Saturday, March 26, 2016

محاكمة حامد بن حيدرة 3 أبريل 2016

 لقد غطت وسائل الإعلام العربية نبأ اعتقال حامد كمال بن حيدرة قبل أكثر من ثلاث سنوات وبينت التهم الملفقة ضده وفندتها، كما أوضحت رسالة كتبتها زوجة المتهم بعد زيارتها له تفاصيل وطبيعة هذه التهم وبينت براءة المتهم منها.  وما  أكثر قضايا القتل والسجن والتعسف التي تملأ عالمنا العربي الغارق في الظلم والتكفير وعقلية التطهير والتفوق على الآخر والحاجة في أن نقضي على ما هو مختلف...وفي هذا العالم المشبع والمتشبع بقضايا أكثر فداحة من قضية حامد، قد يبدو الحديث عن مسجون مظلوم آخر حدثا هامشيا تعودنا عليه فلم يعد يحرك فينا هاجسا وما أكثر الهواجس.  وبينما حامد وأمثاله أعداد وأرقام تضاف للائحة المظلومين في ملفاتنا، هم آباء وأخوة وأبناء وأصدقاء لعوائل تتيتم بدونهم

إن قضية كل مظلوم تستحق الملاحقة وليعلم المدعي العام اليمني في قضية حامد بن  حيدرة والذي يحاول جاهدا أن يسخر القانون لخدمة افكاره التكفيرية والتي لا مكان لها في محاكم قضائية قائمة على الحقائق التي،  هي أساس استقرار أية دولة مدنية، بأن العالم  خرج من عصور التعتيم وأن تصرفات القضاء ونزاهته عرضة للمحاسبة على الأقل إعلاميا ومن قبل مؤسسات المجتمع المدني، محليا وإقليميا وعالميا

نأمل أن يحصل حامد بن حيدرة على محاكمة عادلة، وليكن هذا بصيص أمل بأن للعدالة مكان في عالمنا العربي الغارق في موجات 
من الصرع المهوس بالتكفير والقتل وتنحية الآخر

Sunday, January 25, 2015

ماذا يريد البهائيون؟

صاغ البهائيون في مصر في ابريل 2011 وخلال الفترة الحاسمة التي مر بها الشعب المصري (ومازال يمر) رسالة مفتوحة حررتها مجموعة من البهائيين المصريين وطرحت من خلالها ما يراه البهائيون ليس في مصر فقط ولكن في جميع أنحاء العام خطوطا عرضية لخلق مجتمع إنساني خال من التعصب والتمييز تسود فيه المصلحة العامة على المطامع السياسية والإقتصادية الخاصة بجماعات معينة أو أفراد.  ونرى من خلال هذا الطرح المتكامل أن البهائيين لم يطالبوا بمشاركة سياسية أو حقوق تميزهم عن غيرهم أو تمنحهم أولويات على باقي أبناء الأمة، ولكن عرضوا طرقا يروا أنها قد تساهم في خلق مجتمع عادل يعيش جميع أفراده بأمن ورفاه ومحبة
 
  هذه الخطوط العريضة هي مشروع الإستصلاح الذي يعمل على تطبيقة كافة البهائيين في العالم، ويتواصلون فيما بينهم لدراسة مدى نجاح الخطوات التي يطبقونها للتعلم من تجارب الشعوب الأخرى وإيجاد أفضل الوسائل العملية لتطبيق هذه الرؤية، بما  فيها تعليم شامل يضم مباديء إنسانية وإجتماعية تضمن أن الجيل القادم مؤمن بوحدة الإنسان وإنسانيته وبأهمية دوره في المساهمة في بناء هذا العالم الجديد من خلال المشاركة الفعالة والعمل التطوعي الفردي أو الجماعي المتمثل في منظمات المجتع المدني بعيدا عن التمييز والعنصرية والشقاق والنزاع الذي يلم بعالم اليوم
 
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، كيف يمكن لأي منصف أن يرى في مثل هذه الرؤية المنهجية خطرا على المجتمع ؟ إلا إذا كان هذا الفرد ومن يؤيده من جماعات حريصة على استمرار تفكك الدول والمجتمعات ليتسنى لها تطبيق خططها الإنتهازية ومصالحها الفردية للحصول على مكاسب سياسية ومادية توفر لها فرص السيطرة على عقول الناس وتسيرهم لما فيه خدمة لها ولأتباعها.  ومن الجدير بالذكر هنا أن البهائيين يروا أن تطبيق هذه المشاريع ليست مسئوليتهم فقط، ولكنها مشاريع عامة يدعون الجميع اللمشاركة فيها بغض النظر عن مرجعايتهم الدينية أو السياسية، ويرون أن التعاون التام بين أبناء الأمة ونشطائها خاصة الشباب منهم هي الطريقة الوحيدة لصياغة مجتمع عادل متكامل
 
أتمنى لهم التوفيق، فالعالم الذي يطرحونه هو العالم الذي أحلم أن يعيش فيه أبنائي وأحفادي...فهل يشبه حلمكم حلمهم؟
 
رسالة مفتوحة إلى كلّ المصريّين -  من مجموعة من البهائيين المصريين
 
إخوتنا وأخواتنا في الوطن
 
لا شكّ أنّ أحداث الأشهر القليلة الماضية في مصر قد منحتنا، نحن المواطنين البهائيين، فرصةً لم نعهدها من قبل في أن نخاطب مباشرة إخوتنا وأخواتنا في الوطن. ومع قلّة عددنا، كان لنا حظّ الانتماء إلى هذا الوطن العزيز الذي دأبنا أن نعيش فيه منذ أكثر من قرنٍ من الزمان طبقاً لمبادئ ديننا وقِيَمه، باذلين جهدنا في خدمة بلدنا كمواطنين مخلصين. إنّها فرصة طالما تمنّيناها وفي أعماقنا شكر دفين لذلك العدد الغفير من أصحاب العقول المنصفة والنفوس المتعاطفة التي آزرتنا في جهودنا خلال السنوات القليلة الماضية في سبيل أن نحظى بقسط من المساواة أمام القانون. ففي هذا المنعطف الدقيق من تاريخ أمتنا، تغمرنا البهجة ونحن نرى أن باستطاعتنا أن نقدم إسهاماً متواضعاً في الحوار الدائر الآن فيما يخصّ مستقبل بلادنا، فنشارككم بشيء من وجهات نظرنا من منطلق خبرتنا كمواطنين مصريين وما لدى مجتمعاتنا البهائية في العالم من تجارب، طبقاً لما يستدعيه المضي قُدُماً نحو الازدهار الدائم مادياً وروحيا
.
مهما كان الدافع المباشر وراء هذا التغيير السريع الذي حدث، فإن نتائجه قد دلّلت على أُمنيتنا الجماعيّة، نحن شعب مصر كله، في أن نمارس قدراً أكبر من الحرية في التحكم بمصيرنا. إن ممارسة مثل هذه الحرية لم تكن مألوفة لنا لأننا حُرمنا في السابق من التمتع بهذا القدر منها. لقد علّمنا تاريخنا المشترك؛ كمصريين وعرب وأفارقة، بأن العالم زاخر بالقوى ذات المصالح الذاتية التي بامكانها أن تمنعنا من تقرير مصيرنا أو تدعونا إلى التخلي عن هذه المسؤولية طواعية. ثم إنّ الاستعمار والتّزمّت الديني والحُكْم التسلطي والاستبداد السافر، لعب كلٌّ دوره في الماضي، أمّا اليوم فلا تزال القوة “الألطف” للنظام الاستهلاكي وما يتبنّاه من انحطاط أخلاقي، لقادرة بالمثل على إعاقة تقدمنا بذريعة جعلنا أكثر تمتُّعًا بالحرية المنشودة
 
وكوننا كشعب واحد، اخترنا الانخراط بفعالية ونشاط في تحديد مسار أمتنا، فهو مؤشر شعبي عام بأن مجتمعنا المصري قد بلغ مرحلة جديدة في مسيرة تطوّره. فالبذرة المغروسة تنبت تدريجيًا وعضويًا وتتحول في مراحل نشوئها وتزيد قوتها حتى تبلغ حالة تعتبر فيها “ناضجة”. وكذا المجتمعات الإنسانية تشترك معها في هذه السمة المميزة. ففي وقت من الأوقات تنمو مشاعر السخط وعدم الرضا عند شعب من الشعوب نتيجة منعه من المشاركة الكاملة في العمليات التي تقود مسار بلاده، وتصبح الرغبة طاغية لدى المواطنين في أن تتنازل السلطة عن مزيد من المسؤولية لهم في ادارة شؤون بلادهم. في هذا السياق، نرى أن الأحداث التي شهدتها مصر يمكن اعتبارها، في واقع الأمر تجاوباً لقوى تدفع بالجنس البشري قاطبة نحو نضوج أكبر وتكافل أعظم. وواحد من الأدلة الواضحة على أنّ البشرية سائرة في هذا الاتجاه هو أن أوجهًا من السلوك الإنساني الذي كان في الماضي القريب مقبولاً وتسبَّبَ في بعث روح النزاع والفساد والتمييز، نراه اليوم بعيوننا، وبشكل متزايد، يتناقض والقيم التي تسود في مجتمع العدل والإنصاف الذي ننشده. وعليه، أصبح الناس في كل مكان أكثر جرأة في رفض المواقف والأنظمة التي حالت دون تقدمهم نحو النضج
.
إن التقدم نحو حالة أعظم من النضج هي الآن ظاهرة عمّت العالم بأسره، ومع ذلك فإن هذا لا يعني أن كل أمم الأرض وشعوبها تتقدم على هذا الدرب بسرعة متماثلة. فعند مرحلة معينة قد تتلاقى الظروف والأحوال القائمة آنذاك في لحظة تاريخية هامة حيث يمكن لمجتمع ما أن يعدّل من مساره بشكل أساسي. في أوقات كهذه يكون التعبير عن المشيئة الجماعية ذا أثر حاسم ومستدام بالنسبة لمستقبل البلاد. وقد بلغت مصر الآن مثل هذه اللحظة بالذات، وهي لحظة لا يمكن أن تدوم إلى الأب
 
