مصر وكم كانت سعادتي أيضا عندما وجدت شهادة ميلادي الصادرة في عام 1943 من مديرية الصحة ببا بني سويف وبها خانة الديانة بهائية. وكلما احتجت لصورة من سجلات المواليد صدرت بنفس البيانات دون تحريف أو تدخل للتزوير من أي جهة

هناك في هذه المنطقة من العالم عام 1925 صدر حكما قضائيا بمحكمة ببا الشرعية كان له كل الأهمية في تاريخ الديانة البهائية بمصر. فبعد الاضطهاد الشديد لمن اعتنقوا الدين البهائي من هذه القرية وبعد أن أقام مأذون القرية دعوي الحسبة يطلب التفريق بين الأزواج لأنهم كانوا قد تزوجوا بعقود اسلامية واعتنقوا الدين الجديد وجاء نطق الحكم من أعلي الجهات الشرعية الاسلامية باستقلال الدين البهائي عن باقي الديانات والاعتراف به دينا جديدا له أصوله وأحكامه. وبناء علي دعوي الحسبة فقد حكم بالتفريق بين الأزواج وكان جدي وجدتي لأمي من ضمن المدعي عليهم ورفضت جدتي (المرأة الصعيدية) تنفيذ الحكم ووقفت أمام أشقاء وأعمام من أسرتها االمتشددين حيث المرأة لا رأي لها وكان يؤازرهم مأذون القرية وتشجعوا بحكم المحكمة لأخذ ابنتهم ولكن بإصرارها علي حقها في تقرير عقيدتها رفضت تنفيذ حكم المحكمة واستمر زواجهما حتي نهاية العمر

وأذكر أياما بعد أن هدأت الأموركيف عشنا نحن الأبناء مع آبائنا وأمهاتنا لسنوات في هذه القرية بكل احترام ومحبة مع أهل هذه القرية كانوا ينزلون ضيوفا في بيتنا وكنا نحتفل معهم بمناسباتهم الدينية والاجتماعية من حلقات ذكر يذبح فيها الذبائح وتقام الولائم وكذلك زواج وطهور أبنائهم وعقيقة مواليدهم وكانوا يتبادلون معنا التهاني بأعيادنا

ابني الحبيب .. أتأسف أيضا علي أيامكم هذه من حيث الإعلام المدفوع بالأحقاد والطيش وعدم البصيرة وانعدام مبدأ تحري الحقيقة في أي موضوع. وأجد أننا كنا أكثر حظا منكم . أيامنا كانت تصدر جرائد مثل جريدة المقطم بها مقالات ومناقشات في كافة الديانات من جميع وجهات النظر ومن جميع أصحاب الديانات وكيف كانت هذه النقاشات تتم بموضوعية وحرفية ونزاهة وصدق تام وأدب جم تأخذ بعقولنا حتي ونحن أطفال أو شباب

أتذكر أيضا يا ولدي أنني وعيت علي ما اذكرعام 1949 وما بعدها كيف كانت تعقد جلسات نقاش تستمر لمدي ليال طوال ويحضرها أناس طيبون من رجال القرية يتناقشون مع عدد ممن اعتنقوا الديانة البهائية من أبناء قريتهم من بينهم من هم حاصلون علي عالمية الأزهر وكيف كانوا جميعا يبحثون عن الحقيقة ويأنس كل منهم برأي الآخر وكانوا يقرأون من الكتب البهائية ويناقشون مدى صحتها من القرآن الكريم والآيات البينات بكل احترام ووضوح حتى لو اختلفوا في شيء كان اختلافهم جميلا مبتغاه الحق ويسترعي الاهتمام حيث يحترم كل منهم عقيدة الآخر. وكانت تناقش كيف كان الاعراض من أتباع كل ديانة سلف علي كل دين سماوي يأتي. كانوا يتضاحكون علي طرفة حدثت يوما في مجلس عزاء بالقرية حيث كان يوجد شخص طيب بسيط مسيحي الديانة يدعي باسليوس كان يتولي صباغة الملابس والعباءات كان حاضرا بمجلس العزاء وسأله فجأة أحد الحاضرين قائلا: ياباسليوس فيه نبي بعد محمد؟ فقال لا .. وهنا بادره صديق كان حاضرا في العزاء وسأله بنفس النبرة قائلا: يابلسليوس فيه نبي بعد عيسي؟ فقال لا..!!

أين أنتم من هذه الأيام من الماضي الجميل القريب

واليوم يا بني وبعد مرور كل هذه السنين وبعد انتشار العلم والحضارة بالرغم من أن زواج والديك بوثيقة زواج بهائية وبالرغم من أن شهادة ميلادك أنت وأختك وكذلك والدتك ووالدك مدون بهم خانة الديانة بهائي ولم يكن هناك ما يدعو أبدا لكل هذه الزعقة والضجة التي أثيرت بلا داع حيث انها لا تنم إلا عن ضيق الأفق وعدم الصبر وغياب أبسط مبادئ إعمال العقول وهو تحري الحقيقة

اليوم وفي القرن الحادي والعشرين وأنا لا أستطيع استخراج رقم قومي وجميعنا نواجه هذه الاشكالية من الحقوق المدنية أبسط مما يترتب عليه هو عدم إمكاني صرف معاشي منذ أشهر. أو عمل أي توكيل باسمي لأي شخص في أي شأن


وأنا أضيف لما قالته أم البهائي المصري: إلى متى يا مصر ستسمحين للذين شوهوا اسمك وتاريخك وأصروا على أن يضيفوا صفحات جديدة غريبة عن طبيعة ناسك الطيبين تحت مسمي "حفظ المصلحة العامة" بأن يعيثوا فيك فسادا! فأنت تحاولين أن تحفظي مصلحة مَن؟ ومِن مَن؟ إلى متى ستتهربين من اتخاذ قرارك وحسم قضيتك؟ ألا تعلمين أن عدم القرار إقرار بالضعف والعجز والقصور! هل ستستمرين بالسماح لأصحاب المصالح السياسية والوصوليين الذين يمثلون مصالحهم وطموحات غيرهم بالتلاعب بقراراتك وأحكام قضاءك! ماذا يحدث يا مصر حتى أنك لا تستطيعين أن تقولي كلمة حق؟ هل صرت من الوهن بحيث تخافين من أن تبثي في قضايا أبناءك؟ فهم يموتون أمام عينيك والعالم شاهد على ذلك، ومع ذلك لا نراك تتحركين. مما تخافين يا مصر؟ احسمي الأمور يا مصر وخذي موقف. موقف يمثل ضمير مصر وتاريخ مصر وحقيقة مصر، ولا تأبهي لما تفكر به الحكومة الإيرانية أو غيرها من القيادات التي نصّبت نفسها وريثة للإسلام وقوامة عليه. فأنت مسئولة أمام شعبك وأبناءك. فإن لهم عليك حق الحماية والرعاية والعدالة. فمتى ستعدلين؟

Sunday, June 24, 2007

ثقافة المصادرة في وطن الخوف



كتبت الصحفية سحر الجعارة بتاريخ ٢٢/٦/٢٠٠٧ في جريدة المصري اليوم مقالة بعنوان ثقافة المصادرة تقارن فيها ردود فعل الغرب "للخيال المباح" وتمسكنا في الشرق بعقيدة "الاضطهاد والمؤامرة على الإسلام ونفوسنا" نستعملها حبلا نشنق به أي فكر يختلف معنا او "يُخيل" لنا أنه اختلف معنا. وتتعرض الكاتبة من خلال مقالتها إلى مصادرة الفلم التسجيلي القصير "عقيدتي البهائية" الذي أنتجه ألأستاذ أحمد عزت على نفقته الخاصة أيمانا منه بضرورة طرح قضية البهائيين المصريين بأمانه للمواطن المصري والعربي ) يمكن مشاهدة مقطع من الفلم الممنوع بالضغط هنا. وفي رأي كاتبة المقالة، الفلم الوثائقي هو: "عرضا أمينا لرأي الجانبين: جماعة البهائية التي خسرت دعوي تدوين بهائي في خانة الديانة، في مقابل المتشددين دينيا ممن ينادون بتطبيق حد الردة أو الحرابة عليهم أو نفيهم من مصر". وتستمر الأخت سحر بتحليلها الشمولي لفكرة المؤامرة وعادة التكفير وردود الفعل المتمثلة بالمصادرة والتشكيك والتخويف والتشنج وتنصيب النفس قوامة على تصرفات الغير وأفكارهم وعقائدهم وممارساتهم حتى لو كانت فردية لا تمس المجتمع من قريب أو من بعيد

وتثير الأخت سحر في مقالها العديد من الأمور الجوهرية التي تمس صلب قدرتنا كمجتمعات عربية على التعايش مع الغير. فهي ترى أن المهم هو أن نبحث في دلالات ممارساتنا بدل محاولة تبرير هذه الممارسات وعرض ما يدعم هذا التبرير. وفي محاولة من الكاتبة لتوصيل مدى خصوصية حرية الاعتقاد تقول: "من يسخر من دعاوي حقوق الإنسان التي تطالب بحرية الاعتقاد، فعليه أن يشهر سيفا ليشق به صدور ملايين من المصريين، لا نعرف شيئا عن ضمائرهم." وتوضح في مقولتها الدرامية والفعالة هذه أنه لا يمكن للآخرين أن يعرفوا أو يتحكموا بما في ضمائر وقلوب الناس، وكم محقة هي في ذلك! وفيما يلي نص المقالة الكامل

إنه فيلم.. لكنه ليس كأي فيلم.. البطل في فيلم (بروس اولميتي) يجسد صورة الله (هذا هو الكفر بعينه والعياذ بالله).. والإله حائر من تذمر البشر الذين لا يملون الطمع!!. ولذا تنازل ليوم واحد عن عنايته للأرض وما عليها لـ«إنسان» من أولئك المتذمرين (جسده جيم كاري)، لنصل في نهاية الفيلم إلي «إدراك» تجاوز الألوهية قدرات البشر المحدودة، ونقر بفكرة الإعجاز الإلهي التي تحار العقول في فهمها

في الغرب (الكافر) لم تدق أجراس الكنائس لتلعن (مورجان فريمان) لأنه جسد صورة الله، لم يتظاهر حاخامات اليهود علي أبواب دور العرض.. وقطعا التشنج العربي لم يمنع عرض الفيلم، والشركة المنتجة لم تخسر كثيرا من مقاطعته عربيا

«الخيال المباح» ليس خطرا علي الأديان السماوية، حتي الأديان «الطفيلية» التي تأخذ شكل الموضات في الغرب لا يرتعد منها إلا المسلمون

نحن من زرع عقدة الاضطهاد والمؤامرة علي الإسلام في نفوسنا، وخلقنا الخوف الهستيري ليس من الديانات السماوية فحسب، بل من أقليات محاصرة في خندق مذهبي ضيق

الخليج بأكمله لم يتضرر من كثافة الوجود الشيعي، لكننا لا نري إلا صراع السنة والشيعة في العراق، ونتمسك بسيناريو الرعب الذي أغرق لبنان في مستنقع الفتنة الطائفية، لنمارس ثقافة المصادرة علي الجميع

لا يهم الآن من الذي صادر الفيلم التسجيلي «عقيدتي البهائية»، الأهم دلالات المصادرة: هل الإسلام دين هش يسهل اختراقه بأفكار الطائفة البهائية؟.. هذا سؤال يجوز طرحه إذا كان الفيلم يروج لأفكار البهائية، لكن الفيلم التسجيلي القصير قدم في ٢٤ دقيقة، عرضا أمينا لرأي الجانبين: جماعة البهائية التي خسرت دعوي تدوين بهائي في خانة الديانة، في مقابل المتشددين دينيا ممن ينادون بتطبيق حد الردة أو الحرابة عليهم أو نفيهم من مصر

الفيلم -كما شاهدته - يوثق لحظة تهدر فيها «الحقوق المدنية» لبعض المصريين الذين خرجوا من عباءة الأديان الثلاثة، وسكنوا خانة «١٩» المقدسة في اعتقادهم. وهذه ليست بدعة من بنات أفكار «أحمد عزت»، لقد سبق أن تبارت جميع الصحف في عرض أفكار البهائية وشعائرهم وكتابهم الأقدس، كما استضافهم الزميل «وائل الإبراشي» علي قناة «دريم» وناقشهم في أفكارهم في حضور من يكفرهم بالقرآن والسنة

وهذا ما فعله الأزهر نفسه، فإذا نظرت الآن إلي المجتمع ستري نصفه يكفر النصف الآخر، بدءا من الخلاف علي صعود السيد «المسيح» أو موته صلبا، وصولا إلي روايات لا يقرأها أحد، ودعاوي حسبة تهدد كل من تجرأ وفكر!

من يسخر من دعاوي حقوق الإنسان التي تطالب بحرية الاعتقاد، فعليه أن يشهر سيفا ليشق به صدور ملايين من المصريين، لا نعرف شيئا عن ضمائرهم

لقد أصبحنا مجتمعا «مهدر الدم»، من الحكومة التي يراها أصحاب «الفكر الجهادي» كافرة لا تطبق شرع الله، إلي الطائفة البهائية التي تم تكفيرها في حيثيات حكم المحكمة

الآن من حق أي مهووس أن يقيم «الحد» علي من يراه كافرا: جارته التي لا ترتدي الحجاب، مفكرًا يسعي لتجديد الخطاب، مبدعا يوثق إشكالية وجود البهائيين، وزيرا يتجاسر ويطلق حرية بناء الكنائس، أو شيعيا أو بهائيا

لقد سقطنا في بحر الضلال حين تصورنا أن «أمن الدولة" مسؤولة حتي عن حماية العقيدة.. تري من المسؤول عن حماية "الأمن الاجتماعي» من الفتنة أو بالأدق الفوضي المقبلة؟

(جملة خاصة لقراء المصري اليوم): في محنة الفقد شعرت أنكم معي، أحسست أن لي بينكم أخوة وأخوات.. كل الامتنان لمشاعركم النبيلة

ومع إنني بهائية مهدورة الدم والحقوق حسب رأي البعض من إخوتي وأخواتي المسلمين، فأنا لا يقض مضجعي أراء هؤلاء الأخوة والأخوات ولا تؤرقني فتاوى الأزهر ومشايخه ولكنني بالعكس أشفق عليهم من سوء فهمهم لحقيقية ما أراده الله تعالى من إرسال رسله وتعاليمه للبشر لتهذيب وصقل النفوس وتطهيرها من كل ما لا يليق بها. أنا في الحقيقة لا استوعب كيف انه من الممكن أن يعيش إنسان ما مع كل هذا الحقد والبغض لإنسان آخر إلى درجة تدفعه إلى منطَقة وتبرير إهدار دم الآخر لمجرد انه يختلف معه في طريقة عبادته للخالق، او لان هذا الآخر يدعى انه على علم برسالة جديدة من الخالق لم تصل سمعهم أو يشكون بصحتها! ما يدهشني فعلا أن الغرور وصل بالبعض إلى درجة اعتقادهم بأنهم بحقدهم يحمون الله ودينه حتى مما يدور في عقل وقلب وخيال وأحلام الآخرين. فأي مستقبل نأمل به في وطن يرى الفرد خلاصَه في التخلص ممن يختلف عنه، في وطن تصادر فيه الأشعار والأفكار والأحلام وصفحات المدونين؟

