Tuesday, September 19, 2006

البابا والإسلام


قدم البابا بنديكت السادس عشر محاضرة مطولة في جامعة ريجينزبرغ الألمانية، في 13 من سبتمبر عن علاقة الدين والمنطق مصرحا بأن المنطق يجب أن يكون القاعدة المشتركة لحوار صريح بين الحضارات والأديان. وبدأ البابا خطابه بالتحدث عن تجربته الشخصية خلال الأعوام التي عمل فيها محاضرا في ألمانيا مشيرا إلى الجو الأكاديمي العلماني السائد في تلك الحقبة التاريخية، وموضحا أن وجود اثنين من رجال الدين كمحاضرين في تلك الجامعة كان امرا غير عادي. وانه "حتى خلال تلك الظروف شديدة التطرف والتشكيك، كان من الضروري طرح التساؤل فيما يتعلق بالله عن طريق الحوار وفي نطاق التعاليم المسيحية". وأضاف البابا موضحا أنه تم تقبل هذا من قبل الجامعة ككل بدون خلاف

وفي سياق هذا العرض التاريخي أشار البابا إلى حوار تم بين مثقف فارسي و إمبراطور بيزنطي، بين عام 1394 وعام 1402م خلال حصار القسطنطينية، تم خلاله مناقشة العلاقة بين الدين والمنطق. وفيما يلي ترجمتي لنص الفقرات من مقالة البابا المتعلقة بالإسلام

لقد تم تذكيري حديثا، عندما قرأت النص الذي أدرجه البروفسور تيودور خوري عن جزء من الحوار الذي دار ـ ربما بتاريخ 1391 في ثكنات الجنود بالقرب من مدينة انقره ـ بين الإمبراطور البيزنطي واسع المعرفة ، مانويل الثاني باليقوس ومثقف فارسي فيما يتعلق بموضوع المسيحية والإسلام، وحقيقية الديانتين. ومن المحتمل أن الإمبراطور هو من رتب هذا الحوار خلال حصار القسطنطينية بين عام 1394 و 1402. وهذا ما يفسر سبب تدوين تفاصيل حديثه بالمقارنة مع حديت محاوره الفارسي. ويتسع مجال الحوار ليغطي النظام الديني الذي يحتويه الإنجيل والقران، ويتعرض بشكل خاص إلى مفهوم اللاهوت والناسوت، والعودة بالضرورة إلى –"الشرائع" الثلاثة أو "قوانين الحياة": التوراة، والإنجيل، والقران. إن هدفي ليس مناقشة هدا الموضوع في سياق هذه المحاضرة ولكنني أود أن أناقش نقطة واحدة والتي تعتبر هامشية في بالنسبة للحوار ككل، فيما يتعلق "الدين والمنطق"، والذي قد يكون مشوقا ويخدم كنقطة انطلاق لملاحظاتي المتعلقة بهذا الموضوع

في المحادثة السابعة، التي نقحها الدكتور خوري، يتعرض الإمبراطور إلى فكرة الجهاد المقدس. ويبدو أن الإمبراطور كان على علم بالآية 2: 256 والتي "تقول "لا إكراه في الدين". وبناء على رأي الخبراء، هذه إحدى آيات الفترة المبكرة، حين كان محمد ما زال ضعيف القوى ومعرضا للتهديد. ومن البديهي أن الإمبراطور كان على علم بالإرشادات التي تطورت فيما بعد ودوّنت في القران فيما يتعلق بالجهاد المقدس. وبدون التطرق إلى تفاصيل الحوار مثل الاختلاف في المعاملة الممنوحة " لآهل الكتاب" و"الكفار"، ]اذكر أن الإمبراطور[ خاطب محاوره بفضفاضة غير متوقعة فيما يتعلق بالسؤال الجذري المرتبط بالعلاقة بين الدين والعنف بشكل عام، قائلا: "أرني ما الجديد فيما جاء به محمد، وهناك ستجد أشياء شريرة وغير إنسانية فقط، وعلى سبيل المثال أمره بنشر الدين الذي دعا إليه بحد السيف". وبعد أن أعرب الإمبراطور عن رأيه هذا بشدة، استمر بشرح مفصل للأسباب التي تجعل نشر الدين من خلال العنف شيئا غير منطقي. العنف مسألة لا تتفق مع طبيعة الله وطبيعة الروح. ويقول الإمبراطور إن الله لا يرضى بالدم ـ وعدم التصرف الحصيف هو ضد طبيعة الله. إن الإيمان منبثقا من الروح وليس الجسد. من يقود أحدا إلى الإيمان، يجب أن يتحلى بالقدرة على التكلم بشكل جيد والتفكير بمنطقية، من دون عنف أو تهديد.. فلإقناع روح منطقية، لا يحتاج الفرد إلى ذراع قوي، أو سلاح من أي نوع ، أو أية وسيلة أخرى لتهديد الفرد بالموت...".
المقالة الكاملة بالانجليزية