عند هذا المنعطف الدقيق، نجد أنفسنا إذاً أمام سؤال هام وخطير: ماذا نسعى إلى تحقيقه في هذه الفرصة التي سنحت وحصلنا عليها؟ ثم ما هي الخيارات المطروحة أمامنا؟ فهناك العديد من نماذج العيش المشترك معروضة أمامنا تدافع عنها وتناصرها جماعات من الناس مختلفة ولها اهتماماتها الخاصة. فالسؤال هنا: هل لنا أن نتّجه نحو إقامة مجتمع فرداني ومجزأ، حيث يشعر الكل فيه بأنهم أحرار في السعي في سبيل مصالحهم حتى ولو كان ذلك على حساب الصالح العام؟ هل سوف تستهوينا المغريات المادية الدنيوية وعنصرها الجاذب المؤثر والمتمثلة في النظام الاستهلاكي؟ هل سوف نختار نظامًا يتغذى على العصبية الدينية؟ وهل نحن على استعداد للسماح بقيام نخبة تحكمنا متناسية طموحاتنا الجماعية، لا بل وتسعى الى استغلال رغبتنا في التغيير واستبدالها بشيء آخر؟ أم هل سنسمح لمسيرة التغيير بأن تفقد زخمها وقوة اندفاعها فتتلاشى في خضم النزاعات الفئوية الصاخبة وتنهار تحت وطأة الجمود الإداري للمؤسسات القائمة وفقدانها القوة على المضي والاستمرار؟ وبالنظر إلى المنطقة العربية – وإلى خارجها في الواقع – من المنصف القول إنّ العالم، توّاق إلى العثور على نموذج ناجح بالاجماع لمجتمع جديرٌ محاكاته. ولذا لعله يكون من الأجدر بنا، في حال أثبت البحث عدم وجود نموذج قائم مُرْضٍ، أن نفكر في رسم نهج لمسار مختلف ونبرهن للشعوب بأن من الممكن فعلاً اعتماد نهج تقدمي حقيقي لتنظيم المجتمع. إنّ مكانة مصر الرفيعة في المنظومة الدولية – بما لها من تراث فكري، وتاريخ عريق وموقع جغرافي – يعني كل هذا بأن مصر إذا ما أقدمت على اختيار نموذج متنور لبناء مجتمعها، فلسوف تؤثر على مسار النمو والتطور الإنساني في المنطقة كلّها بل وعلى العالم بأسره.
 
في أحيان كثيرة، يسفر التغيير الذي يتأتى عن الاحتجاج الشعبي عن خيبةٍ لبعض الآمال. والسبب في هذا ليس لأنّ الحركة التي ولّدت ذلك العامل الفاعل في التغيير والتحول تفتقر إلى الوحدة والاتحاد، بل في الحقيقة فإنّ أبرز خصائص هذا العامل الفاعل في ضمان نجاحه يتمثّل في قدرته على خلق الوحدة والاتحاد بين أناس تباينت مشاربهم واختلفت مصالحهم. أما خيبة الأمل هذه فتكون بالأحرى نتيجة إدراك أن اتحاد الناس في دفاعهم عن قضية مشتركة ضد أي وضع راهن أسهل بكثير من اتفاقهم على ما يجب أن يأخذ مكانه. لهذا السبب بات من الضروري جدًا أن نسعى جهدنا لتحقيق اجماع واسع في الرأي حول المبادئ والسياسات العاملة على ايجاد أنموذج جديد لمجتمعنا. وحالما يتم التوصل إلى مثل هذا الاتفاق يصبح من المرجح جدًا أن السياسات التي ستتبع ستجتذب وتفوز بتأييد أفراد الشعب الذين تؤثر هذه السياسات على مجرى شؤونه
.
إنه دافع طبيعي مُغْرٍ، ونحن نفكر كيف يمكن لأمتنا أن تُكمل مسيرتها، أن نبادر فورًا إلى استنباط الحلول العملية لمعالجة المظالم المُسلّم بها والمشكلات الاجتماعية المتعارف عليها. لكن، حتى ولو برزت أفكار جديرة بالاهتمام فإنّها لن تمثل في حدّ ذاتها رؤية ذات أثر فاعل في تحديد كيف نريد لبلدنا أن ينمو ويزدهر. فالميزة الرئيسة للمبدأ هي أنه إذا فاز بالدعم والتأييد فإنه يساعد على اتخاذ المواقف الايجابية، وبعث الفعالية المؤثرة والعزيمة القوية والطموح الناشط. فيسهّل ذلك في اكتشاف الخطوات العملية وطرق تنفيذها. ولكن يجدر بالمشتركين في أي نقاش حول المبادئ، أن يكونوا على استعداد لتخطّي مستوى الفكر التجريدي. ففي مرحلة صياغة الأفكار حولها قد يكون من السهل نسبيًا أن يتم الاتفاق على عدد من المبادئ التوجيهية، ولكنها لن تكون أكثر من شعارات جوفاء إذا لم نُخضِعها لفحص دقيق نستطلع فيه عواقبها المتشعبة وآثارها المختلفة. وينبغي لأيّة محاولة للتوصل إلى إجماع في الرأي أن تساعد على إجراء استطلاع فاحص للآثار الخاصة والأبعاد العميقة المترتبة على  اعتماد أي مبدأ من هذه المبادئ بالنسبة لمقدّرات وطننا العزيز. وبهذه الروح اذًا يمكن لنا أن نعرض عليكم بكل تواضع ومحبة المبادئ التابع ذكرها
 
تبرز في أي مجتمع ناضج ميزة واحدة فوق كل الميزات الاخرى ألا وهي الاعتراف بوحدة الجنس البشري. فكم كان من حسن الطالع إذًا أنّ أكثر الذكريات رسوخًا في الذهن عن الأشهر القليلة الماضية ليست عن انقسامات دينية أو صراعات عرقية، وإنما عن خلافات نحّيت جانبًا من أجل قضيتنا المشتركة. فقدرتنا الفطرية، كشعب واحد، على الإدراك والإقرار بأننا كلنا في الحقيقة ننتمي إلى أسرة إنسانية واحدة خدمتنا جيدًا وأفادتنا. ومع ذلك فإن إقامة وتطوير المؤسسات والدوائر والبُنى الهيكليّة الاجتماعية التي تعزز مبدأ وحدة الجنس البشري تشكّل تحديًا كبيرًا بكل معنى الكلمة. إن هذا المبدأ القائل بوحدة العالم الإنساني البعيد كلّ البعد عن كونه تعبيرًا مبهمًا عن أملٍ زائفٍ، هو الذي يحدد طبيعة تلك العلاقات التي يجب أن تربط بين كل الدول والأمم وتشدها كأعضاء أسرة إنسانية واحدة. ويكمن أصل هذا المبدأ في الإقرار بأننا خلقنا جميعًا من عنصر واحد وبيد خالق واحد هو الله عزّ وجلّ. ولذا فإن ادّعاء فرد واحد أو قبيلة أو أمّة بالتعالي والتفوق على الغير ادّعاء باطل ليس له ما يبرره. فقبول مثل هذا المبدأ يستدعي تغييرًا شاملاً في بنية المجتمع المعاصر وتغييرًا ذا نتائج واسعة الأثر بعيدة المدى لكل وجه من أوجه حياتنا الجماعية. ويدعو هذا المبدأ، علاوة على ما يخلقه من آثار ونتائج اجتماعية، إلى إعادة النظر بدقة متفحصة في كل مواقفنا مع الآخرين وقيمنا وعلاقتنا معهم. فالهدف في نهاية الأمر هو إحياء الضمير الإنساني وتغييره. ولن يُستثنى أي واحدٍ منّا فيتفادى الانصياع لهذه المطالب الصارمة.
 
