Saturday, September 30, 2006

حين كان الأزهر منصفا


نشرت مجلة الأزهر الأسبوعية بتاريخ الاثنين 12 رمضان الموافق 5 مارس 1928 مقالا في عددها الخامس من السنة الأولى تعرض فيه البهائية وما دعى اليه مؤسسها بهاء الله، ومن بعده إبنه الأرشد عيد البهاء. وفيما يلي نص تلك المفالة

البهائية، مذهب من المذاهب التي استخدمها شعور بعض الناس بحاجة العالم إلى السلام والوئام، ليعيش في إخاء وسكينة، بعيدا عن مطاحنات الحرب ومنازعات السياسة والدين، تلك الأمور التي ولدتها في النفوس الأطماع والتعصب، والتي كانت وما زالت علة شقاء العالم وبلائه

يدعو هذا المذهب إلى تطهير النفس من هذه الأطماع وهذا التعصب، والى التعصب والوحدة العالمية. ظهر هذا المذهب في إيران سنة 1280 هجرية على يد رجل يقال له بهاء الله. . الذي قد تعرض من وراء مذهبه هذا، للعنت والاضطهاد، كما هو شأن كل من نادى بمذهب جديد، ولكنه بم يهن ولم يضعف واستمر على نشر الدعاية لمذهبه، إلى أن وافته منيته سنة 1309 هجرية

قام على أثره ولده عباس عبد البهاء الذي نشرنا صورته على غلاف هذا العدد..والذي جاب الأقطار والأمصار لنشر مذهبه، فسافر إلى أوريا وأمريكا كما حضر إلى مصر عام 1331 هجرية. ولكي تعرف شيئا من مبادئ هذا المذهب نعرض عليك بعض خطب عبد البهاء هذا، تلك التي كان يلقيها في المجتمعات الأوربية والأمريكية التي كانت تكتظ بالأدباء والفلاسفة. قال يخاطب المجتمعين: "هلموا إلي، أرشدكم إلى الصراط المستقيم، وأهديكم إلى السبيل السوي، هذا وقت الدخول في حظيرة القدس. طهروا قلوبكم واعملوا على رفع غشاوة الجهل والتعصب والتقليد والأوهام من على أبصاركم حتى تروا نفحات الله تهب معطرة على كافة الأنحاء والأرجاء. وتعالوا بنا نتعاون على إزالة سوء التفاهم من بيننا بتأسيس لغة عمومية، حتى يصبح كل فرد منا قابضا على لغبين، لغته الأصلية واللغة العمومية...ضعوا أيديكم في يدي لنعمل على إيجاد محكمة تحكيم دولية حتى يسهل فض كل خلاف بقوة القضاء العادل بين الحكومات كما هو حاصل بين الأفراد، تحقن الدماء وتصان الإنسانية من الخراب الدمار الذي يصيبها من جراء الحرب، والتحكم إلى السيف والسنان. تعالوا بنا نرفع راية السلام العام ونؤسس الصلح الأكبر. تعالوا بنا نحل معضلة العالم الاقتصادية، ونعمل على هناءة الضعفاء من إخواننا في الإنسانية. حضوا الآباء والأمهات على تربية أبنائهم وبناتهم تربية إسلامية حقيقية." لمزيد من خطب عبد البهاء

هذه بعض مبادئ البهائية، وأنت ترى انه لا غبار عليها. وأنها تدعو إلى الصلح العام كما أنها تدعو إلى المكارم والفضائل. ومن قول عباس أفندي أيضا يحض على المكارم قوله: "لا تسمحوا لأنفسكم أن ينم بكلمة على أحد ولو كان عدوا لكم ، ولتسكتوا من ينم لكم عن عيوب غيركم، وتحلوا بالصدق والوقار، ولتملأ صدوركم بالآمال، كونوا مرهما لكل جرح ، وماء عذبا لكل ظامئ. ومائدة سماوية لكل جوعان، ومرشدا لكل باحث، ونجما في كل أفق، ونورا لكل مشكاة، ومبشرا لكل نفس مشتاقة إلى ملكوت الله". بهذه المبادئ سار المذهب البهائي، وانتشر أصبح له أنصار في كل قطر ومصر وأتباع تعد بالملايين

وقد مات عباس عبد البهاء في 28 ربيع الأول سنة 1340 هجرية وترك وراءه تلك المبادئ السامية والتعاليم الإنسانية التي لو أخذ بها العالم لعاش في سلام ووئام مستمر تحدوه روح التعاون والإخاء

ومع أن المقال يصف الدين البهائي على أنه مذهب من المذاهب وليس دينا مستقلا، ألا أن الأزهر كان عام 1928م منصفا وعادلا في وصفه للمبادئ البهائية وما دعت إليه. ولم يلجأ إلى خلق وترويج الإشاعات الباطلة ضد البهائية تحت شعار حماية الإسلام والحفاظ عليه. فمتى سيجد الأزهر الشجاعة ليقول كلمة الحق من جديد ويمارس الإنصاف الذي مارسه في رمضان عام 1928م عندما نشر نص المقالة المذكورة سابقا؟

Friday, September 29, 2006

بين الترقيع والحلول الجذرية


نشرت جريدة الوطني اليوم بتاريخ 19 سبتمبر 2006 مقابلة مع الشيخ طنطاوي، شيخ الأزهر. وتضمنت المقابلة بعض الأسئلة المتعلقة بإدراج "البهائية" في خانة الديانة في الوثيقة الشخصية. وفيما يلي النص المتعلق بهذا الوضوع