واعتقد أنّ البابا أراد التوضيح أن الحديث عن الأديان وعلاقتها بالمنطق مسالة قديمة تم طرحها خلال كل الظروف حتى تلك الظروف التي لم تكن بالضرورة ملائمة للحوار، وأن البابا أراد أن يبين موقفه هو من علاقة الدين بالعنف حين أكد في وصفه التاريخي لحوار الإمبراطور مع المثقف الفارسي أن "الإمبراطور خاطب محاوره بفضفاضة غير متوقعة فيما يتعلق بالسؤال الجذري المرتبط بالعلاقة بين الدين والعنف". ونلاحظ أن البابا أضاف بعد ذلك، "وبعد أن أعرب الإمبراطور عن رأيه هذا بشدة، استمر بشرح مفصل للأسباب التي تجعل نشر الدين من خلال العنف شيئا غير منطقي". ونرى هنا الربط بين السرد التاريخي وموقف البابا نفسه من العنف الذي اوضحه في خطابه، حيث استمر بعد ذلك بالحديث بالتفصيل عن علاقة المنطق بالدين وضرورة الحوار

والسؤال هنا هل أراد البابا فعلا الطعن والتشكيك بالإسلام، أو انه كان مشغولا بتوضيح موقفه من الدين والعنف بدون مراعاة، أو إدراك لما قد تحدثه ملاحظاته من ردود فعل في العالم الإسلامي؟ فهو لم يصرح برأيه الشخصي بالإسلام أو الرسول (صلعم)، ولكن أدرج في نطاق خطابه واقعة تاريخية. وهل توقع البابا ردود الفعل وموجة العنف التي أثارها خطابه؟

ورغم إنني شخصيا اعتقد أن الدين الإسلامي قد جاء بما هو جديد وخير، وأن التاريخ يوضح أن الإسلام قد انتشر بالمنطق في بعض الحالات وبحد السيف في حالات أخرى، ولكنني لا أرى المنطق في ردود الفعل والعنف الذي نتج عن خطاب البابا. وربما يصح هنا تذكير أخواننا وأخواتنا المسلمين الذين عبروا عن مشاعرهم بالعنف لان البابا ذكر واقعة تاريخية لم يرى فيها القائل قبل أكثر من ستمائة عام أن هناك ما هو خير في رسالة الإسلام، بأن البابا ليس مسلما، وأن رسالة سيدنا محمد قد جاءت بعد رسالة السيد المسيح، وانه لو آمن البابا بأحقيتها لصار مسلما

ومع أن المواقف السابقة لهذا البابا توضح أنه يري أن في انتشار الإسلام تهديد لانتشار المسيحية الكاثوليكية التي هو، في نظرة ونظر المسيحيين، حاميها ومروجها، وانه من الممكن انه يتفق مع ما أدرجه على لسان الإمبراطور البيزنطي، ومع أننا نتمنى لو أن البابا كان أكثر حكمة وركز على أوجه التشابه بين الإسلام والمسيحية وإمكانية التعايش السلمي بدون التطرق إلى ما يقدمه أو لا يقدمه الإسلام من جديد وخير، ولكن هذا لا يبرر ما قام به المتطرفون من المسلمين، وما قاله ويقوله البعض عن البابا والمسيحية والإنجيل

وهل تثبت الأحداث وردود الفعل والعنف الذي تمارسه بعض الجماعات الإسلامية من اعتداء على الكنائس والرهبان، والشتم والحرق أن ما قاله الإمبراطور البيزنطي قبل مئات السنين بأن العنف وليس المنطق هو طريقة الإسلام؟ فمن بالله عليكم يلحق أكثر ضررا بالإسلام وتشويها لصورته الحقيقية، البابا أم المسلمون المتطرفون؟

3 comments:

Anonymous said...

The Pope may not have wanted to offend Muslims in this speech, but the Vatican should honestly admit how they feel about Islam (and other religions - read the Pope's "Dominus Iesus" Declaration which he wrote when he was stil a cardinal):

http://www.vatican.va/roman_curia/congregations/cfaith/documents/rc_con_cfaith_doc_20000806_dominus-iesus_en.html

But the Catholic church is not the only guilty party. All, .. [ok! most] religious leaders should be honest about their dislike of religions other than their own.

Dividing issues like ethnic and gender superiority are gradually ebbing, while feelings of religious superiority are still alive and well, fanned and nourished by most religious leaders around the world.

The anger on the other side of the world is not necessarily the reaction of people who read the Pope's statement, but rather a reaction to what other "trusted" religious leaders have been feeding them, when they were supoosed to be telling them to love all people.

Faisal

Anonymous said...

I guess the comment editor does not know how to wrap text. Here is that very long URL for the "Dominus Iesus" document :

http://www.vatican.va/roman_curia/
congregations/cfaith/documents/
rc_con_cfaith_doc_20000806_dominus
-iesus_en.html

(of course you would have to manually remove the line breaks)

Anonymous said...

اعتقد انه من الأفضل الاعتراف والمواجهة لحقيقة أن رجال الدين من الاسلام أو المسيحية لا يقبلون الدين الآخر. كل ما يحدث من حوار واعتذارات ولف ودوران ليس سوى ديبلوماسية خاوية من النية الحسنة والايمان بما يقولونه.

في النهاية لا يزال رجال الكنيسة يعتقدون أن سيدنا محمد (ص) ليس برسول بل ويعتقدون بشكل مؤكد بأنه أتى بالشر والعدوان والشيوخ لازالوا يهاجمون عقيدة المسيحيين ويعتقدون بشكل جازم أن الانجيل تم تحريفه.