إن النتائج المترتبة عن هذه الحقيقة الجوهرية – أي مبدأ وحدة العالم الإنساني- عميقة لدرجة أن مبادئ أخرى حيوية وضرورية لتطور مصر المستقبلي يمكن أن تستمدّ منها. ومن الأمثلة ذات الأهمية الأولى على ذلك هي مسألة المساواة بين الرجال والنساء. فهل هناك من أمر يعيق تقدم بلادنا العزيزة أكثر من الاستثناء المستمر للمرأة واستبعادها من المشاركة الكاملة في شؤون بلادنا. إن إصلاح الخلل في هذا التوازن سيقود بحدّ ذاته إلى إدخال اصلاحات وتحسينات في كل مجال من مجالات الحياة المصرية الدينية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فالإنسانية، مثلها مثل الطائر الذي لا يستطيع التحليق إذا كان أحد جناحيه أضعف من الآخر، فستظل قدرتها على السمو الى أعالي الاهداف المبتغاة معاقة جدًا ما دامت المرأة محرومة من الفرص المتاحة للرجل. فعندما تكون الامتيازات ذاتها متاحة ً للجنسين فإنهما سيرتقيان ويعود النفع على الجميع. ولكن مبدأ المساواة بين الجنسين يجلب معه، بالإضافة إلى الحقوق المدنية، سلوكًا يجب أن يطال البيت ومكان العمل وكل حيّزٍ اجتماعي ومجال سياسي وحتى العلاقات الدولية في نهاية المطاف
 
ولا يوجد مجال أجدر وأكثر عونًا في تحقيق المساواة بين الجنسين من التعليم الذي وجد أصلاً ليمكّن الرجال والنساء من كل الخلفيات الاجتماعية، من تحقيق كامل طاقاتهم وامكاناتهم الفطرية والمساهمة في رقي المجتمع وتقدّمه. وإذا كان لهذا الأمر أن يلقى النجاح، فلا بد من تقديم إعدادٍ وافٍ للفرد حتى يشارك في الحياة الاقتصادية للبلاد، ولكن لا بدّ للتعليم أيضًا أن يخلق بُعداً اخلاقياً متيناً. فينبغي على المدارس أن ترسّخ في أذهان الطلاب المسؤوليات المترتبة على كونهم مواطنين مصريين وتغرس في نفوسهم تلك المبادئ والقيم الداعية الى تحسين المجتمع ورعاية مصالح إخوانهم من بني البشر. ولا ينبغي السماح لأن يصبح التعليم وسيلة لبثّ الفرقة والكراهية تجاه الآخرين وغرسها في العقول البريئة. ويمكن بالأسلوب التربوي الصحيح أيضًا، أن يصبح التعليم أداة فاعلة لحماية أجيال المستقبل من آفة الفساد الخبيثة والتي ابتلينا بها وأصبحت واضحة المعالم في مصرنا اليوم. علاوة على ذلك فإن الحصول على التعليم الرسمي الأساسي يجب أن يكون في متناول الجميع بصورة شاملة دون أي تمييز قائم على الجنس أو العرق أو الإمكانات المادية. وستثبت التدابير التي سوف نتخذها للاستفادة من موارد بلادنا الحبيبة – تراثنا وزراعتنا وصناعتنا – بأنها تدابير عقيمة إذا نحن أهملنا أهم الموارد شأنًا، ألا وهي قدراتنا الروحية والفكرية التي أنعم بها علينا الله عزّ وجل. ولذا فإن وضع سلّم للأولويات في محاولة تحسين الوسائل التي نعلّم ونثقف بها أنفسنا لسوف يجني محصولاً وفيرًا في الأعوام القادمة
 
ومن الأمور ذات العلاقة بموضوع التربية والتعليم مسألة التفاعل بين العلم والدين، المصدرين التوأمين للبصيرة التي يمكن للبشرية الاعتماد عليهما في سعيها لتحقيق التقدم والرقي. ويتمتع المجتمع المصري ككلّ بنعمةٍ تتمثّل بأنه لا يفترض التعارض والتناقض بين العلم والدين، وهو مفهوم غير مألوف في أمكنة أخرى بكل أسف. فنحن بالفعل نملك تاريخاً يبعث على الاعتزاز من حيث الاعتماد على روح العقلانية والبحث العلمي – مما تمخّض عن نتائج تدعو إلى الإعجاب في مجالات نخصّ بالذكر منها الزراعة والطب – كما حافظنا على تراث ديني متين واحترام للقيم التي جاءت بها وأعلنتها أديان العالم الكبرى. فلا يوجد في هذه القيم ما يدفعنا إلى التفكير المنافي للعقل والمنطق أو ما يقودنا إلى التزمت والتعصب. فكل واحد منا، لا سيما جيلنا الصاعد، يمكنه أن يعي أن بالإمكان تشرّب الأفراد بالروحانية الصادقة بينما يجدّون بنشاط في سبيل التقدم المادي لشعبهم.
لقد بارك الله أمّتنا بأعدادٍ غفيرةٍ من الشباب. فبعضنا لا يزال على مقاعد الدراسة، وبعض بدأ حياته المهنية أو العائلية، والبعض الآخر الذي ربما كان أكبر سنًا لا يزال يذكر ما كانت عليه الأمور عبر هذه المراحل من مراحل الحياة. إنّ إصلاح نظام التربية والتعليم سوف يؤدي الى قطع شوطٍ طويلٍ نحو ضمان تحقيق قدرات الجيل الصاعد في المساهمة في حياة المجتمع، غير أن هذا ليس كافيًا بحدّ ذاته، فلا بدّ من تعزيز الظروف بحيث تتضاعف فرص العمل بشكلٍ جاد ويتم تسخير المواهب، وتصبح امكانية التقدم على أساسٍ من الاستحقاق والجدارة لا التميّز والمحسوبية. وستتزايد مشاعر الإحباط وتتبدد الآمال اذا ما تمّ اعاقة جهود الشباب لتحسين ظروف العائلات والمجتمعات والأحياء بسبب استمرار آفة الفساد وعدم المساواة والاهمال. فطموحات الشباب السامية وتطلعاتهم العالية تمثّل ائتمانًا لا يملك المجتمع ككلّ – وحتى الدولة في الواقع – تجاهله اقتصادياً أو معنويًا
 
هذا لا يعني القول بأن الشباب بحاجة إلى التمتع بامتيازات خاصة، فمعظم الاستياء الذي عبّر عنه الشباب الراشدون في الأسابيع الماضية نابع من وعي حاد بأنهم يفتقرون إلى تساوي الفرص وليس أفضلية المعاملة. ويتضح جليًا من الأحوال التي يواجهها الشباب والكثيرون من أفراد مجتمعنا أن من بين المبادئ البارزة التي يجب أن تدفع سعينا إلى التجدد الذي نبتغيه، هو مبدأ العدل. فالمضامين البالغة الأثر لتطبيق هذا المبدأ وتبعاتها بعيدة المدى إنما هي في صميم القضايا التي يتحتم علينا كأُمّةٍ أن نتفق عليها. فمن تفاعل المبدأين الحيويين للعدالة ووحدة العالم الانساني تبرز حقيقةٌ هامةٌ وهي أنّ: كل فردٍ يأتي إلى هذا العالم إنما هو أمانةٌ على الجميع، وأن الموارد الجماعية المشتركة للجنس البشري يجب أن تتوسع وتمتد ليستفيد منها الكل وليس مجرد فئة محدودة. فالتغاضي عن مثل هذا الهدف وإهماله له آثاره المؤدية بالضرورة إلى زعزعة المجتمع، حيث أن التناقض المفرط القائم بين الفقر والثراء سيؤدي الى استفحال التوترات الاجتماعية القائمة ويثير الاضطرابات. إن التدابير المتخذة لتخفيف وطأة الفقر لا يمكنها أن تتجاهل وجود الثراء المفرط، فحين تتكدس الثروات الهائلة عند قلة من الناس، لا مفرّ للكثرة الغالبة من معاناة الفقر والعوز.
*
لعلّ قلّة من الناس ستعارض الجدوى الأساسية للمبادئ التي جرى بحثها في هذه الرسالة. ومع ذلك، فإن تطبيقها سيكون له تبعات سياسية واقتصادية واجتماعية وشخصية عميقة تجعلها أكثر تحديًا مما قد تبدو في بداية الأمر. ولكن بغضّ النظر عن المبادئ التي سيتم تبنّيها، فإن قدرتها على ترك طابعها الخاص على مجتمعنا الناشئ سوف تعتمد إلى حدٍّ كبير على درجة تبنّينا نحن المصريين لها واعتمادها. فبقدر ما يتمّ تمكين الجميع من المشاركة في عملية التشاور التي تؤثر علينا حتّى نسلك الطريق لنصبح أسياد الموقف في تقرير مصير تطورنا الروحي والمادي فإننا سنتفادي مخاطر وقوع مجتمعنا في شَرَك أيّ نمطٍ من النماذج القائمة التي لا ترى أيّ جدوى من تمكين الناس وإطلاق طاقاته
.
إنّ التحدي الماثل أمامنا إذًا هو في بدء عمليةٍ من الحوار والتشاور حول المبادئ التي سوف ترشدنا إلى إعادة بناء مجتمعنا وهي مهمة تحتاج إلى جهد ومثابرة. إنّ صياغة مجموعةٍ متجانسةٍ من المبادئ – من بين المفاهيم والتصورات المتباينة – لتنطوي على القوة الخلاّقة لتوحيد شعبنا لن تكون إنجازًا متواضعًا. وعلى كل حال، فإنّ بإمكاننا أن نكون واثقين بأنّ كلّ جهدٍ صادقٍ يُبذل لخدمة هذا الغرض سيُكافأ بسخاءٍ عن طريق إطلاق مقدارٍ جديد من تلك الطاقات البنّاءة النابعة من أنفسنا والتي يعتمد عليها مستقبلنا. وفي حوار وطني عريض القاعدة كهذا – يشترك فيه الناس على كلّ المستويات في القرى والمدن وفي الأحياء والبيت ليشمل جذور المجتمع ويجتذب كلّ مواطن مهتمّ – سيكون من الضرورة الحيوية القصوى ألاّ يتحول هذا الحوار سريعًا إلى نقاشٍ عن الجزئيات والمصالح الآنيّة، أو يُختصر هذا الحوار فيتحوّل إلى إبرام الصفقات وإصدار القرارت لتقاسم السُّلطة من قبل نخبةٍ جديدةٍ تدّعي بأنّها الحكم الفاصل في تقرير مصيرنا ومستقبلنا.
 