سؤال: هناك اقتراح من منظمات حقوق الإنسان بإلغاء خانة الديانة من الأوراق الرسمية لأنها تميز بين المواطنين، فما رأيكم؟ ماذا يعنى هؤلاء بإلغاء خانة الديانة، ولماذا يطالبون بذلك، وبأي حق يقترحون إلغاءها؟

جواب: ليس لهم حق في ذلك، والذي نراه صوابًا أن خانة الديانة يجب أن تكون موجودة وهى لا توقع أي نوع من التمييز، وليس لنا شأن بحقوق الإنسان أو غيرها فوجود الديانة في الخانة الخاصة بها أمر واجب واجب واجب

سؤال: ما فائدتها كي تؤكد على وجوبها؟

جواب: الفائدة تأتى من الهدف من وجودها حيث إنها تبين صفة الإنسان في أوراقه الرسمية وليس هناك ضرر من بيان الديانة يقع على أحد أيّا كانت ديانته فلماذا نلغيها؟! وخانة الديانة لا يجب تغييرها مهما كان المطالب بذلك فالإنسان من حقه أن يكتب ديانته في الخانة المخصصة لذلك

سؤال: حتى لو كان بهائيًا؟

جواب: نعم يكتب فيها «بهائي» فما المانع من ذلك مادام هذا هو معتقده وما يتخذه لنفسه عقيدة، فكتابة بهائي في خانة الديانة تبرئ منه أي ديانة أخرى وتمنع أن ينسب البعض أنفسهم إلى الديانات السماوية الأخرى وهى بريئة منهم

سؤال: إذًا هذا يعنى اعترافًا بأنها ديانة؟

جواب: البهائية ليست دينًا لكن كتابتها كمعتقد في خانة الديانة أمر ممكن ولا ضرر منه بل هو تمييز واجب لمن هم خارجون عن الديانات السماوية

سؤال: ترى فضيلتكم أن البهائية جماعة خارجة عن الإسلام، ثم تحدثت بعد ذلك عن حرية الاعتقاد ألا تجد في ذلك تضاربًا؟

جواب: حرية الاعتقاد مكفولة للجميع وليست لأحد بعينه، والمقصود بحرية الاعتقاد أن لكل إنسان عقيدته والذي يحاسب العباد هو الله


من الواضح من هذه المقابلة أن شيخ الأزهر الفاضل يري وجوب وجود خانة الديانة، وانه من حق أي كان، حتى البهائي، إدراج عقيدته في خانة الديانة ما دام هذا معتقده. ويصر الشيخ الجليل أن "خانة الديانة لا توقع أي نوع من التمييز بين المواطنين،" وأنه "ليس هناك ضرر من بيان الديانة يقع على أحد أيّا كانت ديانته"، وأن "حرية الاعتقاد مكفولة للجميع وليست لأحد بعينه"، ويوضح بأن الذي يحاسب العباد هو الله
وفي نفس المقال يبين الشيخ بوضوح موقفة من البهائية معلنا بأن البهائية ليست دينا، وأن "كتابة "بهائي" في خانة الديانة يبين صفة الإنسان في أوراقه الرسمية"، و" يبرئ منه أي ديانة أخرى"، و"يميز من هم خارجون عن الديانات السماوية"، و"يمنع أن ينسب البعض أنفسهم إلى الديانات السماوية الأخرى وهى بريئة منهم". المقالة كاملة

أن السماح للبهائيين بكتابة بهائي في خانة الديانة سوف يمنحهم الصفة القانونية من جهة، بكفالة حقهم في استصدار بطاقاتهم الشخصية وما يترتب عليه من إمكانية تدبير شؤونهم اليومية، قد يجعلهم عرضة للاضطهاد والتمييز ضدهم من قبل الأفراد الذين يديرون أمور الإدارات والدوائر الرسمية من جهة أخرى. خاصة أنه قد تم تشبّيع المجتمع بما تصدره العديد من وسائل الإعلام العربية وخاصة المصرية، من تكفير للبهائيين والتحريض ضدهم . ولقد وتقت جمعيات حقوق الإنسان المصرية والعالمية عديدا من حالات التفرقة والاضطهاد ضد الأقباط والبهائيين وغيرهم

وما يدعو للقلق أوجه التشابه بين بعض ما قاله شيخ الأزهر، وما دعت إليه النائبة زينب رضوان، وكيلة البرلمان عندما أعلنت تأييدها إثبات البهائية كديانة في بطاقات الهوية في مقالة نشرتها
جريدة إيلاف المصرية. فلقد عللت ذلك الدعم بأن "المصلحة العامة تقتضي أن يتم تسجيل البهائيين في الشهادات والبطاقات الرسمية لأن أسماءهم متشابهة مع أسماء المسلمين"، وأنه "من المصلحة أن يكونوا معروفين وليسوا مجهولين حتى لا ينجحوا في التسلل إلى صفوف المجتمع وينشروا فكرهم المتطرف والمنحرف". وفي هذا الموقف دعوة صريحة لاستعمال الديانة المدرجة في البطاقة الشخصية كوسيلة للتعرف على البهائيين والحد من حرياتهم. فالهدف من الطلب السماح بإدراج "بهائي" في خانة الديانة لم يكن أعطاء البهائيين حقهم كمواطنين وإنما للتعريف بهم وتميزا لهم عن الآخرين