Saturday, June 16, 2007

سيد عكا وأبو الفقراء

سيد عكا، هذا هو اللقب الذي أطلقة سليم قبعيين الكاتب والمترجم الفلسطيني المشهور على حضرة عبد البهاء، الإبن الأرشد لحضرة بهاء الله، مؤسس الديانة البهائية. وفي خضم كل المحاولات اليائسة التي تقوم بها الجهات المتطرفة لتشويه سمعة الدين البهائي وقياداته، واتهامهم مرة بالجنون وأخرى بالفسق والفساد والفجور، رأيت أنه من الضروري إدراج ما قاله معاصري قيادات الدين البهائي العرب في وصفهم لحياة ومسلك هذه القيادات الذي لا يشوبه شائبة وإنما هو مثال في حسن السيرة والسلوك والعمل الصالح. وأدرجت في نهاية المقال معلومات عن بحث جديد قام بة الشاعر والباحث والأديب البحريني المعاصر علي الجلاوي في كتابه عن البهائيين في البحرين الذي نشر عام 2005م. ومع أن الكتاب يتضمن بعض الاستنتاجات التي تعبر عن رأي الكاتب الشخصي ولا تتفق مع ما يؤمن به البهائيين، الا أنه محاولة جادة تعرض بامانة ونزاهة تاريخ البهائيين في البحرين وحرصهم على خدمة مجتمعهم كما تأمرهم تعاليم دينهم وكما كان يفعل حضرة بهاء الله وحضرة عبد البهاء. ولقد اعتمدت قصدا أن أعرض هنا ما كُتب عن حضرةعبد البهاء بقلم سليم قبعين، العربي غير البهائي الذي عرف حضرة عبد البهاء شخصيا لأوضح للقارئ العربي بأن هذا ما قاله العرب أنفسهم عن قيادات البهائية. ومن المؤسف أن زعماء الجماعات الإسلامية المتطرفة الحاليين الذين يفترض أن يكونوا على علم ببعض هذه الكتابات لان البحث في شخص وتاريخ حضرة عبد البهاء مدون في الكتب الإسلامية ولان قبعين والبحري وغيرهم من أعلام الكتاب والصحفين العرب في ذلك والوقت مدحوا البهائية وتعاليمها، ولان قادة مرموقين من كبار العرب والمسلمين ومنهم الأستاذ الإمام محمد عبده نفسه قد قالوا رأيهم في وصف خصال حضرة عبد البهاء الحميدة، فانا أستغرب كيف يستمرالعديد من قادة المسلمين الدينيين الحالين في مصر وغيرها في نشر أكاذيبهم وتلفيق الادعاءات ضد البهائية والبهائيين. ومن المؤسف أيضا أننا لا نرى من يدعو الى إيقاف ذلك وإظهار الحق بين المسلمين سوى القلة القليلة

في رأيي، أن تكون قائدا دينيا بغض النظر عن الدين الذي تتبعه، يفرض عليك أن تكون موضع ثقة وأن لا تخاف من قول الحق "ولو كان على قطع رأسك".. لا يعني اعترافنا بالمزايا الطيبة لمن نختلف معهم في الرأي اعترافا منا بما يؤمنون به، فهناك فصل واضح بين ما يتفق وما يختلف عليه الاسلام والبهائية، ولن يجعل الذين يقولون كلمة حق في البهائية منهم أتباعا لها لمجرد اعترافهم بخصال البهائية الحميدة والمفيد مما تطرحه. فمن الجدير بالقيادات الدينية أن تكون مثالا للصدق والإنصاف أذا كانت ترغب في رضى الله واحترام أتباعها. ومن الغريب ان هذا كان يعتبر في ثقافتنا العربية من الممارسات المتفق عليها كضرورة اجتماعية، فماذا جرى لعاداتنا وتقاليدنا العريقة؟ فها نحن نرى المرتزقة اليوم، تحت لواء الدين، يذبحون الثقافة والعادات العربية ويقدمونها قربانا للحفاظ على مناصبهم وإضلالا منهم للناس وبعثا للفتنة بينهم. وأنا كغير مسلمة أرى أن هذا ليس بالإسلام السمح من شيء، فكيف لا يرى بعض المسلمين أنفسهم هذا؟

وأعود هنا للحديث عن سليم قبعين وما كتب. سليم قبعين كما ذكرت، كاتب ومترجم فلسطيني ولد في مدينة الناصرة في 1870 م. وكان من أوائل خريجي دار المعلمين الروسية فيها. شارك في إنشاء عدة صحف مصرية و كان له نشاط وفير في مقالاتها. من إنجازاته المشهورة تعريف القارئ العربي بكبار الكتاب الروس أمثال مكسيم غوركي وتولستوي وبوشكين وغيرهم من خلال ترجمته للعديد من كتبهم. ومن بين الأعمال الأخرى التي ترجمها كتاباً لتولستوي بعنوان "حِكَم النبي محمد" ترجمه عام 1912 م. وانقل فيما يلي حرفيا من كتاب الأستاذ سليم قبعين بعنوان عبد البهاء والبهائية (يدرج موقع حقائق عن الدين البهائي بابان من أبواب هذا الكتاب) وهو كتاب نشرته دار العمران في القاهرة عام 1922 م . ويضم الكتاب عددا كبيرا من النصوص والمراسلات التي تمت بين حضرت عبد البهاء وأعيان العرب في المنطقة. ويضم الكتاب أيضا عدد كبيرا من القصائد والمراثي التي قالها العرب حين وفاة عبد البهاء وفي مناسبة ذكرى الأربعين من وفاته، والعديد من هذه النصوص مدرج أيضا في كتاب عبد البهاء عباس والديانة البهائية. تأليف جميل البحري (صاحب المكتبة الوطنية ومجلة زهرة الجميل) - المكتبة الوطنية - حيفا - 30 تشرين الثاني 1921م. وهنا نص من كتابه

قلنا أنّ عباس أفندي أقام نفسه مثالاً في أعمال البرّ وخصال الخير، وقدوة حسنة للمؤمنين والراغبين في سلوك سبيل السلامة، فلا بأس أنْ نلخّص لحضرات القرّاء ما مهّد به المستر فيليب المحامي بمدينة نيويورك بأمريكا تاريخه عن البهائية، من الكلمة التي كتبها عن عباس أفندي وجعلها طالعة كلامه قال: نزلت في سياحتي الفلسطينية بمدينة عكاء في منزل عتيق يطلّ على شارع مبلّط قليل الاتّساع، بحيث يتسنّى للرجل النشيط أنْ ينظفه في لمحات قليلة، تعلوه شمس فلسطين اللاّمعة المضيئة. وعلى يمينه السور البحري القديم والبحر الأبيض المتوسط

وفي ذات يوم (بعد شهر أقمته بذلك المنزل) بينما نحن جلوس، وإذا بجلبة عظيمة وضجّة وضوضاء على بعد ثلاثين قدماً منّا، ففتحنا النافذة فوقع نظرنا على جملة أناس بأثواب بالية مرقّعة ممزّقة. ثمّ نزلنا لنرى من هؤلاء، فعلمنا أنّهم من البائسين الجديرين بالإحسان، إذ تراهم بين عميان ونحاف نحال صفر الألوان، وشيوخ طاعنين في السّن من ذوي العكازات العاجزين عن المشي والضعاف الذين لا يمشون إلاّ بشقّ الأنفس ومن بينهم نساء مقنّعات، وبانكشاف المقنّعات عرفنا أنّهن لم يسترن إلاّ البؤس المؤلم
ومنهن من يحملن أطفالاً نحال الأبدان، صفر الألوان، ويبلغ هذا الجمع نحو مائة شخص سوى كثيرين من الأطفال وهم يكوّنون في مجموعهم جميع العناصر التي يراها المارّ في هذه الشوارع من شوام وعرب وزنوج وغيرهم. وما لبث هذا الجمع أنْ اصطفّوا منتظرين، فطفقنا ننظر ماذا ينتظر هؤلاء، وإذا بباب قد فتح وخرج منه رجل متوسّط القامة منتظم التركيب، يلبس قفطاناً أبيض وعلى رأسه العمامة ويبلغ من العمر نحو ستين سنة، ويتدلّى شعره المشوب بالشيب على كتفيه عريض الجبهة الوضاحة العالية، قاني الأنف خفيف الشارب واللحية المستديرة التي وخط شعرها المشيب ذو عينين زرقاوين واسعتين مع نظر ثاقب وهيئة بسيطة إلاّ أنّ في انتظام حركاته ما يدلّ على الجمال والجلال

خرج هذا الرجل واتّجه نحو الجميع، وبوصوله إليهم أخذ يحييهم بألفاظ لا نفهمها، ولكن ما يرى من هيئته ينم عن رقّة وشفقة، ثمّ وقف في زاوية ضيّقة من الشارع، وأشار إليهم بالإقبال عليه، فالتفّوا حوله التفاف السوار بالمعصم، إلاّ أنّه كان يبعدهم عنه بلطف ويدعوهم بالمرور أمامه واحداً واحداً، وكلّما مرّ عليه رجل من القوم رأيت يده إليه ممدودة حيث يضع بعض النقود وهو يعرفهم جميعاً ويلاطفهم بوضع يده على وجوههم تارة وعلى أكتافهم ورؤوسهم تارة أخرى، ويوقف بعضهم ويستعلم عن حاله، ويحيّي بعض العبيد المتقدمين في السن بالاستعلام منه عن أمره ببعض عبارات رقيقة، فيبدو السرور على وجه الرجل وتظهر ثناياه البيضاء من وجهه الأبنوسي عند الجواب. وتارة يوقف بعض السيدات ويلاعب طفلها بشفقة عظيمة، وحين مرورهم عليه، وتقبيل بعضهم يديه يحيّيهم جميعاً بقوله (مرحباً مرحباً) وعلى هذا النحو يمرّ الجميع

وقد كان الأطفال ملتفّين حوله وأيديهم ممدودة، ولكنه لم يعطهم شيئاً، وحين همّ بالرجوع، نثر قبضة من العملة النحاسية حيث كان الكلّ من أجل ذلك في نزاع. وقد كان صاحبنا الملقّب بأبي الفقراء متبوعاً بجملة رجال يلبسون الطرابيش الحمر، ويظهر على وجوههم الحنان والبِشر، وكانوا وقوفاً بالقرب منه، ولهم يد في تنظيم هذا الجمع. فلمّا قفل راجعاً، تبعوه مع غاية الاحترام حيث يتأخرون عنه مسافة وكلّما أرادوا نداءَه دعوه بلفظ (المولى)

ويمكنك أنْ ترى هذا المنظر بشوارع عكاء في أيّ يوم من أيام السنة، وله نظائر مماثلة له، لكنّها لا تحدث إلاّ في ابتداء الشتاء حيث يتألم الفقراء. ويمكنك (لو دلّك إنسان على الزمان والمكان) أنْ ترى فقراء عكاء مجتمعين في أحد حوانيت بائعي الملابس ليستلم كلّ منهم رداء من (المولى) وهو يلبس أغلبهم بنفسه وخصوصاً العجزة والمقعدين ويقيسها عليهم بيديه قائلاً لهم (مبروك). ويوجد بعكاء نحو خمسمائة أو ستمائة فقير يأخذ كلّ منهم رداء جميلاً منه كلّ عام. وفي أيام المواسم يزور الفقراء في بيوتهم ويسألهم عن حالهم وعن صحتهم وراحتهم ذاكراً أسماء الغائبين منهم، ويترك هدايا للجميع. وليس فقط هؤلاء الشحاذون الذين يوجّه عنايته إليهم، بل ينتظم في سلك عنايته أيضاً أناس لا يمكنهم إراقة ماء وجوههم بذلّ السؤال، وإنّما يتألمون في نفوسهم كالذين لا يكفيهم مكسبهم اليومي ولا يعول عائلاتهم. لمثل هؤلاء يرسل الخبز سرّاً بحيث لا تعرف يمينه ما تصنعه شماله. الناس جميعاً يعرفونه ويحبونه غنيهم وفقيرهم، كبيرهم وصغيرهم، حتّى الأطفال في أحضان أمهاتهم لو سمع أنّ أحدهم ألمّ به المرض مسلماً أو مسيحياً أو متديناً بأيّ دين، كان يهتم بذلك كثيراً وتراه عندهم بجانب فراشهم كلّ يوم أو يرسل رسولاً أميناً. ولو كان العليل فقيراً واقتضى الحال طبيباً أرسل في طلب طبيب وفي استدعاء الإسعافات الضرورية من الدواء. وإذا وجد أنّ سقف المكان غير محكم أو زجاج بعض النوافذ مكسوراً وأنّ ذلك مهدّداً للصحة أرسل في استحضار أحد العمال للإصلاح، ثم انتظر تمام العمل ليتأكد من حصول المطلوب. وإذا تعب أحدهم أو أُلقي أحد أقاربه في أعماق السجون أو وقع تحت طائلة القانون أو حدثت له مشكلة نأى عن حملها، توجّه في الحال إلى (المولى) ليستنجده أو ليستمد منه النصيحة أو المعونة. نعم يحضر الجميع ليستمدوا منه النصيحة، غنيهم وفقيرهم، كاستمدادهم من أب شفوق لهم وأظن أنّ القارئ يتوهّم في رجل جواد كهذا يعطي بلا حساب أنّه غني، لا وعمر الحقّ، ولو أنّه كان من أغنى عائلة في الفرس، ومع هذا فإنّ الرجل جرى عليه ما جرى على الجليلين، ذلك أنّه منذ خمسين سنة نفي وسجن هو وعائلته، وصودر بعض أملاكه ونهب البعض الآخر، ولم يبق له إلاّ القليل. وحيث أنّ ما لديه اليوم كذلك فهو يقتصد من نفقاته كي يتمكّن من الإحسان. وملابسه عادة قطنية رخيصة الثمن، ولا يسمح لعائلته بعيشة الرفاهية ولا يأكل سوى مرّة واحدة في اليوم ويكفيه شيء من الخبز والزيتون والجبن، أمّا غرفته فصغيرة وعارية من الأثاث وليس فيها سوى حصيرة. ودائماً يقول كيف أتمتّع بنوم الرفاهية بينما الكثير من الفقراء ليس لهم مأوى لذا ينام على البلاط ويلف نفسه بعبائته فقط

ومنذ مدّة تربو على أربعة وثلاثين عاماً، سجن هذا الرجل بمدينة عكاء، ولكن سجّانيه أصبحوا من أحبائه، فحاكم المدينة وقائد حاميتها يحترمانه ويبجّلانه كأنّه أخوهما، ولا يعتبران إلاّ نصائحه، ولا يعملان إلاّ برأيه، وهو محبوب من جميع طبقات شعب هذه المدينة كبيرها وصغيرها، وهو طبعاً محب للجميع كيف لا وهو المحافظ الوحيد للقانون الذي قنّنه عيسى الناصري (أنْ تحسن إلى من أساء إليك) فهل سمع أحدكم للآن برجل في العالم يفتخر بأنّه يقتفي أثر السيد المسيح الذي كان يعيش تلك المعيشة. هذا السيد بسيط بقدر عظمة روحه، ولا يطلب لنفسه شيئاً من التسلية أو الاحترام أو الراحة، فثلاث أو أربع ساعات كافية لنومه، وباقي وقته مصروف في إغاثة أهل البؤس والعوز ودائماً يقول أنا عبد الله وخادمه

هذا هو عباس أفندي، سيد عكاء، وفي تقديم ترجمته إلى القارئ قد ذكرت أخلاقه الخارقة للعادة والتي تؤثّر في القلوب تأثيراً عظيماً. ولكن هذه الصفات لم تكن إلاّ أزهاراً يانعة ملائمة للطبيعة الكائنة في محتويات وجوده. أمّا أحواله المتنوعة المختصّة بحياته، فإنّك تجده ثابتاً شديداً، بينما تجده في حالة أخرى لين الجانب شفوقاً حنوناً وهو في عائلته المحور الذي تدور عليه والرأس المفكّر المدبّر والوالد الحنون والزوج الودود، وهو بين الرجال قوي جدّي ذو عزم ثابت وفراسة صادقة وفكرة متوقّدة وحكم مسموع نافذ وإدراك حقّ وبين أتباعه منوط بكلّ الأعمال يدبر وينظم مصالحهم

