Thursday, January 11, 2007

أنيس منصور وذكرياته مع حسين بيكار



نشرت صحيفة الشرق الأوسط: جريدة العرب الدولية في 10 يناير 2007 مقالة للأديب والصحفي المصري المعروف أنيس منصور مقالة بعنوان رجل يفرز الحرير: لوحات وأغنيات! يعرض فيها رأيه وذكرياته مع الفنان البهائي المصري المعروف حسين بيكار وفيما يلي نص المقالة

كان ياما كان في سالف العصر والأوان واحد فنان. والفنان اسمه بيكار ـ حسين أمين بيكار. مصري من أصل قبرصي تركي، وكان صديق العمر. فنحن أصدقاء من أربعين عاما. سافرنا معا إلى أوروبا وتصعلكنا في شوارعها واستديوهاتها. ونجحنا كثيرا. فلا احد يستطيع أن يقاوم اللغة الإيطالية والبنات الإيطاليات. فاللغة أغنيات والبنات راقصات والجو اوركسترا لكل المشاعر الجميلة. والمايسترو هو الشباب وكنا شبابا

وإذا تخيلت أن أحدا مصنوع من الحرير الصيني فالفنان بيكار. وإذا تخيلت أحدا مثل دودة القز تفرز الحرير فخطوط لوحاته كذلك. لولا أن دودة القز حشرة كريهة. ولم يكن بيكار إلا رجلا وسيما جميل الشكل والرسم والجسم والنفس. لم يكرهه احد. ولم يكره أحدا. كيف؟ هذه هي المعادلة الصعبة التي افتقدناها من أربع سنوات

وفي يوم كنا في مدينة البندقية ورأينا ـ حسين بيكار وعبد السلام الشريف وصلاح طاهر وكمال الملاخ وحسن فؤاد وجمال كامل وهم كبار فناني مصر ـ فتاة صغيرة أمسكت ورقة وقلما. وبمنتهى الثقة ترسم حصانا يقفز. وقفنا وتولانا الذهول. كيف تستطيع هذه الصغيرة وبخطوط صغيرة أن ترسم حصانا. وقفنا وطلبنا إليها أن ترسم الحصان واقفا ونائما على جانب أو على ظهره أو طائرا. وكيف تفعل ذلك ببراعة فريدة. وطلبنا إليها أن تعطي كل واحد منا لوحة وان توقع عليها بإمضائها. وفعلت ولا نزال نحتفظ بهذه المعجزة الفنية

وقد أسعدني حسين بيكار بأن رسم أغلفة عدد من كتبي.. وكانت هذه الأغلفة تحفة فنية. وقد بدأ حسين بيكار حياته موسيقيا مطربا وملحنا. وأول ألحانه كان للملك فاروق. وأصابعه لم تتوقف عن العزف على العود وعلى الورق أيضا. وإذا كان الفنان صلاح طاهر هو موسيقار الألوان، فإن حسين بيكار هو مطرب الضوء والظلال والحرير

وقد استمعت من حسين بيكار إلى أغنية سيد درويش (أنا هويت وانتهيت) وهي أسعد أغنية في تاريخ الغناء العربي. فقد غناها محمد عبد الوهاب والسنباطي وإسماعيل شبانة وسعاد محمد وفرقة أم كلثوم وحسين بيكار وأنا أيضا غنيتها لحسين بيكار وإسماعيل شبانة وغنيتها لنفسي كثيرا


يرحم الله حسين بيكار بالطريقة التي كان يحلم بها

في رأيي إن أنيس منصور لم يكتب مقالته عن الفنان المصري حسين بيكار فقط لأنه تذكر صديق حميم يفتقده. فأنيس منصور، الصحفي والأديب المحنك الذي يعرف كل ما يدور في مصر وعلى وعي تام بسياسات ومفكرين وقياديات وقضايا مصر، يعرف ما وصلت إليه حال البهائيين المصريين في مصر اليوم، وعلى علم بما تعرض له حسين بيكار من حبس واضطهاد نتيجة اعترافه وإشهاره إيمانه بالبهائية، ورغم ذلك إخثار أنيس منصور أن يكتب عن صديق عمره الراحل وعلاقته بمصر ومصريته التي عاشها من خلال حبة وعطائه للوطن الذي سرى عشقه في دمائه وسال من خلال ريشته ليخلق فنا يخلد نبضات قلب مصر وبعض من أنفاس أبنائها. ومع أن أنيس منصور لم يتطرق لقضية البهائيين بشكل صريح لكنني أعتقد أن عرضه لحياة بيكار وأحلامه ومصريته مناقضا بذلك الادعاءات الباطلة التي نشرها وينشرها المغرضين ضد البهائيين بشكل عام وحسين بيكار بشكل خاص، في نظري لهو شهادة بعطاء وولاء ومصرية البهائيين المصريين أسوة بالفنان البهائي المصري الراحل، حسين بيكار الذي عمل جاهدا على الدفاع عن وحماية مجتمعه البهائي المصري

يبدو أن أعمال الفنان البهائي المصري الكبير وذكراه الطيبة ما زالت تقوم بالدفاع عن البهائيين المصريين! فكما قال أنيس منصور: يرحم الله حسين بيكار بالطريقة التي كان يحلم بها ، وأضيف فليرحم الله مصر ومستقبلها وخيارات قادتها وأحكام محاكمها وشجاعة أبنائها وبناتها

4 comments:

Anonymous said...