أن مثل هذه الاتجاهات وواقع التفرقة والتمييز في المعاملة الذي وثقّته جمعيات حقوق الإنسان هو ما يدعونا للتساؤل عما أذا كان السماح للبهائيين وغيرهم من أصحاب المعتقدات الأخرى بإدراج ديانتهم في الأوراق الرسمية هو الحل الجذري لمسألة التفرقة الدينية والعقائدية بين أفراد الوطن الواحد، أو أنه ترقيع لمسألة تحتاج إلى علاج جذري وطويل المدى أساسة احترام رأي الأخر وعقيدته، والتأكد من أن جميع اللوائح والقوانين تكفل للمواطن حرية الاعتقاد بدون التعرض للأذى المادي أو الاجتماعي نتيجة ذلك، وأن تتوفر لدى أفراد الوطن الرغبة المخلصة في التعايش السلمي والتعاون على بناء عالم يسوده الأمن وتتوفر فيه الحرية والعيش الكريم للجميع، وأن تضمن السلطات التنفيذية ايقاع العقاب على من يقف في طريق خلق هذا المجتمع الإنساني

وربما سنؤمن أن العدل من الممكن أن يسود في دولة مصر الإسلامية حين يقرر قضاتها تطبيق حد جريمة السب والقذف التي أقر شيخ الأزهر وجوب تطبيقها حين سأل عن ذلك في حديثه مع
جريدة الوطني اليوم، ولكن ليس فقط على من يسب مسلما أو رسول الإسلام، ولكن على كل من يسب أي رسول أو أتباع أية عقيدة ومن ضمنها البهائية. فهل ترون مثل هذا العدل ممكنا في مصر؟

Thursday, September 21, 2006

لكل حادث حديث




لقد أدهشني، كما أظن أنه سيدهشكم، التقرير الذي كتبه سعيد حلوى ونشرته جريدة الأهرام بتأريخ 14 سبتمبر 2006 والذي تضمن عرضا لما أدلى به الدكتور محمود زقزوق، وزير الأوقاف المصري خلال مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية الذي عقد في قازاخستان. فلقد صرح سعادة وزير الأوقاف المصري "أن الإسلام لا يكتفي بمجرد التعامل مع الآخر أو التعامل معه بطريقة حيادية، ولكن يأمر بالتعايش الإيجابي ومعاملته بالعدل والبر. وذلك كله من أجل قيام مجتمع إسلامي يسوده العدل والبر." فهل من شأن مثل هذا القول أن يبعث بالتفاؤل لدى كل الجاليات والأقليات الدينية المضطهدة في مصر؟

ونحن نتساءل هنا انه مادام هذا ما تؤمن بة وزارة الأوقاف المصرية، فلماذا تستمر بهضم حقوق البهائيين المصريين وتنكيد عيشهم؟ وهل ما يقوله وزير الأوقاف المصري في مؤتمر عالمي غير ما يسمح لأعضاء البرلمان المصري بالدعوة إليه، وما يجبر القضاء المصري على القيام به؟

وهل يبرر هؤلاء السادة هذا التناقض بين القول والفعل مستندين إلى القاعدة السائدة في عالمنا العربي بأن "لكل حادث حديث" ؟

ربما أنه من الحكمة أن يتذكر الذين اعتادوا إلقاء الخطابات المزدوجة أن التطور التكنولوجي يفرض الشفافية على الجميع بدون التمييز بين الوزير والفقير. فما تتداوله صفحات الانترنت لا يعرف حدود اللغة أو المكان أو الزمان، ولا تحكمه القيود التي تفرضها مخاوف الشعوب اليومية ونحن نتمنى أن تقوم الحكومة المصرية بتطبيق هذه المبادئ السامية التي عرضها وزير أوقافها على مسمع من قادة الأديان في العالم حتى ينتشر الخير والسلام في مصر وخارج حدود مصر

شعب الله المختار


نشرت جريدة الدستور في الأمس 20 سبتمبر 2006 مقالة كتبها إيهاب عبد الحميد بعنوان: أصحاب كل ديانة يؤمنون أنهم "شعب الله المختار" وأن الباقين جهلة وكفار. غضب المسلمون عندما قال البابا الإسلام انتشر بحد السيف... فهل يحق للمسيحيين أن يغضبوا حين يقول "المشايخ" أن الإسلام انتشر بحد السيف؟

ويرى السيد أيهاب " أن الدروس المستقاة كما يحب البعض أن يسميها- تبدأ بالنظر إلى أنفسنا، فنحن عرفنا إلى أي حد تثور ثائرتنا إذا أهان الآخرون عقيدتنا، ولكن هل عرفنا العكس؟ هل انتبهنا إلى أننا نرتكب الخطأ نفسه يوميا؟ هل نحب لأخينا- المختلف عتا في الديانة- ما نحبه لأنفسنا حقا؟" ويستطرد موضحا أن العديد من الشيوخ يسيئون باستمرار للمسيحية ورسالة المسيح، وينوه أيضا إلى تكفير الشيوخ للبهائيين والتحريض ضدهم