هذا جزء بسيط مما أدرجه سليم قبعين عن مزايا وخصال حضرة عبد البهاء. سأحاول نشر المزيد من مقتطفات هذا الكتاب في مقالات قادمة. وأتمنى لو يقوم الدارسين العرب بالبحث في حقائق الأمور فيما يتعلق بالبهائية ونشر نتائج ابحاتهم ودراستهم وتوضيح تاريخ البهائية في العالم العربي وعلاقة البهائيين في المجتمعات العربية منذ بداية الدين البهائي حتى يومنا هذا. ولا يسعني هنا سوى أن أؤكد حاجتنا لمزيد من البحث العلمي الموضوعي الذي يهدف الى وصف حقيقة ونتائج التواجد الاجتماعي للبهائيين في المجتمعات العربية كما كتب ونشر الشاعر والأديب البحريني
علي الجلاوي في كتابه: البهائية: السيرة – التأسيس – المعتقد (البهائيون في البحرين أنموذجا). لقد نشر هذا الكتاب عام 2005م ونشره مركز الجلاوي للدراسات والبحوث. ويمكن الاطلاع على تعليق على الكتاب بقلم علي أحمد الديري نشرته صحيفة الوقت البحرينية في عددها 355 بتأريخ 10 فبراير عام 2007م. وارجو أن يشجع عمل الاديب والباحث العربي علي الجلاوي أخرين بدراسة وضع البهائيين بينهم ونامل أن يستمر الجلاوي في بحثه عن الحقيقة ويسخر قلمه لتبينها للقاريء العربي مهما كان ما توصل اليه من نتائج. فالبحت عن الحقيقة في رأيي "مشوار عمر" . وفيما يلي معلومات عن الكتاب

رقم الناشر الدولي: ISBN 999019-66-05
العنوان:P.O. Box Manama, Bahrain.
رقم الفاكس: 973-1740-6027
jallawi@yahoo.com http://www.jallawi.org/



Sunday, April 22, 2007

قضية البهائيين المصريين: من المستفيد؟



أحاول دائما أن أفكر من منطلق منطق الغير في محاولة مني لفهم ما يدفع الآخرين إلى التفكير أو التصرف بشكل معين، لكن إصرار الحكومة المصرية على عدم إيجاد حل لقضية البهائيين المصريين يحيرني فعلا. ربما يعتقد الذين يحرضون هذه الحكومة على الاستمرار في موقفها وعدم إيجاد حل لقضية البهائيين المصريين بأن إصرارها سيدفع البهائيين المصريين إلى التراجع عن المطالبة بحقوقهم في الاعتقاد والمواطنة أو يحبط من عزمهم، لكن تصرفات هؤلاء المواطنين تدل على رسوخهم وإصرارهم على متابعة المسيرة إلى حين الحصول على حقوقهم، وأنا شخصيا على قناعة تامة بأنهم سيفعلون ذلك بغض النظر عن يتعرضون له من مشاكل ومشقات. وبالإضافة إلى موقف البهائيين المصريين، فالوقائع تثبت إن البهائيين في جميع إنحاء العالم يدعمون إخواتهم وأخواتهم البهائيين المصريين وعلى استعداد لطرح قضيتهم أمام إدارات الدول التي ينتمون إليها، وأمام الهيئات الإدارية والقضائية العالمية اذا إستدعي الأمر ذلك.

فما الذي ترجوه الدولة من سياستها الحالية؟ أذا كانت تهدف القضاء على البهائيين في مصر بوقف تنفيذ الحكم الصادر من الجهات القضائية بحق البهائيين إدراج ديانتهم في البطاقة الشخصية، فأعتقد بأنه رغم أنها نجحت في وقف تنفيذ القرار إلا أنها خسرت أكتر بكثير مما ربحت بسياستها هذه. قد يوضح هذا إدراج بعض ما أحرزته الدولة نتيجة قرارها وبعض ما أحرزه البهائيون

ما أحرزته الدولة

أوقفت قرار تنفيذ الحكم وأصرت على عدم امتلاك البهائيين الحق بتدوين ديانتهم في خانه الديانة في طلب البطاقة الرسمية

أثبتت أنها لن تتوانى عن التدخل في سلطة القضاء وتعديل قراراته كنتيجة لتحريض قوى سياسية معينة

أثبتت أنها لن تتوانى عن خرق أحكام الدستور الصريحة والتي تضمن للمواطن المصري حقه بالاعتقاد حسب المواد 40، 41، 45، 46، من الدستور المصري

أثبتت أنها أكثر حرصا على إشباع تعصب وحقد فئة من مواطنيها من حرصها على منح العدالة والمحافظة على حق كل المواطنين بما فيهم طائفة صغيرة مسالمة

أثبتت أنها تزدري توصيات مؤسسات حقوق الإنسان في الداخل وفي الخارج

أثبتت أنها بدل أعطاء المواطنين حقوقهم، تصدر حلولا غير منطقية مثل تدوين ديانة أب البهائي، بدل تدوين ديانته مع العلم أن العديد من أباء البهائيين المصريين بهائيين أيضا

أثبتت أنها تسمح للمسئولين فيها بالقيام بتصريحات تتضمن معلومات خاطئة وغير مثبتة ضد مواطنين مصريين لتبرر موقفها وسياستها

انبتت الفتاوى ضد البهائيين من قبل جهات دينية رسمية رجعية هذه الجهات وعدم رغبتها في السماح بالتعددية وتقبل الآخر في المجتمع المصري

ما أحرزه البهائيون المصريون

بالرغم من المصاعب التي يواجهها البهائيون المصريون فلقد أحرزوا ما يلي:

حصلوا على تغطية إعلامية هائلة نتيجة قرار الدولة التدخل ووقف قرار المحكمة الذي صدر لصالحهم

أعطيت الفرصة لهم لتعريف المجتمع المصري بمبادئ دينهم ودحض التهم الموجهة باطلا ضدهم نتجه اهتمام الإعلام العربي وخاصة المصري بتغطية الخبر

دفع القرار التعسفي وما نتج عنه من انتهاكات لحقوقهم إلى تدخل منظمات حقوق الإنسان المصرية والعالمية ومؤازرتها علنا لحق البهائيين المصريين

تم مناقشة قضيتهم أمام المجتمع العالمي مما ساعد على تعرف عدد أكبر من الناس بحقيقة الدين البهائي وتعاطفهم معه

عرضت قضيتهم أمام برلمانات العديد من الدول الغربية التي لها علاقات اقتصادية وسياسية وطيدة مع مصر مما نجم عنه اطلاع البرلمانيين على قضيتهم ودعم العديد منهم لها وتصريحهم بأن انتهاكات مصر لحقوق الإنسان قد يكون لها تأثير على التوصيات والقرارات التي قد تتخذها اللجان المختصة ببحت أواصر التعاون الاقتصادي والسياسي مع مصر

نشأت علاقة تعاون ودعم بينهم وبين غيرهم من الأقليات المصرية وخاصة الإخوة الأقباط الذين دعموا قضيتهم منذ البداية

دفع الظلم الذي لحق بهم إلى إنشاء مدونات ومواقع بهائية عربية توضح حقيقة البهائية وتدافع عن حقوق البهائيين المصريين

تبنى العديد من المدونين المصريين والعرب الدفاع عنهم وصارت قضيتهم جزء من المطالبة بحقوق الإنسان المصري والعربي بشكل عام

وبناء على الحقائق سابقة الذكر و أيماننا منا بأن البهائيين المصريين لن يتوقفوا عن المطالبة بحقوقهم، ألا ترى الجهات المسئولة أنه من الأفضل أن تحل قضية البهائيين المصريين بدل الاستمرار في تصعيد الموقف. وأنا لا أعتقد أن البهائيين مهتمين بالطريقة التي تطرح فيها الحلول، وإنما هم قد صرحوا مررا بأنهم لا يطالبون باعتراف الحكومة الرسمي بديانتهم، وإنما هم يطالبون بمنحهم الحرية في اختيار عقيدتهم وعدم إجبارهم على تدوين ما لا يدينون به كشرط للحصول على حقوق المواطنة التي يكفلها لهم الدستور المصري.

وأمل كبهائية أن تقرر الحكومة المصرية حل هذه القضية والسماح للمواطن البهائي المصري العيش في ظل وطنه بأمان والاستمرار بخدمته والعمل على إزدهاره

Sunday, April 08, 2007

إلى أين يا مصر؟


تستمر الحكومة المصرية بتصعيد قضية البهائيين المصريين بعد تدخلها في سير القضاء المصري ورفضها معالجة حق المواطنين البهائيين في الحصول على بطاقة شخصية دون اللجوء إلى تزوير المعلومات فيما يتعلق بديانتهم وإصرارها على إتخاذ قرارات تزيد من انتهاك حقوقهم المدنية وتعقيد المشكلة بدل حله. ويبدو أن هذا أحد ظواهر مرحلة الصراع الداخلي والتخبط في إتخاذ القرارات التي تمر بها مصر حاليا

فمراقبة ما يحدث في مصر فيما يتعلق بالحريات العامة يؤكد أنها كدولة وشعب ومجتمع تمر بمرحلة تاريخية حرجة تحاول فيها تحديد هويتها في الداخل وعلاقاتها مع العالم الخارجي. وتشكل حرية الرأي والعقيدة وما يترتب عليها من حرية التدوين والنشر محورا أساسيا في صراعها الداخلي. حيث تتنافس العناصر التي تنادي بتحديد هذه الحريات تحت راية الحفاظ على الدين وحماية البنية السياسية والاجتماعية الحالية باعتبار أي جديد مكروه وأي حديث مفسدة، مع عناصر اجتماعية أخرى ترى ضرورة مواكبة ما أنتجته الحضارة الإنسانية الحديثة من ضوابط وقوانين تضمن للمواطن حريات فردية تسمح له بممارسة الخيار في العيش والتفكير والعقيدة في إطار يوفر هذه الحريات للجميع دون التمييز بسبب العرق والعقيدة والجنس والعمر

وفي خضم بحثها عن هويتها كمجتمع عربي إسلامي يحاول تحديد علاقاته بمواطنيه المصريين الذين يختلفون عن الغالبية المسلمة بالدين والعقيدة، تواجه مصر واقع عالم خارجي ضاقت الحدود بين دوله وصار تعامل وتعايش الشعوب فيه محكوما بقوانين عالمية ترعى حريات أفراد هذه الدول وتحمي ما أقرت الغالبية العظمى على أنه حق فطري لكل إنسان. عالم قبلت مصر بإرادتها الحرة أن تكون جزءا منه وتخضع لأحكامه ووثائقه بما فيها ما قد يترتب على عدم مراعاة هذه القوانين من ردود فعل سلبية وإجراءات قد تؤثر على علاقتها مع دول العالم الأخرى ونظرة المجتمع الدولي إليها وتعامله معها

ولان مصر لا تعيش في عزلة عن العالم، ولان هذا الزمن الالكتروني لم يعد يسمح بطمس الحقائق وانتهاك الحريات دون رقابة وتقيم، نرى انتهاكات مصر لحقوق الإنسان ومن ضمنها قضية البهائيين المصريين تتخذ بعدا جديدا على الصعيد المصري والعالمي. فلقد صار واضحا للعالم بأن مصر سمحت للمتطرفين الذين ما زالوا يحاولون خلق مصر التي تخدم أفكارهم ومعتقداتهم وتسمح لهم بالسيطرة على عقول وقلوب الناس والحفاظ على مراكز النفوذ والسلطة والتحكم بسير حياة الآخرين دون مراعاة حقوق المصريين أنفسهم بأن يديروا دفة الأمور فيها. وأدى هذا إلى شل قدرتها على إيجاد حلول جذرية وتخبطها في معالجة الأمور وإصدارها أحكاما وقوانين تخرق فيها ما اعترفت به وصدقت عليه من مواثيق دولية ولوائح حقوق الإنسان. ومن الملاحظ أنه قد واكب هذا التخبط في سياسة وممارسات مصر في معالجتها لحقوق مواطنيها ازدياد والوعي الاجتماعي بين المواطنين المصريين وتبلور قدرتهم على التعبير عن أرائهم ومعارضة هذه الانتهاكات التي كثيرا ما أدرجت تحت غطاء الدين أو المصلحة العامة غير آبهين بعواقب معارضتهم وما ينجم عنها من اضطهاد وتعسف ضدهم. وهذا دليل قاطع على وجود أفراد وكوادر مصرية شجاعة قادرة على استيعاب حقيقة واحتياجات الشعب المصري والعمل بما فيه مصلحة أفراده

اعتقد أن تطور الحضارة الإنسانية بشكل عام أدى إلى نشوء وعي وأدراك مشترك بين أفراد المجتمع البشري و زاد إيمانهم بجذرية العلاقة التي تربط أفراد البشرية في هذا العالم الواحد الذي صارت حرية الفرد فيه من البديهيات. وكان لنشوء هذا الوعي الحضاري بأهمية الحفاظ على الحرية المدنية لجميع أفراد المجتمع العالمي تأثير إيجابي على تزايد وعي المصريين بأهمية وضرورة حماية حقوق المواطن المصري والدفاع عنها. وساعدت الشبكة الكترونية التي لا تخضع رغم محاولات بعض الحكومات قمعها وتقيدها لحدود جغرافية أو قوانين رقابة، إلى ازدياد الترابط بين الوعي العالمي لحقوق الإنسان ووعي المواطن المصري ومطالبته بحقوقه المشروعة. ودعم هذا توفر المعلومة وسرعة وسهولة توصيلها للعامة عن طريق المدونات والمواقع الالكترونية التي وفرت منابر تعرض عليها هذه القضايا وتناقش بشفافية عالية على مرأى من المجتمع المحلي والعالمي

ورغم أن محاولات البهائيين المصريين، تدعمهم منظمات حقوق الإنسان المصرية والمدونات والمواقع المصرية المنصفة، لم تنجح في الحصول على حقوقهم المشروعة والوصول إلى حل عادل لقضيتهم، بل أن الاضطهاد ضد حقوق الإنسان المصري في الآونة الأخيرة تعدى البهائيين ليطول منظمات حقوق الإنسان والمدونيين المصريين أنفسهم،
لكننا بدأنا نرى ردود فعل المجتمع العالمي تجاه ممارسات مصر فيما يتعلق بحرية المعتقد وحرية التعبير ضد المصريين من بهائيين وغيرهم. فلقد طرحت انتهاكات حقوق الإنسان في مصر في العديد من برلمانات الدول الغربية ذات العلاقة الوثيقة بمصر و التي تقدم دعما ماليا معتبرا للحكومة المصرية ومنها أمريكا وكندا وبريطانيا والمانيا. ودعا بعض البرلمانيين الغربيين إلى إعادة النظر في هذه العلاقة والحد من الدعم الذي تقدمه هذه الدول لمصر بناء على انتهاكاتها لحقوق الإنسان وحرية الاعتقاد. فعلى سبيل المثال صرح البرلماني الأمريكي ترنت فرانكز لجريدة واشنطن بوست بأنه سيصوت ضد التصديق على اعتماد الإعانات المالية لمصر نتيجة ما يراه من انتهاك مصر لحقوق مواطنيها خاصة حقهم في الاعتقاد والتعبير عن آرائهم كما هي الحال فيما يتعلق بقضية البهائيين والمدون كريم

ومن الواضح أن الصحافة المصرية بدأت تعي حجم القضية وأبعادها. فلقد نشرت العديد من المقالات المتعلقة بهذا الصدد كان آخرها ما نشرته المصري اليوم بتاريخ 6 ابريل تحت عنوان استجواب برلماني للحكومة الألمانية عن «اضطهاد البهائيين» في مصر عرضت فيه الصحيفة بأمانة علمية مضمون ما طرح في البرلمان الألماني بهذا الخصوص. اضغط هنا لقراءة نص المقال الكامل