إنّ المشاركة المستمرة لجماهير الشعب – وعلى نطاقٍ واسعٍ – في عملية التشاور هذه ستُقنع، إلى حدٍّ بعيد، المواطنين بأنّ صنّاع السياسة مخلصون في خلق مجتمعٍ عادل. ونظرًا لأن الفرصة متاحةٌ للمشاركة في هذه العملية، فإنّه سيتأكد لنا في صحوة وعينا الجديد بأننا نملك زمام مصيرنا وأننا ندرك معنى القوى الجماعية التي أصبحت مُلكنا فعلاً لتغيير أنفسنا
.
إخوتكم وأخواتكم البهائيون في مصر 

Friday, January 23, 2015

مقال ناشط يمني يدعو لإنصاف البهائيين في اليمن

قرأت اليوم مقالا للناشط اليمني الشاب حميد منصور القطواني، المنسق العام لميثاق الثورة الشبابية (كما يصف نفسه في المقال)  بعنوان البهائيين في اليمن بين ثالوث الاضطهاد وأمل الثورة الشبابية بتاريخ 8 يناير 3013 يعرض فيه كاتب المقال وصفا منصفا للبهائية والبهائيين ويقوم بعد ذلك بعرض "حقيقة اضطهاد أتباع الدين البهائي في اليمن..." على أنها  "حقيقة مرة وواقع اليم لابد من اعتراف به والسعي الجدي والصادق من الجميع دون استثناء لرفع معاناتهم ... بما يكفل نيل حقوقهم المسلوبة."  ويضيف الكاتب بأنه اختار الحديث عن واقع "الاضطهاد على أتباع الدين البهائي في اليمن خاصة لكون قضيتهم الوحيدة الغائبة عن الكل والتي لم يتطرق إليها أحد، رغم أبعادها الإنسانية المعقدة" ويلخص معانات البهائيين في اليمن بالنقاط الثلاث التالية

 "أولا/ تجريد أتباع الدين البهائي من الشخصية القانونية التي تضمن صون حقوقهم الإنسانية وتكفل حرياتهم المشروعة وذلك برفض القوى السياسية الحاكمة في البلاد الاعتراف القانوني بوجود الدين البهائي وهذا يجعل الانتماء لهذا الدين جريمة تستوجب العقاب في نظر القانون وقد هدفت الحكومات قبل الثورة الشبابية وخلالها من هذا الموقف المستبد والمتعنت الرافض بالاعتراف بوجودهم قانونيا إلى إقصاء أتباع الدين البهائي من حقهم في المشاركة في الحياة السياسية وجعلهم تحت رحمت سيفها المسلط على رقابهم تشهره الحكومة متى ما رأت معارضتهم لها وأيضا لابتزازهم بانتزاع موقف مؤيده .

ثانيا /قامت الجماعات الدينية المتطرفة بدورها الموجه بإقصاء أتباع الدين البهائي من حقهم في المشاركة في الحياة الدينية وذلك بإرهابهم و نشر فتاوى تحريضية ضدهم تبيح سفك دمائهم ونهب أمولاهم و اخذ أولادهم ونسائهم مستغلةٍ استضعاف الحكومة لهذه الطائفة وعدم القيام بواجبها لحمايتهم من إرهاب تلك الجماعات الدينية المتطرفة لا تباع الدين البهائي وباقي الأقليات ..

ثالثا/ تم توظيف القبيلة وتسخير الجامعات الحكومية والنوادي الثقافية في شن حرب اجتماعية وثقافية ضد أتباع الدين البهائي وباقي الأقليات الإثنية لصالح منظومة الثالوث السياسي الحكم والجماعات الدينية المتطرفة و المشيخية القبلية تحت مبرر الغيرة على العادات والتقاليد تحت مبرر الغيرة على العادات والتقاليد وذلك لإتمام دائرة إقصاءهم من المشاركة في الحياة بشكل عام بإقصاء تلك الأقليات من حقهم في المشاركة في الحياة الاجتماعية والثقافية وذلك من خلال ترويج الإشاعات والافتراءات والأكاذيب التي تستهدف الجانب الأخلاقي عند أتباع تلك الأقليات وخاصة أتباع الدين البهائي وخلق صورة لهم تستثير وتستفز عدوانية المجتمع اليمني تجاههم ..عقابا لمن اختار الانتماء لذلك الدين وإرهاب وردعا لمن يستحسنه ويفكر في الانتماء إليه..."
 
ويؤكد حميد منصور القطواني أن الثورة الشبابية جاءت لتزيل الظلم بغض النظر عن نوع هذا الظلم وأن صعوبة المرحلة لا تعطي مبررا لتجاهل حق الأقليات لذلك  يرى أنه انطلاقا من واجبه كونه "المنسق العام لميثاق شرف الثورة والذي تضمن العهد من شباب الثورة بمعالجة كل القضايا" بأن يدعو "شباب الثورة بكل مكوناتهم الثورية والقوى السياسية بكل توجهاتها ومنظمات المجتمع المدني لتحمل مسؤولياتهم التاريخية تجاه هذه القضية الوجودية والإنسانية وطرحها على طاولة الحوار الوطني"  أضافة إلى ذلك طالب القطواني "اللجنة الفنية للحوار الوطني بالمبادرة في إشراك ممثلين عن الأقليات وخاصة الطائفة البهائية المستضعفة في الحوار الوطني القادم إظهارا لحسن نية الأغلبية المجتمعية تجاه الأقلية الاثنية ومدى الاستعداد الجدي في معالجة قضيتهم المصيرية ."  وهذا الطلب المنصف أكثر بكثير مما تأمل به الجامعة البهائية اليمنية في الوقت الحاضر وعيا منها بحساسية المرحلة، ولكنها تأمل أن يتم تم رفع الظلم الذي لحقها خاصة خلال السنوات الماضية بما في  ابعاد  بعض أفراد الطائفة عن البلد، وحبس وتعذيب السيد حامد بن حيدرة البهائي اليمني حبسا تعسفيا، حسب ما ذكرته زوجته وبعض الصحف المحلية والعالمية، و التهديد الضمني والصريح الذي تعرضت له الجالية وبقية أفرادها من قبل أفراد في سلك المخابرات وتعسف من بعض المسئولين وحتى القضاة
 
لقد أثبت اليمنيون البهائيون خلال سنوات طويلة ولائهم لليمن وحرصهم على خدمته وصلاحة، وكانوا ومازالوا جماعات مسالمة تؤمن بالتعددية والتغير عن طريق إصلاح البنية التحتية للمجتمع بتوفيرالتعليم والخدمات المدنية وتعاضد أبناء المجتمع الواحد في العمل على ما فيه خير الجميع.  وهم لا شك سيكونون، رغم عددهم الذي لا يزيد في اليمن عن ألف شخص، رسل محبة وتفاهم وسلام في مجتمع تعب من الحروب والسياسة وتاق ليعود يمنا سعيدا كما عُرف عنه مدى عصور كان فيها قبلة للعلم والعدل والرفاة.  وكل الأمل في الشبيبة اليمنية وعزمهم وتفتحهم وإيمانيهم بإنسانية الإنسان وحقه في المواطنة الحرة الكريمة 

ملاحظة 1:  كتب الناشط اليمني الشاب حميد منصور القطواني مقالا آخر في 16 يناير 2013 تعقيبا على مقاله الأول تحت عنوان:  استحقاقات المرحلة وضمان حرية الأقليات في الحوار الوطني أكد فيه على ما ذكره في مقاله السابق ونشر المقال على موقع شباب الشرق الأوسط وهي  "شبكة إقليمية إلكترونية مفتوحة تدعم الحريات، حقوق الإنسان، حقوق الاعتقاد الديني، والأقليات" حسب ما يذكره الموقع نفسه

ملاحظة 2: أن قضية البهائيين في اليمن تعود إلى ما قبل عام 2008 حين أعرب (فيده) موقع منظمة حقوق إنسان حول العالم في مقالة نشرت في الموقع بتاريخ 8 آب 2008 تحت عنوان مخاوف من تعرض المعتقلين البهائيين فى اليمن للتعذيب عند إعادتهم قسريا لبلدانهم  حيث أكدت المقالة أن "الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومنظمة منتدى الأخوات العرب باليمن - وهي احدي المنظمات العضوة في الفدرالية- عن بالغ قلقهما تجاه استمرار الاعتقال التعسفي لأربع رجال يعتنقون الدين البهائي اليمن - ثلاثة منهم من أصول إيرانية والرابع عراقي الجنسية." وكانت "تخشي المنظمتان أن تقوم السلطات اليمنية بترحيل هؤلاء المعتقلين إلي خارج اليمن وإعادتهم قسريا إلي بلادهم حيث يلاقون تهديدا حقيقيا بالتعذيب وذلك ينطبق بالأخص علي حاملي الجنسية الإيرانية منهم   " وما يحدث اليوم ما هو إلا إستمرارا لهذه الإجراءات التعسفية وإمعانا فيها.