ويضيف السيد إيهاب أنه من سنن الحياة أن كل شعب له معتقد واحد يجعله يعتقد أنه شعب الله المختار وان ديانته هي الديانة الحق دون غيرها . ويرى أن هذه المشكلة قد عالجها الإسلام بقاعدة "لكم دينكم ولى دين"، والتي يجب أن تساعد على الحد من الهوس الذي في رأي الكاتب، يجتاح العالم بكل أديانه . ويقترح السيد إيهاب أنه ربما يكون الحل في اتفاق عالمي على احترام الأديان الأخرى، ويحث المسلمين على أن يبدوا استعدادهم التام والكامل للتوقف عن كل ما يمكن أن يسيء للاخرين أي كان دينهم

. وفي الحقيقة إن هذا ما عرضته وتستمر بعرضه الديانة البهائية. فعلى سبيل المثال، صرح بيت العدل الأعظم (المرجع الإداري الأعلى للبهائيين) في نيسان 2002 في رسالة مفتوحة لقادة الأديان في العالم، " إنّ ما يدعو إلى الأسى هو أن الأديان الكبرى القائمة التي كان الغرض الرّئيسي من وجودها نشر الأخوة وإشاعة السلام بين البشر، غالبا ما أصبحت هي ذاتها عقبة كأداء في هذا السبيل. والمثال على ذلك هو الحقيقة المؤلمة أن هذه الأديان القائمة هي التي طالما أقرّت التعصبات الدينية وغذّتها. أما بالنّسبة لنا نحن المرجع الأعلى لأحد الأديان العالمية فإن شعورنا بالمسؤولية يفرض علينا أن نهيب بالجميع أن يضعوا نصب أعينهم ويحملوا محمل الجد التحديات التي تواجه القيادات الدينية جراء هذا الوضع القائم. ولذا فإن قضايا التطرف الديني والظروف التي تساعد على خلقها تستدعي منا جميعا إجراء حوار يتسم بالصدق والصراحة. وتملؤنا الثقة بأنه من منطلق كوننا جميعا عبادًا لله سوف يكون هذا الرجاء مقبولاً قبولاً حسنا مع توفر النيّة الخالصة ذاتها التي دفعت بنا إلى مثل هذا القول". النص الكامل للرسالة

ويقدم بيت العدل الأعظم تفسيرا مفصلا وحلولا مقترحة لمشكلة النزاع الديني، ويحث الجميع على "تذكر ما تتمتع به هذه الأديان من نفوذ عديم النظير. فالدين، كما نعلم جميعًا، يغذي جذور النوايا الباعثة على الأعمال. وعندما يكون أتباع الدين صادقين في ولائهم لروح تلك النّفوس السامية من الرسل والأنبياء الّذين أعطوا العالم نظمه الدينية ويقتدون بالمثل الّذي ضربه هؤلاء، يتمكّن الدين عندئذٍ من أن يوقظ في النّاس جميعًا قدراتهم على المحبة والتسامح والإبداع ومجابهة أخطر الصعاب ومحو التعصب وتقديم البذل والتضحية في سبيل الصالح العام، والعمل بالتالي على ضبط أهواء الغريزة الحيوانية". وأتمنى أن نعمل جميعا، قيادات وأفراد، على إزالة التعصبات الدينية ونشر المحبة والإخاء والاحتفاء بكوننا حميعا شعب واحد - شعب الله المختار

Tuesday, September 19, 2006

البابا والإسلام


قدم البابا بنديكت السادس عشر محاضرة مطولة في جامعة ريجينزبرغ الألمانية، في 13 من سبتمبر عن علاقة الدين والمنطق مصرحا بأن المنطق يجب أن يكون القاعدة المشتركة لحوار صريح بين الحضارات والأديان. وبدأ البابا خطابه بالتحدث عن تجربته الشخصية خلال الأعوام التي عمل فيها محاضرا في ألمانيا مشيرا إلى الجو الأكاديمي العلماني السائد في تلك الحقبة التاريخية، وموضحا أن وجود اثنين من رجال الدين كمحاضرين في تلك الجامعة كان امرا غير عادي. وانه "حتى خلال تلك الظروف شديدة التطرف والتشكيك، كان من الضروري طرح التساؤل فيما يتعلق بالله عن طريق الحوار وفي نطاق التعاليم المسيحية". وأضاف البابا موضحا أنه تم تقبل هذا من قبل الجامعة ككل بدون خلاف

وفي سياق هذا العرض التاريخي أشار البابا إلى حوار تم بين مثقف فارسي و إمبراطور بيزنطي، بين عام 1394 وعام 1402م خلال حصار القسطنطينية، تم خلاله مناقشة العلاقة بين الدين والمنطق. وفيما يلي ترجمتي لنص الفقرات من مقالة البابا المتعلقة بالإسلام

لقد تم تذكيري حديثا، عندما قرأت النص الذي أدرجه البروفسور تيودور خوري عن جزء من الحوار الذي دار ـ ربما بتاريخ 1391 في ثكنات الجنود بالقرب من مدينة انقره ـ بين الإمبراطور البيزنطي واسع المعرفة ، مانويل الثاني باليقوس ومثقف فارسي فيما يتعلق بموضوع المسيحية والإسلام، وحقيقية الديانتين. ومن المحتمل أن الإمبراطور هو من رتب هذا الحوار خلال حصار القسطنطينية بين عام 1394 و 1402. وهذا ما يفسر سبب تدوين تفاصيل حديثه بالمقارنة مع حديت محاوره الفارسي. ويتسع مجال الحوار ليغطي النظام الديني الذي يحتويه الإنجيل والقران، ويتعرض بشكل خاص إلى مفهوم اللاهوت والناسوت، والعودة بالضرورة إلى –"الشرائع" الثلاثة أو "قوانين الحياة": التوراة، والإنجيل، والقران. إن هدفي ليس مناقشة هدا الموضوع في سياق هذه المحاضرة ولكنني أود أن أناقش نقطة واحدة والتي تعتبر هامشية في بالنسبة للحوار ككل، فيما يتعلق "الدين والمنطق"، والذي قد يكون مشوقا ويخدم كنقطة انطلاق لملاحظاتي المتعلقة بهذا الموضوع