والسؤال هنا هو، الى أين سيذهب المسئولون المصريون بمصر؟ وهل يعرفون تأثير انتهاكاتهم لحقوق الإنسان المصري على المجتمع المصري وأفراده؟ هل يستوعبون مدى أثر هذه الممارسات على نظرة المجتمع العالمي لمصر وتعامله مع قياداتها؟ لقد كان العالم ينظر إلى مصر في السابق على أنها الصوت الراشد والحكيم في المجتمع العربي، ولكن ما قامت وتقوم به هذه الأيام من انتهاكات لحقوق مواطنيها أخد يغير نظرة العالم لها ويدرجها في صفوف الدول الأكثر تعسفا ضد مواطنيها وانتهاكا لحريتهم فيما يخص العقيدة والتعبير. وأنا في الحقيقة ينتابني الشعور بالقلق والترقب تجاه ما سيجلبه إصرار مصر على الاستمرار في سلوك نهجها الحالي وما قد يترتب على ذلك من ازدياد تأزم الأمور. ونحن ندعو الله أن تنجل الأزمة المصرية ويتحقق عن قريب ما أشارت اليه الإدارة البهائية العالمية - بيت العدل الأعظم - في خطابها الموجه للبهائيين في مصر تعدهم فيه بأنه: "لا شك أن مصر اليوم سوف تنهض لتسهم من جديد بصورة تليق بمكانتها في تحقيق ذلك السلام العالمي الموعود وتلك الرفاهية التي تحلم بها أمم الأرض جميعه". اضغط هنا لقراءة النص ا لكامل لخطاب بيت العدل الاعظم الموجّه للبهائيين المصريين بتاريخ 21 ديسمبر 2006 م

Sunday, March 18, 2007

الخيار الآخر: بهائية بالعمل

أرسل لي أحد الأصدقاء الأمريكان اليوم صورة الدكتورة سوزن مودي (وهي الثانية الجالسة من اليمين) مع بعض البهائيين الإيرانيين خلال فترة إقامتها في إيران، وكنت في نفس الوقت أقرأ بعض ما أصدرته الجرائد المصرية بخصوص استنكار وزير الخارجية المصري، أحمد ابو الغيط ومهاجمته لما جاء في تقرير الخارجية الأمريكية حول حالة حقوق الإنسان في مصر ووصفه لها بأنها إدعاءات كاذبة رغم أن الصحافة العالمية تتداول قرار المحكمة فيما يتعلق بقضية البهائيين، وقرار حبس المدون "كريم" بكل تفاصيلها! ولم استطع ان امنع نفسي عن التساؤل: الى متى ستقوم الجهات المسئولة في حكومات كالحكومة الإيرانية والمصرية وغيرها بتجاهل حقيقة عالمية المعلومة الصحيحة التي صارت الشاهد الأول الذي يصعب حبسه او إجباره على الكذب، وتستمر في محاولة تبرير أفعال قررت الإنسانية عدم إنسانيتها ؟

وحين حاولت تحميل المقال الذي يتعلق بتصريح الوزير وإنكاره للحقائق للتعليق عليه في مدونتي بدأت اشعر بالاكتئاب. وفي لحظة ما، تمنيت لو نكف جميعا عن الجدل والحوار ونمضي وقتنا كما فعلت سوزن مودي، بمساعدة الآخرين وتحسين ظروف معيشتهم، فما اشد عالمنا حاجة الى ذلك وإخواننا وأخواتنا يموتون بالآلاف كل يوم في دار فور وأفريقيا وغيرها وبناتنا ونساءنا يتعرضن لشتى أنواع الإرهاب المادي والعاطفي التي تفرضه علبهم مجتمعاتنا التي تفضل أن تخفي الآم أبنائها على ان تعترف بوجود هذه الآلام وتداويها. ولان البحث في أسباب مثل هذه يتعبني حتى الإرهاق، فكرت أن أكتب بدل ذلك عن سوزن مودي

ذهبت الدكتورة سوزن مودي ، أمريكية الجنسية، والمولودة عام 1851 من مدينة شيكاغو الي إيران حين كانت تبلغ من العمر ما يناهز ستين عاما لتعمل جنبا الى جنب مع البهائيين الإيرانيين على توفير الخدمات الصحية والتعليمية للبهائيين وغيرهم وخاصة النساء والأطفال منهم دون أن يحيل تقدمها في السن أو صعوبة ظروف المعيشة القاسية والاضطهاد الذي كانت تتعرض له الجامعة البهائية في إيران في ذلك الوقت من أجرائها ما اعتبرته واجبا إنسانيا تفرضه عليها قناعاتها ومبادئ دينها

ولقد عرف عن سوزن مودي إجادتها للفن والتعليم والطب وكانت قد قررت أن تتفرغ لممارسة الطب عند بلوغها سن الخمسين، حيت أكملت دراستها في هذا المجال وفتحت عيادة في مدينة شيكاغو. اعتنقت مودي الديانة البهائية عام 1903 نتيجة بحث ودراسة وصارت عضوه نشطة في المجتمع البهائي الأمريكي. وشاءت الظروف ان تتعرف على طالب طب بهائي إيراني تعلمت منه مبادئ اللغة الفارسية وبعض من ثقافة الإيرانيين. قررت مودي عام 1909 الالتحاق بعدد من الأطباء الإيرانيين الذين أنشئو مستشفى في طهران وكانوا بأمس الحاجة إلى طبيبة لمعالجة النساء. و لم تكتفي سوزن مودي بمعالجة المرضى بل قامت على العمل على استئصال أسباب المرض بتقديم التعليم والتدريب الصحي للنساء. وحين رأت أن العديد من المشاكل التي يعاني منها النساء والأطفال ناشئة عن الجهل، قامت بإنشاء أول مدرسة بهائية خاصة لتعليم البنات لتقضي على الجهل من جذوره وعملت جاهدة على نشر الوعي ورفع مكانة المرأة الإيرانية التي كانت في ذلك الوقت تعاني في معظم الحالات من الأمية والاضطهاد الاجتماعي. أحبت سوزن مودي المجتمع الإيراني الذي صار وطنها الثاني واختارت أن تموت وتدفن هناك. توفيت سوزن مودي عام 1934 وشيعها المجتمع الذي أحبته وأخلصت في خدمته أحسن تشيع . اضغط هنا للحصول على المزيد من المعلومات باللغة الانجليرية عن سوزن مودي وغيرها

لم تذهب سوزن مودي الى ايران عن عمر يناهز الستين عاما لتعمل جاسوسة لصالح الحكومة البريطانية أو الروسية أو الأمريكية، وانما ذهبت يملؤها حبها للبشرية ورغبتها العارمة بخدمة أخواتها وإخوانها في الدين والإنسانية. وفي رأيي ورأي العديد من الباحثين، تعتبر الدكتورة سوزن مودي مثالا على تحدي الروابط والعلاقات الإنسانية حدود العمر والجنس واللغة والتفافة، وشاهدا على قدرتنا كبشر على ممارسة إنسانيتنا

فيا ليتنا نمضي وقتنا كما فعلت سوزن مودي، بنشر العدالة الاجتماعية عن طريق التوعية والتعليم وكفالة حقوق الطفل والمرأة والفقير والمريض والعاجز والمسن، بدل الجدال والخصام والنزاع، ونترك أمر ما في القلوب لله. وما أحوج عالمنا العربي إلى ذلك

Friday, March 02, 2007

هل ترفع ممارسات إيران ضد البهائيين من شأن الإسلام؟



نشرت العربية بتاريخ 1 مارس، نقلا عن رويترز، مقالاَ بعنوان قالوا إن طهران تغض الطرف عن ذلك: البهائيون يتهمون إيران بالتمييز لطردها طلبتهم من الجامعات عرضت خلاله بعض المعلومات المتعلقة بوضع الطلاب البهائيين في إيران وسياسة التمييز التي تمارسها الحكومة الايرانية بهذا الصدد. وتضمن التقرير أيضا ردود فعل الجهات الرسمية الايرانية لهذا النباء ومعلومات موجزة عن وضع البهائيين الايرانين وسياسة التمييز المنهجية التي تمارسها السلطات ضدهم. واعتمد التقرير على ما أوردته نشرة اخبار العالم البهائي يخصوص التمييز ضد الطلبة البهائيين الايرانيين. وفي ما يلي ترجمة لنص النشرة

أخبار العالم البهائي
إنكار الحقوق: آخر تطورات الخبر

البهائيون الإيرانيون يواجهون تمييزاً مستمراً في المعاملة في مجال التعليم العالي

نيويورك - تزايد عدد البهائيين الذين قُبلوا في الجامعات الإيرانية ثم فصلوا منها. هذا دليل حاسم على أن الطلاب البهائيين في إيران لا زالوا يواجهون تمييزاً صارخا في المعاملة وتقيدا لخيارهم في الحصول على التعليم العالي

بعد أكثر من خمسة وعشرين عاماً على حرمان البهائيين الإيرانيين الصريح من الالتحاق بالجامعات العامة والخاصة في إيران، تم قبول (178) طالباً بهائياً في الخريف الماضي بمختلف الجامعات في أنحاء البلاد، وذلك بعد أن عدّلت الحكومة الإيرانية من سياساتها نتيجة للضغوط الدولية، وأزالت خانة الديانة من أوراق امتحان القبول. و لكن، منذ منتصف شهر فبراير/ شباط، فُصل (70) طالباً بهائيا بعد أن اتضح لجامعاتهم بأنهم بهائيون

حسب تصريح ديان علائي ممثلة الجامعة البهائية العالمية في هيئة الأمم المتحدة في جنيف، ."إن نسبة المفصولين العالية، والناتجة بكل وضوح عن كونهم بهائيين، تبين أن الحكومة، في أفضل الاعتبارات، تغضّ الطرف عن التمييز في المعاملة في التعليم العالي، و في أسوئها، تمارس مجرد لعبة مع الطلاب البهائيين

وقالت الآنسة علائي: "بينما نحن سعداء، أنه للمرة الأولى منذ عام 1980، تمكن عدد لا بأس به من الشباب البهائي في إيران من الالتحاق بالجامعات طبقاً لاختيارهم، فإن تاريخ الحكومة الطويل في ممارستها الاضطهاد المنهجي ضد البهائيين يثير تساؤلات بالتأكيد حول نزاهة السياسات الجديدة." وذكرت على سبيل المثال أن (191) طالباً قد ممن اجتازوا الامتحانات المطلوبة للقبول في الكليات في الصيف الماضي، لم يتمكنوا من الالتحاق بالجامعة هذا العام، إما لما عُزي لمحدودية العدد في الفصل الذي اختاروه أو لأسباب أخرى لم تبين لهم

وأوضحت الآنسة علائي، "إن القانون الدولي ينص على أن توفير فرص التعليم من حقوق الإنسان الأساسية، وليس للجامعات الإيرانية أي عذر في حرمان الطلاب الذين اجتازوا فحص القبول بنجاح من حقهم في الإلحاق بالجامعات لمجرد كونهم بهائيين." وأضافت: "طالما أن هناك أي بهائي يحرم ظلماً من الالتحاق بالتعليم العالي، يمكننا القول بأن سنوات الاضطهاد والتمييز المنهجي ضد الطلاب البهائيين لم تنته بعد، ومن واجبنا أن ندعو إلى معالجة هذا الظلم

إن البهائيين من جميع الأعمار، وهم أكبر الأقليات الدينية في إيران، قد وقعوا فريسة الاضطهاد الديني المنهجي منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979. فلقد قُتل أكثر من مائتي بهائي، وسجن المئات، وصودرت أموال وممتلكات الألوف، وتم الاستيلاء على مصالحهم التجارية، أو فصلوا من وظائفهم، أو حرموا من عائداتهم التقاعدية

وطبقاً لما جاء في مذكرة حكومية سرية صدرت عام 1991 " يجب فصل البهائيين من الجامعات، أكان ذلك في مرحلة القبول، أم خلال فترة دراستهم، بمجرد معرفة كونهم بهائيين." إن إحدى الوسائل الرئيسة التي انتهجتها الحكومة في تطبيقها لهذه السياسة، هي أن تطلب من كل مَن يتقدم لفحص القبول الجامعي الذي تشرف عليه الدولة أن يثبت ديانته في طلب التسجيل للفحص. ويتم رفض الطلب الذي يذكر فيه الدين " بهائي" أو تترك فيه خانة الديانة فارغة

وفي عام 2004، أزالت الحكومة الإيرانية البيانات المتعلقة بالديانة، ويبدو أن ذلك تم استجابة للضغوط الدولية المتواصلة بهذا الشأن. وعليه تقدم حوالي (1000) طالب بهائي مؤهل لامتحان القبول في ذلك العام، ونجح منهم المئات، وحصل الكثير منهم على علامات عالية جدا. ومع ذلك، في أواخر نفس العام، وفي إجراء اعتبرته مندوبة الجامعة البهائية العالمية "خدعة"ً، أعيدت نتائج الامتحان للطلاب البهائيين مكتوب عليها كلمة "مسلم"، مع علم هذه الجهات الرسمية بأنه البهائيين لن يقبلوا بهذا، وبناء على مبادئهم الدينية لن ينكروا ديانتهم

حاولت السلطات تبرير حجتها بأنه طالما أن البهائيين قد اختاروا أن يجيبوا على مجموعة الأسئلة المتعلقة بالإسلام في قسم الدراسات الدينية، فيجب أن يتم إدراجهم كمسلمين. اعترض البهائيون على هذا الإجراء، ولكن اعتراضاتهم رُفضت، وعليه لم يلتحق أي طالب بهائي بالجامعة في ذلك العام

وتكرر هذا الحدث عام 2005، حيث تقدّم مئات البهائيين للامتحان العام، وبعد نجاحهم، تبين لهم انه تم تصنيفهم "مسلمين". اعترض البهائيون مرة أخرى على هذا الإجراء، ولكن لم يتم تصحيح الأمر، وعليه لم يتم تسجيل أي طالب بهائي في عام 2005 أيضا

وفي صيف العام الماضي، تقدم مئات البهائيين مرة أخرى للامتحان العام، وفي هذه المرة، نجح مئات من الطلبة البهائيين، وقُبل (178) طالباً في الجامعات. وخلال فترة الخريف، صدرت تقارير عن إيران تفيد بأن الكثير ممن قُبِلوا رُفِضوا أو فُصلوا عندما علمت الجامعات بأنهم بهائيون، وبحلول فبراير/ شباط تأكد فصل (70) طالباً بهائياً

وتقول الآنسة علائي: "البيانات التي تلقيناها من الذين فُصلوا أو مُنعوا من الالتحاق بالجامعات التي اختاروها، تبين بشكل واضح أن للمسألة علاقة مباشرة بهويتهم البهائية". وتضيف: "فعلى سبيل المثال، تلقى طالب بهائي مكالمة هاتفية من جامعة بيام نور في 18 أكتوبر/ تشرين الأول سئل خلالها عما أذا كان بهائيا، وعندما رد على ذلك بالإيجاب، أخبر بأنه لا يستطيع التسجيل". "وحين قام الطالب بمراجعة جامعته، أخبر بأن الجامعة تلقت نشرة دورية من المنظمة التعليمية القومية للقياس والتقييم والتي تشرف على عملية امتحان القبول للجامعات الإيرانية، يفيد بأن المنظمة لن تحرم البهائيين من المضي في إجراءات التسجيل، إلا أنه يجب أن يتم فصلهم بعد تسجيلهم

وقالت الآنسة علائي: "إن طالبا بهائيا آخر في الجامعة نفسها، أخبر بأن الطلاب الذين لا يذكرون ديانتهم في طلبات التسجيل سيعدّون غير مؤهلين للاستمرار في دراستهم في الجامعة." وأضافت "أن هذا الأمر، يثير تخوفا شديدا بأن الطلاب البهائيين أل (191) الذين اجتازوا امتحاناتهم في هذا العام ورفض قبولهم، هم في الواقع ضحايا التمييز في المعاملة