Monday, January 19, 2015

البيان الصحفي الكامل لزوجة البهائي اليمني المعتقل حامد بن حيدرة


بيان صحفي لإلهام زوجة حامد بن حيدرة

زوجي حامد كمال بن حيدره مواطن يمني ولد عام 1964 في جزيرة سقطرى. لقد تم القبض عليه في مقر عمله في بلحاف في تاريخ 3 ديسمبر 2013 واقتيد إلى الحجز في صنعاء في سجن وكالة الأمن القومي،  بعد بضعة أسابيع قام أربعة رجال مسلحين من قوات الأمن بمداهمة  منزلنا الكائن في المكلا ترافقهم امرأتان من إدارة الأمن والبحث الجنائي المحلي وقاموا بتفتيش المنزل بأوامر من وكالة الأمن القومي، حيث صادروا الأوراق وحواسيبنا المحمولة والمعدات الإلكترونية.

لقد منعت من رؤية زوجي طيلة تسعة أشهر، وعندما تمكنت من زيارته أخيرا أصبت بالصدمة من مظهره حيث فقد ثلاثين كيلو غراما من وزنه وكان يبدو شاحبا ومريضا، وأخبرني أنه تلقى ضربا مبرحا مدة خمسة وأربعين يوما الأولى من اعتقاله مما أفقده حاسة السمع في أذنه اليسرى، كما كان يتعرض للصدمات الكهربائية.

يمكنني الإعلان بيقين تام أن زوجي لم يرتكب أية جريمة ولا يوجد أي دليل يدعم الاتهامات الموجهة ضده. إنه مواطن يمني مخلص لبلده، خدم مواطنيه دون كلل مؤكدا بذلك القناعة التامة لدى كافة البهائيين في اليمن بأن خير بلادهم وصلاحها يتم من خلال الأعمال الحسنة الخالصة لوجه الله والسلوك السوي ومكارم الأخلاق. حامد مواطن يمني بمعنى الكلمة وأب لثلاث بنات، سجل خدماته لبلده يؤكد ولاءه التام وما يكنه من حب وإخلاص لليمن وأهل اليمن.

أقام والده في اليمن في الأربعينات من القرن الماضي حيث عمل كطبيب واشتهر لنزاهته ونبل سيرته وصفاته. وتم منحه الجنسية بواسطة سلطان المهرة عيسى بن علي بن عفرار في سلطنة قشن وسقطرى. عندما ولد حامد في سقطرى كان والداه وأشقاؤه الأربعة يحملون الجنسية المهرية (جنسية أهل البلد)، وبالتالي ولد حامد مواطنا أيضا.  فيما بعد تم تحويل جنسيته إلى جنسية اليمن الجنوبية ولاحقا إلى اليمنية إثر توحيد شمال اليمن وجنوبه في 1990.  لقد منح السلطان لوالد حامد اسمه اليمني تكريما له وعرفانا لحبه لبلده الذي أقام فيه وعاش من خيراته. لذا فإن اتهام حامد بتزوير الوثائق وتغيير اسم والده للحصول على الجواز اليمني وبطاقة الهوية لا أساس له من الصحة بتاتا.

 لقد تم اتهام زوجي بالتجسس لإسرائيل، والرغبة في المساس بأمن واستقلال الجمهورية اليمنية ووحدتها وسلامة أراضيها، وذلك محض بهتان بيّن؛ فمن المبادئ الأساسية التي يعتقد ويتمسك بها البهائيون والمعروفة عنهم هو تجنب أي نشاط سياسي على كافة المستويات. إننا ننظر إلى الحكومة باعتبارها نظاما أقيم للحفاظ على خير وسعادة المجتمع الإنساني وتقدمه المنتظم. حامد لم يعمل أبدا لأي بلد أجنبي سواء لإسرائيل أو لسواها، كما لم يقدم على أي عمل ولم يتخذ أية خطوة تنتهك إخلاصه وولاءه لليمن؛ فمثل هذا الانتهاك ممنوع بشكل واضح في الدين البهائي.

 حامد لم يحرض أحدا على التخلي عن الإسلام؛ فكمبدأ أساسي نحن لا نتدخل في مثل هذه الأمور لأن ديننا يمنعنا من تحريض الآخرين على اعتناقه. إن البهائيين في اليمن آمنوا بمحض إرادتهم وبقناعتهم الشخصيّة.

أخیرا، أود أن أؤكد  لكم أن البهائيين لا يعارضون الإسلام، فلو تحرى المرء بنزاهة وتحقق بإنصاف لن يحصل على أي دليل على مثل تلك المعارضة. البهائيون يكنّون كل المحبة والتجليل للإسلام ولرسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم). الكتابات البهائية تشيد بالإسلام فهو "دين الله المبارك المنير"  وأن محمد (صلى الله عليه وسلم)  "سيد العالم وعلة وجود الأمم" و " سراج الله بين العباد ونوره في البلاد" " الذي بظهوره تزينت الأرض وبصعوده وعروجه تشرفت الأفلاك" " وبه سالت البطحاء وابتسم ثغر الحجاز وبه نُصبت راية الحقيقة ونكس علم المجاز" "وبه نصب علم التوحيد بين الأديان"

أثناء محاولاتي لمساعدة زوجي قوبلت بكثير من محبة وتعاطف أهل اليمن الشرفاء ونعلم أن العدالة والإنصاف من القيم العظيمة التي يتحلى بها اليمنيون إلى أبعد حدود. في الوقت الذي يمر فيه اليمن بالكثير من الفتن والنزاعات وسفك الدماء بسبب التعصبات الطائفية والقبلية والانقسامات السياسية؛ فإن الكثير من اليمنيين بما فيهم البهائيون يعملون على إرساء أسس السلام والتصالح. لقد اتهم زوجي بالظهور بمكارم الأخلاق في حياته اليومية، منذ متى أصبحت "مكارم الأخلاق " جريمة تستحق العقاب؟!  أليست الأخلاق السامية العالية هي بالتحديد ما تحتاج إليه بلدنا أكثر من أي وقت مضى؟!

 

Sunday, January 18, 2015

إعتقال بهائي يمني بتهم باطلة



صورة حامد بن حيدرة وزوجته وبناته الثلاثة -عن جريدة الأيام البحرينية

من المؤسف أن تتبع أجهزة الأمن اليمنية اسلوبا مشابها للأساليب التي تتبعها الحكومة الإيرانية في الحد من حرية أفرادها وتلفيق التهم لهم بغرض الإستيلاء على ممتلكاتهم والحد من حرياتهم.  فلقد تم إعتقال السيد حامد بن حيدرة (كمالي) الذي عاش مع عائلته التي سكنت اليمن منذ في اليمن أكثر من 60 عاما، في مصنعة في اليمن واوقفت أملاكه الأخرى.  وقد أكدت زوجة السيد حامد في رسالة لها نشر بعض من مضمونها في المقالة التالية:  زوجة المتهم الايراني بالتجسس لصالح إسرائيل ونشر البهائية في اليمن توضح عدد من الحقائق
 
  والإتهامات الموجهة للسيد بن حيدرة تهم ملفقة لا تمت للواقع بصلة ومنها العمل لصالح إسرائيل وهذه لا تختلف عن تلك التهم التي وجهتها الحكومة الإيرانية الحالية لمواطنين بهائيين ايرانيين من ضمنهم شيوخ وعجائز يسكونون القرى الإيرانية الفقيرة ويعملون في الفلاحة والرعي و لا يتقنون الإنجليزية ولم يسمعوا بالعبرية ولم يروا جهاز حاسوب في حياتهم ولا هم حتى يعرفون أين تقع اسرائيل على الخارطة
 
. ولقد أكد البهائيون مرارا في اليمن وفي غيرها، وأثبتت هذا السنين الطويلة التي عاشها البهائيون في الوطن العربي بما فيه اليمن، بأن ديانتهم تمنع العمل في السياسية لصالح أي كان كأحد أركان البهائية الأساسية، أنظر المقالة التي نشرتها صحيفة الأيام البحرينية بهذا الخصوص.  هذا يعني عمليا عدم العمل لحساب أجهزة استخبارية أجنبية وأيضا عدم العمل لحساب الأجهزة الأستخبارية المحلية.  ويبدو من الوقائع الحالية في عالمنا العربي المتخبط في التيه والتعصب والعنصرية، أننا عدنا لجاهليتنا القبلية ولم يعد في الوطن مكان للشرفاء الذين يرفضون المزاودة على حساب الوطن وعدم التدخل في الصراع الدامي بين القوى المختلفة التي تطمح في تفتيته كل لمصالحها الخاصة.  نعم البهائيون محايدون يقفون دوما مع الخير والتعايش والوطن الواحد وضد التفرقة والعصبية مهما كان شكلها.  وهل هذه جريمة يحاسبون عليها؟ 
 