في المحادثة السابعة، التي نقحها الدكتور خوري، يتعرض الإمبراطور إلى فكرة الجهاد المقدس. ويبدو أن الإمبراطور كان على علم بالآية 2: 256 والتي "تقول "لا إكراه في الدين". وبناء على رأي الخبراء، هذه إحدى آيات الفترة المبكرة، حين كان محمد ما زال ضعيف القوى ومعرضا للتهديد. ومن البديهي أن الإمبراطور كان على علم بالإرشادات التي تطورت فيما بعد ودوّنت في القران فيما يتعلق بالجهاد المقدس. وبدون التطرق إلى تفاصيل الحوار مثل الاختلاف في المعاملة الممنوحة " لآهل الكتاب" و"الكفار"، ]اذكر أن الإمبراطور[ خاطب محاوره بفضفاضة غير متوقعة فيما يتعلق بالسؤال الجذري المرتبط بالعلاقة بين الدين والعنف بشكل عام، قائلا: "أرني ما الجديد فيما جاء به محمد، وهناك ستجد أشياء شريرة وغير إنسانية فقط، وعلى سبيل المثال أمره بنشر الدين الذي دعا إليه بحد السيف". وبعد أن أعرب الإمبراطور عن رأيه هذا بشدة، استمر بشرح مفصل للأسباب التي تجعل نشر الدين من خلال العنف شيئا غير منطقي. العنف مسألة لا تتفق مع طبيعة الله وطبيعة الروح. ويقول الإمبراطور إن الله لا يرضى بالدم ـ وعدم التصرف الحصيف هو ضد طبيعة الله. إن الإيمان منبثقا من الروح وليس الجسد. من يقود أحدا إلى الإيمان، يجب أن يتحلى بالقدرة على التكلم بشكل جيد والتفكير بمنطقية، من دون عنف أو تهديد.. فلإقناع روح منطقية، لا يحتاج الفرد إلى ذراع قوي، أو سلاح من أي نوع ، أو أية وسيلة أخرى لتهديد الفرد بالموت...".
المقالة الكاملة بالانجليزية

واعتقد أنّ البابا أراد التوضيح أن الحديث عن الأديان وعلاقتها بالمنطق مسالة قديمة تم طرحها خلال كل الظروف حتى تلك الظروف التي لم تكن بالضرورة ملائمة للحوار، وأن البابا أراد أن يبين موقفه هو من علاقة الدين بالعنف حين أكد في وصفه التاريخي لحوار الإمبراطور مع المثقف الفارسي أن "الإمبراطور خاطب محاوره بفضفاضة غير متوقعة فيما يتعلق بالسؤال الجذري المرتبط بالعلاقة بين الدين والعنف". ونلاحظ أن البابا أضاف بعد ذلك، "وبعد أن أعرب الإمبراطور عن رأيه هذا بشدة، استمر بشرح مفصل للأسباب التي تجعل نشر الدين من خلال العنف شيئا غير منطقي". ونرى هنا الربط بين السرد التاريخي وموقف البابا نفسه من العنف الذي اوضحه في خطابه، حيث استمر بعد ذلك بالحديث بالتفصيل عن علاقة المنطق بالدين وضرورة الحوار

والسؤال هنا هل أراد البابا فعلا الطعن والتشكيك بالإسلام، أو انه كان مشغولا بتوضيح موقفه من الدين والعنف بدون مراعاة، أو إدراك لما قد تحدثه ملاحظاته من ردود فعل في العالم الإسلامي؟ فهو لم يصرح برأيه الشخصي بالإسلام أو الرسول (صلعم)، ولكن أدرج في نطاق خطابه واقعة تاريخية. وهل توقع البابا ردود الفعل وموجة العنف التي أثارها خطابه؟

ورغم إنني شخصيا اعتقد أن الدين الإسلامي قد جاء بما هو جديد وخير، وأن التاريخ يوضح أن الإسلام قد انتشر بالمنطق في بعض الحالات وبحد السيف في حالات أخرى، ولكنني لا أرى المنطق في ردود الفعل والعنف الذي نتج عن خطاب البابا. وربما يصح هنا تذكير أخواننا وأخواتنا المسلمين الذين عبروا عن مشاعرهم بالعنف لان البابا ذكر واقعة تاريخية لم يرى فيها القائل قبل أكثر من ستمائة عام أن هناك ما هو خير في رسالة الإسلام، بأن البابا ليس مسلما، وأن رسالة سيدنا محمد قد جاءت بعد رسالة السيد المسيح، وانه لو آمن البابا بأحقيتها لصار مسلما

ومع أن المواقف السابقة لهذا البابا توضح أنه يري أن في انتشار الإسلام تهديد لانتشار المسيحية الكاثوليكية التي هو، في نظرة ونظر المسيحيين، حاميها ومروجها، وانه من الممكن انه يتفق مع ما أدرجه على لسان الإمبراطور البيزنطي، ومع أننا نتمنى لو أن البابا كان أكثر حكمة وركز على أوجه التشابه بين الإسلام والمسيحية وإمكانية التعايش السلمي بدون التطرق إلى ما يقدمه أو لا يقدمه الإسلام من جديد وخير، ولكن هذا لا يبرر ما قام به المتطرفون من المسلمين، وما قاله ويقوله البعض عن البابا والمسيحية والإنجيل