وقالت الآنسة علائي: "إننا نطالب المجتمع الدولي أن يستمر في مراقبة الحالة عن قرب، كما نطالب الأساتذة والإداريين الجامعيين حول العالم الذين ساهموا في حملة احتجاج على المعاملة التي يلقاها الطلاب البهائيون في إيران، أن يستمروا في جهودهم تلك

انتهى


من الجدير بالذكر أن هذا ما هو إلا استمرار لسياسة إيران المنهجية التعسفية ضد العديد من معتنقي الديانات الأخرى والذين يخالفون الحزب الايراني الحاكم قناعاته ومعتقداته. وهذه السياسة التعسفية ليست جديدة على البهائيين الايرانيين الذي دون التاريخ العالمي وقائع الاضطهاد أللإنساني الذي واجهوه منذ نشأت ديانتهم في إيران. ويمكن الاطلاع على البعض من سياسة القمع والإرهاب التي اتبعتها الحكومة الإيرانية مند نشوء الثورة الإسلامية في إيران ضد البهائيين الإيرانيين بمراجعة التقرير المدرج على موقع البهائيين الرسمي بهذا الخصوص وردود فعل الأمم المتحدة بالنسبة لهذه الممارسات والاضطهادات. ويمكن الاطلاع على التقرير المفصل عن حرمان البهائيين من التعليم في ايران بالضغط هنا. وكذلك يمكن الإطلاع على صورة البيان السري الذي أصدرته الحكومة الإيرانية للتحريض ضد البهائيين عام 1991، و نص هذا البيان باللغة الانجليزية

ويرى البهائيون هذه المرحلة من الاضطهاد جزءا من طبيعة انتشار اي دين جديد كما كان عليه الحال في بداية نشوء الديانات الاخرى كالمسيحية والاسلام. وبما أن البهائيين لا يؤمنون بالجهاد وتفرض عليهم ديانتهم التعايش السلمي مع الآخر واحترام قوانين الدولة التي يعيشون فيها، نرى أنهم يلجئون بدل العنف إلى الطرق السلمية لحل قضاياهم ولفت النظر لما يعانيه أتباعهم من الظلم والتمييز. وهذا يتفق بشكل واضح مع الطريقة التي يستخدمها البهائيون المصريون للتعريف بسياسة التمييز التي يواجهونها حاليا في مصر. لمزيد من المعلومات عن السياسة المنهجية التي إتبعتها حكومة إيران ضد البهائيين الإيرانيين وانتهاكات حقوق الانسان الناجمة عن هذه السياسة، يمكن الضغط على الوصلة التالية

كان السبب الرئيسي للقتل والنهب والحرق والتدمير الذي تعرضت وتتعرض له الجالية البهائية في إيران هو نشر الجهات المعنية الأكاذيب والإدعاءات الباطلة ضد البهائيين في مجتمع وظروف غابت فيها الموضوعية وانتشرت الأمية والظلم وأحادية التفكير. فصار قتل الغير واجبا دينيا أفتى به الذين يمسكون بزمام الأمور في إيران تحت غطاء شرعية دينية وصار قتل البهائيين يعد عملا حسنا يُثاب عليه، وتحولت الجماهير الشعبية غير الواعية إلى أداة قتل وتدمير في يد رجال وأصحاب المصالح التي كان همهم سبي أموال البهائيين والاستيلاء على مواردهم المادية والعقارية تحت ستار الدين والإسلام، فعادت إيران الى عصر الجهل والهمجية ولم تستطع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف كبح لجام الكراهية التي ملئت بها القيادات الدينية صدور أتباعها

والسؤال هنا هل تدل هذه الممارسات على حقيقة البهائيين، أم هي إثباتا جازما على أنه ما زال ممكنا في هذا العصر، ورغم ما وصلت له البشرية من تقدم مادي وحضاري أن تُشعل نار الكراهية والحقد والتعصب الأعمى في النفوس الضعيفة التي لا تعرف المعنى الحقيقي للدين، والتي لم تصقل للتواصل مع حقيقة وجوهر الإنسان الذي خلقه الله لينشر الحب والسلام

ملاحظة: يمكن مشاهدت الفلم الوثائقي الذي عرضه برنامج 20\20 الامريكي عام 1984 عن وضع البهائيين الإيرانين في إيران والانتهاك الصريح لحرياتهم من قبل الحكومة الإيرانية. ومن المؤسف أن حقيقة موقف الحكومة الإيرانية الحالي من البهائيين لم تختلف كثيرا عن موقفها منهم قبل 27 عاما. لمشاهدت العرض الكامل للبرنامج اضغط هنا

Monday, February 26, 2007

فعاليات المجتمع البهائي


رغم المشاكل التي يعانيها البهائيون في مصر، يستمر المجتمع البهائي العالمي في القيام بنشاطاته على الساحة العالمية. هناك أمثلة عديدة تدل على اهتمام ومشاركة بهائيين من جميع أنحاء العالم في دعم حقوق الإنسان والدعوة لحماية القاصرين. وفيما يلي تصريح يوضح بعض فعاليات المجتمع البهائي فيما يتعلق بحق الفتاة الطفلة وهو أحد المواضيع الرئيسية التي تهتم بها اللجان المتعلقة بحقوق المرأة، وخاصة لجنة وضع المرأة التابعة للأمم المتحدة

تصريح صحفي
الجامعة البهائية العالمية
حرر في 26 فبراير/ شباط 2007
للنشر الفوري

لمزيد من المعلومات اتصل بـ "فوليا فيكيلوغلو" تلفون 2523 - 803 – 212


فتيات بهائيات يأتين إلى هيئة الأمم المتحدة ومعهنّ رسالة مساواة وأمل

نيويورك - من بين مئات الفتيات القادمات إلى هيئة الأمم المتحدة في هذا الأسبوع لبحث المشاكل التي تواجه الفتاة الطفلة حول العالم، سيكون هناك اثنتا عشرة فتاة يحملن وجهة نظر مميزة: إن عقيدتهن تعلمهنّ مساواتهنّ بالذكور

"بالنسبة للبهائيين، إن أحد العناصر الأساسية في عقيدتهن هو وجوب تحقيق المساواة بين النساء والرجال، وخاصة عدم للتمييز بين الفتيات والفتيان". هذا ما قالته فوليا فيكيلوغلو، ممثلة الجامعة البهائية العالمية في هيئة الأمم المتحدة

وأضافت السيدة فيكيلوغلو والتي تدير أيضا مكتب الجامعة البهائية لترقية وضع المرأة: "في عالم غالباً ما تقف فيه العادات والأعراف الدينية في صلب ممارسات التمييز، بأن هذا المنظور فريد من نوعه، ويليق أن يكون نموذجا للمستقبل

"وعليه، نأمل أنه سيكون باستطاعة الفتيات البهائيات الإثنتي عشر القادمات إلى نيويورك في الأسبوع القادم للمشاركة في اجتماعات لجنة وضع المرأة ، تقديم أمثلة واقعية تتعلق بالمساواة والدعم والتشجيع مُستمدة من تجاربهن الفعلية

ستأتي وفود الفتيات من جامعات بهائية مختلفة منها الجامعات البهائية في البرازيل، كندا، الهند، إيطاليا، السويد، تنزانيا، المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية

وأضافت السيدة فيكيلوغلو التي تعمل أيضاً عضواً في جماعة العمل من أجل الفتيات التابعة لليونيسيف ضمن المنظمات غير الحكومية، "إن العديد من هذه الوفود القادمة قد مارسن تقديم العون لفتيات أخريات، وتعليمهن مبادئ المساواة." وأردفت السيدة فيكيلوغلو قائلة: "لقد بادرن، رغم صغر سنّهن، إلى تبني دور قيادي في تأييد المساواة في جالياتهن المحلية، وفي تلقين هذا المفهوم لغيرهن من الشباب والشابات

ومن بين القادمات إلى نيويورك في هذا الأسبوع

أنيسا أندريسا أراجو
عمرها 17 عاماً من البرازيل. ولدت في عائلة بهائية. تعكف أنيسا على تدريس القيم الأخلاقية في صفوف للأطفال في البرازيل. ويؤكد ما تدرسه على المساواة بين الجنسين إلى جانب مواضيع أخرى. "إن الأطفال هم الذين سيقودون الإنسانية"، قالت أنيسا عن جهودها للتعليم وأضافت: "فإذا ما بَعَثْتَ فيهم بعض القيم والتوجيهات الروحانية، سيغدو هذا العالم مكاناً جديراً بأن نحيا فيه

أهنلما كوجام
عمرها 16 عاماً من الهند. بهائية منذ عام 2001، نشطة وفعالة في العمل مع الأطفال وجماعات الشباب في بلدتها إمبهال منذ عام 2003. ولقد شاركت أيضا في اجتماع عام لإبداء وجهات النظر فيما يتعلق بحقوق الإنسان هناك، وهي مهتمة بشكل خاص بحقوق الفتيات في مقاطعة مانيبور المحيطة ببلدتها إمبهال

تقول أهنليما: "يواجه الأطفال في مانيبور أشكالاً عدة من التمييز، ففي معظم المناطق الريفية لا يسمح للأطفال، وخاصة الفتيات، بأن يذهبوا للمدرسة. فهم يُعدون من الممتلكات الخاصة وخلقوا للقيام بجميع الأعمال المنزلية. يأتي العديد من الفتيات الأطفال لبيع الخضروات في الأسواق منذ الصباح الباكر ويعدْن في ساعة متأخرة بعد الظهر

هولي مي سميث
عمرها 13 عاما من المملكة المتحدة. ولدت في عائلة بهائية. نشأت وترعرعت في زامبيا، وانتقلت لتعيش في المملكة المتحدة منذ سنتين. والآن هي ضمن مجموعة من الشباب تجتمع أسبوعيا لمناقشة مواضيع تتعلق بالمبادئ الروحانية والأخلاقية، ومنها المساواة بين الرجل والمرأة

تقول هولي: "حينما كنت في زامبيا لاحظت أن المعاملة الفجة كانت من نصيب عدد كبير من النساء هناك، ولما قَدِمْت إلى المملكة المتحدة[دهشت لسوء وضع النساء هنا. فالنساء هنا يقلقهن ماذا يلبسْن، وكيف يبدو مظهرهنّ، وكم يبلغ وزنهنّ. هذا ليس تحررا! فالنساء هنا يتم استغلالهن من قبل الدعاية ووسائل الإعلام. أعتقد أنّه ليس من العدالة أن يؤدي الرجل والمرأة نفس العمل ويتقاضى الرجل أجراً أعلى منها

وستكون الفتيات الثلاثة وغيرهن من المشاركات جاهزات للتحدث إلى وسائل الإعلام في هذا الأسبوع خلال فترة انعقاد جلسات لجنة وضع المرأة والتي ستعقد من 26 فبراير/ شباط إلى 9 مارس/ آذار 2007. تعتبر اللجنة إن موضوع "القضاء على جميع أشكال التمييز والعنف ضد الفتاة الطفلة هو موضوع الأولوية لهذا العام

وستشارك الفتيات البهائيات أيضاً في عدة فعاليات هامة جانبية أثناء فترات فعاليات اللجنة. وفي يوم الأربعاء 28 فبراير/ شباط سيشاركن في فعالية بعنوان " القضاء على العنف عبر الأجيال" الذي سيعقد من الساعة 1:15 -45 :2 بعد الظهر في قاعة داغ همرشولد في مبنى الأمم المتحدة. وسيرعى هذه الفعالية المفوض الدائم للمملكة المتحدة في هيئة الأمم المتحدة بالتعاون مع الجامعة البهائية العالمية

وستشارك أهنليما كوجام في جلسة حوار ومناقشة في موضوع "العنف القائم على الجنس: تَبِعاته ونتائجه مدى الحياة" من الساعة 10 - 45: 11 في يوم الخميس 1 مارس/ آذار في مركز الكنيسة في هيئة الأمم المتحدة - الغرفة الرئيسية - الطابق الثامن

إن هذه الفعاليات إن دلت على شيء فإنما تدل على حقيقة ما يؤمن به ويمارسه البهائيين بغض النظر عن أماكن تواجدهم. وأرجو أن يهتم الباحثين عن حقيقة البهائية بالنظر إلى هذه الممارسات عند إصدار الحكم أو نشر البيانات المتعلقة بالدين البهائي وأتباعه

Wednesday, February 14, 2007

رسالة بهائيان مصريان: هل سيرد الرئيس؟


نشرت مدونة بيلو التي تصدر باللغة الانجليزية تحت عنوان الدين البهائي في مصر نص رسالة رفعها البهائي المصري سامى نصيف بباوى وزوجته وفاء هندى حليم الى الرئيس المصري حسني مبارك . وفيما يلي نص الرسالة


فخامــــــة الرئيس ….محمد حسنى مبارك

الأب لكل المصريين على اختلاف عقائدهم ومذاهبهم وأطيافهم

نتوجه لسيادتكم بشكوى ارجوكم ان تتخذوا فيها ما ترونه تجاه فئة من المواطنين يقع عليها الظلم فى كل وقت وكل آن . ففى الوقت الذى تقومون فيه فخامتكم بتعميق مبدأ المواطنة فى مصرنا الغالية وتنادون بمبدأ الانصهار داخل بوتقتها بمفهومها العميق كي نكون جميعا نسيجا واحدا لبناء مستقبل بلدنا على اكمل وجه

يقوم السيد وزير الاوقاف الدكتور محمود حمدي زقزوق اليوم برمي المواطنين البهائيين المصريين بهذا الاتهام المشين الذى لايقوم على اي سند او حجة فيسبنا ويمتهن كرامتنا كمواطنين شرفاء اوفياء لوطنـهم ومواطنيهم يؤدون واجبهم فى خدمة الوطن بكل محبة وتفانى عملا بمبدأهم : عاشروا مع الاديان كلها بالروح والريحان

سيدى الرئيس يعيش البهائيون فى مصر منذ عشرات السنين وهم مواطنون صالحون ولم تثبت ادانتهم فى اية تهم تمس امن وطننا العزيز .بل نتشارك جميعنا كمصريين فى خدمة وطننا ومواطنينا على قدر استطاعتنا وبالرغم من ذلك حرمنا ان نكون مواطنين كاملين بعدم استخراج بطاقات الرقم القومى لنا فلجئنا الى القضاء المصري

فبرجاء ان تنظروا سيادتكم لمشاكلنا كمواطنين مصريين وأن تتخذوا سيادتكم التوصيات التى تمنع امتهان بعضنا البعض خاصة لو كان من يقوم بهذاالعمل شخصا مسئولا مثل سعادة وزير الاوقاف ممثلا عن وزارة الاوقاف كسلطة تنفيذية لكل المصريين بغض النظر عن ديانتهم او عقيدتهم طالما نحن مواطنون شرفاء نقوم بواجباتنا على اكمل وجه. الم يحن الوقت لتقبل بعضنا كل للآخر وندع الله عز وجل يحكم بيننا فيما كنا نختلف فيه ؟ الم يحن الوقت ليتوقف كل منا عن احساسه بأمتلاك الحقيقة الكاملة وامتهان الآخر الذى يختلف عنه ؟

اناشدك سيادة الرئيس ان تضع حدا لأمتهان ابنائك وبناتك من البهائيين المصريين الذين ولدوا فى هذا البلد ولم يعرفوا وطنا آخر لهم سواه فأذا قرأتم سيادتكم هذه المقالة وهذه التصريحات ستجدون فيها الكثير من دفع فئة من المتشددين المصريين على ايذاء اخوانا لهم فى وطن واحد بمثل تعبير استأصال هذه الفئة الباغية او اهالة التراب عليهم دون تحرى كامل لحقيقة هؤلاء الاشخاص او اخلاقياتهم بل نعتمد على شائعات تلوث سمعتنا وتكدر صفو وحدتنا الوطنية التي تقوم فئ الاساس على الوحدة والاتحاد فى التعدد والتنوع.فجميعنا شربنا من مائه واكلنا من ارضه وتنعمنا بكل مافيه