ومن الغريب أن من التهم الموجهة للسيد حامد المساس بأمن الدولة، كيف يكون هذا من شخص يعمل الخير في جزيرة عاش فيها مع عائلته ومن قبله والده الطبيب الذي خدم وطنه الجديد سقطري بتفاني واخلاص فمنحه سلطانها حين ذاك الهوية العربية وغير إسمه لأسم عربي (بن حيدرة) عرفانا منه بكل ما قدمه هذا الطبيب وعائلته من خدمات للجزيرة واعترافا له بالجميل، وهذه شيمة عربية يمنية أصيلة طالما إعتز بها اليمنيون بغض النظر عن مرجعايتهم السياسية والعقائدية، فماذا حدث لليمن اليوم حتى يستبدل العرفان بالجميل بالجشع والطمع حتى لو كان من قبل قلة قليلة تسيطر على زمام هذه قضية السيد حامد وتدير رحاها...فإذا به يحبس على ذمة التحقيق لـ 14 شهرا، ويعذب ، ثم تلفق له تهم باطلة لا دليل عليها ولا أساس لها، فتتشرد عائلته ويصير ضحية جديدة من ضحايا الصراع في يمن مهد الحضارات والعدلة والحمية...الله يرحم أيام زمان ويعود لليمن السعيد سعادته ومجده
 
نأمل أن تفرج الحكومة اليمنية عن السيد حامد بن حيدرة وتعيد له اعتباره ، فعالمنا العربي يشهد ما يكفيه من المآسي والمظالم وليس بحاجة للمزيد

Sunday, February 22, 2009

آبادي تدافع عن المعتقلين البهائيين السبعة في ايران؟




شيرين آبادي، القاضية الذي احالتها السلطات الإيرانية الى إدارية بدعوى أنه لا مكان لقاضيات في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي تحولت إلى أحدى أكبر المدافعات عن حقوق المرأة وحقوق الأنسان بشكل عام في إيران، والتي حازث على جائزة نوبل للسلام لعام 2003 لما تقوم به من جهود في الدفاع عن حقوق الإنسان في إيران، توكلت بالدفاع عن حقوق المعتقلين البهائيين السبعة ضد إتهامات الحكومة الإيرانية لهم

ولقد صرحت شيرين آبادي بانه لم يسمح لها بلقاء المعتقلين البهائيين السبعة، وفي هذا إنتهاك صريح لحقهم في محاكمة عادلة وتمثيل قانوني. وقالت بأنه يتم منعها قانونيا من مقابة المعتقلين الذي من المفروض أن تترافع في قضيتهم، فهذا إنتهاك صريح لحقوقهم مما يعطيها الحق برفع القضية أمام القضاء الدولي والرأي العام العالمي. وقالت شيرين أبادي بأن دفاعها عن البهائيين يأتي في إطار حرصها على العدل وحقوق الإنسان في إيران رغم الضغوط المباشرة لإجبارها على التوقف عن عملها بشكل عام ودفاعها عن المضطهدين من قبل السلطة ومنهم النساء والبهائيين بشكل خاص. مع العلم أنها ليست بهائية. وقد شددت الحكومة الإيرانية حديثا الضغوط على شيرين آبادي حيث تم إغلاق منظمتها الحقوقية وصرحت انه وقع تحت يدها مرسوم من المخابرات الإيرانية يحرض على قتلها. وتم أخيرا أغلاق مكتبها وإعتقال سكريترتها بتهمة الانتماء للبهائيين! ولقد تعرض بيتها ومكتبها للتشويه بكتابة تهديدات وشعارات تتهمها بالعمالة لأمريكا والدعارة وما إلى ذلك من بذيء الألفاظ. وتوضح آبادي بأن افراد الشرطة الذين دعتهم للتدخل وحمايتها وحماية ممتلكاتها . وقفوا يتفرجون بينما استمر المخربون في أعمالهم ولم تحاول الشرطة إيقافهم أو حتى تعزيرهم على أفعالهم الشائنة. وتؤكد آبادي أن الإتهامات والضغوط التي تواجهها لن توقفها عن الاستمرار في دفاعها عن حريات الايرانيين وحقوقهم الإنسانية

أضغط هنا لمشاهدة مقابلة مع شيرين آبادي تتطرق فيها للنقاط التي ذكرتها ولأمور أخرى تتعلق بحقوق الأنسان في أيران. المقابلة باللغة الإنجليزية


أن دفاع الناشطة الحقوقية الإيرانية الحاصلة على جائزة نوبل عن المعتقلين البهائيين، دليل على أيمانها بقضيتهم ونفاذ صبرها ضد ما تقوم به السلظة الإيرانية من تعسف وظلم ضدهم. . لقد استمعت لشيرين قبل حوالي سنة من حصولها على جائزة نوبل، حين ألقت محاضرة عامة تلخص فيها نشاطاتها. سألناها وقتها عن قضية البهائيين ودورها بالدفاع عنهم، وكان جوابها، "الأمر يبدو ميؤسا منه. ولكننا سنستمر بالمحاولة!" وما توكلها بالدفاع عن المعتقلين البهائيين سوى إثبات أنها "عند كلمتها" ما زالت تحاول... فلا بد أن دفاعها عنهم نابع من إيمانها بقضيتهم
وشيرين أبادي ليست الإيرانية غير البهائية الوحيدة التي تدعم حق البهائيين في المواطنة والحقوق الإنسانية في وطنهم الذي أثبثوا خلال السنين حبهم له وتفانيهم في خدمته ورفع أمره. فلقد أصدرت جماعة من الأكاديميين، والمؤلفين، والفنانين، والصحفيين، والناشطين الإيرانيين المقيمين في كل أرجاء العالم عريضة إعتذار للبهائيين الإيرانيين عن كل الأعمال اللا إنسانية التي إرتكبتها وترتكبها الجمهورية الإسلامية بحقهم . وفيما يلي مضمون الرسالة مترجم عن الفارسية (ترجمت العريضة لأكثر من إحدى عشر لغة) ويمكن الاطلاع على الترجمات بالضغط هنا
فيما يلي نص العريضة - وصل عدد الذين مضوا العريضة أكثر من 500 شخصا وتقبل توقيعات غير البهائيين فقط وما زالت التوقيعات تقبل على صفحات المدونة. للتعرف على اسماء جميع الموقعين، اضغط هنا

إننا نستحي!

يكفي قرن ونصف من الاضطهاد والسكوت!

باسم الخير والجمال وباسم الإنسانية والحرية

إننا كإيرانيين نشعر بالخجل والحياء مما ارتكب بحق البهائيين منذ قرن ونصف من تاريخ إيران.

إننا نؤمن بأن كل إيراني يستحقّ كافة الحقوق والحريات المنصوص عليها في وثيقة "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، بغضّ النظر عن العرق، واللون، والجنسية، واللغة، والدين، والعقائد السياسية، أو أية عقيدة أخرى، وبصرف النظر عن الجماعة الإثنية، والطبقة الاجتماعية، والثروة، والأصل أو أي وضعية أخرى. بيد أن منذ ظهور الدين البهائي حتى يومنا هذا، لقد يُحرم أتباع هذا الدين من حقوقهم الإنسانية لمجرّد عقائدهم الدينية.

منذ ظهور الدين البابي ومن ثَمَّ الدين البهائي في إيران، لقد قتل آلاف من مواطنينا بسيوف التعصب والخرافة لمجرّد عقائدهم الدينية وذلك طبقاً للوثائق التاريخية والشواهد المعتمدة. وفي مطلع العقود الأولى بعد تأسيس هذا الدين، قتل حوالي عشرين ألفاً من الذين اعتنقوه في مختلف مدن إيران.

إننا نستحي من أنه في هذه الفترة لم يسجّل أيُّ صوت يعترض على هذه الجرائم الوحشية.

إننا نستحي من أن الأصوات المعترضة على هذه الجرائم الشنيعة كانت ومازالت نادرة وصامتة.

إننا نستحي من أنه بالإضافة إلى القمع الشديد للبهائيين في العقود الأولى بعد تأسيس دينهم، فقد شهد مواطنونا هؤلاء في القرن الماضي حملات الاضطهاد الدورية عليهم، التي طَالَهُم من خلالها تحريق بيوتهم وأماكن عملهم وتهديمها، وواجهت حياتهم وأموالهم وعائلاتهم الظلم القاسي. وبالرغم من كل ذلك فقد ظل المثقفون والمفكرون الإيرانيون ساكتين أمام هذه الفاجعة.

إننا نستحي من أنه على طول السنوات الثلاثين الماضية، قُتل أكثر من مئتين بهائيٍ بناءً على قانون سُنَّ لقتل البهائيين بسبب عقائدهم الدينية.

إننا نستحي من أن جماعة من المثقفين برّرت الإكراه والضغط على المجتمع البهائي في إيران.

إننا نستحي من سكوتنا أمام حرمان البهائيين المتقاعدين من حقوقهم لمعاش التقاعد بعد عقود من الخدمة لأجل وطنهم.

إننا نستحي من سكوتنا أمام آلاف من الشباب الإيرانيين الذين حُرموا من إمكانية الدراسات العليا في الجامعات بسبب إيمانهم بدينهم وصدقهم في الاعتراف به.

إننا نستحي من سكوتنا أمام الأطفال البهائيين الذين واجهوا التحقير في المدارس بسبب عقائد آبائهم الدينية.