وهل تثبت الأحداث وردود الفعل والعنف الذي تمارسه بعض الجماعات الإسلامية من اعتداء على الكنائس والرهبان، والشتم والحرق أن ما قاله الإمبراطور البيزنطي قبل مئات السنين بأن العنف وليس المنطق هو طريقة الإسلام؟ فمن بالله عليكم يلحق أكثر ضررا بالإسلام وتشويها لصورته الحقيقية، البابا أم المسلمون المتطرفون؟

Sunday, September 10, 2006

عدالة مصر


في مقال نشرته جريدة الوطني، بيّن الدكتور سعد الدين إبراهيم أن محنة‏ ‏البهائيين ‏بدأت‏ ‏ ‏"في‏ ‏مصر‏ ‏بالقرار‏ ‏الجمهوري‏ ‏رقم‏ 263 ‏بتاريخ‏ 19 ‏يوليو‏ 1960‏ والذي‏ ‏جاء‏ ‏فيه‏ ‏الأمر‏ ‏بحل‏ ‏كل‏ ‏المحافل‏ ‏والمراكز‏ ‏البهائية‏ ‏ومصادرة‏ ‏ممتلكاتهم‏ ‏وأموالهم‏ ‏بواسطة‏ ‏وزارة‏ ‏الداخلية‏ ‏ومسئولين‏ ‏آخرين‏. ‏كما‏ ‏حولت‏ ‏أموال‏ ‏وأصول‏ ‏أخري‏ ‏إلي‏ ‏جمعية ‏تحفيظ‏ ‏القرآن‏." وأضاف انه "منذ‏ ‏ذلك‏ ‏الوقت‏ ‏وملف‏ ‏الطائفة‏ ‏البهائية، ‏مثله‏ ‏مثل‏ ‏ملف‏ ‏الأقباط، ‏في‏ ‏حوزة‏ ‏مباحث‏ ‏أمن‏ ‏الدولة، ‏تفتحه‏ ‏وتثير‏ ‏الرأي‏ ‏العام‏ ‏حوله‏ ‏كلما‏ ‏أرادت‏ ‏شغل‏ ‏الرأي‏ ‏العام‏. ‏والطريف‏ ‏أنه‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏مرة‏ ‏يتم‏ ‏تحريك‏ ‏أو‏ ‏تلفيق‏ ‏قضية‏ ‏ضد‏ ‏البهائيين‏ -‏كما‏ ‏حدث‏ ‏في‏ ‏أعوام‏ 2001,1997,1985,1977,1967- ‏فإن‏ ‏عشرات‏ ‏البهائيين‏ ‏يودعون‏ ‏السجون‏ ‏لعدة‏ ‏شهور‏ ‏أو‏ ‏سنوات، ‏ثم‏ ‏تبرئ‏ ‏المحاكم‏ ‏ساحتهم‏.‏ وكل‏ ‏ما‏ ‏هنالك‏ ‏هو‏ ‏أنه‏ ‏يتم‏ ‏ابتزازهم‏ ‏ونهب‏ ‏أموالهم‏ ‏وتشريد‏ ‏ذويهم‏,‏واستخدامهم‏ ‏كباش‏ ‏فداء‏ ‏للمحبطين‏ ‏والمتعصبين‏ ‏والغوغاء‏." وأضاف انه "بالمناسبة، ‏لم‏ ‏يتورط‏ ‏أي‏ ‏بهائي‏ ‏في‏ ‏جريمة‏ ‏فساد، ‏أو‏ ‏آداب‏، أو‏ ‏تجسس‏ ‏أو‏ ‏خيانة، ‏خلال‏ ‏المائة‏ ‏وأربعين‏ ‏سنة‏ ‏الأخيرة، ‏التي‏ ‏هي‏ ‏عمر‏ ‏البهائية‏ ‏في‏ ‏مصر‏". المقالة الكاملة

و تدعم هذه الشهادة تأكيد البهائيين المصريين ولائهم لمصر وحرصهم على إتباع أنظمة وقوانين الدولة رغم أنها حرمتهم من ممارسة حقهم الدستوري في ممارسة حقوقهم المشروعة. وبما أن البهائيين المصريين قد اثبتوا خلال كل سنوات إقامتهم في مصر عدم خرقهم للقانون أو مساسهم بأمن الدولة، فهل من العدالة أن تستغل الدولة طبيعتهم المسالمة وتستمر في استخدامهم "كباش فداء" لإرضاء الجماعات المعارضة وإسكاتهم؟