وفقكم الله الى ما فيه رفعة مصرنا ونصرة وحماية كل شخص شريف مسالم يعيش فى هذا الوطن الأم

مقدمة لسيادتكم من المواطنين
م/ سامى نصيف بباوى
وزوجته وفاء هندى حليم

إن اللهجة المؤدبة لنص الرسالة وعدم لجوؤها للحط من شأن أحد، حتى وزير الأوقاف الذي تعدى على البهائيين ونسب اليهم من اشنع الخصال ما ليس فيهم، إن دل على شيء فإنما يدل على نبل أخلاق البهائيين وحرصهم على الوحدة وعدم لجؤهم لإلحاق الضرر بالأخرين. في الحقيقة هم ذهبوا الى أبعد من ذلك حين أدرجوا في خطابهم: "الم يحن الوقت لتقبل بعضنا كل للآخر وندع الله عز وجل يحكم بيننا فيما كنا نختلف فيه ؟ الم يحن الوقت ليتوقف كل منا عن احساسه بأمتلاك الحقيقة الكاملة وامتهان الآخر الذى يختلف عنه"؟ والحقيقة الواضحة هي أن البهائيين قد تقبلوا ويستمروا بتقبل الطرف الآخر، ولم يمتهنوا الآخر الذي يختلف عنهم أبدا، في مصر أو غير مصر. كل الرفض والتشهير جاء من أطراف غير البهائيين. وأنا أطرح هذا هنا للإيضاح فقط،، وأتمنى فعلا أن يضع الرئيس مبارك حدا لهذه الانتهاكات الصارخة لحقوق وسمعة المواطن البهائي المصري وكل البهائيين في العالم من قبل مسئولين مصريين يحمل بعضهم مرتبة وزير في الوزارة المصرية

Sunday, February 11, 2007

البهائيين والإشاعات الرسمية




نشرت جريدة الأحرار المصرية الصادرة بتاريخ 10 فبراير 2007 على صفحتها الثامنة مقالا كتبه عاطف فاروق بعنوان فصل أي موظف يعتنق البهائية واعتباره مرتدا عن اﻹسلام. وأدرجت الجريدة قرار المحكمة الادارية العليا بمجلس الدولة ووصفته بأنه " مبدأ قانونيا تاريخيا" تم اتخاذه بإجماع الأراء. وأضافت الصحيفة أن القرار تضمن النص على فصل أي موضف من عمله يعتنق الفكر البهائي وإعتباره مرتدا وكافرا. اضاف المقال أن المحكمة أكدت في حكم لها بفصل موظفة بهائية تعمل في التربية والتعليم أن "الدعوة البهائية كفر وتخالف كل الاديان السماوية المعترف بها ولم نتطلق من أي دين، وأنها جاءت لتحطيم الإسلام ، وان أي شخص يعتنق هذه العقيدة كافر، وإذا كان مسلما واعتنقها فهو مرتد يتوجب عقابه، وأقل شيء أنه إذا كان موظفا يجب فصله فورا من عمله متى ثبت اعتقاده لهذه العقيدة الهدامة التي تبيح المحرمات وتحرم الحلال وتنكر وجود الله وتجسده في صورة انسان وتبيح الزنا وزنا المحارم وتدعو للفجور والدعارة وتسلب الحياء عن المرأة". أضغط هنا لقراءة نص المقال كاملا

ويستطرد المقال بإدراج الادعاءات الباطلة التي لا أساس لها من الصحة عن دعوة البهائية للإنحلال الأخلاقي والدعارة وزواج المحارم ومحاربتها للإسلام والعمل لحساب الصهيونية. هذه الادعاءات التي اثبتنا مرارا أن لا أساس لها من الصحة وإنما هي إفثراءات باطلة هدفها التشهير بالبهائية والطعن بأتباعها وبأعراضهم وأثارة الحقد ضدهم. وعلى نمط المقال السبق نشرت جريدة نهضة مصر (عدد 11 فبراير 2007) مقالا بعنوان: "زقزوق: المحافل البهائية أوكار لصالح اسرائيل" ورد على هذا المقال بهائي مصري في مدونته تحت عنوان "من المفتي للوزير… يا قلبي لا تحزن " مبينا عدم صحة ما قاله وزير الاوقاف المصري الدكتور محمود حمدي زقزوق في مقالته . يمكن قراءة الرد الكامل على إفتراءات الوزير زقزوق بالضغط هنا . أما بالنسبة للادعاءات المتعلقة بالدعارة والزنا واخلال المحرمات فقد رددنا عليه مرارا واثبتنا عدم صحتها في مقالات سابقة على نشرت في هذه المدونة وغيرها، وأخر توضيح أدرجته مع بعض المراجع في ردي غلى سؤال طرحه أحد زوار هذه المدونة بتاريخ 4 فبراير 2007 نتيجة سماعه إفتراء مشابهة من قبل خطيب في مسجد من مساجد الله في مصر

في الحقيقة أنا قرأت المقالات سابقة الذكر بالأمس ولكنني لم استطيع الكتابة والرد. أحسست للوهلة الاولى بالغثيان، وأستمر شعوري هذا طوال النهار وكنت أحس بين الحين والأخر بشعور يمتزج فيه الحزن برغبة صارخة لعمل شيء ما لوقف سلسلة الكذب والافتراء هذه. حاولت أن أجد تفسيرا منطقيا ومبررا لكذب المسئولين وتشهيرهم بأعراض وبديانة البهائيين المصريين، وكل البهائيين، ولكني لم أجد تفسيرا يقبل به العقل لما يحدث. وبقيت اتسائل لماذا؟؟...كل ما استحوذ فكري هو مقولة: "إذا لم تستحي فأفعل ما شئت". يبدو للأسف أن سعادة الوزير وقضاة المحكمة الإدارية فعلا لم يستحوا عندما وافقوا على القرار أو أدلوا بالتصريحات، ولم تستحي الجرائد التي نشرت هذه الأكاذيب. الذي استحى هم المصريون من مواقف القضاة والمسئولين. استحى المصريون المنصفون الذين يخافوا الله ويحرصوا على مصلحة الوطن ويغاروا على كرامته وسمعته. استحى الذين يؤمنون بالعدالة والحق و الذين لم يتوانوا عن الرجوع إلى الكتابات البهائية ووجدوها تدعوا إلى العفة والطهارة ومخافة الله وحب أنبياءه ورسله وناسه

السؤال الذي بقي يطرح نفسه بإلحاح هو متى ستنتهي هذه المهزلة؟ ومن سوف يحاسب هذه الجهات المصرية الرسمية والذين يتكلمون باسم حكومة مصر وناس مصر على مواقفهم وافتراءاتهم ضد أبناء مصر من البهائيين؟ وهل سيقف الذين لا يجدون حرجا بالافتراء على البهائيين عند ذلك أم سيجدون ضحايا جديدة عندما تخف شهرة قضية البهائيين وتصمت أصواتهم؟ هل سيستمروا حتى يجروا مصر وشعب مصر ومستقبل مصر ومكانتها في التاريخ وفي عيون العالم الى حيث لا تحسد عليه؟
هل سوف نجبرعلى الاستنجاد بضمائر العالم الحية للحصول على حقوق البهائيين المصريين في وطنهم مصر؟

ولقد رأينا ما حصل في قضية الاستاذ الجامعي البهائي المصري (باسم وجدي) الذي فصلته الجامعة الالمانية في القاهرة بتدخل المسئوليين المصريين لمجرد كونه بهائيا وتنظر في اعادة تعينه نتيجة للجهود التي قام بها الاكاديميون والبرلمانيون الالمان حسب مقال نشرته جريدة النباء الوطن بتاريخ 11 فبراير 2007. فللعالم علاقات ومصالح في مصر، ولا أظن أنه سيسكت على التجاوزات المصرية الصارخة لحقوق الانسان. فبالنسبة للبهائيين، فلقد اثبتوا في كل مجتمعات العالم التي يعيشون فيها حسن أخلاقهم وإخلاصهم وعطاءهم الايجابي . فحكومات العالم من ضمنها الحكومات العربية تعلم علم اليقين مبادئهم ومعتقداتهم ويعرف البرلمانيون انهم لا يتدخلون في السياسة ولا يعملون كجواسيس لحساب اسرائيل أو غيرها، فالبرلماني والوزير في معظم دول العالم المتحضر مسئول امام الشعب والقانون بقول الحق وعدم التشهيربالأخرين وإلا حسابته الجماهير وحاسبه القانون . والبرلمانين يتبنون الدفاع عن قضايا يؤمنون بها، وبعضهم يتبنى الدفاع عن انسانية مواطنيهم وحقوق الانسان اينما كان. وحين تدخلت البرلمانية الالمانية هذه المرة، حدت أن كان الحق حق إنسان بهائي مصري شاب يبحث عن لقمة العيش ومستقبل أفضل، رأت الحكومة المصرية أن تظلمه في وطنه

نتمنى أن تغير الحكومة المصرية موقفها وتنصف البهائيين من ابناءها دون تدخل العالم، وبدل التشهير بمواطنيها تعمل على رفع مستوى معيشة كل المصريين وضمهم تحت حكم عادل يكفل تواصل أبناء الوطن الواحد وسعادتهم

Sunday, February 04, 2007

قضية البهائيين: على الصعيد العربي والعالمي


في مقال بعنوان البهائى الضال والجنيه المفقود كتبه جورج شكري ونشرته جريدة أيلاف يوم الإثنين 25 ديسمبر 2006، يلخص الاستاذ جورج الاحداث الاخيرة المتعلقة بقضية البهائيين المصريين وقرار القضاء عدم منحهم الحق في ادراج ديانتهم في الوثائق الرسمية. فبالاضافة الى سرد الاحداث المتعلقة بالقرار، يصف الكاتب وضع البهائيين في العالم ويقارنه بوضعهم في المجتمع العربي موضحا ذلك بقوله

والغريب أن العالم كله يحفل بالبهائيين وبمعابد البهائيين فلهم عدة محافل مركزية في أفريقيا بأديس أبابا وفي الحبشة وكمبالا بأوغندا ولوساكا بزامبيا، وجوهانسبرج بجنوب أفريقيا وكذلك المحفل الملي بكراتشي بباكستان. ولهم أيضاً حضور في الدول الغربية فلهم في لندن وفيينا وفرانكفورت محافل وكذلك بسيدني في استراليا ويوجد في شيكاغو بالولايات المتحدة أكبر معبد لهم وهو ما يطلق عليه مشرق الأذكار ومنه تصدر مجلة نجم الغرب وكذلك في ويلمنت النويز (المركز الأمريكي للعقيدة البهائية) وفي نيويورك لهم قافلة الشرق والغرب وهي حركة شبابية قامت على المبادئ البهائية ولهم كتاب دليل القافلة وأصدقاء العلم. ولهم تجمعات كبيرة في هيوستن ولوس أنجلوس وبيركلين بنيويورك حيث يقدر عدد البهائيين بالولايات المتحدة حوالي مليوني بهائي ينتسبون إلى 600 جمعية. ومن العجيب أن لهذه الطائفة ممثل في الأمم المتحدة في نيويورك ( فيكتور دي أرخو ) ولهم ممثل في مقر الأمم المتحدة بجنيف ونيروبي وممثل خاص لأفريقيا وكذلك عضو استشاري في المجلس الاجتماعي والاقتصادي للأمم المتحدة أيكوسكو Ecosco وكذلك في برنامج البيئة للأمم المتحدة Unep وفي اليونيسيف Unicef وكذلك بمكتب الأمم المتحدة للمعلومات U. N. office of public information، و( دزي بوس ) ممثل الجماعات البهائية الدولية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة و( رستم خيروف )الذي ينتمي إلى المؤسسة الدولية لبقاء الإنسانية. أعترف العالم كله إذن لا بالبهائية فقط كديانة بل بحق البهائيين كبشر فى حرية الأعتقاد وحرية ممارسة شعائرهم الدينية ولا تزال مصر ومعها الدول العربية فى مؤخرة ركب حقوق الأنسان فلا حقوق لغير المسلم ولاممارسة للشعائر الدينية بحرية لغير المسلم

فمن السهل على الباحث ان يرى أن للبهائيين كجماعة دينية فعالة معترف بها، وجودا فعليا في عدد كبير من دول العالم. فالبهائية هي ثاني الديانات من حيت الانتشار الجغرافي. وكما ذكر المقال السابق،(رغم بعض الأخطاء في أسماء بعض ممثليها) فان للبهائيين خدمات عالمية واسعة في مجال الخدمات الاجتماعية والبيئية والإنسانية في البلاد التي يعيشون فيها بشكل خاص، وعلى الساحة الدولية بشكل عام. وكما ذكر المقال أيضا، من المؤسف أن مصر وبعض الدول العربية الأخرى تصر على عدم الاعتراف بالبهائيين وإهدار حقوقهم بينما يرحب بهم بقية العالم كمواطنين فعاليين في مجال الخدمة وإحلال الاتحاد والسلام في مجتمعاتهم والولاء لحكوماتهم أينما كانوا دون منازعة الحكام أو الأحزاب السياسية على الحكم أو السُلطة السياسية للدولة التي يعيشون فيها. فأتباع الدين البهائي لا يتدخلون في السياسات الحزبية ولا يرشحون أنفسهم لانتخابات رئاسية أو غيرها


والسؤال هنا، لماذا لا نرى مزيدا من الاعتراف بحقيقة المجتمعات البهائية ووجودها العالمي ودورها الايجابي في الدول التي تعيش فيها وفي العالم التي تراه وطنا للجميع بدون تفرقة على أساس الدين او اللون او العرق او الوضع الاقتصادي او الانتماء السياسي؟

أعتقد أن الجواب يكمن في الوضع الحالي لثقافاتنا ومجتمعاتنا العربية الاسلامية. ولقد وصف الكاتب و المفكر البحريني ضياء الموسوي في مقابلة معه نشرها تلفزيون ابو ظبي بتأريخ 29 ديسمبر 2006 الوضع الحالي في مجتمعاتنا العربية قائلا انها تمتلك الكثير من " المشانق الايدولوجية" و"مفارز التخوين الاجتماعي" وان العديد من منابرنا صارت منابرا لـ "تفخيخ الناس" و"صناعة الكراهية تجاه الاخر". ويضيف أن هذه المنابر تمارس " تقافة الموت" وتخطف عقول الشباب نحو "الزنزانات الايديولوجية". ويعزي الموسوي امكانية "تفخيخ" الشعوب العربية ونجاح هذه السياسات الى انتشار الجهل في مجتمعنا العربي، ويوضح أن احصائيات الامم المتحدة تبين ان 70 مليون عربي بالغ لا يجيدون القراءة، ويضيف أن هذا يسهل عملية تفخيخ الشعوب حيث يمكن ان يتحول افراد هذه الشعوب حتى ضد أهلهم ووطنهم وأمتهم. ويوضح الموسوي أن بعض الحكومات تدعم سياسة التفخيخ و"صناعة الكراهية ضد الاخر" لاغراض سياسية، يدفع ثمنها المجتمع العربي الذي يعاني من اشكاليات عديدة خلقتها سياسات ومنابر التخويف والتخوين التي انتجت اجيالا تربت على الكراهية وعدم القدرة او الرغبة في التعايش مع الاخرين. ويقول الاستاذ الموسوي أن الحل هو في ان نمتلك " الجرئة في تفتيت كل ما ترسب من مادة الكرستول المؤدلجة المتخلفه والمتكدسة على مفاصل الوعي العربي والعقل العربي" وان ننشر سياسية الحياة والتواصل والتعايش بدل سياسة الموت والتخويف والكراهية. اضغط هنا للاستماع لما قاله الموسوي بهذا الصدد في مقابلته مع تلفزيون ابو ظبي والذي اعادت مؤسسة ميمري بثه مع الترجمة باللغة الانجليزية