إننا نستحي من سكوتنا أمام هذا الواقع الأليم في بلدنا الذي فيه يُقمع البهائيون ويحقَّرون بشكل منظم. ويعتقل العديدُ منهم لمجرّد عقائدهم الدينية، ويُهجم على منازلهم وأماكن عملهم وتهدَّم، ويصل الأمر أحياناً إلى انتهاك حرمة مقابرهم أيضاً.

إننا نستحي من سكوتنا أمام هذا السجلّ الطويل الفظيع المحزن في تهميش البهائيين على يد نظامنا الشرعي ومن قبل قوانين حكومتنا. كما نستحي أمام الاضطهاد وانعدام العدالة للمنظمات الرسمية وغير الرسمية نحو هذا المجتمع من مواطنينا.

إننا نستحي من جرائمنا وجورنا وإنا نستحي من سكوتنا أمام أعمالنا.

نحن موقّعو هذه العريضة نستغفركم أيها البهائيون ولاسيّما ضحايا الجنايات من بهائيي إيران.

لن نسكت أبداً بعد اليوم أمام الظلم المرتكب بحقكم.

إننا واقفون جنباً إلى جنب معكم في التوصّل إلى حقوق الإنسان المنصوص عليها في وثيقة "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".

لنستبدلْ المحبة والوعي بالجهد والضغينة.

٣ شباط / فبراير ٢٠٠٩


- اول الموقّعين: اضغط هنا للتعرف على أسماء جميع الموقعين

١. ابراهیمی، ‌هادی – رئيس التحرير لجريدة شهرگان – کندا، ونکوور
٢. احمدی، رامین – أستاذ في الجامعة وناشط في حقوق الإنسان– أمریکا، یل
٣. الماسی، نسرین – مدیرة التحریر لجريدة شهروند - کندا – تورنتو
٤. باقرپور، خسرو – شاعر وصحفي – ألمانيا
٥. برادران، منیره – كاتبة وناشطة في حقوق الإنسان – ألمانيا
٦. برومند، رویا – مدیرة إجرائية، موسسة برومند – أمریکا، واشنطن
٧. برومند، لادن – باحثة، مؤسسة برومند- أمریکا، واشنطن
٨. بیضایی، نیلوفر –كاتبة ومخرجة مسرحية – ألمانيا، فرانکفورت
٩. پارسا، سهیل – مخرج مسرحي – کندا، تورنتو
١٠. تقی پور، معصومه – ممثلة ومحرجة مسرحية – السويد، كوته بورك
١١. تهوری، محمد – صحفي – أمریکا، ماساجوست
١٢. جاوید، جهانشاه – ناشر – إیرانیان دات کام – المكسيك
١٣. جلالی چیمه، محمد (م سحر) – شاعر – فرنسا، باریس
١٤. جنتی عطایی، بهی - ممثل وكاتب ومخرج مسرحي – فرنسا، باریس
١٥. چوبینه، بهرام – كاتب وباحث – ألمانيا، کلن
١٦. خرسندی، ‌هادی – هاجٍ– إنجلترا، لندن
١٧. دانشور، حمید – ممثل ومخرج مسرحي – فرنسا، باریس
١٨. درویش پور، مهرداد – أستاذ في الجامعة – السويد، استکهلم
١٩. زاهدی، میترا – مخرجة مسرحية– ألمانيا، برلین
٢٠. زرهی، حسن – رئيس التحرير لجريدة شهروند – کندا، تورنتو
٢١. سهیمی، محمد – أستاذ في الجامعة – أمریکا، كاليفورنيا
٢٢. شفیق، شهلا – كاتبة وباحثة– فرنسا، باریس
٢٣. شمیرانی، خسرو – صحفي – کندا، مونتريال
٢٤. شیدا، بهروز – ناقد وباحث أدبي - السويد، استکهلم
٢٥. عبدالعلیان، مرتضی – عضو هيئة إدارة سی.جی.اف.ای – کندا، اکویل
٢٦. عبقری، سیاوش – أستاذ في الجامعة – الولایات المتحدة، أتلانتا
٢٧. عبقری، شهلا – أستاذة في الجامعة – الولایات المتحدة، أتلانتا
٢٨. فانی یزدی، رضا – محلّل سياسي - أمریکا
٢٩. فرهودی، ویدا – شاعرة ومترجمة – فرنسا، باریس
٣٠. فروهر، پرستو – فنانة وناشطة في حقوق الإنسان – ألمانيا، فرانکفورت
٣١. قائمى، هادی – منسّق حملة دولية لحقوق الإنسان في إیران - أمریکا
٣٢. قهرمان، ساسان – كاتب وصحفي - کندا، تورنتو
٣٣. قهرمان، ساقی – شاعر وصحفي - کندا، تورنتو
٣٤. کاخساز، ناصر – باحث ومحلّل سياسي – ألمانيا، بوخوم
٣٥. کسرایی، فرهنگ – كاتب وممثل مسرحي – ألمانيا، ویسبادن
٣٦. کلباسی، شیما – شاعرة – أمریکا، واشنطن
٣٧. ماهباز، عفت – ناشطة في حقوق المرأة وصحفية – إنجلترا ، لندن
٣٨. مساعد، ژیلا – شاعرة وكاتبة – السويد، كوتبورك
٣٩. مشکین قلم، شاهرخ – ممثل ورقاص – فرنسا، باریس
٤٠. مصلی نژاد، عزت – كاتب وناشط في حقوق الإنسان- الجمعية الكندية لضحايا التعذيب– کندا، تورنتو
٤١. ملکوتی، سیروس – عازف وملحّن ومدرّس الغيتار الکلاسیکي – إنجلترا ، لندن
٤٢. وحدتی، سهیلا – ناشطة في حقوق الإنسان – أمریکا، كاليفورنيا


في الواقع هذا الدعم الصريح من قبل العناصر التقدمية الإيرانية من غير البهائيين لقضية البهائيين الإيرانيين، بادرة كريمةتستحق الشكر والتقدير ودليل على وعيهم ونفاذ صبرهم من الممارسات التعسفية التي يخضع لها الشعب الأيراني تحت وطأة سياسات الجمهورية الأيرانية الإسلامية. يبدو أن "الكيل طفح لدى الإيرانيين" الذين يرون الوطن ينزف وافراد الشعب يبتذلون، ويظلمون، ويعانون. فرفع البعض أصواتهم منادين بالإصلاح وحقوق المواطنة للبهائيين وللآخرين. والسؤال هنا: كيف نستمر بدعم قضية البهائيين وحقوق كل المضطهدين وننتقل من حيز الدعم المعنوي الصامت الى تحريك وتفعيل الوعي الجماعي بمثل هذه القضايا؟ وكيف نحفز بعض اصحاب النفود الديني الذين يؤمنون بنفس مباديء حقوق الأنسان والمواطنة في إيران أمثال حجة الأسلام الملا حسين علي منتظري وأخرين من الذين لهم الشرعية في الكلام والفتوى تحت ظروف إيران الحالية، بأن ينقلوا قضية حقوق البهائيين إلى حيز التنفيذ والضغط لوقف الإجراءات التعسفية والإبادة الجماعية ضدهم وإنتهاكات حقوق الانسان الأخرى التي تمارسها الحكومة الإيرانية تحت راية الإسلام والدين والوطن. خاصة وأن "منتظري" نفسه يعرف معنى الإعتقال في سجن أيفين الذي نزل فيه معتقلا خلال فترة حكم الإمبراطور محمد علي رضا في إيران، والذي تحتجز فيه السلطة الإيرانية البهائيين السبعة وغيرهم من سجناء الرأي
وإني أناشد الجميع، كل حسب قدراته، بعمل ما يستطيع لدعم هذه القضية وكل القضايا العادلة التي تسمح لنا جميعا ان نبني لنا وللأجيال القادمة عالما أكثر سلاما ومحبة وعدلا

Friday, February 20, 2009

رسالة سجين رأي بهائي


لم أكتب في هذه المدونة خلال العام الماضي لأسباب عديدة لن أدخل في تفاصيلها الآن، ومع أن اسباب عدم تدويني ما زالت قائمة، إلا أنني لم استطيع ان اقاوم التدوين اليوم حين وصلتني رسالة إبن أحد المساجين البهائيين في إيران والذين أعلنت الحكومة الإيرانية بأنها ستقدمهم للمحاكة قريبا. فكرت بكل مساجين الرأي الذين عرفتهم، وبالخصوص فكرت بصديق حميم لي أمضى بعض الوقت في سجون وطننا العربي متهم بحب الوطن، بدأ يكتب لي من جديد ليقص علي معاناة مضى عليها أكثر من خمسة وعشرين عاما لكنها مازالت محفورة في ذاكرته كالوشم. فكرت بأصدقائي الآخرين الذين دخلولوا السجون لما حملوه من قناعات في آواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، فكرت بالأمهات والأخوات والزوجات والحبيبات اللواتي أعرفهن. إمتلئت حتى الغثيان بآلآمهن ومعاناتهن.

فكرت بصديقي الروائي العراقي الكبير محمود سعيد وفترات سجنه في سجون صدام، وما ذكر لي عن تلك الفترة من حياته بالإضافة إلى ما دونه في روايته "أنا الذي رأى" والتي تحملك الى داخل جدران سجون العراق ومعتقلاتها، وتسمح لكل بالتعرف على أفرادها ، تملأ مشامك برائحة البراز والعرق المعتق، تترك في فمك طعم الدم اللزج، وتدفعك لأن تتحسس كتفك ومعصمك ومناطق أخرى من جسدك لتتأكد بان الألم الذي انتابها فجأة ليس إلا من رسم قلمه المبدع.

