لقد ذكرت المصادر البهائية مرارا أن البهائيين لا ينضمون للأحزاب السياسية و
لا يتدخلون في السياسة، ولا يقبلون وظائف مثل وظيفة الوزير او السفير او عضو مجلس الشعب او أي وظيفة لها علاقة مباشرة بالسياسة، ولا يطمحون بإنشاء أحزاب سياسية في العالم العربي. فهم كما نعلم لم ينشئوا أي أحزاب سياسية في أي من دول العالم التي يتواجدون فيها، رغم أن الكثير منها يسمح بحرية مثل هذا العمل. وهذا دليل على عدم رغبتهم في التدخل في سياسات العالم العربي. والبهائيون ملزمون، حسب ما نصت عليه تعاليم دينهم بإطاعة حكوماتهم وقوانينها والولاء التام للأوطان التي يعيشون فيها. فبالإضافة إلى اعتبارهم حب الوطن من الإيمان، يرى البهائيون أنهم مسئولون أيضا أمام الله أن يحبوا ويسعوا إلى خدمة كل خلقه بدون تمييز أو عنصرية
ومن
التهم التي تلصق بالبهائيه جزافا هي أن البهائيين عملاء لإسرائيل وأنهم دعموا تأسيس دولة إسرائيل ولهم علاقة تاريخية وثيقة بالصهيونية. وهذا ما تؤكد عدم صحته المصادر البهائية. وفيما يلي بعض ما يوضح هذا الموقف .
لمزيد من ألادلة اضغط هناأن وجود المركز الاداري للدين البهائي في إسرائيل يدفع البعض لإثارة التساؤلات حول علاقة البهائيين بإسرائيل. ومن المؤكد تاريخيا أن نفي حضرة بهاء الله الى عكا لم يكن برغبته واختياره وإنما تم بأمر من السلطان العثماني حيث كانت مدينتا عكا وحيفا في فلسطين ضمن املاك الحكومة العثمانيه آنذاك، أما إسرائيل فقد قامت في عام 1948 أي بعد مرور 56 سنه من وفاة بهاء الله و27 سنه من وفاة ابنه عبد البهاء. إن ارض فلسطين كانت ومنذ قديم الزمان مكانا مقدسا لاتباع الديانات المختلفة، فهناك المعابد المقدسة لليهود ومكان ميلاد ودعوة وصعود المسيح ومكان اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين للمسلمين، ومحل إسراء الرسول الكريم. فهي أماكن مقدسة لليهود والمسيحيين والمسلمين على حد سواء. أما بالنسبة للبهائيين فان المراقد الشريفه لحضرة الباب وحضرة بهاء الله وحضرة عبد البهاء موجودة فيها. ولقد حدث هذا نتيجة تواجد البهائيين في الأماكن المقدسة بأمر من الحكومة العثمانية وذلك قبل ثمانين عاما من تأسيس دولة إسرائيل. وهذا التواجد ليس دليلا على تعاون البهائيين مع دولة إسرائيل. فكون الأراضي السعودية مزارا للحجاج المسلمين لا يعني أن لكل منهم علاقة سياسية مع الحكومة السعودية
أما عن علاقتهم الحالية مع دولة إسرائيل، فإن واقع وجود المركز الإداري والروحي للبهائيين في حيفا يوجب عليهم الاتصال بتلك الدولة من اجل المحافظه على حقوقهم المادية والمعنوية ومعرفة الالتزامات القانونية الواجب عليهم إتباعها، مثلهم في ذلك مثل بقية المؤسسات الدينية وغير الربحية، الإسلامية وغير الإسلامية منها والتي تخضع لقوانين تلك الدولة وإرشاداتها. أما فيما يتعلق بالادعاء بأن إسرائيل أعفت الأماكن المقدسة للبهائيين من دفع الضرائب واعفت مواد البناء الخاصة بالابنيه البهائيه من دفع الجمارك، فمن المعلوم أن جميع الأماكن والعتبات المقدسة الدينيه في العالم معفيه من دفع الضرائب والرسوم الحكوميه وما تقدمه إسرائيل فيما يتعلق بالأماكن المقدسة البهائية ليس استثناء للبهائيين، وإنما هو تماشيا مع سياستها بخصوص باقي الأماكن المقدسة في إسرائيل، ومن ضمنها الأماكن المقدسة للمسلمين والمسيحيين
أما فيما يتعلق بتنبؤ حضرة عبد البهاء بعودة اليهود إلى فلسطين فقد جاء في أحد بياناته ما نصه: " هنا فلسطين ، انها ارض مقدسه ، عما قريب سيرجع اليهود اليها . جميع هذه الاراضي القاحله ستعمّر وتزدهر . سيتم جمع قوم اليهود وستصبح هذه الاراضي مركزا للصناعة ومحلا للإبداع". إن هذا التنبؤ لا يعني تدخله في تحقيق ذلك. فهو كشخص ملهم كان على بصيرة بما سيحدث في المستقبل وأشار إلى حدوثه. فمعرفتنا بأن الشمس ستغرب في المساء لا يعني بان لنا يدا في غروب الشمس. والرسول محمد (صلعم) له عدة نبوات منها هزيمة الروم من الفرس ثم انتصارهم بعد ذلك، ولكن هذا لا يعني بأنه كان متواطئ مع الروم؟ كما تنبأ حضرة بهاء الله بكل وضوح في رسائله إلى ملوك العالم بأحداث تاريخية مهمة منها سقوط نابليون والخليفة العثماني ووزرائه، وذلك دون أي تدخل شخصي منه في سقوط هؤلاء.