وكما ذكرنا سابقا، إن المجتمع البحريني يسمح بحرية العقيدة في اطار القانون ويطبق هذا القانون عمليا. فالبحرين تعترف بـاقلياتها الدينية ومن ضمنهم البهائيين، وتحترم حقهم في التواجد وممارسة شعائرهم الدينية. ونحن نأمل، كالمفكر البحريني، أن يكف المتطرفون في مجتمعاتنا العربية عن نشر الإدعاءات الباطلة ضد الغير من البشر ومن ضمنهم ابناء الوطن نفسه، وأن نقوم بدل ذلك بالبحث عن وتوسيع المساحات المشتركة التي يمكن من خلالها ان نمارس إنسانيتنا ونتفق رغم اختلافنا كما اقترح "على مائدة الوحدة الانسانية". عندها يصير بإمكاننا التعايش وخلق مستقبل افضل لنا وللغير

Sunday, January 28, 2007

قضية البهائيين المصريين: عذراً يا سعادة اللواء


اللواء عصام الدين بهجت مساعد وزير الداخلية لقطاع الأحوال المدنية أعلن في الماضي في مقالة نشرتها صحيفة المصري اليوم بتاريخ فبراير 2006 عن حرصه وحرص وزارة الداخلية على إتمام عملية حصول كل المصريين على البطاقة الرقم القومي مع نهاية عام 2006 فلقد أكد اللواء عصام بهجت ذلك خلال المؤتمر الذي عقد في المصلحة بالعباسية، حين أعلن أنه لا يريد أن يحدد موعداً لإنهاء العمل بالبطاقات الورقية، حني لا نجد مواطناً بلا هوية، مؤكداً أن نهاية عام 2006 ستشهد نهاية العمل بالبطاقات الورقية بتعاون المواطنين، وأن إصدار البطاقات الورقية توقف نهائياً، لكن سيتم إصدارها في حالات خاصة جداً، كما يتم إصدار بطاقات الرقم القومي للعاجزين عن الحركة في منازلهم للوصول بنهائية العام إلي نسبة ١٠٠% في نسبة استخراج البطاقات للفئات المستهدفة

ولقد أعلن مساعد الوزير في مقال نشر بتاريخ 28 فبراير 2006 في جريدة أخبار اليوم عن التيسرات الجديدة التي تدرجها الوزارة لاستخراج بطاقات الرقم القومي "لجميع المواطنين" وعدد مساعد الوزير في إجابته للأسئلة التي طرحها المحرر النجاح الذي تم تحقيقه في هذا المجال. وعندما سئل مساعد الوزير عن حالات التزوير المتعلقة بالبطاقة أجاب: أن الوزارة سوف تتصدى لأي من عمليات التزوير فيما يتعلق بالحصول على بطاقة الرقم القومي وتقوم بكل لإجراءات التي تضمن مواجهة أية محاولة للتزوير. وعند سؤاله عن "إدعاء" بعض منظمات حقوق الإنسان وجود صعوبات تواجه بعض المصريين فيما يتعلق بخانة الديانة، أجاب مساعد الوزير: "أود التأكيد أنه لا توجد صعوبات أمام المواطنين في استخراج الرقم القومي، و الفئة التي أثارت هذه المشكلة هم من يطلقون على أنفسهم البهائيين" مصرا على أن طلب البهائيين هذا يخالف القانون المصري الذي يعترف بديانات سماوية ثلاث، وأن البهائية ليست من ضمنها، أضاف أنه يستند في قوله هذا على أحكام المحكمة القضائية

وإجابة على السؤال عن "كيف يتم التعامل مع هذه الفئة فيما يخص الديانة؟" أجاب مساعد الوزير: "نقوم بإثبات ديانة الأب سواء كان مسيحيا أو مسلما في خانة الديانة الخاصة بالبهائي، وفي حال رفضه ذلك، لا نقوم باستخراج البطاقة، وعليه أن يتحمل تبعات ذلك" . اضغط هنا لقراءة نص المقالة التي تتضمن رد مساعد الوزير

في الحقيقة لقد قرأت تصريحات مساعد الوزير أكثر من مرة للتأكد في أنني فهمت معنى ما صرح به، فلقد بدا لي التصريح أشبه بنص مسرحي سيء يفتقد المنطقية من كونه تصريحا رسميا يتعلق بحياة مصريين يناشدون الدولة أن توفر لهم الظروف اللازمة لتطبيق إجراءات شرعتها الدولة نفسها. فاللواء مساعد الوزير يصر في المقابلة على أن الحكومة سوف تعاقب الدين يزورون البيانات الرسمية من جهة، ويقترح تزوير بيانات خانة الديانة المتعلقة بالبهائي من جهة أخرى. وما أثار دهشتي أكثر هو التصريح بأن الوزارة سوف تقرر ديانة البهائي المصري بإدراج ديانة والده في بطاقته بغض النظر عما يدين به هو! ولان مثل هذا الحل يفرض احتمالات لا يقبلها العقل والمنطق، سوف أكتفي بالسؤال هنا، هل هناك مصادر شرعية حللت التزوير أذا كان موظف الحكومة المسئول هو المزورة؟ وإذا كان التزوير ممنوعا ويعاقب عليه القانون، من سيكون مسئولا عن منع تطبيق مثل هذا التزوير؟

أنا أشيد برغبة الحكومة نجاح المشروع الوطني باستخراج بطاقات رقم قومي مستندة على
"قاعدة معلومات آلية عملاقة" لكل المواطنين المصريين. فربما كان هذا التنظيم وتبويب المعلومات الآلي من المعايير التي تقاس بها درجة مواكبة الدول والحكومات لتطور العصر الحالي! ولكن هل ترى الحكومة المصرية أنه من التحضر أن تصر على تزوير المعلومات المتعلقة بمعتقدات بعض مواطنيها (بغض النظر عن قلة أو كثرة عددهم) وتقرير ديانتهم لهم في بطاقاتهم القومية بغض النظر عما يؤمنون ويشهرون إيمانهم به، لكي تعلن هذا الانجاز الحضاري؟ وهل من العدالة أن يصير البهائيين كبش الفداء على مسرح إنجازات الدولة؟ إن تحضّر الدول في كل عصر وزمان يُقاس بقدرتها على توفير الحياة الكريمة لكل مواطنيها وتشريع قوانين عادلة تطبق على جميع أفراد الوطن الواحد

عذراً يا سعادة اللواء! لو فكرنا قليلا، أظن أننا سنتفق، بدون الحاجة للإسهاب في الشرح، بأن ما طرحته ليس حلا يقبله العقل أو المنطق. المشكلة هنا ليست في كون البهائيين بهائيين. المشكلة في أصدار إجراءات يمكن أن تطبق في نطاق الدستور والتشريع والقوانين والمعاهدات الدولية التي صدقتها الدولة فأصبحت ملزمة بها. والحقيقة أن ما صرحت به يا سعادة اللواء "ما كان على البال والخاطر". ماذا سوف تدون لو كان أب البهائي بهائيا، أو مندائيا، او زارادشتيا؟ هل حقا ستختار له أنت، أو من تنيبه عنك، احدى الديانات التي تعتبرها سماوية، مع الملاحظة انك أدرجت في تصريحك الإسلام والمسيحية، ونسيت اليهودية سهوا! أنا لا أعرف لماذا كل هذه التعقيدات؟ فهناك العديد من الحلول المطروحة التي تُخرج البهائيين والدولة من المأزق الحالي، كإزالة خانة الديانة أو إستبدالها بشرطة أو تركها فارغة. بغض النظر عن الحل، كما خلقت الحكومة المصرية هذه المشكلة، وأعتقد ان عليها إيجاد الحل، على أن يكون حلا منطقيا لا يتم من خلاله إكراه البهائيين على إدراج غير ما يؤمنون به . فهذا هو بيت القصيد

Sunday, January 21, 2007

قضية البهائيين: محنة للمواطنة وحرية المعتقد


قام الأستاذ أحمد زكي عثمان، الباحث بـ مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بإعداد بحث مفصل يحلل فيه العديد من الجوانب المتعلقة بقضية البهائيين المصريين، نشرها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بتأريخ 16 يناير 2007 تحت عنوان قضية البهائيين محنة للمواطنة وحرية المعتقد في مصر. إن تحليل الأستاذ عتمان يقدم للقارئ ملخص قانونيا لقضية البهائيين المصريين ونظرة تحليلية لبعض الأبعاد الأساسية للقضية. و يطرح الأستاذ عثمان من خلال تحليله للقضية شرحا لتداخل عدد من العوامل الاجتماعية والسياسية في تحديد نتائج حكم المحكمة الإدارية العليا بحق البهائيين في تدوين ديانتهم في البطاقة الشخصية. وتطّرق البحث أيضا إلى تأثير قضية البهائيين المصريين على تصعيد النقاش حول بنية المعتقدات ومشروعية الدور الذي قامت به بعض الجهات في تقرير وتحديد حثيات الحكم الذي أصدره القضاء المصري بحق البهائيين. ونوه التقرير الى تأثير مثل هذه الممارسات على نطاق ومستقبل ممارسة حرية المعتقد في المجتمع المصري بشكل عام. وفيما يلي النص الكامل للتقرير

في 28 نوفمبر من عام 2002، قدمت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ملاحظاتها الختامية على تقريرى حكومة جمهورية مصر العربية الثالث والرابع، حيث أشارت اللجنة إلى موضوعات تمس اهتمامها، و منها الممارسات التى تمثل خرقا للمادة (18) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ومن أمثلتها التضييق على حرية إقامة الشعائر للطائفة البهائية(1). وكان رد الحكومة المصرية (الذي تم تضمينه فى التقريرين الثالث والرابع) أسيرا لمنطق معالجة الحرج السياسي الذي سببته ملاحظات اللجنة حول التقرير الثاني للحكومة المصرية، إلى جانب حساسية الحكومة من اتخاذ أي تعهدات من شأنها غلق الباب أمام أى ممارسات تعسفية للسلطة التنفيذية، فيما يتعلق بالأوضاع العامة لممارسة حرية المعتقد في مصر. لكن من المهم الإشارة إلى أن الحكومة المصرية في ردها الرسمي ادعت أنها لم تتعرض لحرية العقيدة البهائية، ولم تقيد من حرية اعتناقها، وأن كل ما حدث هو تطبيق لنصوص القانون 263 لسنة 1960(2) بشأن حل المحافل البهائية؛ وذلك لأنها تخالف النظام العام

قنن هذا التعليق ظهور مسوغ "النظام العام" لكي يتصدر قائمة المسوغات الحكومية للتضييق على الطائفة البهائية. وهى المسوغات التي ظهرت في السنتين الأخيرتين واللتين شهدتا حالة من تدافع النقاش العام حول قضية البهائية، وحدود الممارسات الخاصة بحرية المعتقد، واشتباك هذا النقاش مع وضعية الحريات الدينية للطوائف الأخرى فى مصر. جاءت حالة التدافع هذه إثر تداول المحاكم المصرية إحدى القضايا المتكررة الخاصة بتنظيم بعض الإجراءات القانونية واللائحية لأفراد الطائفة البهائية –وليس بحرية إقامة الشعائر- الخاصة بتسجيل كلمة (بهائي أو أخرى) في الخانة المخصصة للديانة في الأوراق الرسمية (جوازات السفر، شهادات الميلاد، بطاقات الرقم القومي). وفى هذا الإطار جاءت الدعوى القضائية رقم 24044لسنه 85 ق لتحمل حكما قضائيا أوليا بأحقية أفراد الطائفية البهائية بتسجيل كلمة بهائي في خانة الديانة(3)، وحملت حيثيات هذا الحكم تطابقا واضحا مع حكم آخر للمحكمة الإدارية العليا صدر في عام 1983(4) في قضية شبيهة بتلك التي تم تقديمها للمحكمة في 2004

تكشف قضية 1983 عن طبيعة الملامح العامة المميزة للأطر القانونية والفقهية التي تمس أوضاع الطائفة البهائية في مصر. ملخص هذه القضية أن السجل المدني في مدينه الإسكندرية امتنع عن استخراج بطاقة شخصية لطالب جامعي (يدين بالبهائية) مما أفضى إلى فصل الطالب من كليته (بسبب عدم قدرته على تأجيل تأدية خدمته العسكرية؛ وذلك بسبب عدم تمكنه من استخراج على بطاقة شخصية). عقب قرار الفصل قام ولى أمر الطالب برفع قضية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في 8 ديسمبر 1976 وذلك لإلغاء امتناع الموظفين في سجل مدني المنتزه بمدينة الإسكندرية من استخراج بطاقة شخصية كاملة البيانات لابنه

بعد ثلاث سنوات من تاريخ رفع القضية جاء حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في 16مايو 1979 (الدعوي 84 لسنة 31 ق) برفض الدعوى. واستندت المحكمة في حيثيات رفضها للدعوي علي أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع؛ ومن ثم يتعين النظر إلي أحكام الدستور الأخرى المتعلقة بحرية العقيدة وعدم التفرقة بين المواطنين بسبب الدين أو العقيدة في "حدود ما يسمح به الإسلام وعلى نحو لا يتعارض مع مبادئه أو يتنافي مع أحكامه"، لكن المحكمة لم توضح بالتحديد ما هي الحدود التي يسمح بها الإسلام، هذا إلى جانب أن المحكمة قد خرجت عن وظيفتها الأصلية الخاصة "بالفصل في المنازعات"، لكي تمارس وظيفة أخرى وهى محاكمة المعتقد ذاته (وهو الأمر الذي يمكن أن يتكرر لاحقا سواء في محاكمة دين سماوي أو غيره). وأوردت حيثيات الحكم مثلا أن "البهائية تتناقض مع الأديان السماوية"، وبناء عليه أقرت المحكمة أن قرار امتناع السجل المدني عن استخراج البطاقة هو "قرار صحيح سليم" وأن قرار شطب الطالب من كليته "يكون قائما علي سبب يبرره ، ويتعين رفض طلب إلغائه".

لكن وبعد أربع سنوات من هذا الحكم الغريب جاء حكم المحكمة الإدارية العليا في 29 يناير 1983 (أي بعد حوالي 7 سنوات كاملة من حادثة رفض السجل المدني)، في الطعن المقدم على حكم محكمة القضاء الإداري، أسيرا للتناقض بين إتاحة الحد الأقصي لممارسة الحق من ناحية، والتقييد غير المبرر من ناحية أخري. فقد حكمت المحكمة الإدارية العليا برفضها للحكم النشاز الخاص بمحكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، وكان من الحيثيات الفريدة التي أوردها الحكم أن المحافل البهائية التي تم حلها في القانون 263 لسنة 1960 هي عبارة عن هيئات إدارية تختلف عن "نشاط البهائيين"، خصوصا وأن المشرع لم يتعرض للعقيدة "فحرمتها مكفولة"، كما أكدت المحكمة علي أن " دار الإسلام قد وسِعتْ غير المسلمين علي اختلاف ما يدينون، يَحْيَوْنَ فيها كسائر الناس بغير أن يكره أحد منهم علي أن يغير شيئا مما يؤمن به" لكن وللأسف الشديد ربطت المحكمة هذا التفسير المعتدل بشرط أن ما يظهر من شعائر الأديان يكون معترفا به في "حكومة الإسلام "، وقصرت المحكمة حق إظهار هذه الشعائر طبقا لـ " أعراف المسلمين بمصر على أهل الكتاب من اليهود والنصارى وحدهم". وسلكت المحكمة مسلكا خطيرا من خلال ضرورة كتابة البهائية في خانة الديانة ليس لأن هذا حق واجب النفاذ ولكن "حتى تعرف حال صاحبه ولا يقع له من المراكز القانونية ما لا تتيحه له تلك العقيدة بين جماعة المسلمين".