حين قرأت رسالة إبن السجين البهائي، وكانت رسالته قد وصلتني باللغة الأنجليزية، تبددت فوارق اللغة، وبدت الكلمات مألوفة جدا، تشبه في تراكيبها ما يكتبه لي صديقي العربي عن معاناته، وما كتبه محمود سعيد عن تجربته، وما سطرته أقلام العديد من سجناء الرأي الذين عرفوا أبعاد الألم البشري في زنازين الوطن. بدت كل هذه التجارب متصلة بذلك الحبل الخفي الذي يغذي إنسانيتنا ويحرك أعمق درجات الوعي والشفافية فينا . صارت آلآم البهائي الذي لا أعرفه شخصيا ولكنني انتمي له بالعقيدة والأصل إمتدادا لآلآم اصدقائي العرب الذين انتمي لهم بالميلاد والثقافة. لم تعد الهوية عندي محور نقاش عاطفي وفكري وانما توحدت في دائرة الألم التي تصقل خطوط إنسانيتنا. لذلك قررت أن أدون اليوم. ربما لأتخلص من آلآمهم التي تكاد تخنقني، وربما لأنقلكم معي إلى تجربة الإبن البهائي، لعلها تتصل في زاوية من زواياها بتجربتكم

فإليكم نص خطابه

أود أن أشارككم ببعض الكلمات عن تجربتي الخاصة ومشاعري فيما يتعلق بوضع البهائيين في إيران: عن عائلتي، عن أصدقائي، وعن نفسي. ما سأشارككم به هو مشاعري وأفكاري، والإشكالات التي أواجهها كل يوم، كإيرني، كبهائي، كعضو من أعضاء العائلة البشرية، وكفرد يقبع والده سجينا في أحد أسوء سجون العالم. سجن أفين "زندان اوين" في شمال طهران، على أعلى التلال، بزراديبه القابعة في جوف الأرض، وغرف تعذيبه، المحاطة بأسوار عالية بالغة السُمك.

أتذكر الوقت الذي كنت أعمل في مشروع بناية عالية مما منحني فرصة معاينة السجن عن قُرب. فكلما ارتفعت البناية أكثر وأكثر، صار بإمكاني أن أحضى بمنظر أكثر وضوحا لذلك المكان الرهيب. لهذا ما زلت أتذكر بوضوح الابعاد غير المنتطمة التي ترسم حدود مبنى سجن أفين. هذه الصورة التي ترافقني حين أذهب للنوم، وحين أنهض من النوم في الصباح، أحاول أن أتخيل أبي فيه. أعرف كيف يبدو. قبل ثلاث سنوات، كان والدي في السجن وقت آخر بسبب عقيدته البهائية. عندما حصلنا بعد إنتظار طويل على إجازة بزيارته، لم أستطيع أن أصدق أن الشخص الذي يقف أمامي هو والدي. شاحب، ضعيف، بلحية طويلة، وشعر طويل، في ملابس السجن الفضفاضة. حين أخذوه رأيته يعرج. الأن بامكاني أن أتخيل كيف يبدو، ولكن على أن أضيف إلى تلك اللوحة كل ما أتذكره عن أصدقاءه. علي أن أستعمل مخيلتي مثل برنامج التصوير الألكتروني لأضيف لحا لوجوه أصدقاءه الأربعة المبتسمة. علي أن أجعلهم يبدون أكبر سنا، أكبر بعدة سنوات مقابل كل سنة أمضوها في السجن. علي أن أتخيل عيونهم الفرحة مليئة بالحزن. تعبة من التحقيق المستمر تحت الأضواء الساطعة المركزة. علي أن أتخيل ما يبدو عليه أبي وأصدقاءه اليوم بعد تسعة أشهر من التحقيق المأساوي الذي يلازمه أبشع الالفاظ التي لم تقع على مسامعهم من قبل وأكثرها إهانة. هل تعلمون بأن إتنين من المعتقلين نساء. لا يمكنني أن أتخيل هاتان السيدتان تحت هذه الظروف. هذا ما يسمونه "التعذيب الأبيض". تفقد الكلمات معناها. حين أسمع كلمة "أبيض" لم يعد الثلج يخطر على بالي، أو حمامة السلام. التعذيب هو ما يخطر على بالي هذه الأيام مرافقا لكلمة "أبيض". التعذيب الأبيض يعني كل مشاكل العظام التي يعاني منها والدي من جراء فترة مكوثه في السجن، التعذيب الأبيض يعني ان "وحيد"، أحد أصدقاء والدي الذي يبلغ الخامسة والثلاثين عاما يفقد بصره نتيجة الضغوط التي أدت الى تحطيم أعصاب عينيه. التعذيب الأبيض يعني حرمان أم من قضاء الوقت مع إبنتها المراهقة لشهور عديدة. لدي فقط بعض اللحظات لأخبركم عن أبي وأصدقاءه، ولكن هذا نهج حياة أكبر أقلية غير مسلمة في إيران. هذه حياة أي من ينتمي الى الجامعة البهائية والتي تتألف من أكثر من ثلائمائة ألف نسمة. مجموعة محرومة من كل شيء. محرومة من حقوقها المدنية منذ لحظة الميلاد حتى لحظة الموت. أفرادها محرومون من أن يمنحوا أية أسماء لها دلالة بهائية حين يولدون. محرومون من أن يكون لهم يوما واحدا يسيرا في المدرسة دون ان يشار لهم بالبنان وينحون جانبا، محرمون من التسجيل في المدارس حسب مؤهلاتهم ومواهبهم، محرمون من التعليم العالي، محرمون من شهادات الزواج، محرمون ليس فقط من الوظائف الحكومية ولكن من التوظيف في العديد من المؤسسات الخاصة التي تخضع لضغوطات الحكومة. محرومون من إنشاء تجارتهم الخاصة دون أن تدرج أسمائهم في لائحة حراس الثورة في اللائحة السوداء، محرومون من شواهد القبور ليرتاحوا بسلام دون ان تهز جثثهم في توابيتها مرات عديدة في العام تحت وطئة آلآت حفر الجمهورية الإسلامية. محرومون من انتخاباتهم الإدارية ومؤسساتهم.

كان أبي وأصدقاءه سبعة أعضاء من أعضاء هذه الجامعة من افراد المجتمع العاديين، والممتدة في كل نواحي إيران. كل ما كان مناط اليهم هو لم شمل هذه الجامعة. منحهم الشعور بمجتمع له كرامته وهويته في غياب أية هيئات إدارية تمثل هذه الجماعة والتي حرّمت وجودها قانونا الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وهاهم الآن يتهمون من قبل السلطات بإتهامات مفبركة باطلة. أذكر تسعة أشهر ماضية تلت إقتحام منزل والديّ. كنت أكلم والدتي، واشعر بها ترتجف على الطرف الآخر من الخط بينما كانت تخبرني عن ما دار بينها وبين أحد أفراد المخابرات. كانت تحزم كنزة دافئة لوالدي بينما كانوا يأخذونه بعيدا، لكن المخبر رفض ان يسمح له بأن يأخذ الرزمة قائلا لها: "لن يحتاج الى ملابس بعد اليوم، فقط الأحياء يحتاجون للثياب"! مضى على حادثة سجن والدي تسعة اشهر. مضى أكثر من تسعة أشهر وأنا أعمل على تكوين الصورة في مخيلتي، أتخيل أوضاع أبي. مرة رسمته في الحبس الإنفرادي، ثم في غرف التحقيق. حاولت أن أتخيله جالسا على كرسي خشبي لأكثر من عشرين ساعة يواجة إثنين من محققي المخابرات يعمي بصيرتهم التعصب الديني الأعمى. نقلت والدي في لوحتي من الحبس الإنفرادي الى الصالة العامة، ثم أعدته الى زنزانة صغيرة بلا سرير، دون أغطية كافية، ينام على أرض الإسمنت البارد مع اصدقاءه الأربعة في شتاء طهران القارص. والآن أعمل في زواية أخرى من هذه اللوحة الذهنية الشاسعة. أرسم محكمة، لكنني لا أرى محام. من الراجح أنه لن يكون بامكانهم الاتصال بمحاميهم. هل علي أن أرسم أبي وأصدقاءه عائدين إلى السجن بعد المحاكمة؟ هل لي أن أنقله مرة أخرى بين جدران سجن إيفن في رسوماتي الخيالية ؟ من الحبس الإنفرادي، إلى غرف التحقيق، الى مقاعد التعذيب، الى زنزانات أكبر مع أصدقاءه.

حين أنظر بإمعان إلى هذه الصورة المؤلمة، أرى هناك جزء آخر من هذا السجن بأعمدة من الخشب او الحديد، ومخارج حديدية، وأدوات رفع تدار باليد، وآلات رفع، وحبال مشنقة. يرفض عقلي أن يسمح لي بأن أنقل أبي واصدقاءه الى تلك الزاوية من السجن.

كتبها إبن أحد السجناء البهائيين بتاريخ 18 مايو 2008