ودفعت هذه المضايقات وانتهاك حقوق البهائيين المصريين في الآونة الخيرة إلى المطالبة، حسب ما صرحت به الدكتورة بسمه‏ ‏موسي‏، ‏أستاذة‏ ‏الجراحة‏ ‏بجامعة‏ ‏القاهرة،‏ والدكتور لبيب اسكندر حنا، دكتور الهندسة في نفس الجامعة مطالبين بأن‏ ‏يترك البهائيون ‏في‏ ‏حالهم، ‏ويسمح لهم بالاعتراف‏ ‏بهوياتهم‏ ‏في‏ ‏البطاقة‏ ‏الشخصية‏ (‏الرقم‏ ‏القومي‏)، ‏إما‏ ‏كبهائيين‏ ‏أو‏ ‏فئة‏ ‏بدون‏. ورغم احترامهم للديانات الثلاث التي يمكن حاليا إدراجها في البطاقة الشخصية ‏ ‏(‏اليهودية‏ ‏أو‏ ‏المسيحية‏ ‏أو‏ ‏الإسلام)‏، ‏ولكنهم‏ ‏لا‏ ‏ينتمون‏ ‏لأي‏ ‏منها و‏يرون‏ ‏أنه لا يصح أن يدرجوا في بطاقاتهم ديانة لا ينتمون إليها

ويتساءل الدكتور سعد الدين إبراهيم كمصري يهتم بشؤون مصر، ومجتمع مصر، ورأي العالم بمصر "فهل‏ ‏هذه‏ ‏المطالب‏ ‏الإنسانية‏ ‏البسيطة‏، ‏والتي‏ ‏تجعلنا‏ ‏نحن‏ ‏وآيات‏ ‏الله‏ ‏في‏ ‏إيران‏ ‏في‏ ‏مركب‏ ‏واحد‏ ‏يضطهد‏ ‏البهائيين؟‏ ‏كيف‏ ‏لأمة‏ ‏قوامها‏ 75 ‏مليون‏ ‏مصري، ‏معظمهم‏ ‏مسلمون‏,‏أن‏ ‏تتصرف‏ ‏بهذا‏ ‏الأسلوب‏ ‏الجاهلي‏ ‏المجهول‏ ‏مع‏ ‏أقلية‏ ‏دينية‏ ‏لا‏ ‏تطالب‏ ‏إلا‏ ‏بأبسط‏ ‏حقوقها‏ ‏الدستورية‏ ‏والإنسانية؟ ‏إنها‏ ‏حقا‏ ‏لمحنة‏ ‏للمصريين‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏محنة‏ ‏للبهائيين‏.‏" وأود أن أضيف على ذلك، كيف يرى هؤلاء انه من حقهم وحق غيرهم من المسلمين المطالبة بالحرية في الاعتقاد وعدم التضييق عليهم وإجبارهم على إنكار دينهم حين يسافرون أو يقيمون في دول العالم المختلفة التي لا تدين بالإسلام، ولكن لا يرون ذلك حقا لمواطنيهم والمقيمين في بلادهم؟ وماذا ستكون ردود فعلهم لو قامت الدول غير الإسلامية بمنع المسلمين فيها من إعلان إسلامهم وإجبارهم على تدوين دين غير الإسلام في وثائقهم الرسمية حتى يستطيعوا العيش وتقيد مواليدهم في السجلات الرسمية، وتصديق عقود زواجهم، وتوثيق شهادات وفاة أمهاتهم، والسماح لأبنائهم وبناتهم بالالتحاق بالمدارس، وغير ذلك؟

وأتمنى، كواحدة من أفراد هذا المجتمع العالمي، والتي تكّن احتراما بالغا لثقافة مصر، وشعب مصر، وأدباء مصر، وشجعان مصر الذين رغم ما قد يتعرضوا له من ضغوط، قرروا أن يرفعوا أصواتهم مطالبين بإنصاف البهائيين، أن تكون أنظمة الدولة، والقضاء المصري الذي اثبت مسبقا نزاهته واستقلاله قد سمعوا هذا النداء وان يكون حكم الاستئناف المتوقع في أواسط شهر سبتمبر في قضية البهائيين عادلا ومشرفا

،وندعو الله أن تزول هذه المحنة، وتثبت مصر لأبنائها وللعالم بأنها قادرة على اتخاذ القرارات الشرعية والعادلة بمحض إرادتها ، وتعبيرا عن إيمانها بحقوق الإنسان، وحق جميع مواطنيها بالتمتع بالعدالة الاجتماعية والعيش الكريم

Tuesday, September 05, 2006

المحذرون همهم الشهرة

أظن انه من المجدي أن نبدأ بحثنا لموضوع الاختلاف في الآراء المؤيدة والمعارضة للبهائية بالنظر إلى ما يراه غير البهائيين أسبابا تدفع البعض للتهجم على البهائيين ووصفهم بما ليس فيهم

في تحليل لما يدفع البعض لنشر الادعاءات الباطلة ضد البهائيين، كتب هاني طاهر، الكاتب الفلسطيني الذي لا يدعم البهائية على الإطلاق بل يرى أنها فرقة باطلة، في مقالة له بعنوان المحذرون من البهائية همُّهم الشُهرة، والذي نشر على موقع الحوار المتمدن في العدد 1052 بتاريخ 19 كانون الثاني عام 2004م معلنا انه "يكثر بين ظهرانينا من يسعى إلى الشهرة. ويرى بعض هؤلاء أن خير وسيلة لذلك هي اختراع عدوٍّ للدين، ثم تضخيم هذا العدو، ثم مهاجمته بألفاظ قبيحة.. فيظهر هؤلاء أنهم حماة الدين، فيلتفّ حولهم العوامّ.. وبهذا يحققون غايتهم". فهاني طاهر يرى ان هدف هؤلاء الافراد هو دعم غاياتهم وزيادة عدد مؤيديهم