هذا الحكم وعلى الرغم من أنه لا يستجيب لمطالب الأفراد فيما يتعلق بإتاحة الحد الأقصى فى حرية قيام الشعائر الدينية، كما أنه يتضمن تمييزا على أساس الدين، فإنه يمثل نقله مهمة في الجدل القانوني حول وضع الطائفة البهائية في مصر. حيث تم الاستناد بهذا الحكم في الدعوى القضائية رقم 24044 لسنة 85 قضائية، والتي حكمت فيها محكمة القضاء الإداري بتاريخ الرابع من أبريل لعام 2006 بأحقية أفراد الطائفة البهائية في تسجيل كلمة بهائي في خانة الديانة

تميز حكم الرابع من أبريل عن غيره من الأحكام، بظهور ردود أفعال عنيفة للغاية، سواء من خلال الصحف القومية أو بعض الصحف الحزبية، ولكن رد الفعل الأهم في سياق بلورة المواقف الرافضة للحكم كان بعد حوالي شهر من تاريخ صدور حكم المحكمة وبالتحديد فى الثالث من مايو، عندما قرر رئيس مجلس الشعب(5) فتح باب المناقشة في موضوع لم يكن مدرجا في جدول الأعمال، وهو موضوع الحكم القضائي الصادر من محكمة القضاء الإداري بتاريخ الرابع من أبريل سنه 2006 والذي قضى بضرورة أن تقوم مصلحة السجل المدني (التابعة لوزارة الداخلية) بكتابة كلمة بهائي أمام خانة الديانة فى الأوراق الرسمية. حيث استعرض مجلس الشعب طلبات الإحاطة السبعة التي قدمها سبعة أعضاء هم أحمد شوبير، صبحي صالح، أكرم الشاعر،على لبن، السيد عسكر، زكريا يونس، محمد عامر حلمى. وتم تقديم طلبات الإحاطة إلى وزير الأوقاف، أي لوزير ليس له علاقة بالقضية (القضية تتعلق بالسجل المدني والذي هو تحت السلطة الإدارية لوزير الداخلية

لا تكمن المشكلة فقط في اختيار خاطئ لشخص الوزير المسئول ولكن مكمن الخطورة في أن نص كلام مقدمي طلبات الإحاطة اعتمد على درجة غريبة من هشاشة المعلومات وضبابيتها. واكتفى بعضهم بتأليب الحكومة على "البهائيين" ،طالب صبحي موسى "الحكومة ممثلة في وزارة الأوقاف والأزهر والوزارات المختصة والمعنية أن تتقدم بطعن وتتدخل في الدعوى وتقدم ما يثبت أن الفرقة البهائية، فرقة كافرة مرتدة بإجماع الأمة، ويجب أن تجرم أو يصدر تشريع يجرم هذا الفكر ويجرم هذه الجماعة حتى لا يفتح باب فساد في عقائد وأفكار ومعتقدات وأخلاق الناس خاصة أن هذه الفرقة الضالة تقوم على مبادئ مخلة بالآداب وبالأخلاق وبالعقائد والأفكار ومن شأنها تدمير النظام العام والآداب العامة في المجتمع". وهو ما يعنى أن العضو قد اختزل وظائف مؤسسات الدولة، والمفترض فيها أن تكون حيادية في ممارستها لوظائفها، إلى مؤسسات مهمتها محاكمة المعتقدات الخاصة بالأفراد. ساهم هذا الموقف المتزمت لمجلس الشعب في خلق حالة تأزم شديدة فيما يتعلق بطبيعة وظائف أجهزة النظام السياسي في التضييق على الحريات الخاصة بالمواطنين، وهو التأزم الذي عزز من موقف وزارة الداخلية فى طعنها ضد حكم محكمة القضاء الإداري

حتى جاء 16 من ديسمبر لعام 2006 ، ليحمل حكما "صادما"من قبل المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار "السيد نوفل" رئيس مجلس الدولة. مبعث الصدمة أن الحكم القضائي قد عقد مناظرة ما بين تعاليم البهائية وبين تعاليم الإسلام ، وتحولت الحيثيات فى أجزاء منها إلى توصيفات تسخر من الديانة البهائية، هذا ناهيك عن فساد الاستدلال المتعلق بمضامين بعض القوانين، وبعض أحكام المؤسسات القضائية مثل حكم المحكمة العليا فى جلستها بتاريخ 1 مارس 1975(6). و أخيرا أشارت الحيثيات إلى أن مضمون تفسير المادة 46 من دستور 1971 الخاصة بحرية إقامة الشعائر ينصرف إلى أتباع الديانات السماوية الثلاث فقط، وهو ما يناقض القضية المنظورة. حيث إن القضية لم تكن تتعلق كلية بحرية إقامة الشعائر ولكنها كانت بمثابة البحث عن مخرج في أزمة امتناع وزارة الداخلية المصرية عن إصدار المستندات الرسمية الخاصة ببعض أفراد الطائفة البهائية.فضلا عن أن المحكمة قد نحت منحى غريب من الناحية القانونية عندما فسرت النصوص الخاصة بحرية العقيدة فى الدساتير المصرية (بداية من دستور 1923) من خلال الأعمال التحضيرية لهذا الدستور على أنها تعنى أتباع الديانات السماوية الثلاث. وهو الأمر الذي لا نجد له سندا تاريخيا خصوصا وأن المشرع المصري لم يقم إطلاقا بإحصاء عدد الأديان والمعتقدات المسموح بها فى البلاد، وهو الأمر الذي دفع مجلس النواب والشيوخ إلى إصدار القانون 15 لسنة 1927 بتنظيم سلطة الملك بما يختص بالمعاهد الدينية والمسائل الخاصة بالأديان المسموح بها(7). وهذا القانون يعنى بوضوح أن "الأديان المسموح بها"، والمسائل التنظيمية الخاصة بهذه الأديان كانت بمثابة أمور إجرائية تخضع قانونيا لسلطة الملك والتي يستعملها رئيس الوزراء (حسب المادة 1 ،3 من القانون15/1927


حكم المحكمة الإدارية: مدخل إلى مزيد من التناقضات القانونية

يمثل هذا الحكم الأخير تهديدا واضحا للركائز المدنية للدولة المصرية ، ويخضع ممارسة الحريات العامة إلى جملة من القيود ، وهو ما سيفرز لاحقا أزمة (ليس فقط في فعالية أداء مؤسسات الدولة) ولكن أزمة في تسيير الإجراءات العامة في الدولة، فعلى سبيل المثال وبناء على حكم المحكمة الإدارية العليا في ديسمبر 2006 ، فإن الدولة لا تعترف سوى بديانات ثلاث ، وهو ما يتناقض جملة وتفصيلا مع البنية القانونية المنظمة للتجنس بالجنسية المصرية ، خصوصا أن الجنسية المصرية محكومة منذ صدور أول قانون لتنظيم الجنسية فى العشرينيات من القرن العشرين(8) بمساحة شبه مدنية،حيث لم يرد شرط اعتناق أحد الأديان السماوية كشرط من شروط اكتساب الجنسية، وهو التقليد القانوني الذي سار عليه القانون الحالي المنظم للجنسية المصري (القانون 26/1975) من خلال المادة 11 منه.(9) وهو ما يعنى أنه يمكن لأي فرد من أتباع أي معتقد أو دين (غير سماوي) وتنطبق عليه شروط المادة 11 من القانون 26/1975 ، أن يحصل على الجنسية المصرية ومن ثم فإنه ملزم حسب أحكام القانون 143لسنة 1994 بأن يستخرج مجموعة من المستندات الموضح فيها ديانته. هنا سيظهر المأزق الذي يحيط بمؤسسات الدولة ،حيث إنه وفقا لحكم المحكمة الإدارية العليا (لسنة 2006) فإن تسجيل أي ديانات أخرى (غير الديانات السماوية الثلاث) يمثل مخالفة للقانون، وفى حالة امتناع السجل المدني عن تسجيل ديانات أخرى، فسوف تترتب عليه مخالفة واضحة لنص المادة(40) من دستور 1971 والتي تنص على عدم التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة

نحو تجاوز النقاش حول بنية المعتقدات

في الأزمة حول قضية البهائية هناك حالة توافق بين السلطات الثلاث فى الدولة على أن البهائية ليست من الإسلام ، وهو الأمر الذي يعتبر خارج نطاق القضية تماما، ويمثل من ناحية أخرى الابتعاد عن وظائف الدولة المدنية القائمة على "التشريع"، لصالح خلق أبنية لدولة دينية عمادها "الفتوى". خصوصا وأن معظم الفتاوى المتعلقة بالبهائية تركز على أن البهائية ما هي إلا ارتداد على الإسلام (على سبيل المثال فتوى مفتى الديار المصرية الشيخ عبد المجيد سليم في عام 1939، وفتوى للشيخ جاد الحق علي جاد الحق عام 1981)(10). وهو ما يثير مشكلة بالغة الخطورة وهى المتعلقة بدور منظومة الفتوى في التأثير على صنع القواعد القانونية وإقرارها والتقاضي حولها في النظام السياسي المصري، خصوصا أن هذه الفتاوى تحمل في بنيتها إنكارا لدولة المواطنة، وللركائز المدنية للدولة المصرية. من ناحية أخرى يتزايد نمط التوظيف السياسي لهذه الفتاوى في ممارسات الدولة ضد الطائفة البهائية؛ وهو ما يرجح كفه الخطابات السياسية والمجتمعية التي تعتمد على محاكمة المعتقدات، إلا أنه من المهم الإشارة إلى الدور السياسي المختلف الذي لعبته بعض الفعاليات الاجتماعية والسياسية والإعلامية المختلفة من خلال تحركاتها الرامية إلى تخفيف حدة الاستقطاب الديني للقضية. فعلى الرغم من احتدام المناخ العام إجمالا بالظهور المكثف للأزمات المرتبطة بالدين (الحجاب، قضايا المسيحيين)، إلا أن اهتمام الصحف المستقلة بقضية البهائية قد أضاف فرصة جديدة لقرءاه قضية البهائيين من خلال زوايا أخرى تركز على الحقوق وليس طبيعة المعتقد. وكان اهتمام المدونين المصريين بهذه الظاهرة فرصة لطرح القضية كموضوع للنقاش السياسي على صفحات المدونات والتي كانت بمثابة منبر مفتوح لتبادل الآراء والمواقف، كما قام المدونون بمحاولة خلق شبكة غير رسمية من المدافعين عن حق الطائفة البهائية فى تسجيل ديانتهم فى الأوراق الرسمية (مثال التظاهرة الرمزية يوم النطق بالحكم). وأخيرا مهد اهتمام بعض المنظمات الحقوقية(نموذج المبادرة المصرية للحقوق الشخصية) إلى الدفع بشكل مختلف للتعاطي مع القضية، وتقديم منظور مختلف حول حرية المعتقد يَجُبُّ ما عداه من مبررات أمنية وفقهية. كما ساهمت هذه المنظمات في تقديم خبراتها القانونية وتركيزها على جوهر التزامات الدولة المصرية بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي قامت بالتصديق عليها

ويبقى في النهاية الإشارة إلى أن حكم المحكمة الإدارية العليا قد خلق مأزقاً جديداً للحكومة المصرية وهو المتمثل فى وجود مواطنين بلا أوراق رسمية، وهو ما يفتح الباب إلى تكرار ظهور قضايا أخرى من هذا النوع بلا نهاية، ناهيك عن طبيعة الدور الذي يمكن أن يظهر مستقبلا من خلال تبنى الآليات الدولية والإقليمية كوسائل للضغط على الحكومة المصرية من أجل أن تمنع ممارساتها التمييزية الخاصة بحرية الدين والمعتقد
اضغط
هنا لمراجعة هوامش المقالة

ولقد ُنشر للاستاذ أحمد زكي عثمان مقالة أخرى في جريدة القاهرة بتاريخ 16 ينايربعنوان لماذا لا تتسع دار الأسلام للبهائيين وتعترف بحقهم في أن يؤمنوا بما إستقر في قلوبهم؟ شرح فيها بعض النواحي التي أدرجها في البحث الذي نشره مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وعالج أيضا فكرة الوطنية المصرية التي ذكرها جمال حمدان في كتابه "شخصية مصر" والتي رفض فيها كون مصر بلاد المتناقضات . ويسهب الأستاذ أحمد عثمان بايضاح سبب عدم اتفاقه مع ما يطرحه جمال حمدان مبينا على سبيل المثال المتناقضات في معالجة السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية لقضية البهائيين المصريين. ويحذر الأستاذ عثمان من الاحتمالات المستقبلية التي قد تخلقها مثل هذه السياسة من ممارسات قمعية مماثله تجاه جماعات مصرية أخرى قد تختلف السلطات أو الجهات المعنية معها في العقيدة والقناعات. ويعرض المقال بعض المشاكل التي قد تواجه مصر على الساحة المحلية و العالمية نتيجة مثل هذه الممارسات ويبين أن هذه لم تكن حال مصر دائما مستشهدا بموقف الاستاذ محمد عبده في تعامله مع قضية البهائيين ومقارنا تقبله للتنوع واحترامه لنقاط القوة في عقائد الأخرين وتقديرة للمزايا الحسنة لقياداتهم بدل اللجوء الى التكفير والتخوين والسخرية من معتقداتهم، بما قام ويقوم به بعض أعضاء مجلس النوات المصري وشيوخها الحاليين. ويتطرق الأستاذ عثمان في مقاله إلى الإدعاءات الباطلة التي لا تتوانى المصادر المعادية للبهائية عن نشرها والتي قامت السلطة القضائية متمثلة بالمحكمة الإدارية العليا بتبنيها بدون التأكد من صحتها. ويشرح الأستاذ عثمان ما يحدت في مصر اليوم من خلال مفهوم جغرافية الأمور التي يستند اليها "جمال حمدان" مبينا أن جغرافية قضية البهائيين المصريين لا تجمع بين اطراف متعددة متناسقة وإنما هي ببساطة جغرافية قضية "مساحة الأوهام [فيها] تتعدى مساحة الحقائق". فأية محاولة لتفسير قضية البهائيين المصريين وحقهم في تدوين ديانتهم في البطاقة الشخصية يصطدم اليوم بالمعارضة التي ترفض التعامل مع الواقع الملموس وتفضل أن تخلق الاوهام ضد البهائيين المصريين وتحارب هذه الوهام لتحمي احاديتها ورفضها للتعددية وتقبل الآخر. ويختم الأستاذ عثمان مقالة بالتسائل: لماذا هذا الكبر؟ ولماذا رفض السماح للناس بالتصريح بالإيمان بما في قلوبهم؟ ولملذا لا تتسع دار الإسلام لجميع الناس؟


وأنا أرى ما يراه الأستاذ أحمد زكي عثمان بأن الحلم الذي سيسحق كل المتناقضات هو الحلم بمصر التي يحيا المصريون جميعا فيها وهم يتمتعون بالكرامة والحقوق والحريات. وأؤكد أن تفاؤلي هذا ليس مبنيا على أوهام وأماني وإنما يستند إلى ما أراه وأسمعه وأقرأه اليوم خلال سطور مقالات يكتبها أحمد عثمان وغيره من المصريين، ومواقف اتخذها أبناء مصر من خلال مدونتاهم ومواقفهم التي تعدت إطارات التنظير إلى واقع عملي صار فيه القلم وشاشة الكومبيوتر ودرجات محكمة العدل العليا شواهد على إرادة شعب يرغب في التغير وتحقيق الحلم بحياة كريمة لجميع المصريين. وفي الحقيقة هذا الواقع عاش في قلوب المصريين قبل أن تصّعده قضية البهائيين فما أوضحه في نغمات الشيخ إمام وأذهان أغلبية الناس الطيبين.
اضغط هنا لقراءة النص الكامل لمقالة الأستاذ أحمد زكي عثمان