الخلاصة وأصل وفصل الأعتقادات وحقيتها هي في ثمراتها والتي هي تأثيرها على القلوب وما يترتب على ذلك من أقوال وأعمال من اتباع تلك العقيدة. وطبعا لن يكون ذلك التأثير ظاهرا بنفس الدرجة في كل الناس ولكن مع ذلك ولدرجة ما .. يمكن التعميم الى حد

ان مديح الاستاذ انيس منصور لحسين بيكار رحمه الله هوشهادة لا تحكي فقط عن نبل بيكار مما عرفه الجميع عنه، بل تحكي عن نبل ووفاء أنيس منصور وكرامة اخلاقه هو ايضا . وشتان بين هذا وما تحاوله بعض الادارات الصحفية التي اصبحت (ولعلها كانت دائما) لاترى ان عليها على الاقل ان تحاول التظاهر بالموضوعية المتوخاة والتي يتوقعها القراء. فبدلا من نقل الخبر عن مسألة ما، نراها تنقل لنا رأيها عن الخبر مثلما قامت به احدى الصحف المصرية المشهورة مؤخرا بتخصيص (او إضاعة) عدة صفحات بتفاهات صبيانية ملخصها ان فلان البهائي يدعي بأن جيرانه يحبوه وبان علاقاته معهم علاقات جيدة ولكننا وجدنا ان الجار فلان والجارة فلانة يقولون بانهم لا يحبوه ولو عرفت صاحبة العمارة التي يسكنها بانه بهائي لما اجرت له الشقة

فهنيئا لأنيس منصور وفائه ، وهنيئا لصحيفة الشرق الاوسط نشرها لمقالته

Anonymous said...

الاستاذ الاديب الكبير انيس منصور
اشكرك كثيرا على هذا المقال الرائع الذي اسعدني كثيرا فالاستاذ حسين بيكار رحمه الله لم يكن فقط هو صاحب الالوان والظلال او صاحب الريشة والالوان التي كانت ترسم وتبدع وتبرز لنا رسوما تتحرك حيوية على صفحات الجرائد واغلفة الكتب ومجلات الاطفال التي اسعدتنا صغارا مع رحلات السندباد وعلاء الدين . لم يكن فقط هذا بل كان اباً روحيا لي ولغيري من الذين كانوا يتخذون من كلماته البسيطة المصاحبة لرسوماته في جريدة اخبار اليوم المرفأ الهادىء في عطلة نهاية الاسبوع اي يوم الجمعة بعد اسبوع من العمل و الجهد, كانت تأتي كلماته لتزيل هذا العناء وتنزل الفرح والسكينة على قلوبنا وتفتح باب الأمل لغد مشرق مفعم بالاماني وعلمنا كيف ننسى الاساءة للغير وأن نتوجه الى الله العلي القدير دائما فهو حامينا من كل مكروه , رحم الله الاستاذ بيكار وأسكنه فسيح جناته، واخيرا يااستاذ انيس الوفاء للاصدقاء يدل على نبل اخلاقك والذكريات الجميلة هي زادنا في الحياة فهي دائما تمنحنا الدفء وتعيد الينا الابتسام

Anonymous said...

من ازجاله:الاخوة الاعزاء اردت فقط ان اهديكم جزء من ازجال الاستاذ بيكار اللتى لا تنسى :

حبايبي ياأهل بلدي وناسي يا أغلي من كل الأمم
حبايبي يا اللي مليتوا دنيتي ابتسام وسلام و ورد ونغم
حبايبي يا اللي كل الوجود من غيركوا يبقي صفر وعدم
حبايبي يا اللي ناديتوا القدر في الحال لبٌي وقال نعم
حبايبي يا اللي خليتوا الورق في إيدي ينطق ويفني المدادوالقلم
حبايبي يا اللي كتبتوا اسمي جنب خوفو اللي بني المسلات والهرم
حبايبي ..مش لاقي كلام أقوله، وما عادش قدامي غير كام قدم
غير الدٌعا للمولي يسعدكم ويخلٌي راسكم مرفوعة جنب العلم.

Nesreen Akhtarkhavari said...

هذه اخر القصائد التي كتبها الفنان الراحل حسين بيكار التي أملاها لأحد أقاربه خلال أيامه الاخيرة وهي لم تنشر من قبل. ولقد زودتنا بها الدكتورة بسمة موسى
وكانت قد نشرتها كملاحظة على موقع
Bahai Faith in Egypt


موال ربيعي
فتحت شباك الأمل على ارض سمرة معجونة بدم الشهيد
ولمحت شمس الأصيل مسجونة جوه قفص من سلك وحديد
وفجأة بصيت لفوق لقيت أسراب الحمام مليا القريب والبعيد
وفرحانة بالوشوش اللي بتبنيها وكأنه مهرجان أو عيد
قلت سبحانك يارب قادر تبدل العتيق بالجديد
وتصبح مصر عروسه زمانها شباب من غير تجاعيد