رسائل حضرة بهاء الله لملوك وقادة عصره أن اتهام البهائيين بالمشاركة في تأسيس دولة اسرائيل باطل، تدعم بطلانه الوقائع والمستندات التاريخية: فبالإضافة إلى ما تم الإشارة له سابقا عن كيفية وظروف استقرار الدين البهائي في إسرائيل، يوضح البيان الذي أرسله حضرة شوقي أفندي،المرجع الرسمي الأعلى للبهائيين في العالم آنذاك (عام 1947م) إلى رئيس اللجنة الخاصة بتأسيس إسرائيل في عصبة الأمم المتحدة موقف البهائيين ومطالبهم . وجاء في هذا البيان أن:
".. البهائية لها وضع فريد من نوعه في فلسطين..فان وجود ثلاث رفات للرموز الرئيسيه في الدين البهائي في فلسطين يجعلها مكانا ً ومزارا لألوف البهائيين في العالم . بالإضافة إلى ذلك فان المركز الاداري الدائم وقبلة البهائيين تقعان في فلسطين أيضا. ولهذا فأن أهمية هذه الأرض وحقوق البهائيين فيها تفوق الاديان الاخرى . وبناء عليه فان فلسطين لها مكانة خاصة في قلوب الملايين من اتباع حضرة بهاء الله في شتى انحاء العالم." وشرح حضرة شوقي أفندي في هذا البيان أن :
" هدف الدين البهائي هو استقرار السلام العالمي وتحقيق العدالة في جميع جوانب الحياه بما فيه الجانب السياسي. إن البهائيين لا ينحازون لأي طرفي النزاع سواء الى الجانب اليهودي او الاسلامي وانما يتمنون ان يعم السلام والعداله بينهم. أما ما يتم اتخاذه من قرارات حول مستقبل فلسطين فان ما يهم البهائيين هو ان الحكومة التى ستتولى شئون مدينتي عكا وحيفا، عليها أن تأخذ بعين الاعتبار أن المركز الروحي والاداري للدين البهائي العالمي يقع في هاتين المدينتين، وان هذا المركز له الاستقلاليه التامة وهو المسئول عن ادارة شئون الجامعة البهائيه في العالم وعلى السلطات السماح للبهائيين السفر من اجل زيارة اماكنهم المقدسة وتيسير امورهم مثلما يحدث لليهود والمسلمين والمسيحيين أثناء زيارتهم لمدينة القدس." إن محتويات هذا البيان الصادر عن المرجع الرسمي والقانوني للدين البهائي الى مرجع رسمي اخر وفي وقت حساس جدا كانت تتأسس فيها دولة إسرائيل، يوضح موقف الدين البهائي من الاحداث التي وقعت آنذاك. وكما هو واضح، ليس في هذا البيان أي إيحاء بوقوف البهائيين إلى جانب إسرائيل واليهود ضد العرب والمسلمين. بالإضافة إلى أن عدد البهائيين القليل ووضعهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لم يكن ليؤهلهم بالتدخل في مثل هذه الأمور السياسية، فإن البهائيين، وطبقا لتعاليم دينهم الصريحة، ممنوعون منعا باتاً من التدخل في الامور السياسيه أيا كانت، أو الانضمام الى الاحزاب السياسية. وفلقد كان للجماعة البهائية في فلسطين علاقة طيبة مع جيراتهم العرب، وهناك العديد من شهود العيان الذين دونوا ونشروا ما يوضح طبيعة العلاقة الودية الوطيدة والاحترام الذي كان يكنه سكان المنطقة والعديد من وجهاء العرب وخاصة الفلسطينيين لحضرة عبد البهاء الذي عاش ومات بينهم.
علاقة حضرة عبد البهاء بمعاصريه من العربوأود أن أوضح هنا بأن نشري لهذا التوضيح فيما يختص بعلاقة البهائيين بإسرائيل هو من باب العلم بالشيء فقط وليس محاولة لإرضاء العقول المريضة التي لا تتوانى عن خلق التهم الملفقة ضد الآخرين في محاولة لإثبات ادعاءات هم يعرفون تمام المعرفة عدم صحتها. فكما نعلم خير العلم، أن الموضوعية والاستناد للحقائق ليست بالضرورة ما يعتمد عليه أولئك الذين يحترفون التلاعب بمشاعر وأفكار الآخرين لتحقيق أغراضهم السياسية تحت شعار الحفاظ على الدين وحماية الإسلام. والإسلام في نظري بريء من مثل هذه الممارسات، وعلى أولئك الذين يحرصون فعلا على الإسلام أن يدافعوا عنه وينشروا رسالة المحبة والإخاء التي عانى من أجلها الرسول الكريم، وأن يعملوا على الحد من الممارسات التي تضر بالإسلام ورسالته النبيلة حتى يستطيع الإسلام أن يستعيد مكانته في نظر شعوب العالم ويستمر في المساهمة في إثراء الحضارة الإنسانية وخدمة البشرية