ورغم إن هاني طاهر يتهم البهائية بأنها فرقة ضالة، وهذا رأيه الشخصي الذي لا اتفق معه، إلا انه يطرح نقاط تستحق التأمل والمناقشة. فهو يرى "إن هؤلاء الذين يهاجمون الفرق الباطلة يقعون في أخطاء كثيرة، أهمها: المبالغة والتهويل من خطرهم على الإسلام والمسلمين، وفي هذا التهويل سلبيّتان؛ أولاهما: الرفع من شأن هذه الفرق الداحضة، وثانيتهما: البعد عن الأخطار الحقيقية في المجتمع، والمتمثلة بفساد الأنظمة الحاكمة، وبفساد الشعوب أخلاقيًّا ومهنيًّا وإداريًّا، وبُعد الشعوب والأنظمة عن روح الإسلام وجوهره.. وغير ذلك من السلبيات الحقيقية التي بحاجة إلى بحث وعلاج". ومع إنني اتفق مع الأستاذ هاني على أن المبالغة في التهويل تدفع بعض العامة الى التحقيق في أمر المتهمين، ولكنني أرى أن ما يرفع من شأن البهائيين هو ما يطرحونه من مبادئ روحانية وأخلاقية واجتماعية تتفق مع العقل والروح على حد سواء وتعرض حلولا جذرية، لو اتبعت سوف تؤدي الى سعادة البشرية وتقدمها

ويضيف السيد هاني طاهر "إن الافتراء على الفرق الضالة والتهويل من شأنها ظلمٌ، ثم هو كذبٌ، ثم هو لمصلحة هؤلاء الضالين، ثم يؤدي إلى فشل في تفنيدهم، ثم هو مُلْهٍ عن درء الأخطار الحقيقية. فمتى يعي أصحابُ الأقلام الساعين وراء الشهرة ذلك؟! ولا أدري كيف يتجرأ هؤلاء الكَذَبة على الآخرين ويصفونهم بما ليس فيهم من غير تثبت! والظاهر أنهم يبيحون لأنفسهم الافتراء على من يرونهم كَفَرة، ولسان حالهم يقول: ليس بعد الكفر تشويه، فمن كفر فلا ضيْر في تشويهه من خلال وصفه بأي شيء. ومثالهم في ذلك أنه لا يضر الشاةَ سلخُها بعد ذبحها." ورغم إنني لا اتفق مع هاني طاهر في تعميمه بأن الفرق التي يشير إليها ضالة، إلا أنني مثله لا أدري كيف يجيز هؤلاء الأفراد، وخاصة أولئك الذي ائتمنوا على مصالح الناس، أن يبيحوا لأنفسهم تشويه الحقائق والكذب ووصف الآخرين بما ليس فيهم؟

ويختم الأستاذ هاني طاهر مقالته قائلا: " إذا سمع أحدُنا تهمةً من شخص عن شخص آخر أو عن جماعة أخرى، فلا يجوز له أن يمرّ عليها من غير تمحيص. بل عليه أن يطالبه بسند هذه العبارة، أي من الذي رواها له، ومن الذي روى لمن روى له، وهكذا حتى نصل المصدر؛ ذلك أننا في بيئة يكذب فيها الكلّ على الكلِّ. وإذا استعمل كثيرٌ منا سلاحَ التثبت، فإن الكَذَبة يفقدون شهرَتَهم ومناصبَهم ورزقَهم. (ولا بأس لو انقطع رزقُ من كان ممن جعلوا رزقهم أنهم يكذبون)!" وأتمنى لو يتبع الجميع هذه النصيحة الثمينة ويتحروا حقيقة البهائية وغيرها بأنفسهم

Sunday, September 03, 2006

بين المعارضة والتأييد



بينما تتعرض رسالة بهاء الله للإدانة المريرة والتحريم من قبل رجال الدين المسلمين في مصر وإيران الذين يطالبون بتجريم وقتل البهائيين، نرى أن العديد من شعوب الأرض وقياداتها عبروا من جهة أخرى عن مدى تأثرهم الايجابي برسالة السلام التي جاء بها بهاء الله. فعلى سبيل المثال نوه نائب البرلمان البرازيلي لويز جوشيكن بمجموعة كتابات بهاء الله ووصفها بأنها "أضخم إنجاز كتابيّ مقدّس صدر عن قلم واحد بمفرده". وعلّقت النائبة ريتا كاماتا على ما جاءت به البهائية قائلةً: "إنه مفهوم يتخطّى الحدود الماديّة ليحتوي البشرية كلها بعيدًا عن الخلافات التافهة حول القومية أو العرق أو المعتقد أو حواجز التفرقة والانقسام". -عن جلسة تذكارية خاصة عقدها مجلس النواب (البرلمان) البرازيلي في 28 أيار (مايو) 1992م بمناسبة مرور 100 عام على إعلان دعوة بهاء الله

ومن البديهي أن يدفع هذا الاختلاف في الرأي إلى تساؤل البعض حول طبيعة مضمون التفكير الذي أثار ردود الفعل الشديدة التباين هذه ما بين الإدانة والرفض من جهة، والإطراء والمديح من جهة أخرى

وأود لو يشاركنا الزوار الأعزاء بآرائهم فيما يتعلق بسبب هذا التباين في الرأي بخصوص البهائية وأهدافها وما تطمح بأن تقدمه للبشرية

وسوف أحاول أن اعرض في المقالة القادمة، أنشاء الله، مفهومي الشخصي لأسباب هذا التباين، مستندة إلى بعض المصادر البهائية